أحيانا .. لا جدوى من ضرب الزوجة: ( ج 3 )
أحيانا .. لا جدوى من ضرب الزوجة: ( ج 3 )
مقدمة
تعليق ظريف ساخر على ما سبق يقول : ( ماذا إذا كانت الزوجة هى التى تضرب زوجها ؟ ماذا إذا كانت هى التى تعاقبه بالهجر فى المضاجع ؟ ) . الرد من وجهة نظرى إن رب العزة جل وعلا تكلم عن أن الرجال قوامون على النساء ، وذكر السببين . المهم إنه جل وعلا قال ( الرجال ) وقال ( النساء ) . الزوج الذى تضربه زوجته ليس رجلا ، وكذلك الذى تهجره فى السرير ، ويكتفى بالشكوى والتوجع . هذه الزوجة لا هى بالأنثى ولا هى بالذكر . مثلها زوجات كثيرات ، لا تُجدى معهن طريقة الضرب للإصلاح . هذا يذكرنى بمقال قديم كان ردا ‘لى سؤال . أعيد نشره لصلته بالموضوع .
المقال :
أولا :
1 ـ جائتنى هذه الرسالة فى باب ( فاسألوا أهل الذكر ) ورأيت أن أنشرها مع الرد عليها فى هذا المقال :
2 ـ يقول صاحب الرسالة :
( أحكى لك يا استاذ حكايتى المؤلمة فى الزواج للعظة والاعتبار . زوجتى الأولى كانت عصبية ، تغضب وتصرخ لأتفه الأسباب ، ثم تهدأ وتنسى وتبتسم ، وتعتذر وتقسم وتحلف أنها لم تكن تقصد وأنها لن تعود . ولكن سرعان ما تعود الى غضبها السريع ولسانها الفظيع . أنجبت منها ثلاثة أولاد ، وعاشوا وسط صراخها وغضبها .
بسبب عصبيتها تسببت فى قطع صلتى بأهلى . لم يتحملوها ، وخناقاتها معهم كانت تسلية الجيران ، وبعد كل خناقة تهدأ وتذهب تصالحهم . وفى النهاية زهقوا منها وقاطعونى . أنا كنت على وشك أن أطلقها لأستريح من صوتها العالى وعصبيتها ، وتراجعت عشان الأولاد . وبعدين انتقلت عندنا موظفة جديدة فى المكتب جميلة وهادئة ومبتسمة وقليلة الكلام ، وكنت بينى وبين نفسى أحسد جوزها . وبعدين أصيبت بانهيار عصبى وزرناها فى المستشفى ، وعرفت أن جوزها تزوج أخرى لأنها لا تنجب وطلقها ورماها فى الشارع . من الآخر إتجوزتها ، وبعلم زوجتى . وللتوفير عاشت معنا فى نفس البيت . وتحول البيت الى جحيم مستمر ، زوجتى الأولى تصرخ فيها وهى تبتسم ولا ترد إلا بالبكاء . زوجتى الأولى كانت عادتها أن تهدأ بعد الغضب و تعتذر ، هذا انتهى ، علاقتها بضرتها غضب وصريخ وشتيمة ولا إعتذار أبدا . ومن الطبيعى أن أتعاطف مع الزوجة الهادئة المسالمة ، وهذا التعاطف كان يُلهب غيرة زوجتى أم الأولاد . زاد الطين بلة أن أولادى الثلاثة أحبوا زوجة ابيهم وتعاطفوا معها بسبب حنانها ، وبالتدريج سقطت أم الأولاد مريضة وماتت مقهورة وهى ترفض أن تنظر الى ضرتها . وأصبحت زوجتى الثانية هى الوحيدة فى البيت . عاشت فيه تتحكم فينا جميعا أنا والأولاد ، ونحن سعداء بتحكمها فينا ، لأنها أصبحت أهم شىء فى حياتنا . كانت تطبخ لنا ما تريد هى ونأكل بسعادة ما تطبخ ، هى التى تقترح ونحن جميعا ننفذ . كنت أتذكر زوجتى الأولى ومشاكلها وعصبيتها وأشكر الله أنها ماتت وغارت فى ستين داهية . وكنت غرقان فى حب زوجتى الثانية الى شوشتى ، ولا أسألها عن أى شىء ، حتى ما يخص شغلها فى المكتب وهى مرءوسة لى . بل كانت هى التى تحكم الشغل وتتحكم فى كل شىء فى المكتب من خلالى . وبدأت نظرة الزملاء فى المكتب تتغير نحوى ، ولم أهتم لأننى كنت أثق فيها ثقة عمياء . ثم فوجئت بالبوليس يقبض علىّ ، وكانت التهمة ثابتة وبتوقيعى على مستندات تثبت إختلاس حوالى نصف مليون جنيه من حسابات المكتب . إكتشفت أنها إستغلتنى وزورت وإختلست . دخلت السجن ، ورفعت علىّ دعوة طلاق ، وطلقتها ، وحازت الشقة وطردت الأولاد بسبب تزويرها عقد بيع وتنازل . وعن طريق بعض الزملاء الأوفياء ظهرت براءتى فى الإستئناف وخرجت من السجن ، وعشت مع أولادى فى بيت العيلة القديم . وإختفت هى تماما من العمل ، وسمعت أنها رجعت لزوجها السابق . وعرفت أن كانت على علاقة مستمرة به ، تخوننى معه وأنا لا أعلم . وكل يوم أكتشف أنها فى حقيقتها حية أفعى سامة . تلدغ وهى تبتسم ، تنفث السم وهى تبكى .. إكتشفت أنها هى التى دمرت حياة زوجها الأول ودفعته للزواج والطلاق منها ليتخلص من شرورها . ثم رجعت اليه فى علاقة آثمة فقط وجعلت زوجته تضبطهما معا لتطلب منه الطلاق ، وبهذا إستردته ممن تزوجته ، وعرفت بعدها أنها لفظت زوجها هذا بعد أن حطمته تماما ، وتبحث عن ضحية جديدة . المشكلة الكبرى أن أولادى كبروا وهم يحبونها ويعتبرونها بدل أمهم . ثم إنهارت نفسيتهم بعد أن ظهرت لهم حقيقة هذه الأفعى. أخيرا سمعت أحسن نبأ فى حياتى ، هو القبض عليها متلبسة فى جريمة أخلاقية .وأنها خوف الفضيحة انتحرت وألقت بنفسها من البلكون بتاعة شقة الدعرة .. يا نهار إسود ..!.. هل أنا فعلا كنت متزوج هذه المرأة ؟ وكيف إستطاعت أن تخدعنى أنا وأولادى كل هذه السنين ؟ هل أنا كنت مغفل لهذه الدرجة ؟
أنا الآن مستريح بسبب الانتقام الالهى منها ، فربنا سبحانه وتعالى يُمهل ولا يهمل . ولكن ذكريات زوجتى الحبيبة أم الأولاد تطاردنى ، وأتمنى لو أننى استحملتها حتى تعيش معى الى نهاية العمر دون أن ألوث حياتى بالزواج من هذه المرأة الملعونة . وأحيانا أتهم نفسى بأننى قهرت زوجتى أم الأولاد وتسببت فى موتها فى عز شبابها .
أنا لا أسأل ولا أستفتى . انا بس أكتب لك لأستريح وأفضفض عما فى قلبى ، ولعل من يقرأ يستفيد من حكايتى .) .. انتهى ..
ثانيا :
أقول :
ـ حكايتك واقعية إنسانية !.
1 ـ هناك من البشر من هو طيب القلب سريع الغضب ، ومنهم الذى يتحمل ولا يغضب بسهولة ، ولكنه إذا غضب فهو ( غضب الحليم ) يكون غضبا شديدا .
2 ــ هذا التناقض تراه فى البر والبحر على أى شاطىء . البر يمتص بسرعة أشعة الشمس فيلتهب ، ثم إذا خفّت أشعة الشمس وغابت إنتهت معها الحرارة ، أى ترتفع حرارته بسرعة وتنكمش بسرعة. أما البحر فيمتص الحرارة على مهل ويفقدها على مهل ، وهذ البحر يظل ساكنا فإذا هاج ..!!
حكايتك واقعية وتاريخية . !.
1 ــ زوجتك الأفعى هذه تذكرنى بحالة كبار الصحابة الذين قال عنهم رب العزة يخاطب المؤمنين فى أواخر حياة النبى عليه السلام : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ) .
فى الآية السابقة وقبل اولئك الذين مردوا على النفاق ذكر رب العزة بالوصف الصحابة المتقين السابقين بالايمان والعمل الصالح ومن سيتبعهم بالايمان والعمل الصالح والتقوى الى يوم القيامة ، وأنه جل وعلا أعد لهم جميعا جنات تجرى من تحتها الأنهار ، قال جل وعلا : (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة ) . وبعد أولئك الصحابة الذين مردوا على النفاق ذكر رب العزة الصحابة العصاة ، وأن باب التوبة مفتوح لهم ، فقال جل وعلا : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) التوبة ).
أما الذين لن يتوبوا ، وسيموتون بجرائمهم والذين ستظهر جرائمهم بعد موت النبى فهم الذين قال جل وعلا عنهم : ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ) .
2 ــ هؤلاء الصحابة ( مردوا على النفاق ) أى كانو أشد الناس نفاقا وعداءا للاسلام ، وأكثرهم خداعا للنبى إذ حافظوا على أن يكونوا الأقرب اليه وحافظوا على ضبط لسانهم وتصرفاتهم بحيث لم يصدر منهم أى قول او أى فعل يفضح مكنون قلوبهم.
ومات النبى وهو لا يعرف ما فى قلوبهم ، مات النبى وهم الأقرب اليه من بين أصحابه ، كانوا معه فى الصورة باعتبارهم الصفوة ، أما الصحابة المتقون فقد كانوا بعيدين عن الأضواء لأن المتقين لا يريدون عُلوا فى الأرض ، ولا يحبون الظهور والتظاهر والرياء .
3 ــ هؤلاء الذين مردوا على النفاق إستفادوا من حُمق المنافقين الذين فضحوا أنفسهم بأقوالهم وأعمالهم وتآمرهم إذ كان القرآن يحكى ويفضح تصرفاتهم. وكانوا يبادرون بالاعتذار والحلف كذبا بالله جل وعلا. نجا الصحابة الذين مردوا على النفاق من هذا فتمتعوا بالاحترام والمكانة الكبرى حول النبى ، وكتموا الكفر والغلّ الذى فى قلوبهم حتى مات النبى وإنقطع نزول القرآن وأصبحوا فى مأمن من نزول الوحى يفضحهم .
وفعلا بإنتهاء القرآن الكريم نزولا لم يعد أحد يسمع عن المنافقين ، فهل إنشقت الأرض وإبتلعتهم بعد كل هذا الحديث الالهى عنهم فى أواخر ما نزل من القرآن ؟
لم تبتلعهم الأرض ، بل حدث العكس ، وهو أنهم أصبحوا قادة بعد موت النبى عليه السلام ، فالمجال كان خاليا لهم ، فلم يزاحمهم فيه الصحابة السابقون فى الايمان وعملا لأنهم كانوا أبعد عن التظاهر وحب الظهور .
هؤلاء الصحابة الذين مردوا على النفاق عاشوا بعد موت النبى وماتوا على كفرهم بعد أن أفسدوا فى الأرض ، وبسب خطورتهم فقد أكّد رب العزة ــ مقدما ــ أنه سيعذبهم مرتين فى الدنيا ، ثم ينتظرهم عذاب عظيم فى الآخرة . ومات النبى عليه السلام وهو لا يدرى عنهم شيئا ، ولا يعرف ماذا سيحدث له أو لهم ( الأحقاف 9 ) ، لم يكن عليه السلام يعرف أنهم سيقودون العرب فى الفتوحات ، وأنهم سيدمرون الأسس التى قامت عليه دولته الاسلامية من الحرية والسلام والعدل .
4 ـ المنافقون الحمقى الظاهرون العلنيون هم الذين يشبهون زوجتك الأولى ( أم الأولاد ) التى فضحها لسانها وفضحتها تصرفاتها ، وكانت تتوب وتعتذر ثم تعود ترتكب نفس الأخطاء كالمنافقين الصُّرحاء ، ونزل القرآن الكريم يفضح أقوالهم وتآمرهم . أما هؤلاء الصحابة الذين مردوا على النفاق فهم من ذكرهم التاريخ أبطالا للفتوحات العربية التى أضاعت الاسلام وشريعته . وهم الذين اصبحوا آلهة فى أديان المحمديين الأرضية .
5 ــ زوجتك الأفعى التى مردت على النفاق دفعت الثمن ، مع أنها لم تظلم سوى بعض الأشخاص . أما الصحابة الذين مردوا على النفاق فقد ظلموا شعوبا ، سلبوا ثرواتها وقتلوا شجعانها وإغتصبوا نساءها و إسترقوا ابناءها وبناتها وأطفالها ونساءها وحرائرها بلا أى ذنب إقترفوه فى حق العرب ، بل إن جموع هذه الشعوب فى آسيا وشمال أفريقيا ومصر لا علاقة لهم أصلا بالعرب وربما لم يعرفوا أصلا شيئا عن العرب وصحرائهم . ومن بقى من هذه الشعوب أجبره أولئك الصحابة الذين مردوا على النفاق ـ على أن يدفعوا جزية على الرأس ، مقابل الإبقاء عليهم أحياء مسخرين فى الزراعة ، ثم كانوا يسلبون عرقهم بالجباية والخراج .
6 ــ ومن أسف يا صاحبى أنك تشتعل غضبا مما فعلته بك زوجتك السابقة التى خدعتك ومردت على النفاق ، لكنك تفخر بجرائم الصحابة الذين مردوا على النفاق ، برغم أنهم أذلّوا واستعبدوا أجدادك . يكفى أنك تعلمت فى المدرسة تاريخ الصحابة وفتوحاتهم على أنها من مفاخر الاسلام ، بينما لا تعرف شيئا عن الأبطال من أجدادك الذين قاوموا هذا الغزو العربى وذلك الاحتلال العربى ووقفوا بشجاعة ضد هذا القهر العربى ، وسقطوا قتلى ، وسقطوا أيضا بين سطور التاريخ الذى يحتفل بالسفاحين الغزاة فى كل العصور من الاسكندر الى يوليوس قيصر و أبى بكر وعمر وعثمان وخالد ومعاوية وهولاكو وتيمورلنك وهتلر وموسولينى وستالين ..و جورج بوش الابن ..
7 ـ إحتكم الى ضميرك وقلبك : تخيل رجالا أبطالا يدافعون عن وطنهم ونسائهم وأطفالهم ضد جيش معتد يغزوهم ، ثم يسقطون قتلى دفاعا عن الوطن والشرف والعرض . هؤلاء الأبطال يمارسون فعلا الجهاد الاسلامى الدفاعى . هؤلاء الأبطال هم فعلا السلف الصالح لكل الشرفاء . أما صحابة الفتوحات فهم السلف الفاسد الذى يسير خلفه من جاء بعدهم من الطُغاة والسفاحين .
أخيرا:
ومن أسف يا صاحبى أن من يدافع عن الظالم يكون شريكا له فى ظلمه
ولعل مأساتك مع زوجتك التى مردت على النفاق تجعلك تعيد النظر فى التاريخ الأسود للإحتلال العربى . .بعد هذا التوضيح .
اجمالي القراءات
2354
ليسمح لي أستاذنا الدكتور أحمد صبحي أن أقتبس هذه الكلمات المعبرة "من يدافع عن الظالم يكون شريكا له فى ظلمه"- فحين تكون الحالة مستعصية مثل الحالات المذكورة لابد من الانفصال فورا ووضع النقط على الحروف حتى لا تزيد المضاعفات على كاهل الزوج, وحتى في المعايير الطبية عندما لا يستجيب المرض للعلاج الطبي والادوية نلجأ للجراحة لاستئصال أس البلاء فالصبر على الحالات المستعصية يؤدي قطعا الى الهلاك بالاضافه الى أن الصبر في هذه الحالات هو ظلم للنفس مثل الظلم الذي يحتويه هذا الحديث الكاذب الفاشل" ان أبغض الحلال عند الله الطلاق"