vإن فرعون قد ربى موسى في القصة التي نعرفها جميعا عندما قالت زوجة فرعون :(قرة عين لي ولك ) فربما كان تحذير موسى ـ وهذا إرادة الله أيضا ـ من قبيل رجل من أقصى المدينة من عيون فرعون الذين يعملون لحسابه ،لأنه في تلك الفترة لم يكن على خلاف معه أليس كذلك ؟ حتى بعد عودة موسى مرة أخرى كان من الممكن أن يُقتل بهذه الفعلة ،التي عبر عنها القرآن بقوله تعالى على لسان موسى (فعلتها إذن وأنا من الضالين) لكن ذلك لم يحدث لأكثر من سبب ،أولهما : يقيني وهو أن هذه هي إرادة الله وقضاؤه ولا راد لقضاؤه .

الآخر استنتاجي قول القرآن على لسان فرعون :( ألم نُربك فينا وليدا ) يبدو أن فرعون كان لديه أمل يرجوه فيمن ربى بأن يقتنع ويصبح من أقرب الحاشية إلى قلبه ..والله أعلم ، أما عندما أيقن بعدم حدوث هذا وخاف على ملكه ، رأينا المطاردة العنيفة المسبوقة بالتتبع الدقيقمن عيونه هذه المرة أيضا .

 

 يقول تعالي عن قارون: "إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ)( القصص 76 )

أي أن قارون كان من بني إسرائيل ولكنه بغي عليهم وخانهم فأصبح من ملأ فرعون، وحين جاءت دعوة موسي كان قارون في حزب واحد مع فرعون وآله ضد موسي وقومه.

وهذا يلغي قانون القرابة في الدين فالقرابة في حقيقتها تعتبر قرابة نهج وعقيدة وليست قرابة دين ، والتاريخ مليء بمئات الأمثلة التي تؤكد ذلك.

 وهذه الجزئية من المقال تؤكد حقيقة أخرى (ويذكر القرآن الكريم أن قارون اتخذ نفس الموقف مع فرعون فأشار مع هامان بقتل أبناء الذين آمنوا مع موسي . ولكن قارون ـ شأن كل خائن لقومه ــ آثر في الوقت العصيب أن يمسك بالعصا من منتصفها فلم يشترك في الحملة التي طارد فيها فرعون بني إسرائيل وموسي . أى ظل فى مصر تاركا سيده الفرعون يطارد بنى اسرائيل ثم يغرق فى البحر الأحمر بجنده وملئه).

وهذا ما ينطبق حرفياً على اللصوص في مصرنا العزيزة الآن،فهذا اللص يتنكر لمن ساعده في وقت الشدة ، ويتنكر لسيده الذي ساعده ولا يعمل إلا لمصلحته وفق قانون المصالح المتعارف عليه لديهم .

ولكن هل يا ترى سوف تكون نهاية هؤلاء اللصوص مثل نهاية أستاذهم الأكبر الذين ينهجون نهجه ؟؟ .

فليس هماك قانون " العرق " بدين الله ، فكما هو قارون من قوم موسى ، هناك الرجل الذي يكتم إيمانه من " آل فرعون " هو من آل فرعون قد آمن مع موسى ، وهناك " السحرة " الذين آمنوا مع موسى فهم من " آل فرعون " أيضاً ولو كان الأمر غير ذلك لكان قول فرعون للسحرة عن موسى بأنه " كبيرهم الذي علمهم السحر " فيه نظر ، أليس كذلك ؟؟

واستناد " المفسرين " على قول موسى في القرآن ( أن أدوا إلي " بني إسرائيل" ) يقابله أيضاً في القرآن ( أن أدوا إلي " عباد الله " ) فعباد الله هم بني إسرائيل الذي لا يعلم تعريفهم إلا الله سبحانه فهم موجودون من عهد نوح ( .... بني إسرائيل ذرية من حملنا مع نوح ..... ) والقول بأن نبي الله يعقوب هو إسرائيل فيه مغالطة كبيرة ومحاولة لتحريف الحقيقة لأن ذلك يعطي أن إبراهيم سلام عليه هو ليس من بني إسرائيل لأنه وكما يظن المفسرون ليس من أبناء يعقوب بينما يبين كتاب ربنا بأن الله سبحانه قد أعطى لإبراهيم ونوح الكتاب وجعل في ذريتهما الكتاب والنبوة الأمر الذي ينطبق على بني إسرائيل أيضاً

ولا ننسى أن " الأميين " هم أيضاً فئة من بني إسرائيل ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون )

أما القول بأن موسى سلام عليه الذي أرسله الله إلى فرعون وملئه لعلهم يتقون ، إنما جاء ليخرج بني إسرائيل من مصر ويعود بهم إلى فلسطين إنما يخالف أبسط آيات القرآن الذي تقول بأن الله يريد أن يمن على عباده ويري فرعون وهامان منهم ما كانوا يحذرون ، علماًبأن الله سبحانه قد وجه موسى والذين خرجوا معه هرباً من بطش فرعون وجنوده أن يتبوء هو وأخوه من مصر بيوتاً ويجعل بيوتهم " قبلة لهم " لأكبردليل على أن الله سبحانه وتعالى قد أمر موسى ومن آمن معه بالعودة للأرض التي أخرجوا منها واعداً إياهم بالنصر وإستخلاف الأرض ، فهل يظن البعض بأن موسى وهارون قد أخطؤوا بالتوجه للقبلة التي أمرهم الله بها وهي بيوتهم بمصر ؟؟!!

شكراً للأخت نورا الحسيني وعذراً على الإطالة

 

العملاء السريون لهم وجود في مصر منذ القدم ، فهم قدماء قدم فرعون مصر ،فهم عنصرأساسي في عصرنا هذا كنا نظن أنهم اختراع حديث أو من اختراع التتار أو الفرس أو الرومان  وما لحقهم ،ولكننا نراهم موجودون منذ القدم ، ويقومون بنفس الوظائف المنوط بهم القيام بها منذ القدم إلى يومنا هذا .

فسبحان من يعلم السر وما أخفى .

أحسبك يا سيدي تقصدني بتعليقك أو تقصد مداخلتي حين أشرت لما أسميتهم " العملاء السريون " ؟؟؟!!!

كلا يا سيدي فما ذكرته في مداخلتي السابقة إن هو إلا من صلب آيات كتاب ربنا العزيز ، وأبشرك يا أخي أن  " فرعون وملئه " قد أهلكخم الله وجعلهم أحاديث وعبرة لمن يعتبر ولم يعد لهم باقية ووجود، حتى يكون لهم " عملاء سريون إلى يومنا هذا ؟؟!! "

ونظرة منصفة لآيات القرآن المحكمات تبين لنا أن " نبي الله يعقوب سلام الله عليه وأبناءه لم يدخلوا مصر غازين ومفسدين بل دخلوا مصر آمنين بمشيئة الله وأكبر دليل على ذلك هو أن جعل الله نبي الله يوسف سلام عليه رسولاً إلى أهل مصر بلسانهم ليهديهم سواء السبيل بإذن الله ، فهل يعقل أن نظن أن رسولاً جاء لقوم ويكون بنفس الوقت " من أعدائهم "  فالعداوة بين " المصريين وأبناء يعقوب عداوة لا وجود لها في نص القرآن على الأقل

هذا ما بينه القرآن على لسان الرجل الذي يكتم إيمانه من آل فرعون في سورة غافر وشكراً