آحمد صبحي منصور Ýí 2012-06-05
قرية ظالمــــة
أولا
1 ـ حدث هذا فى زمن سحيق ، كانوا جماعة من الرعاة يهيمون فى الصحراء بحثا عن الماء والعشب ، ثم عثروا على بئر تفور بالماء.فاستقروا حولها ، وعرفوا الزراعة وتربية الماشية ، واحتاجوا الى حارس يقوم برعاية البئر وتقسيم المياه ، واختاروه من بينهم ، فقد كان أوفرهم صحة وشبابا وذكاء ، وكان لديه فراغ من الوقت يمكنه من التفرغ لمهمته ، حيث انهمك الآخرون على الأرض وزراعتها وتنميتها . وأقبل الحارس الشاب على مهمته فى حماس ، ولكنه مالبث أن شعر بأنه لايملك إلا الأجر الذى تعطيه له القبيلة بينما يملك أفراد القبيلة الأرض والماشية، ومع أنه يقوم على رعاية البئر والماء إلا أن أجره لايساوى قيمة الماء فى تخضير الأرض وحياة القبيلة . ومرت عليه الأيام وهو يفكر فى طريقة لإصلاح أحواله من وجهة نظره ، وجاءته الفرصة حين وفدت على القبيلة جماعات أخرى تبحث عن الماء ، وأذنت لها القبيلة بأن تعمل عندها فى خدمة الحقول ، وجاء بعضهم الى الحارس يعاونه فى رعاية البئر، واستطاع الحارس أن يجذب الى صفه أولئك الغرباء ، سواء من كان منهم الى جانبه حول البئر، أو كان يعمل لدى القبيلة فى الأرض والبيوت . وبواسطة أولئك الغرباء بدأ التنازع بين أفراد القبيلة الواحدة ، وكان التنازع حول نصيب كل فرد فى ماء البئر، ورآها الحارس فرصة ليوقع الشقاق بين أبناء قبيلته ، فكان يعطى هذا زيادة على حساب الآخرين ، ومالبث أن عرف الأخرون طريقة لارضائه بالرشوة ، وبمرور الأيام زادت ثروته وسطوته، وبدأ أهل القبيلة يخشونه، وبدأ هو يحتاط لنفسه فأحاط البئر بأعوانه الغرباء،أصبح المتحكم الوحيد فى البئر، وصحا أهل القبيلة على الوضع الجديد ، وعقدوا اجتماعا لبحث الأمر واتفقوا على طريقة لازاحة ذلك الحارس وتولية آخر مكانه يكون خادما للقبيلة وليس متحكما فيها، وفى الصباح وجدت القبيلة جثث الزعماء الذين عقدوا الاجتماع مطروحة فى الطرقات ، وعرفوا الجانى ، وعرفوا أيضا الخوف والرعب وانصرفوا الى أعمالهم فى استكانة وذلة ، وتحول الحارس السابق الى حاكم مستبد جبار يستند الى أعوانه الغرباء الذين صاروا قلة متحكمة تملك مع الحاكم كل شىء ، وتحولت القبيلة الى رعايا يسلب الحاكم وأعوانه عرقهم ، ويتحكم فى حياتهم كيفما يشاء وتكاثرت الأموال لدى الحاكم وعجز عن انفاقها ، وجاءت له فكرة، أن ينشىء قصرا لم تسمع به الركبان وكان سهلا عليه أن يستنزف حيوية القبيلة وأموالها فى تشييد ذلك القصر ، الذى أصبح آية فى المعمار ، ولكنه أصبح رمزا لاستبداد الحاكم وأنانيته وطغيانه ، وصار حافزا يدفع القبيلة للمقاومة، ولأنهم عجزوا عن المقاومة الصريحة فقد ركنوا الى المقاومة السلبية والتهاون فى الإنتاج ، مما دفع الحاكم إلى المزيد من العقوبات والضرائب فأصبحت الحياة داخل القرية شقاء مستمرا لا نجاة منه الا بالموت ، وآثرت القريةالانتحار الجماعى بتسميم مياه البئر لتموت ويموت معها الحاكم وأعوانه وأصبحت القرية خاوية على عروشها لا أثر فيها للحياة ، ولم يبق بها الا شيئان : البئر التى أصبحت معطلة ، والقصر الفخم المشيد ..
2 ـ هذه القصة ليست من وحى الخيال ، ولكنها من وحى الواقع القرآنى الذى يتحدث عن الظلم الذى أهلك الأمم السابقة ، يقول تعالى " فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة ، فهى خاوية على عروشها ، وبئر معطلة وقصر مشيد" : 22/45 . أن القرية كانت ظالمة ، لأن المظلومين فيها رضوا بالظلم واستكانوا للظالمين ، وترتب على ذلك أن انفجرت القرية من الداخل . وبقيت معالم الظلم فيها باقية : " بئر معطلة وقصر مشيد". والبئر المعطلة والقصر المشيد أبرع وصف قرآنى للظلم الاجتماعى فى أى مجتمع ، البئر تمثل المرافق الضرورية والحياتية لكل القرية ، تراها معطلة مدمرة ، وذلك فى سبيل تشييد قصر لا يسكنه الا شخص واحد ، وبمعنى عصرى ، فالقصر المشيد يمثل كل الرفاهية والكماليات للقلة المترفة ، وفى سبيل ذلك القصر المشيد تتعطل الضروريات الأساسية للأغلبية المحرومة !!
3 ـ وفى حياتنا الراهنة نرى أمثلة واضحة للبئر المعطلة والقصر المشيد.. حين تقارن بين أحوال الكثرة من الفقراء المعدمين والأقلية من الأغنياء المترفين، حين تقارن بين من يملك السيارة الشبح ولديه غيرها وبين من لايملك موئا لقدمه فى الأتوبيس!! حين تقارن بين من يملك الشقق الفاخرة والشاليهات والاستراحات وبين من لايجد غرفة على السطوح أو فى المقابر،!!
أخيرا
1 ـ نشرت هذا المقال فى جريدة الأحرار منذ حوالى 22 عاما ، وهاجس ما يحدث الآن فى مصر والمنطقة العربية ـ من ثورات غير مكتملة ونذر االحروب الأهلية ـ يؤرقنى . وعشت لأرى هذه الهواجس تأخذ طريقها الى التحقق .
2 ـ ماذا يحدث حين يقوم السارق بمحاكمة الشريف الأمين النزيه ؟ وماذا يعنى أن يقوم السفاح القاتل بمحاكمة الانسان المسالم البرىء الذى لم تمتد يده بالأذى لأحد ؟ وما هو مغزى أن يكون الزانى الفاحش الداعر الماجن هو الذى يحاكم الانسان العفيف النقى الشريف ؟ هذا ما يحدث فى المنطقة العربية حيث يحكم المستبد الظالم ويتسلط بظلمه على الشرفاء . هنا يتمنى الشرفاء البديل فيهب البديل شيطانا مريدا يرتدى اللحية والجلباب والحجاب والنقاب يزين للناس أنه الدواء والشفاء بينما هو أساس البلاء والشقاء . أى يعانى الشرفاء بين السىء والأسوأ..ولكن قد لاتطول معاناتهم فسيأتى الهلاك بالصراع بين السىء والأسوأ ليقضى على الأخضر واليابس ..هذا إن لم تقف الأغلبية الصامتة صارخة ضد الظالم الباغى السىء والأسوأ. ولكن هذه الأغلبية نادرا ما تتحرك ..وإذا تحركت فبعد فوات الأوان ..
3 ـ لا حول ولا قوة إلا بالله .!!
السلام عليكم ، كل واحد من المرشحين مصمم على تشويه الآخر والنتيجة هي انحصار الرئاسة بين اثنين تم تشويههما تماما ! طالبنا مرارا وتكرارا أن يكون هناك ثالث يحل المشكلة وتنتخبه القوى الرافضة للاثنين ، ولكن لا مجيب !!اعتبروا أن ذلك غير قانوني ولا يوافق الدستور ولو أرادوا لوجدوا لذلك تخريجة قانونية ! ليس صعبا وهم أساتذة في هذه التخريجات أليس كذلك ؟! لكن من المسئؤل عن هذا الوضع المتأزم؟ إذا نجح الفريق شفيق ستكون هناك احتجاجات واسعة وثورة عارمة من قبل الميدان والإخوان ، يكون تفريقها بخسائر كبيرة ! كما أن الأخوان لو نجحوا لحدثت نفس الثورة وساد الانفلات وخرجت المليشيات الدربة ! فماذا علينا أن نختار بالله عليكم ؟!
السلام عليكم اشكرك استاذي العزيز علي هذا المقال.
يبدو جليا من هذالبيت الشعري للمتنبئ الذي يعبر عن واقع العالم العربي من ذل وقهر و استبداد ونهب من الصفوة الحاكمة علي القاعدة العريضة من الشعب الذي يواجه هذا الظلم بالرضا والسكوت والسلبية التامة فانه يتفق تماما مع المثل الشعبي (ايش فرعنك يا فرعون قال مش لقيت حد يردني)
فمن الواضح في كل المجتمعات العربية وجود قلة قليلة من الشعب متخفية هي التي تمثل العامل المقاوم للطبقة الحاكمة ولكن؟ ما السبب وراء كونها قلة قليلة؟ هل الخوف هو السبب ام المصلحة الشخصية؟
سوف نستعرض كلا السببين علي حدا.
الخوف.
الخوف :هو عبارة عن استجابة عصبية تحدث للفرد عند تعرضه لموقف غير متوقع او جديد عليه فيشعر بالخوف نتيجة لذلك.
ولكن احساس الرعية بالخوف نتيجة الظلم والقهر والاستبداد هل كل ذلك جديد علي الشعب وغير معتاد عليه؟
للاسف الظلم والاستبداد هو واقع الشعوب العربية
اذن لماذا يشعر الشعب بالخوف من مقاومة الظلم والقهر؟
هل السبب هو قانون الطوارئ والمعتقلات والسجون المدفونة تحت الارض؟ ام خوف كل رب اسرة علي عائلته من التشرد من بعده وطبعا رغبته الملحة في تربيتهم وتعليمهم الي ان يصلوا الي بر الامان وشعوره بانه ادي رسالته علي الارض.
ولكن اي نوع من تلك الحياة التي يمكن اي يعيشها اي انسان حر يأبي الظلم والهوان؟
فمع الاوضاع الاقتصادية المتدنية وانخفاض الاجور ومستوي المعيشة بسبب كثرة السرقة ونهب اموال وموارد الشعب اصبح شغل الشاغل لرب الاسرة توفير قوت يومه ولكن المشكلة الاكبر ظهر ما يعرف بطبقة تحت خط الفقر انهم ليسوا حتي لفقراء انهم اكثر من ذالك ومن الاكيد ان هدفها الاوحد في الحياة توفير قوت اليوم فقط ليس من شانها ما يحدث في البلاد من ظلم او قهر وايضا لا شان لها بما يعرف بالمقاومة والتغيير .
نعم لقد نجحت الحكومات العربية في شغل تفكير افرادها بتوفير قوت الحياه فقط وذلك لانهم لو تغلبوا علي تلك المشكلة فسوف يلجاؤن الي المشكلة التالية وهو حقهم في التعليم وعند تحقيقها سوف ينظروا الي غيرها وهكذا .
لذلك تظل طائفة المقاومة قلة قليلة متخفية.
وعند النظر الي عامل المصلحة الشخصية:
ظهرت طبقة المصالح الشخصية بقوة خصوصا في ثورة الشعب المصري فكان معظم المعارضين للثورة اما من فلول الحزب الوثني او ممن تتعارض مصالحهم الشخصية مع الثورة واهدافها.
ولكن عندما يفيض الظلم والذل فننا نضع انفسنا بين امرين اما الرضا والاستمرار في الذل واما المقاومة والعيش بحرية فانك اذا رضيت بالظلم فانت ميت لست علي قيد الحياة فكرامة الانسان هي ما تبقيه انسانا وما تفرق بينه وبين والحيوان.
يخطر علي بال الكثيرون ان المقاومة تتضمنها الموت في سبيل تحقيقها نعم! هذا صحيح فان كنت ستموت في كلا الاحوال فمن الاصلح ان تموت شجاعا رافعا راسك علي ان تموت مثل الجرذان المتخفية في الجحور!
وعندما يصل الظلم الي مثواه الاخير يفوق الميت من موته ويثور علي ظالميه وهذا ما يحدث حاليا في مصر فبعد ثلاثين سنة من الظلم افاق الشعب من غفوته واطاح بنظام فاشي ومازالت الثورة مستمرة الي ان تحقق اهدافها.
السلام عليكم اشكرك استاذي العزيز علي هذا المقال.
يبدو جليا من هذالبيت الشعري للمتنبئ الذي يعبر عن واقع العالم العربي من ذل وقهر و استبداد ونهب من الصفوة الحاكمة علي القاعدة العريضة من الشعب الذي يواجه هذا الظلم بالرضا والسكوت والسلبية التامة فانه يتفق تماما مع المثل الشعبي (ايش فرعنك يا فرعون قال مش لقيت حد يردني)
فمن الواضح في كل المجتمعات العربية وجود قلة قليلة من الشعب متخفية هي التي تمثل العامل المقاوم للطبقة الحاكمة ولكن؟ ما السبب وراء كونها قلة قليلة؟ هل الخوف هو السبب ام المصلحة الشخصية؟
سوف نستعرض كلا السببين علي حدا.
الخوف.
الخوف :هو عبارة عن استجابة عصبية تحدث للفرد عند تعرضه لموقف غير متوقع او جديد عليه فيشعر بالخوف نتيجة لذلك.
ولكن احساس الرعية بالخوف نتيجة الظلم والقهر والاستبداد هل كل ذلك جديد علي الشعب وغير معتاد عليه؟
للاسف الظلم والاستبداد هو واقع الشعوب العربية
اذن لماذا يشعر الشعب بالخوف من مقاومة الظلم والقهر؟
هل السبب هو قانون الطوارئ والمعتقلات والسجون المدفونة تحت الارض؟ ام خوف كل رب اسرة علي عائلته من التشرد من بعده وطبعا رغبته الملحة في تربيتهم وتعليمهم الي ان يصلوا الي بر الامان وشعوره بانه ادي رسالته علي الارض.
ولكن اي نوع من تلك الحياة التي يمكن اي يعيشها اي انسان حر يأبي الظلم والهوان؟
فمع الاوضاع الاقتصادية المتدنية وانخفاض الاجور ومستوي المعيشة بسبب كثرة السرقة ونهب اموال وموارد الشعب اصبح شغل الشاغل لرب الاسرة توفير قوت يومه ولكن المشكلة الاكبر ظهر ما يعرف بطبقة تحت خط الفقر انهم ليسوا حتي لفقراء انهم اكثر من ذالك ومن الاكيد ان هدفها الاوحد في الحياة توفير قوت اليوم فقط ليس من شانها ما يحدث في البلاد من ظلم او قهر وايضا لا شان لها بما يعرف بالمقاومة والتغيير .
نعم لقد نجحت الحكومات العربية في شغل تفكير افرادها بتوفير قوت الحياه فقط وذلك لانهم لو تغلبوا علي تلك المشكلة فسوف يلجاؤن الي المشكلة التالية وهو حقهم في التعليم وعند تحقيقها سوف ينظروا الي غيرها وهكذا .
لذلك تظل طائفة المقاومة قلة قليلة متخفية.
وعند النظر الي عامل المصلحة الشخصية:
ظهرت طبقة المصالح الشخصية بقوة خصوصا في ثورة الشعب المصري فكان معظم المعارضين للثورة اما من فلول الحزب الوثني او ممن تتعارض مصالحهم الشخصية مع الثورة واهدافها.
ولكن عندما يفيض الظلم والذل فننا نضع انفسنا بين امرين اما الرضا والاستمرار في الذل واما المقاومة والعيش بحرية فانك اذا رضيت بالظلم فانت ميت لست علي قيد الحياة فكرامة الانسان هي ما تبقيه انسانا وما تفرق بينه وبين والحيوان.
يخطر علي بال الكثيرون ان المقاومة تتضمنها الموت في سبيل تحقيقها نعم! هذا صحيح فان كنت ستموت في كلا الاحوال فمن الاصلح ان تموت شجاعا رافعا راسك علي ان تموت مثل الجرذان المتخفية في الجحور!
وعندما يصل الظلم الي مثواه الاخير يفوق الميت من موته ويثور علي ظالميه وهذا ما يحدث حاليا في مصر فبعد ثلاثين سنة من الظلم افاق الشعب من غفوته واطاح بنظام فاشي ومازالت الثورة مستمرة الي ان تحقق اهدافها.
حدث هذا فى زمن سحيق ، كانوا جماعة من الرعاة يهيمون فى الصحراء بحثا عن الماء والعشب ، ثم عثروا على بئر تفور بالماء.فاستقروا حولها ، وعرفوا الزراعة وتربية الماشية ، واحتاجوا الى حارس يقوم برعاية البئر وتقسيم المياه ، واختاروه من بينهم ، فقد كان أوفرهم صحة وشبابا وذكاء ، وكان لديه فراغ من الوقت يمكنه من التفرغ لمهمته ، حيث انهمك الآخرون على الأرض وزراعتها وتنميتها . وأقبل الحارس الشاب على مهمته فى حماس ، ولكنه مالبث أن شعر بأنه لايملك إلا الأجر الذى تعطيه له القبيلة بينما يملك أفراد القبيلة الأرض والماشية، ومع أنه يقوم على رعاية البئر والماء إلا أن أجره لايساوى قيمة الماء فى تخضير الأرض وحياة القبيلة . ومرت عليه الأيام وهو يفكر فى طريقة لإصلاح أحواله من وجهة نظره ، وجاءته الفرصة حين وفدت على القبيلة جماعات أخرى تبحث عن الماء ، وأذنت لها القبيلة بأن تعمل عندها فى خدمة الحقول ، وجاء بعضهم الى الحارس يعاونه فى رعاية البئر، واستطاع الحارس أن يجذب الى صفه أولئك الغرباء ، سواء من كان منهم الى جانبه حول البئر، أو كان يعمل لدى القبيلة فى الأرض والبيوت . وبواسطة أولئك الغرباء بدأ التنازع بين أفراد القبيلة الواحدة ، وكان التنازع حول نصيب كل فرد فى ماء البئر، ورآها الحارس فرصة ليوقع الشقاق بين أبناء قبيلته ، فكان يعطى هذا زيادة على حساب الآخرين ، ومالبث أن عرف الأخرون طريقة لارضائه بالرشوة ، وبمرور الأيام زادت ثروته وسطوته، وبدأ أهل القبيلة يخشونه، وبدأ هو يحتاط لنفسه فأحاط البئر بأعوانه الغرباء،أصبح المتحكم الوحيد فى البئر، وصحا أهل القبيلة على الوضع الجديد ، وعقدوا اجتماعا لبحث الأمر واتفقوا على طريقة لازاحة ذلك الحارس وتولية آخر مكانه يكون خادما للقبيلة وليس متحكما فيها، وفى الصباح وجدت القبيلة جثث الزعماء الذين عقدوا الاجتماع مطروحة فى الطرقات ، وعرفوا الجانى ، وعرفوا أيضا الخوف والرعب وانصرفوا الى أعمالهم فى استكانة وذلة ، وتحول الحارس السابق الى حاكم مستبد جبار يستند الى أعوانه الغرباء الذين صاروا قلة متحكمة تملك مع الحاكم كل شىء ، وتحولت القبيلة الى رعايا يسلب الحاكم وأعوانه عرقهم ، ويتحكم فى حياتهم كيفما يشاء وتكاثرت الأموال لدى الحاكم وعجز عن انفاقها ، وجاءت له فكرة، أن ينشىء قصرا لم تسمع به الركبان وكان سهلا عليه أن يستنزف حيوية القبيلة وأموالها فى تشييد ذلك القصر ، الذى أصبح آية فى المعمار ، ولكنه أصبح رمزا لاستبداد الحاكم وأنانيته وطغيانه ، وصار حافزا يدفع القبيلة للمقاومة، ولأنهم عجزوا عن المقاومة الصريحة فقد ركنوا الى المقاومة السلبية والتهاون فى الإنتاج ، مما دفع الحاكم إلى المزيد من العقوبات والضرائب فأصبحت الحياة داخل القرية شقاء مستمرا لا نجاة منه الا بالموت ، وآثرت القريةالانتحار الجماعى بتسميم مياه البئر لتموت ويموت معها الحاكم وأعوانه وأصبحت القرية خاوية على عروشها لا أثر فيها للحياة ، ولم يبق بها الا شيئان : البئر التى أصبحت معطلة ، والقصر الفخم المشيد ..
الذى أهلك الأمم السابقة ، يقول تعالى " فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة ، فهى خاوية على عروشها ، وبئر معطلة وقصر مشيد" : 22/45 . أن القرية كانت ظالمة ، لأن المظلومين فيها رضوا بالظلم واستكانوا للظالمين ، وترتب على ذلك أن انفجرت القرية من الداخل . وبقيت معالم الظلم فيها باقية : " بئر معطلة وقصر مشيد". والبئر المعطلة والقصر المشيد أبرع وصف قرآنى للظلم الاجتماعى فى أى مجتمع ، البئر تمثل المرافق الضرورية والحياتية لكل القرية ، تراها معطلة مدمرة ، وذلك فى سبيل تشييد قصر لا يسكنه الا شخص واحد ، وبمعنى عصرى ، فالقصر المشيد يمثل كل الرفاهية والكماليات للقلة المترفة ، وفى سبيل ذلك القصر المشيد تتعطل الضروريات الأساسية للأغلبية المحرومة !!ـ وفى حياتنا الراهنة نرى أمثلة واضحة للبئر المعطلة والقصر المشيد.. حين تقارن بين أحوال الكثرة من الفقراء المعدمين والأقلية من الأغنياء المترفين، حين تقارن بين من يملك السيارة الشبح ولديه غيرها وبين من لايملك موئا لقدمه فى الأتوبيس!! حين تقارن بين من يملك الشقق الفاخرة والشاليهات والاستراحات وبين من لايجد غرفة على السطوح أو فى المقابر،!! أخيراـ نشرت هذا المقال فى جريدة الأحرار منذ حوالى 22 عاما ، وهاجس ما يحدث الآن فى مصر والمنطقة العربية ـ من ثورات غير مكتملة ونذر االحروب الأهلية ـ يؤرقنى . وعشت لأرى هذه الهواجس تأخذ طريقها الى التحقق . ـ ماذا يحدث حين يقوم السارق بمحاكمة الشريف الأمين النزيه ؟ وماذا يعنى أن يقوم السفاح القاتل بمحاكمة الانسان المسالم البرىء الذى لم تمتد يده بالأذى لأحد ؟ وما هو مغزى أن يكون الزانى الفاحش الداعر الماجن هو الذى يحاكم الانسان العفيف النقى الشريف ؟ هذا ما يحدث فى المنطقة العربية حيث يحكم المستبد الظالم ويتسلط بظلمه على الشرفاء . هنا يتمنى الشرفاء البديل فيهب البديل شيطانا مريدا يرتدى اللحية والجلباب والحجاب والنقاب يزين للناس أنه الدواء والشفاء بينما هو أساس البلاء والشقاء . أى يعانى الشرفاء بين السىء والأسوأ..ولكن قد لاتطول معاناتهم فسيأتى الهلاك بالصراع بين السىء والأسوأ ليقضى على الأخضر واليابس ..هذا إن لم تقف الأغلبية الصامتة صارخة ضد الظالم الباغى السىء والأسوأ. ولكن هذه الأغلبية نادرا ما تتحرك ..وإذا تحركت فبعد فوات الأوان ..
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5117 |
اجمالي القراءات | : | 56,871,710 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
الكرامة الإنسانية في الدولة المدنية-2-
سنحت لي الفرصة أن أنتقم من جنرال
دعوة للتبرع
فى دستور العراق: برجاء مناقش ة لبنود الدست ورى العرا قى ، ما...
سبحان الغفور الرحيم : أنا نقضت العهد مع الله و قلت ان لا أفعل معصية و...
حفظك الله جل وعلا: باختص ار : - أستطي ع أن أترجم كتاب "القر ن ...
إبتلاء ابراهيم: سلام علیکم والرح مة الله وبرکا ته : انا...
مدين / مديون : كلمة ( مديون ) هل جاءت فى القرآ ن الكري م عن...
more
الصراع بين السيء والأسوأ
تعبير دقيق عما يحدث رغم بعض المقالات والآراء التي كتبتها أحاول فيها أن أعبر عن أحلامي الشبابية النقية في إمكانية الإصلاح ونهوض الشعب المصري ومدى قدرة هذا الشعب على التعلم والاستفادة مما يحدث ومما يحاك حوله من خطط وألاعيب قذرة وصراع على السلطة بين الاستبداد الديني والعسكري إلا أن الشعب يسير ببطيء شديد ويتعلم ببطيء شديد ويتحرك ببطيء شديد لكن المستبدون لأنهم يعلمون مذا يفعلون وماذا يريدون فهم أكثر سرعة وأكثر فطنة وأكثر خبرة ولذلك سبقوا وتفوقوا على الاغلبية الصامتة التي تحتاج لمزيد من الوقت للتعلم ويبدو والله اعلم أنها ستتعلم بعد فوات الاوان وأتمنى ألا يحدث هذا حتى لا يقع الصراع والصدام الذي لا نتمناه بين المستبدين لأن هذه الأغلبية الصامتة التي سكتت وخنعت واستسلمت لهما وسلمت لكليهما في الماضي والحاضر وحتى بعد الثورة فهذه الاغلبية ستجني ثمرة ما فعلته من أخطاء لكن ثمنا غاليا باهظا ، وبدلا من جني ثمار الثثورة ستجني دماء تسال تمتليء بها الشوارع والميادين وهذه الدماء ستضيع هباء لأنها لا تسال من أجل الحرية والعدالة والكرامة الانسانية كما راح مئات الشهداء من اجلنا ، ولكن هذه الدماء ستسال من أجل الصراع على السلطة بين المستبد الديني والعسكري وهذا الصراع لابد له من ضحايا بالآلاف كأنها حرب والسبب هو السكوت عن الحق والمبالغة في الثقة في أشخاص ليسوا محل ثقة
ومن وجهة نظري أن هذا لو حدث سيكون نتيجة المبالغة في تقديس نوعين من الشخصيات وفيما يبدو أن هذه ظاهرة ملازمة للشعوب العربية أو للشعب المصري خاصة وهي تقديس الزي العسكري وتقديس الزي الديني وهذه هي مصيبة المصائب أن يقوم مواطن صاحب حق في الوطن بتقديس كل مواطن مثله بمجرد أن رآه لبس عباءة الدين أو ارتدى الزي العسكري ، وقد يكون معظم من يرتدي هذه الأزياء متاجرا بدماء وحقوق الوطن والمواطن ولكن هذه هي الحقيقة المرة
ومن وجهة نظري لن يتحقق النصر للشعب المصري إلا إذا فطن لحقيقة واقعية هامة جدا وهي أن أكبر عدو له هم الاخوان وتجار الدين من الوهابيين والسلفييين فهم أكثر خطرا عليه من العسكر الذين مارسوا القمع والقهر والذل والهوان في حق الشعب لمدة ستة عقود مضت ، فلابد أن يثور الناس على المستبدين جميعا ولأن الاستبداد عملة واحدة وخامة واحدة لذلك فقد اتفقوا معا ضد الشعب وحين يخنع ويخضع الشعب فيستحق ما يجري له ، وللعلم ان الشعب المصري هو أقوى سلطة وأقوى قوة في هذا البلد لكنه لا يعرف قدرته الحقيقية ولا يعرف قوته والسبب أنه وقع في مرض تقديس الأشخاص وأكثر ما يجعل الإنسان يفقد ثقته بنفسه ولا يشعر بقيمته وقدرته الحقيقية حين يصاب بمرض تقديس الأشخاص ..