رغم الحظر.. ملايين الدولارات في خزائن «الشباب المجاهدين» بفضل إيران والإمارات

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢٩ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


رغم الحظر.. ملايين الدولارات في خزائن «الشباب المجاهدين» بفضل إيران والإمارات

وفقًا للعديد من المراقبين، فقد تعاونت إيران في القرن الأفريقي مع حركة «الشباب المجاهدين» الصومالية لتحقيق مصالح عدة لها مستغلة الفوضى في هذا البلد الأفريقي. فقد عكفت على تزويد مقاتلي الحركة بالأسلحة، كذلك أوصلت عبر الصومال أسلحتها لحلفائها في اليمن، مقابل تمرير الفحم الصومالي المهرب الذي در الملايين من الدولارات على الحركة عبر أراضيها، وفي ذلك لم تكن إيران وحدها التي تحدت حظر بيع الفحم الصومالي، إذ إن الإمارات أيضًا اشترت الفحم الصومالي الذي فضله مواطنوها مخترقة بذلك حظر الاستيراد الذي يمنع تمويل حركة الشباب.

المصالح الإيرانية في الصومال

فيما تمضي إيران بتعزيز نفوذها في القرن الأفريقي ككل، تركز في الصومال على ما يخدم مصالحها وهي لذلك لا تقصر جهدها على نشر الإسلام الشيعي في بلد الغالبية الساحقة من سكانه من المسلمين السنة، بل إنها عملت مع «حركة الشباب المجاهدين» الصومالية -المصنفة حركةً إرهابية- سرًا لسنوات عديدة مستغلة زيادة الفوضى في الصومال لزيادة قدرتها على كسب النفوذ.

 

 

جنود صوماليون يسيرون في قاعدة سانغوني العسكرية

فرغم فرض مجلس الأمن حظرًا على وصول السلاح للصومال منذ العام 1992، نقلت إيران للحركة –ذات الصلة بتنظيم القاعدة والتي تحاول الإطاحة بالحكومة الصومالية المدعومة من الغرب- أسلحة مقابل تسهيل حركة وصول الأسلحة لليمن الذي أصبح ميدانًا للمصالح الإيرانية عبر ليبيا، حيث ينقل السلاح الإيراني للحوثيون.

وقد تم في العام 2015 توقيف سفينة إيرانية اسمها «شاكر» محملة بأسلحة نوعية وسيارات مصفحة في أحد موانئ الصومال، كانت في طريقها إلى اليمن، وفي ديسمبر (كانون الأول) 2016، كشف النقاب عن وجود خط أنابيب للأسلحة يمتد من إيران إلى الصومال واليمن، يتم عبره نقل عدد كبير من الأسلحة الإيرانية إلى اليمن باستخدام المراكب الشراعية، حيث نقلت هذه المراكب كميات كبيرة من الأسلحة إيرانية الصنع من مخزونات الأسلحة في الأراضي الإيرانية، وقد تم تسليم هذه الأسلحة مباشرة للحوثيين من المراكب الشراعية بعد أن تم تفرّيغها في الصومال ونقلت إلى سفن أصغر لتهريبها إلى جنوب اليمن، وتحتوي هذه الشحنات على الآف من البنادق الهجومية من طراز «ايه.كيه -47» والصواريخ المضادة للدبابات وبنادق القنص وأنظمة أسلحة متقدمة.

كذلك يلعب الصراع بين حركة الشباب والولايات المتحدة الأمريكية دورًا في دعم هذه الحركة من قبل طهران التي نالت منها العقوبات الأمريكية كثيرًا، فمستقبل الصراع بين واشنطن وحركة الشباب آخذ في التزايد، مع استمرار تهديدات الحركة بشن هجمات قاتلة تستهدف المصالح الأمريكية في القرن الأفريقي، فما تزال الحركة قادرة على تنفيذ هجماتها النوعية ضد المصالح الأمريكية في المنطقة.

الدعم الإيراني لحركة «الشباب المجاهدين»

يمكننا تعقب سلسلة من الأدلة التي تظهر تعاون طهران مع حركة الشباب في عدة مجالات، بدءًا بما حدث في يوليو (تموز) عام 2013، حين كشفت الأمم المتحدة عن تلقي حركة الشباب أسلحة من بينها شحنات ناسفة بدائية الصنع وبنادق آلية من طراز «بي كيه إم» من شبكات لها علاقة بإيران، وصلت معظم هذه الشحنات إلى شمال الصومال ثم نقلت فيما بعد إلى الجنوب حيث معاقل الحركة.

ولمنع التعقب استخدمت إيران طرقًا وسماسرة مختلفة، كأن ترسل شحنات الأسلحة للحركة الصومالية عبر إريتريا التي تتمتع طهران فيها بنفوذ كبير، بل تتحدث بعض التقارير عن رصد مراقبي الأمم المتحدة لثلاث شحنات على الأقل منفصلة إلى مقاتلي اتحاد المحاكم الإسلامية في عام 2006، تتكون هذه الشحنات من المدافع الرشاشة، وصواريخ أرض جو وقاذفات القنابل.

وحسب تقارير للأمم المتحدة فقد عرضت إيران على مقاتلين صوماليين الانضمام إلى حزب الله مقابل حوافز مغرية، كأن تدفع لواحد منهم ألفي دولار، وفي حال قتل المقاتل تدفع ما بين 25-30 ألف دولار لعائلته، أما في حال عاد المقاتل إلى بلاده فسيحصل على راتب شهري قدره 100 دولار لفترة غير محددة من الوقت.

لكن ما حدث في سبتمبر (أيلول) 2017 كان أكثر خطورة، إذ كشف النقاب عن قيام حركة الشباب التي استولت على رواسب من اليورانيوم في منطقة غالمودوغ بنقل هذه المادة إلى إيران، أما آخر ما كشف عن علاقة التعاون بين إيران وحركة الشباب فكان هذا الشهر، حين أكد مراقبو الأمم المتحدة أن إيران أصبحت نقطة عبور لشحنات صادرات الفحم الصومالي. فجراء هذا التصدير الذي يدر على الحركة ما لا يقل عن 7.5 مليون دولار من الضرائب عند نقاط التفتيش أصبحت عائدات الحركة «أكثر تنوعًا جغرافيًا وأكثر منهجية» مما تحققه الحكومة الاتحادية في الصومال، وقد حظر مجلس الأمن الدولي صادرات الفحم من الصومال في عام 2012 في محاولة لقطع التمويل عن حركة الشباب.

ويذكر التقرير السنوي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن «الوجهة الرئيسية للشحنات، منذ مارس (آذار) الماضي، كانت موانئ في إيران حيث يغلف الفحم في أجولة بيضاء كتب عليها (منتج إيراني) وتستخدم الشحنات شهادات منشأ مزورة من جزر القمر وساحل العاج وغانا»، ويضيف المراقبون: «يعاد بعد ذلك تحميل الأكياس على زوارق أصغر حجمًا ترفع العلم الإيراني وتصدر إلى ميناء الحمرية بدبي في الإمارات باستخدام شهادات منشأ تشير إلى أن الدولة المصنعة للفحم هي إيران».

الإمارات أيضًا تشتري من حركة الشباب

لم تكن إيران وحدها -حسب تقرير خبراء لجنة العقوبات السابق– التي خرقت حظر استيراد الفحم الصومالي الذي يمول حركة الشباب، فالإمارات أيضًا لم تستجب «استجابة جوهرية» على حد وصف التقرير لقرار الحظر، بل إن التقرير قدر قيمة التجارة غير المشروعة للإمارات بنحو 150 مليون دولار سنويًّا معتمدًا في هذا التقدير على سعر كيس الفحم في الإمارات، البالغ 50 دولارًا.

وبذلك يبدو أن الإمارات لم تكتف بعلاقاتها مع الإقليم الانفصالي غير المعترف به دوليًا صوماليلاند (أرض الصومال) حيث كشف عن سعي الإمارات لبناء قاعدة عسكرية في مدينة بربرة التابعة للإقليم، وهي التحركات التي على إثرها خلقت أزمة بين أبوظبي والحكومة الصومالية الشرعية في مقديشو.

وتنقل الإمارات الفحم الصومالي عبر بعض السفن من موانئ جيبوتي إلى الإمارات باعتبار بلد منشأ الفحم هي جيبوتي، وليس الصومال، إذ كان الأكثر شيوعًا في طرق التهريب هو الاعتماد على مستندات مزيفة تظهر في ميناء الحمرية الإماراتي -وهو واجهة التصدير الرئيسية- أن منشأ الفحم هي جيبوتي.

ويؤكد تقرير فريق الرصد الأممي أن «تجار الفحم يقومون باستصدار مستندات الجمارك وشهادات المنشأ المزورة لتيسير الاستيراد غير المشروع للفحم الصومالي المهرب»، وينقل عن التاجر عبد الله دلمر قوله أن «السفينة الواحدة التي تنطلق من الصومال تحمل 30 ألف كيس من الفحم، والسفن التي تحمل البضائع إلى الصومال هي ذاتها التي تحمل الفحم الصومالي عند العودة إلى الإمارات».

من هم «الشباب المجاهدون»؟

ظهرت حركة الشباب المجاهدين في العام 2006، ذراعًا عسكريًّا لاتحاد المحاكم الإسلامية التي كانت تسيطر على مقديشو، وساهمت هذه الحركة -التي تحسب على التيار السلفي الصومالي- في مساندة الاتحاد خلال معاركه ضد القوات الحكومية المدعومة بقوات إثيوبية اضطرت إلى الانسحاب في نهاية 2008.

وتضم الحركة ما بين 5-9 آلاف مقاتل، بينهم صوماليون ومقاتلون أجانب قدموا من دول عربية ومن باكستان، وارتبطت الحركة سريًا بتنظيم القاعدة حتى 2009 حيث أعلنت الولاء في هذا العام للقاعدة بشكل رسمي، وهي الآن تظهر ولائها لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، ورغم أن الحركة الآن تسيطر على مساحات أقل من الأراضي بالمقارنة بما كانت تسيطر عليه سابقًا ورغم تراجع قوة الحركة بشكل كبير في السنوات الأخيرة إلا أنها لا تزال «قوة مميتة» حسب ما تؤكده بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان، وهو ما تزال قادرة على مواصلة زعزعة استقرار البلاد لسنوات قادمة.

وفيما يتعلق بمصادر تمويل الحركة فعبر شبكة نقاط تفتيش لا يستطيع سائقو الشاحنات تجنبها، تجني الملايين من الدولارات من تصدير الفحم، ويبلغ عدد مواقع إنتاج الفحم في الصومال 26 ألف موقع، فالعام 2017 وحده شهد إضافة 4 آلاف موقع في محافظتي جوبا السفلى وجوبا الوسطى الخاضعتين للحركة، حيث تفرض الضرائب على المركبات التي تمر في مناطق سيطرة حركة الشباب، وكذلك على الشركات وعلى الزراعة والماشية، وحسب مراقبي الأمم المتحدة فإن دفاتر حسابات الحركة تظهر تفاصيل الإيرادات أنها «تعرض نظامًا محاسبيًا معقدًا يحول عن طريقه المتشددون الأموال باستخدام نظم تحويل الأموال عن طريق هواتف المحمولة باستخدام شبكة هورمود تليكوم».

اجمالي القراءات 2512
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق