برلنتي .. من ( الهيلاهوب ) إلى النكسة

محمد خير   في الخميس ٠٢ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً


ماذا لو لم تلتق برلنتي عبد الحميد في بداية حياتها بالمسرحي الكبير زكي طليمات، هل كانت نفذت رغبتها الأساسية والتحقت بقسم النقد في معهد الفنون المسرحية، يصعب تخيل تلك الفاتنة في صورة ناقدة مسرحية متجهمة، تماما كما يصعب تخيلها محللة نفسية بعد أن درست علم النفس، على كل حال أقنعها "طليمات" بالاتجاه للتمثيل، لكنها لم تنس أبدا رغبتها في أن تكون كاتبة، وإن لم تكن تعلم آنذاك أن كتابيها اللذين سيصدران بعد عشرات السنوات، سيكونان عن مأساتها الشخصية المتقاطعة مع مأساة نكسة مصر بصورة لا يمكن فصمها، ماتت الفاتنة عن عمر ناهز الخامسة والسبعين وقد عانت في آخره آلام المرض، بعدما عانت آلام السياسة والفقد والترمل، لكنها ظلت في صورة الجمهور تلك الجميلة التي ترقص الهيلا هوب .. الرقصة التي "بتشعلل نار الحب" .

كم كانت المنافسة صعبة في فن الإغراء في زمن هند رستم، لكن برلنتي استطاعت أن تجد لنفسها مكانها الخاص، على عكس النعومة المثيرة لرستم وصوتها المبحوح، وجدت برلنتي شخصيتها في ملامحها القوية ونظرتها النفاذة الأقرب لتحية كاريوكا، الشابة الصعيدية ابنة بني سويف ولدت في السيدة زينب لتحمل اسما يجمع بين ثقافة الصعيد والمناطق الشعبية "نفيسة عبد الحميد أحمد"، ولدت في 1935 وتعلمت التطريز كبنات طبقتها لكن طموحها دفعها لآفاق أخرى فالتحقت بمعهد الفنون المسرحية، ما أن حولت مسارها من قسم النقد إلى التمثيل حتى لفتت الأنظار، أدت دورا مسرحيا وحيدا فشاهدا مخرج مصري من أًصول إيطالية، ضمها "فرنيتشو " إلى طاقم فيلمه شم النسيم (1952)(أخراج وتأليف فرنيتشو - الحوار لسيد بدير)، هكذا وقبل أن تتم السابعة عشر من عمرها وجدت لنفسها مساحة سينمائية في الخمسينات الذهبية، لكن سنها الصغير نفسه جنـّبها آثار التغيرات السياسية التي أحدثتها بمصر ثورة يوليه التي قامت في العام نفسه، اختفى نجوم وظهر آخرون لكن نفيسة / برلنتي كانت في أول المشوار، انتقلت من يد فرنيتشو إلى صلاح أبوسيف فقدمها بعد عام واحد في فيلمه الشهير  "ريا وسكينة"، وبعد عامين فقط ، في 1955 حازت بطولتها الأولى على يد المخرج توفيق صالح في فيلمه "درب المهابيل" من تأليف نجيب محفوظ الذي كان قد كتب سيناريو "ريا وسكينة"، هكذا تكرست برلنتي نجمة على يد كبار السينما قبل أن تتم العشرين، لكنها احتلت مكانتها كفنانة إغراء مع "رنة الخلخال" لمحمود ذو  الفقار في ذات سنة "درب المهابيل"، وتشكلت ملامح شخصيتها الفنية التي تجمع صفة الإراء بقوة بنت البلد، وبدا المستقبل مبشرا  فالسينما المصرية – ومصر نفسها – في صعود وتقدم، الإنتاج وفير والسينما لم تؤمم بعد والثورة تدخل من نجاح لآخر، لكن مؤشرات "عصر المخابرات " كانت تتزايد، ولم يعد ممكنا فصل نجوم العصر ( الفنانين والضباط ) عن بعضهم البعض طويلا، بعد مسيرة فنية ناجحة التقت الفنانة الناجحة برلنتي بالضابط الكبير عبد الحكيم عامر، تزوجا سنة 1963 لتكون زوجته الثانية، ومرت أعوام قليلة هانئة حتى وقعت الواقعة، لقيت مصر هزيمة ساحقة في حرب 1967، أما المشير عبد الحكيم عامر الذي كان مسئولا عن القوات المسلحة المصرية فقد انتحر بالسم، لكن برلنتي - زوجته وأم ابنه الوحيد "عمرو"-  ظلت تعتقد أن عامر مات مقتولا ولم تتراجع عن اعتقادها ذلك بل سعت لإثباته بكل الطرق،  خاصة من خلال كتابيها "المشير وأنا" 1993، و"الطريق إلى قدري – إلى عامر" 2002، كتابان وثقت فيهما تجربتها مع المشير، وأدلتها لإثبات مقتله بالسم نفيا لانتحاره، حكت عن احتجازها بعد موته، الترويع الذي تعرضت له، وطلبت من السيناريست مصطفى محرم أن يحول كتابها "الطريق إلى قدري " إلى مسلسل تلفزيوني، بينما كافحت طويلا ضد تصوير فيلم "المشير والرئيس" لخالد يوسف، واتهمت السيناريو (كتبه ممدوح الليثي) بأنه يظلم المشير تماما كما فعل الإعلام المصري – حسب رأيها – منذ وقعت النكسة، لم يخرج المسلسل ولا الفيلم للنور بعد، لكن برلنتي رحلت صباح الأربعاء، لم تعد هنا لتدافع مرة أخرى عن المشير.

اجمالي القراءات 19243
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   السبت ٠٤ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53399]

هكذا يدعون دائما

دائما ما يتخذ النظام كبش فدا  له،  يحمله جميع الأخطاء ، ويخرج هو وبراءة الأطفال في عينيه ، وهذا يحدث دائما في مجتمع السياسة العربية والمصرية على وجه الخصوص ،  وليس بعيدا أن يكون المشير واحد ضمن مجموعة على رأسها قائد ينفذون معا ما يقررونه !


2   تعليق بواسطة   سيد أبوالدهب     في   السبت ٠٤ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53403]

ضحية من ضحايا ثورة يوليو ..

ثورة يوليو قام بها مجموعة من الشباب الغير ناضج .. فأكملوا تعليمهم في الشعب المصري المسكين .. هذا الشعب دفع الكثير من التضحيات لهم لكي يتعلموا فيه ومع ذلك لم يتعلموا ..


وبدلا من الأعتذار عن الفشل فإنهم أكملوا اهانتهم للشعب المصري بوجود حاكم مثل مبارك في الختام .


لقد أنتقمت ثورة يوليوا من الشعب المصري بوصول حسني مبارك غلى السلطة ..


3   تعليق بواسطة   ميرفت عبدالله     في   الأربعاء ٠٨ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53537]

زوجة لعبد الحكيم عامر !!

بما أنها كانت زوجة للمشير عبد الحكيم عامر فإنها تعرف عن أحواله الكثير ، وهل من الممكن أن يكون انتحر كما ادعوا ذلك أم مات مقتولا كما كانت تعتقد ذلك فهو كان مسئولا عن القوات المسلحة المصرية فقد انتحاره بالسم حولها علامات استفهام كثيرة


وبما أنها لم تتراجع عن اعتقادها ذلك  بل سعت لإثباته بكل الطرق، خاصة من خلال كتابيها "المشير وأنا" 1993، و"الطريق إلى قدري – وفيها حكت عن احتجازها بعد موته، الترويع الذي تعرضت له ، كلها تترك علامات استفهام وتشكك أن موته لم يكن كما كان شائعا وقتها .


4   تعليق بواسطة   محمد صادق     في   الأربعاء ٠٨ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53570]

إلى من يهمه الأمر

دائما وأبدا الحق يظهر ولو بعد حين، فأنا شاهد على العصر أقول :


المشير عبد الحكيم عامر لم ينتحر وإنما مات مقتولا بالسم الهارى الذى وضعوه فى فمه. وعند نقله إلى المستشفى صدرت الأوامر بعدم محاولة إنقاذه. شهادة الحق ولا تعتبر شهادة إلا ان يكون الشاهد شهدا على الحدث وذلك من صميم أخلاق أهل القرءآن شهادة الحق دائما تدمغ الباطل.


هذه معلومة بإختصار شديد وأقول لهم إن اللـــه يسمع ويرى وإنتظروا يوم التغابن يوم الحساب والعقاب.


أخوكم محمد صادق


5   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأربعاء ٠٨ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53574]

الشاهد محمد صادق .

الأستاذ الكبير - (الشاهد على العصر ) محمد صادق .. سؤال مباشر .كلنا يُصدق أن عبدالناصر تخلص من (المشير عامر ) لسبب أو لآخر ... وسؤالى هو ،


، هل كان للرئيس السادات دور مباشر أو غير مباشر ،ولكنه معلوم (للشهود) فى إغتيال عبدالحكيم عامر ،وخاصة أنه سلب أهله (اهل المشير ) قصرهم فى الجيزة ،وأخذه لنفسه ،وعاش فيه أثناء حكمه لمصر ،ولازالت عائلته تعيش فيه حتى اليوم ؟؟؟؟


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق