أبو العيناء ، ظريف الظرفاء

أحمد صبحى منصور   في الثلاثاء ٢٧ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً


مقدمة

1 ـ اختلاق الأكاذيب ونسبتها للنبى محمد عليه السلام كان سلعة رائجة منذ العصر الأموى واستمرت بعده ، وتم تدوين تلك الأحاديث فى العصر العباسى جنبا الى جنب مع استمرار الروايات الشفهية فيما كان يعرف بمجالس العلم وحلقات القصص فى المساجد . وبعض من لم ينبغ فى صناعة الكذب هذه اختار ان يمارس هوايته فى الكذب والتأليف فى ناحية أخرى ، هى الكذب فى الروايات التاريخية ، وبعضهم تخصص فى سبك الروايات الكوميدية الضاحكة ، فاكتسب بها مكانة وشهرة ف&igravى عصره ، ربما تفوق بها على الرواة الآخرين الكاذبين على خاتم المرسلين ، أو ناقلى ذلك الكذب.

مقالات متعلقة :

2 ـ وقد عرضنا سابقا لسيرة أشعب الطامع الذى اشتهر بالفكاهة و التطفل على الناس والتسول منهم حيث لم يهتم برواية الأحاديث عن مشاهير التابعين. ونعرض اليوم لشخصية ذائعة الصيت فى العصر العباسى ، إنه ابو العيناء ، الذى كان مقدرا له أن يصير من كبار علماء الحديث ولكن الظروف جعلته يستعمل موهبته فى الكذب والاختلاق فى مجال آخر، هو تأليف النوادر.

وحسنا فعل .

أولا :                                             

1 ـ كان (محمد بن القاسم بن خلاد ) يعيش عيشة هانئة في البصرة ، ثم جال بخاطره أن يشترى عبدا فذهب إلى سوق النخاسين فوجد عجبا ؛ وجد غلاما يبدو عليه النباهة يساوى ثلاثمائة دينار وينادى عليه بثلاثين دينارا فقط. رآها فرصة لا تعوّض، فطمع في شراء العبد فاشتراه بثلاثين .

2 ـ وكان الرجل يبنى له دارا جديدة فى البصرة ،  فأعطى غلامه الشاب عشرين دينارا لكي ينفقها على العمال البنائين ، فغاب الغلام ، ثم فوجئ به يأتيه بعد أيام وقد أنفق من العشرين دينارا عشرة دنانير اشترى بها لنفسه ثيابا فاخرة ، وقبل أن يفيق محمد بن القاسم بن خلاد من دهشته وقبل أن ينطلق فى غضبه وثورته قال له العبد : يا مولاي لا تعجل على !!.. فان أهل المروءة مثلك لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا ما يعود بالخير عليهم ..

سكت الرجل وكظم غيظه وقال في نفسه حانقا : أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم .!!

 

3 ـ وأراد الرجل أن يتزوج سرا امرأة يحبها ، وكتم الأمر عن زوجته ابنة عمه وهى صاحبة المال والدار, فقال الرجل للغلام : أفيك خير؟ فقال: نعم.. فأطلعه على رغبته في الزواج بمن يحب ، وسأله أن يكتم الخبر عن زوجته، وتزوج وأعطى الغلام دينارا ليشترى به طعاما فيه نوع من السمك المعروف بالهازبى , فرجع الغلام وقد اشترى نوعا آخر من السمك اسمه مارماهى , فاغتاظ الرجل وقال له : أليس قد أمرتك أن تشترى هازبى ؟ فقال الغلام : بلى , ولكن قرأت أن أبقراط الحكيم يقول أن السمك الهازبى يصيب الآكل بالسوداء ويمدح السمك المارماهى .  فاشتد غضب الرجل وشتم الغلام قائلا : أنا لم أعلم أنى اشتريت الحكيم جالينوس.  وقام إليه فضربه عشر مقارع .  فلما فرغ من الضرب إذا بالغلام يأخذ المقرعة وينهال بها ضربا على سيده سبع مقارع ، ثم يقول له في هدوء : يا مولاي .. يقول الفقهاء أن تأديب الغلام بثلاث مقارع فقط , وقد زدت عليها سبعا فضربتك سبعا قصاصا حتى لا تقاسى العذاب يوم القيامة : !! فجن جنون الرجل فرماه بحديدة فشج رأسه .

 

3 ـ فانطلق الغلام إلى الزوجة الأولى ابنة عم الرجل وقال لها : يا مولاتى , إن الدين النصيحة وأنا أعلمك أن مولاي تزوج وطلب منى كتمان الأمر عليك فلما قلت له لابد من تعريف مولاتى الخبر ضربني بالمقارع وشج رأسي  !... فثارت الزوجة ومنعت الرجل من دخول الدار وأمسكت يدها في النفقة عنه ، واستعر الخلاف بينهما إلى أن رضخ الرجل وطلق الزوجة الثانية فأعادته الزوجة إلى بيتها .

4 ـ  عاد الرجل الى البيت ولكن أصبح للغلام فيه نفوذ ظاهر حتى كانت الزوجة تلقبه بالناصح , ولم يعد بوسع الرجل أن يتكلم معه , واشتد غيظه منه , فقال في نفسه : أعتقه وأستريح منه فلعله يمضى بوجهه عنى .. فلما أعتقه عاد إليه الغلام ولزم صحبته قائلا : الآن وجب حقك علىّ. أى سيخدمه متطوعا .

5 ـ واشتد كرب الرجل بصحبته وفكّر فى طريقة للتخلص منه فأغراه بالحج ، فوافق الغلام ، فقام الرجل وجهز له النفقة والزاد فسافر الغلام للحج , وتنفس الرجل الصعداء واستراح , ولكن راحته لم تطل , إذ فوجئ بالغلام يعود إليه بعد عشرين يوما ويقول له : قطع اللصوص الطريق علينا وفكرت فإذا الله تعالى يقول " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " وكنت غير مستطيع , وفكرت فإذا حقك على ّ أوجب من الحج فرجعت إليك !!

6 ـ ولبث الرجل يفكر في طريقة أخرى يتخلص بها من ذلك الغلام الثقيل , فأغراه بأن يذهب للثغور يجاهد الروم , وأقنعه بذلك وجهز له النفقة والسلاح والفرس والزاد... فلما غاب عنه أسرع وباع كل ما يملك في البصرة ورحل عنها إلى بغداد خوفا من أن يرجع إليه ثانيا .

 

7 ـ وحين وصل الرجل إلى بغداد ذاع صيته فيها حتى أصبح ضيفا ونديما في مجالس الخلفاء والوزراء والأدباء .. ونسى الناس اسمه الحقيقي ( محمد القاسم بن خلاد ) وانشغلوا بنوادره وأجوبته المفحمة وجرأته في القول ، وانشغلوا أيضا بلقبه الجديد " أبو العيناء " الذي كان أشهر الظرفاء في القرن الثالث الهجري .. مع إصابته بالعمى ودمامته .

ثانيا :

 

1 ـ وكان من ابرز نوادر أبى العيناء تلك القصة السابقة التي يحكيها عن نفسه يعلل فيها سبب رحيله عن البصرة إلى بغداد ، ومنها نعرف أن ذلك الغلام الثقيل هو السبب الذي جعل أبا العيناء يرتحل إلى بغداد حيث عالم الشهرة والخلود ..

وتلك القصة التي رواها أبو العيناء عن سبب مغادرته البصرة نرى أنها تحيطها الشكوك برغم جاذبيتها وطرافتها،والأرجح أن أبا العيناء اصطنعها اصطناعا ضمن ما رواه عن نفسه من نوادر تجلب له الشهرة في ليالي السمر وندوات الأدب في قصور الخلفاء والوزراء ..

2 ـ لقد جاء أبو العيناء إلى بغداد في خلافة المتوكل ، ولم يشتهر في عهده إذ كان معروفا استيلاء الوزير الفتح بن خاقان على قلب الخليفة المتوكل ومجلسه ، وبنفس القدر كان الخليفة مشغولا بجاريته "قبيحة" أشهر نساء عصرها في الجمال وأم ابنه المعتز الذي تولى الخلافة فيما بعد , أكثر من ذلك كان الخليفة المتوكل محاطا بقطيع من أجمل الجوارى بلغ عددهن ثلاثة آلاف جارية ، وقد ( وطأهن ) جميعا حسب رواية المسعودى الذى لم يكن بعيدا عن عصر المتوكل .

خليفة من هذه النوعية ـ اقتصرت حياته على معاقرة الخمر مع نديمه ووزيره الفتح بن خاقان والطواف على آلاف الجوارى و مجابهة مكائد النساء ـ من المستحيل أن يكون لأبى العيناء وجود في تلك الحلقة الضيقة التي تحيط بهذا الخليفة .. ومستحيل أن يرتقى الى التعرف بالخليفة بمجرد قدومه لبغداد.

3 ـ والواقع أن شهرة أبى العيناء أتت بعد عصر المتوكل بعد جهاد عنيف واتصالات مكثفة ودءوبة مع مجتمعات الأدباء والشعراء والكتاب سمحت له في النهاية بأن يحوز شهرة تؤهله  للجلوس مع الوزراء والخلفاء ..

وحين أتته فرصة الشهرة – وربما قبلها روى عن نفسه روايات متناقضة قالها في فترات متباعدة حسب الأحوال , وذلك التناقض يعطينا حجة التشكك في حدوث تلك الروايات أو بعضها على المستوى التاريخي .

4 ـ وعلى سبيل المثال فان أبا العيناء يروى روايتين متناقضتين عن بدء علاقته بالخليفة المتوكل عندما جاء أبو العيناء إلى بغداد , والمفهوم منهما معا أن قصور الخلافة كانت تترقب مجيء أبى العيناء من البصرة إلى  بغداد , وذلك مالا يتفق مع الواقع التاريخي أو مع العقل .

وقد وردت الروايتان في (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادي ونقلهما عنه ابن الجوزى في (المنتظم) وتقول إحداهما أن الخليفة المتوكل قال لندمائه : " أشتهى أن أنادم أبا العيناء لولا أنى ضرير ، فقال أبو العيناء: إن أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الأهلة ونقش الخواتيم فإني أصلح.." أي أن أبا العيناء رضي واستجاب لرغبته الخليفة في مسامرته ومنادمته. ولكن هناك رواية أخرى تقول إن المتوكل قال له قد أردتك لمجالستي ، فقال له أبو العيناء .. لا أطيق ذلك وما أقول ذلك جهلا بما لي في هذا المجلس من الشرف ولكني رجل محجوب. والمحجوب تختلف إشارته ويخفى عليه إيماؤه ويجوز على أن أتكلم بكلام غضبان ووجهك راض، وبكلام راض ووجهك غضبان، ومتى لم أميز هذين هلكت..

ومع التأكيد بأن أبا العيناء لم يلق الخليفة المتوكل يظهر لنا كذب الروايتين مع تناقضهما. وواضح أن أبا العيناء قد اختلقهما وقت شهرته ، وبعد موت الخليفة المتوكل .

5 ـ ويذكر أبو العيناء روايتين مختلفتين عن سبب إصابته بالعمى ، يقول في  إحداهما إن الخليفة أبا جعفر المنصور  استدعى جد أبى العيناء واسمه خلاد وبعثه جاسوسا يأتي له بأخبار محمد النفس الزكية  حين ثار بالحجاز ، وحين نجح في مهمته وانكشف أمره لدى السائرين دعا عليه عبد الله بن الحسن بالعمى هو ونسله ،ومن هنا فان كل صحيح النسب من نسل خلاد يكون أعمى أو يصاب بالعمى بعد أن يكبر .. هكذا يقول أبو العيناء .

وهناك رواية أخرى لأبى العيناء تقول إن جده الأكبر لقي الإمام على بن أبى طالب  فأساء مخاطبته فدعا عليه بالعمى هو وذريته ،فكل من أصابه العمى من الذرية فهو صحيح النسب ..!

ثالثا :

1 ـ حين جاء أبو العيناء إلى بغداد كان يعد نفسه لمستقبل عظيم ولكن كانت الصعوبات هائلة ، والمنافسة على الوصول لمجالس (الأكابر ) على أشدها فى عصر الترف والمسامرات والمجون . وأين أبو العيناء بدمامته وإصابته في بصره بآلاف الأدباء والشعراء الذين يزدحمون على أبواب الوزراء والخلفاء ؟

2 ـ ثم كان الجاحظ وقتها في أوج شهرته وتقدمه بين الأدباء، وهو الجواد الرابح بين الأدباء والمتكلمين ، وكان متعذرا أن تتسع القمة لأبى العيناء بجوار الجاحظ .

ولكن كانت لأبى العيناء مؤهلاته الخاصة التي لا يباريه فيها احد من أهل عصره حتى الجاحظ .

صحيح أن الجاحظ كان أستاذ النوادر ولكن الجاحظ كان كاتبا مؤلفا يلازم بيته ومكتبته معظم وقته ولا يسعى لأحد إلا نادرا ، بعكس أبى العيناء الذى كان (تحت الطلب ) يسعى للقاء هذا وذاك ، ثم كان أبو العيناء ظريفا بالبديهة، أو بالرواية الشفهية وليس بالكتابة ، أو كما قيل عنه أنه كان مطبوعا على تأليف النوادر،وأكثر من ذلك كان جيد الإلقاء لها مع سرعة الرد وقوة الحجة وشده الجرأة،وذلك يصنع منه فارس الندوات والمسامرات والمنادمات .

3 ـ على أن ذلك لم يأت له إلا متأخرا وبعد عناء وجهد شديدين من أبى العيناء استغل فيها كل مواهبه في التأليف والتندر على نفسه فجعل من إصابته بالعمى روايات مختلفة شغل بها الرواة. كما أنه أكثر من النوادر التي حاكها عن علاقته بالخليفة المتوكل بعد موت الخليفة المتوكل ، ووضع في تلك الروايات بذكاء شديد أغراضه في  الشهرة بالعلم والنوادر وسرعة البديهة والجرأة .، فما ينبغي لنا أن نصدق – مثلا تلك الرواية التي يدعى فيها  أبو العيناء أن الخليفة المتوكل أراد أن يعبث به ويسخر منه فرد عليه أبو العيناء برد أسكته  وأفحمه ..ولا نستطيع أيضا ذكر الرواية لما فيها من إسفاف...

 

رابعا :

1ـ  وحين وفد بغداد لأول مرة لم ينس أبو العيناء أن يختلط بأصحاب الحديث وقيل انهم اكتشفوا أنه يكذب في الرواية فانقطع ما بينهم وبينه . على أن المتوقع ألا يحدث انسجام بينه وبينهم ، فأبو العيناء ليس من النوع الذى يصطنع التدين والمراءاة ، علاوة على جرأته فى النقد وسلاطة لسانه وردوده المفحمة التى تدمر الهالة المصطنعة لمن احترف التدين ، ثم إنه بتطلعاته الى الوصول للطبقة الارستقراطية فى المجتمع العباسى فلن يلبث طويلا بين حلقات علماء الحديث ، وقد سيطر عليها الحنابلة فى هذا الوقت ، واتخذوا منها طريقة للتحكم فى الشارع وقيادة العوام ، ولا محل للعوام فى خطة أبى العيناء للوصول الى منادمة الطبقة العليا من الخلفاء فمن دونهم.

2 ـ كان سهلا أن يتهمه الحنابلة بالكذب فى الرواية ليتخلصوا من منافس لهم فى مجال الكذب ،وفى نفس الوقت كان صعبا عليه نفى هذه التهمة لأسباب كثيرة ، منها أنه فى سعيه للوصول لأعلى لا يريد أن يخلق له أعداءا يعيقون وصوله ، ويضيعون وقته فى الصراع معهم ، خصوصا وهو قادم الى بغداد غريبا عنها . ثم إنه رأى أن الوضع والتأليف في النوادر أسهل وأكثر شهرة بين محبى التسلية واللهو من سادة القوم ، فجنح عن أهل الحديث ، فذاعت نوادره وصار الناس  يتداولون تعليقاته وردوده وطرائفه  سواء ما كان منها صحيحا أو تأليف ،وصار مطلوبا في منادمات الخلفاء والأعيان إلى أن مات في خلافه المعتضد.

خامسا

1 ـ وعلى حين جنح الحنابلة للتمرد على السلطة العباسية والتحكم فى الشارع والعوام نجد الملمح السائد في نوادر أبى العيناء هو تأييد الدولة العباسية في سياستها خصوصا ضد العلويين الذين كانوا شوكة في حلق العباسيين . وقد رأينا أبا العيناء يصوغ روايتين يعلل فيهما سبب العمى له ولأسلافه بأنه من غضب العلويين على جده ، وإحدى الروايتين يجعل فيها جده خلادا جاسوسا يعمل لصالح الخليفة أبى جعفر المنصور ضد الثائر العلوي محمد النفس الزكية ، مع أن أحداث ثورة النفس الزكية تخلو من تلك الرواية، بل وهناك رواية تجعل أبا جعفر المنصور يرسل شخصا آخر معلوما مشهورا يقوم بجهد كبير على حث محمد النفس الزكية  على الثورة في وقت غير مناسب...

2 ـ وفى نفس الاتجاه يروى أبو العيناء أنه تخاصم هو وأحد العلويين فقال له العلوي أتخاصمني وأنت تقول في صلاتك .. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فقال له أبو العيناء لكنى أقول ..الطيبين الطاهرين فتخرج أنت منهم ..

سادسا :                                                                                ومن الطبيعي أن تحتفل السلطات العباسية بتلك النوادر السياسية التي تتمشى معها، ولذلك راجت معها نوادر أخرى لأبي العيناء كانت في اغلبها تميل للسخرية من الآخرين أو ترد عليهم بقسوة...                                

ـ ومنها أنه ذهب إلى الوزير صاعد بن مخلد ، وكان نصرانيا فأسلم ، فاستأذن عليه فقيل .. هو مشغول بالصلاة ، ثم أستأذن بعدها فقيل : هو مشغول بالصلاة ، فقال أبو العيناء  لكل جديد لذة..  

ـ ومر أبو العيناء يوما بباب عبدا لله بن منصور وكان مريضا وقد أبلَ من مرضه فقال لغلامه : كيف خبر مولاك؟ فقال .. كما تحب.. فقال إذن كيف لا أسمع الصراخ عليه؟

ـ ولقيه بعض أصحابه في السحر فجعل صاحبه يتعجب من بكوره فقال له أبوالعيناء أراك تشركني في الفعل وتفردنى بالعجب ..

ـ واجتمع أبو العيناء مع أبي هفان الشاعر على مائدة، فقال أبو هفان له .. هذه اشد حرا من مكانك في لظى ، فأسرع أبو العيناء يقول له .. اجعلها باردة بشيء من شعرك !!                                                              

 ـ وأراد ابن المرزبان الكاتب أن يسخر من أبى العيناء فقال له :يا أبا العيناء لماذا تلبس جباعة؟ فقال له :وما الجباعة؟ فقال . التي ليست بجبة ولا دراعة ،فقال له أبو العيناء .. ولماذا أنت صفد؟ فقال ..  وما الصفد ؟ قال الذي ليس بصفعان ولا نديم .                                                                                   ـ وسبك أبو العيناء رواية يسخر فيها من دمامته فقال إن امرأة أحبته مما تسمع من نوادره دون أن تراه ، فلما رأته فزعت من دمامته فكتب لها شعرا يحتج على ذلك فردت عليه تشمته وتقول .. ألديون الرسائل أريدك أم أريدك لنفسي؟

- وتشاتم أبو العيناء مع ابن ثوابة الكاتب ،فقال له ابن ثوابة ..اسكت فما تشاتم اثنان إلا غلب ألأمهما فقال له أبو العيناء . لهذا غلبت بالأمس أبا الصقر .. وكان أبو الصقر خصما لابن ثوابة وصديقا لأبى العيناء.

سابعا

وكانت لأبى العيناء نوادر مع الحكام والولاة ..                                             ـ فقد اشتكى ابن المدبر صاحب الخراج لأنه يؤخر راتبه، فقال له عبيد الله بن سيلمان :أنت اخترته ، يعنى إنه الذى رشحه للمنصب ،فأسرع أبو العيناء يقول : وما علىّ في ذلك ؟ فقد اختار موسى من قومه سبعين رجلا فما كان منهم رجل رشيد فأخذتهم الرجفة ، واختار النبي (ص) ابن أبى سرح كاتبا فلحق بالكفار مرتدا ، واختار (على ) أبا موسى الأشعري حكما في التحكيم فحكم عليه !!

ـ وحضر أبو العيناء مجلس أحد الوزراء فذكر الجالسون كرم البرامكة ، وأمعن أبو العيناء في ذكر محاسنهم ، فضاق الوزير وقال لأبى العيناء: قد أكثرت من ذكرهم وإنما هذا من تصنيف المؤلفين والوراقين وأكاذيبهم ، فأسرع أبو العيناء يقول له : فلم لا يكذب عليك المؤلفون والوراقون بالبذل والجود ؟ فسكت الوزير ولم يستطع الإجابة ..

ثامنا  

وكانت له نوادر مع الجاحظ .. وقد ذكر بعضها الخطيب البغدادي  .. فقد جاء صديق إلى أبى العيناء  يطلب واسطة إلى أحد الولاة ، فوعده أبو العيناء أن يكلم الجاحظ بإعتبار الجاحظ صديقا لذلك الوالي ، وذهب أبو العيناء إلى الجاحظ  وعرض عليه التوسط لصديقه عند ذلك الوالي ، فاستمهله الجاحظ  للسمر والحديث ثم في النهاية أعطاه كتابا مختوما إلى ذلك العامل . وفى الطريق شك أبو العيناء في الخطاب ولم يأمن الجاحظ ، ففتحه وقرىء له ، فإذا الجاحظ قد كتب فيه للوالي: ( كتابي إليك مع من لا أعرفه ، فقد كلمني فيه من لا أوجب حقه ، فان قضيت حاجته لم أحمدك وان رددته لم أذمك ) ، فلما عرف أبو العيناء محتوى الخطاب رجع إلى الجاحظ  مستنكرا ، فقال له الجاحظ : هذه علامة بيني وبين الوالي فيمن أعتني به ، فانطلق  أبو العيناء  يسب الجاحظ ففزع الجاحظ ، فقال له أبو العيناء : ( هذه علامتي فيمن أشكره )!!

أخيرا :

1 ـ وكان مولد أبى العيناء  بالأهواز سنة 191هجرية . ونشأ بالبصرة ، ثم ارتحل الى بغداد فاستقر فيها ، ثم مات عام 283هجرية.

2 ـ أى كان معاصرا للبخارى وتخصص مثله فى سبك وصنع الروايات ، مع فارق أساس  هو أن أبا العيناء كان يكذب على نفسه وعلى الآخرين تندرا وتسامرا وتفكها ، ولم تؤخذ رواياته وأقاصيصه على سبيل الجد ،بل المزاح والتسلية.

أما أكاذيب البخارى وغيره من (علماء ) الأحاديث فهى من النوع السّام المعدى المميت ، صدّق بها الناس وآمنوا ان النبى محمدا عليه السلام قد قالها، وتناقلها المسلمون جيلا بعد جيل بالتقديس فاصبح بها البخارى الاها مع الله جل وعلا . ولا يزال البخارى حيا بيننا يواصل دوره فى تخدير المسلمين ،إذ هو أفظع المخدرات التى تدمر الانسان فى الدنيا والآخرة.

3 ـ عاش أبو العيناء معاصرا للبخارى وأكثر شهرة منه لأن صيت البخارى انتشر شيئا فشيئا بعد موته. البخارى كان فى حياته مجرد واحد من مئات الالوف من المشتغلين بالحديث مثل مئات الالوف من المشتغلين بنفس الأحاديث فى عصرنا، وهل هناك أروع من هذا التقدم المستمر والسريع الى الخلف ؟

هذا ، بينما كان ابو العيناء نجم عصره يتداول الناس نوادره ويتناقلون أخباره مثل نجوم الكوميديا فى عصرنا .

ثم انعكس الأمر فما لبث أبو العيناء أن مات واختفى بين سطور التاريخ فى هدوء بينما زحفت الشهرة نحو البخارى وارتفعت به بعد موته الى مرتبة الالوهية ، ولا يزال أحد الآلهة العظام لنحو بليون مسلم (فقط )!!.

4 ـ نعود لأبى العيناء وقد إشتاق للبصرة فخرج من بغداد وركب سفينة عصفت بها الريح فغرقت  بكل من كان عليها ، ونجا أبو العيناء وحده بصعوبة ، ولكنه مات بعد وصوله للبر.!!  

 أي كانت نهايته من النوادر .ولكن النوادر الصادقة...لأنه لم يؤلفها.

هذه المقالة تمت قرائتها 628 مرة

 


التعليقات (6)
[49594]   تعليق بواسطة  رضا عبد الرحمن على     - 2010-07-23
أبو العيناء :: والادته ، نشأته ، مواهبه

محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان أبو العيناء الهاشمي ولاءً: من مفاخر خوزستان صاحب النوادر والشعر و الأدب و هو شاعر فصيح من ظرفاء العالم، و من أسرع الناس جواباً اشتهر بنوادره و لطائفه، وكان ذكياً جداً، حسن الشعر، ملح الكتابة، وحاد اللسان في سب الناس والتعريض بهم.

و كانت ولادته سنة إحدى و تسعين و مائة بالأهواز كما تقدم و نشأ بها و هاجر الی البصرة لطلب العلم وبها طلب الحديث وكسب الأدب، و كف بصره و قد بلغ أربعين سنة و خرج من البصرة و هو بصير و قدم سر من رأى فاعتلت عيناه فعمي درس الحديث و اللغة و الادب و اقام ببغداد.

و سكن بغداد مدة و عاد إلى البصرة وتوفي بها في جمادى الآخرة سنة ثلاث و ثمانين و قيل اثنتين و ثمانين و مائتين و قد بلغ التسعین و قال ابنه جعفر توفي أبي لعشر ليال خلون من جمادى الأولى و مولده سنة تسعين و مائة و الله أعلم رحمه الله تعالى و لقب بأبي العيناء لأنه قال لأبي زيد الأنصاري كيف تصغر عينا فقال عيينا يا أبا العيناء فبقي عليه.

و أخذ عن: أبي عبيدة ، و أبي زيد ، وأبي عاصم النبيل ، و الأصمعي. و عنه: الحكيمي ، و أبو بكر الصولي ، و أبو بكر الادمي ، و أحمد بن كامل ، و ابن نجيح ، و آخرون. قال الدارقطني: ليس بالقوي. و كان حاضر الجواب يجيب أكثر المطالب بالقرآن المجيد و يتشهد به كثيرا نقل ابن خلكان كثيرا من أجوبته و نوادره ، حكي أنه عمي في حدود الأربعين من عمره ، فسئل يوما ما ضرك العمى؟ فقال شيئان:

أحدهما أنه فات مني السبق بالسلام ، و الثاني أنه ربما ناظرت الرجل فهو يكفهر وجهه و يعبس و يظهر الكراهية و أنا لا أراه حتى أقطع الكلام. و كان يخضب بالحمرة. ولم يسند من الحديث الا القليل والغالب على رواياته الحكايات قال المسعودي في مرود الذهب في سنة 284 ، انحدر أبو العيناء من مدينة السلام إلى البصرة في زورق فيه ثمانون نفسا فغرق الزورق ولم يخلص ممن كان فيه إلا أبو العيناء وكان ضريرا يتعلق بطلال الزورق فأخرج حيا وتلف كل من كان فيه فبعد أن سلم قال أحمد بن كامل القاضي مات سنة ثلاث وثمانين.

وقال الدارقطني في غرائب مالك انا إبراهيم بن علي الجهيمي اجازة ثنا أبو العيناء ثنا محمد بن خالد بن عثمة عن مالك عن الزهري عن علي ابن حسين قال مثل أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله مثل العين و دواء العين ترك مسها قال الدارقطني لم يروه غير أبي العيناء.

- يقال ان المستنصر قال له ما أحسن الجواب قال ما اسكت المبطل وحير المحق.

و انه اتي عبد الله بن داود ابن عامر الهمداني الخريبي و هو صغير ليحدثه فقال له تحفظ القرآن فقال قد حفظته قال تعلم الفرائض قال قد حذقتها قال فتعلم العربية قال تعلمت منها ما فيه كفاية فامتحنه في كل ذلك فأجاد فقال لو كنت محدثا أحدا في سنك لحدثتك و قال كان حسن الشعر جيد العارضة مليح الكتابة والترسل خبيث اللسان كثير التعريض بذم.

كان بينه وبين أبي علي البصير وأبي هفان مكاتبات ومهاجاة ،وقيل: عاش اثنتين وتسعين سنة. وله اخبار و نوادر حمعها ابوطاهر في كتاب «‌اخبار أبي العيناء » تلقي العلم علي ابي عبيده و الاثملي و ابي زيد انتقلر الى بغداد و اتصل بالمتوكل في سامراء.

و قال الخطيب مولد أبي العيناء بالأهواز ومنشأه بالبصرة وبها كتب الحديث وطلب الأدب وسمع من أبي عبيدة والأصمعي وأبي عاصم النبيل وأبي زيد الأنصاري وغيرهم وكان من أحفظ الناس وأفصحهم لسانا وأسرعهم جوابا وأحضرهم نادرة وانتقل من البصرة إلى بغداد وكتب عنه أهلها و لم يسند من الحديث إلا القليل والغالب على رواياته الأخبار والحكايات وقال الدارقطني ليس بالقوي في الحديث.

و كان من احفظ الناس وأفصحهم لسانا وكان من ظرفاء العالم وفيه من اللسن وسرعة الجواب والذكاء مالم يكن في أحد من نظرائه وله أخبار حسان وأشعار ملاح مع أبي علي الضرير.

من نوادره:

 


يتبع .........ز

 

[49595]   تعليق بواسطة  رضا عبد الرحمن على     - 2010-07-23
أبو العيناء : نوادره

من نوادره:




- قال له الوزير أبو الصقر: ما أخرك عنا؟ قال: سرق حماري. قال: وكيف سرق؟ قال: لم أك مع اللص فأخبرك. قال: فهلا جئت على غيره؟

- قال: أخرني عن السرى قلة يساري ، وكرهت ذلة العواري ، ونزق المكاري.


 


حضر يوما مجلس بعض الوزراء فتفاوضوا حديث البرامكة وكرمهم وما كانوا عليه من الجود فقال الوزير لأبي العيناء وكان قد بالغ في وصفهم وما كانوا عليه من البذل والإفضال قد أكثرت من ذكرهم و وصفك إياهم و إنما هذا تصنيف الوراقين و كذب المؤلفين فقال له أبو العيناء فلم لا يكذب الوراقون عليك أيها الوزير فسكت الوزير و عجب الحاضرون من إقدامه عليه


 


- و قيل له إلى متى تمدح و تهجو فقال ما دام المحسن محسنا والمسيء مسيئا بل أعوذ بالله ان أكون كالعقرب التي تلسب النبي و الذمي


- و قيل له إلى متى تمدح و تهجو فقال ما دام المحسن محسنا والمسيء مسيئا بل أعوذ بالله ان أكون كالعقرب التي تلسب النبي و الذمي


 


- و سمع ابن مكرم أبا العيناء يقول في بعض دعائه يا رب سائلك فقال يا ابن الفاعلة و من لست سائلة و قال له ابن مكرم يوما يعرض به كم عدد المكدين بالبصرة فقال له مثل عدد البغائين ببغداد.


 


و دخل على المتوكل في قصره المعروف بالجعفري سنة ست و أربعين و مائتين فقال له ما تقول في دارنا هذه فقال إن الناس بنوا الدور في الدنيا و أنت بنيت الدنيا في دارك فاستحسن كلامه ثم قال له كيف شربك للخمر قال أعجز عن قليله وافتضح عند كثيره فقال له دع هذا عنك و نادمنا فقال أنا رجل مكفوف وكل من في مجلسك يخدمك وانا أحتاج ان أخدم و لست من أن تنظر إلي بعين راض و قلبك علي غضبان أو بعين غضبان وقلبك راض و متى لم أميز بين هذين هلكت فاختار العافية على التعرض للبلاء فقال بلغنا عنك بذاء في لسانك


- و كتب إلى بعض الرؤساء و قد وعده بشيء فلم ينجزه ثقتي بك تمنعني من استبطائك وعلمي بشغلك يدعوني إلى إذكارك و لست آمن مع إستحكام ثقتي بطولك و المعرفة بعلو همتك اخترام الأجل فإن الآجال آفات الآمال فسح الله في أجلك و بلغك منتهى أملك و السلام .


 


يتبع ....


 

 

[49596]   تعليق بواسطة  عبدالمجيد سالم     - 2010-07-23
أكل عيش ..!!

 المقارنة مفيدة جدا بين مؤلفي النوادر ، ومؤلفي الأحاديث .. وكلها كانت تتبع ما يعرف بالقصص ، ولكن التخصص طالها فتخصص البعض في الكذب على النبي عليه السلام ، وتخصص البعض الآخر في تألف الحكاوي والأقاصيص والنوادر ،وتخصص البعض في كتابة التاريخ  ..وتستمر الحياة لذلك وذاك وكله يقلب عيشه كما يقال .. ولكن كما وضح الدكتور احمد فهناك ما هو سام ومؤذي ، وهناك ما هو مسلي ينتهي مفعوله بنهاية قوله ...


ولقد ذكر الدكتور احمد في مقاله مقارنة مهمة وهي أن المهرجين الذين يؤلفون النوادر كانت شهرتهم أكثر في عصرهم ، بينما مؤلفي الحديث المكذوب على النبي كانت شهرتهم أكبر بعد موتهم ..


لقد أستطاع الكاذبون على النبي أن يعطوا لأقوالهم الكاذبة الخلود وذلك بنسبتها للنبي عليه السلام .. ( بينما الآخرون لم يفعلوا ذلك  فكانتوا لذلك أقل شهرة )وهذه النسبة هي في حد ذاتها أكبر جريمة .. وذلك لأن أي قول منسوب للنبي عليه السلام حتى وإن كان بمقاييس علماء الأحاديث ضعيف أو غريب ، أو موضوع أو ، أو ، أو .. فهو  في النهاية موجود ولا يستطيع أحد إزالته ..وسيأتي من يتحمس لهذا القول المنسوب والذي هو بمقاييس علماء الحديث موضوع ، وعتبره صحيحيا .. لذلك لا تجد أي شيخ يقول أن هذا الحديث موضوع يجب إلغائه أو إزالته ... وذلك لأن القداسة قد طالته ، وذلك لأن في أوله عبارة ( قال رسول الله ) ..وهي كافية لإلغاء العقل حتى ولو كان هناك مآخذ على المتن أو السند أو الإختلاف مع آية قرآنية أو حديث آخر ... فلقد أخترعوا طرق كثيره  أهمها الناسخ والمنسوخ .. الذي يعطيهم الحرية في الإيمان بالشيئ ونقيضه في آن واحد .. 


لذلك فإني أؤيد أن يتحول كل هذا التراث إلى أنه من كتابة مؤلفيه . فقط فكتاب البخاري هو من تأليف البخاري وكتاب مسلم هو من تأليف مسلم . وأن تنزع القداسة منه ...
 


 


 

 

[49597]   تعليق بواسطة  رضا عبد الرحمن على     - 2010-07-23
يبدوا أن هذا العصر كان عصر الترف الفكرى

من قراءة كل هذه الونادر وكل هذه القصص الحقيقي منها والكاذب الذي صنع كلية من داخل عقل ووجدان المؤلف لبسس زمنى محدد مرتبط بالقصة نفسها بأن اخترع الكاتب او القصصاص تلك القصة لينقذ نفسه من سيف أمير المؤمنين او ليحميى نفسه من موقف معين او ليرد هجاء أقرانه أو ليصنع جوا من المرح والترفيه فى الوسط المتواجد فيه ، وكان هذا من علامات هذا العصر .


فإن كل ما دون وكتب فى هذا العصر يجب ان يتأثر بثقافة العصر السائدة وهى الكذب والتلفيق والخداع واختراع القصص والمواقف وكلمة اختراع هنا لها معنى هام جدا ـ لأن كل كاتب او قصاص أراوى كان يخترع ما يحلو له من قصص وخاصة اذا كان من ونعية أبي العيناء ، ومن العجيب هو اجتماع البخارى وأبي العيناء فى عصر واحد ، ولم تصل شهرة البخارى في حياته مثلما وصلت اليه اليوم وبعد وفاته ، فهذه مفارقة عجيبة جدا ، لكنها من وجهة نظر أخرى تعتبر أمرا طبيعيا ، لن عدم شهرة البخارى هو اعتباره أحد القصاصين الذين يؤلفون ويبالغون فيما يقولون ، ويزورون ما يكتبون ويقولون ، حتى لو نسب ما يقول للصحابة لجعل له سند يصله بخاتم النبيين .


لكن البخارى تفوق في شيء واحد هو اسغلال موهبته فى تزوير احاديث وتلفيقها لخاتم النبيين بعد صناعة سند كاذب لها من مجموعة من الاشخاص وصولا للصحابة الاوائل ، فهو استغل موهبته فى الكذب والتدليس فى دين الله ، بينما غيره مثل أبي العيناء استغل هذا كوظيفة يأكل منها ويشرب أو يعيش عليها ويشتهر بين الناس ليس إلا ، مثل أشعب الطامع وغيرهم ، وهم بذلك أفضل من البخارى رغم الاستخدام السيء لموهبة فضلهم الله بها على باقى الناس وهى الذكاء وسرعة البديهة وحسن التصرف والفطنة والدهاء فكان من الممكن أن يكونوا من علماء عصرهم بدلا من ان يضعوا انفسهم فى هذه المكانة السيئة رغم ما يحظون به من شهرة وحب الناس وذياع صيتهم هنا وهناك .


 

 

[49620]   تعليق بواسطة  عائشة حسين     - 2010-07-24
أما بشار بن برد

 الشاعر العباسي بشار هو أيضا ظريف كأب العيناء ولكنه أبدع في هجاء من يمنتع عن دفع مقابل  مدحه ، ويقال إن شاعر انشغل بالدفاع عن الفرس " شعوبي "  اتهم بالزندقة في آخر حياته وحكم عليه بالضرب حتى مات : وهذه نبذة عن حياته ولك  ان تقارن بين التجارة بالشعر أم التجارة بالدين أيهما أقل إضرارا !! على الأقل هو صريح  يصف ويمدح ويذم من يمتنع عن دفع الثمن صريح مع نفسه أما  مشايخ الفضائيات فهم يقومون بنفس الدور ولكنهم يتمسحون في الدين  !! وقرأت عنه :


بشار بن برد العقيلي. أبو معاذ. وقيل العقيلي نسبه لامرأة من بني عقيل أعتقته.

شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. كان ضريرا، دميم الخلقة، طويلا، ضخم الجسم.

ولد في نهاية القرن الأول الهجري. (96 هـ - 168 هـ). عند بني عقيل في بادية البصرة وأصله من فارس (من أقليم طخارستان). كان هجاءا، فاحش في شعره، هجى الخليفة المهدي ووزيره يعقوب بن داود. حتى العلماء والنحاة فقد عرض بالأصمعي وسيبويه والأخفش وواصل بن عطاء. اتهمه بعض العلماء بالشعوبية والزندقة. وبرئه البعض من ذلك لغيرة العرب من الفرس عند بداية العصر العباسي وقيام الفرس بشئون الدولة. تعلم في البصرة ونتقل إلا بغداد.أتهم في آخر حياته بالزندقة. فضرب بالسياط حتى مات. ودفن بالبصرة. وكانت نهايته في عصر الخليفة المهدي.

في اخريات القرن الأول للهجره وبالقرب من فارس وبعيدا عن البيئة العربية في الشام والحجاز حيث تتصارع المذاهب السياسية والمعتقدات الدينية وتتداخل الاجناس لتكون البذور لدوله تعج بالثقافات المختلفة وفى مدينة البصرة يولد بشار بن برد اكمه (اعمى منذ الولادة) من أب يعتقد أنه فارسي وام يظن انها روميه ويتربى في حجور النساء العربيات من بنى عقيل فيكون هذا الامتزاج وسيلته عندما يشب للافتخار بانه فارسي الاصل ولسانه العربي الذي لايعرف العجمة كان يفخر بذلك ويقول نشأت في حجور ثمانين شيخا من فصحاء بنى عقيل مافيهم أحد يعرف كلمه من الخطأ وان دخلت إلى نسائهم فنساؤهم افصح منهم وايفعت فابديت إلى أن ادركت فمن اين يأتى الخطأ؟

هناك تفصيلات كثيره عن حداثته ذكرتها الصادر سنضرب عنها صفحا ونكتفى بذكر واحده منها ذكرها أبو الفرج الاصفهاني في اغانيه تكشف لنا عن ذكاء بشار بن برد المبكر وشاعريته التي تميل إلى الهجاء مما دفع الناس إلى الضيق به فكان يلقى العقاب من والده بسبب ذلك إلى انا قال له يوما (يا أبت ان الذي يشكوه الناس منى إليك هو قول الشعروانى ان الممت عليه اغنيتك وسائر اهلى فان شكوتى إليك فقل لهم اليس الله يقول ليس على الاعمى حرج؟

 

 

[49621]   تعليق بواسطة  عائشة حسين     - 2010-07-24
 

بشار بن برد كان دميم الخلقة ضخم الجسم جريئا في الاستخفاف بكثير من الاعراف والتقاليد نهما مقبلا على المتعة بصورها المتعددة الخمر والنساء والغناء، عاش بشار بن برد ما يقرب من سبعين عاما قبل أن يقتله الخليفة العباسي المهدي متهما اياه بالزندقة وكان بشار إلى جانب جرأته في غزله يهجو من لا يعطيه وكان قد مدح الخليفة المهدي فمنعه الجائزة فأسرها بشار في نفسه وهجاه هجاء مقذعا بل وهجا وزيره يعقوب بن داود وافحش في هجائه لهما فتعقبه الخليفة المهدي واوقع به وقتله.

كان بشار يسخر من عصره انتقاما لاحتقار بني جنسه من الاعاجم أيام بني امية، فلما جاءت الدولة العباسية قرب الفرس اعترافا بدورهم في القضاء على الدولة الأموية أساء بشار فهم الحرية والعصر الجديد ويبدو ان عاهته وقبحه كانت كلها وراء هذه الجرأة في التهام الحياة والإقبال عليها والتنعم بها غير مبال بشيء وكأن حياته كلها ليست الا ردا متماديا في القسوة على الرزايا التي وجد نفسه مقيدا بنارها

== حياته الشعرية ==ثقلثقالقفا روى بشار عن نفسه انه انشد أكثر من اثني عشر الف قصيدة ولكن ما وصل الينا من شعره لا يرى في هذا القول سوى مبالغة هائلة فشعره ليس كثير أو يعلل بعض من يرون ان ما وصل الينا اقل بكثير مما قاله بشار. ان الرقابة الدينية والسياسية والاجتماعية في عصره قد حذفت كثيرا من شعره بعد وفاته وهو متهم في معظمه خاصة في الغزل والهجاء.

عرف بشار بن برد ان الإقبال على الحياة يكلف المرء مالا كثيرا فأصبح شعره يتردد بين عدة أغراض منها: الغزل وهو يعبر عن فتنته الحسية بالنساء خلال مخالطة وخبرة فقد كان يجلس فيما يشبه الصالون العصري يتقبل النساء الراغبات في سماع شعره أو المغنيات اللواتي حفظن هذا الشعر ليتغنين به والغرض الثاني هو المديح فانه الوسيلة التي يمكن أن تدر عليه المال الذي يحتاجه لينفقه في ملذاته ولذا كان مبالغا في مدائحه طمعا في رضا الممدوح لإغرائه بالعطاء والغرض الثالث هو الهجاءوكان بشار شديد الوطأة في هجائه خاصة على هؤلاء الذين يمتنعون عن عطائه وقد كان بشار يرتاد مجالس اللهو والغناء يقول في مغنية:

وذات دل كأن البدر صورتها

باتت تغني عميد القلب سكرانا

ان العيون التي في طرفها حور

قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

قلت احسنت يا سؤلي ويا املي

فاسمعيني جزاك الله احسانا

يا حبذا جبل الريان من جبل

وحبذا ساكن الريان من كانا

قالت فهلا فدتك النفس احسن من

هذا لمن كان صب القلب حيرانا

يا قوم اذنى لبعض الحي عاشقة

والأذن تعشق قبل العين أحيانا

اجمالي القراءات 20870
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
باب دراسات تاريخية
بقدمها و يعلق عليها :د. أحمد صبحى منصور

( المنتظم فى تاريخ الأمم والملوك ) من أهم ما كتب المؤرخ الفقيه المحدث الحنبلى أبو الفرج عبد الرحمن ( ابن الجوزى ) المتوفى سنة 597 . وقد كتبه على مثال تاريخ الطبرى فى التأريخ لكل عام وباستعمال العنعنات بطريقة أهل الحديث ،أى روى فلان عن فلان. إلا إن ابن الجوزى كان يبدأ بأحداث العام ثم يختم الاحداث بالترجمة او التاريخ لمن مات فى نفس العام.
وننقل من تاريخ المنتظم بعض النوادر ونضع لكل منها عنوانا وتعليقا:
more




مقالات من الارشيف
more