اجعلني على خزائن الأرض :
اجعلني على خزائن الأرض

أسامة قفيشة Ýí 2017-04-28


اجعلني على خزائن الأرض

بعد أن علم يوسف عليه السلام و أدرك يقيناً بقدوم سبع سنين من القحط , سارع بطلبه فقال ( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) , لعلمه بأن إخوته لا بد لهم من القدوم لتلك الخزائن طلباً للحبوب الغذائية التي لن يجدوها إلا هناك ,

و نحن نعلم بأن الجفاف و القحط لا بد له من ضرب كل الأراضي التي تسيطر عليها المملكة الفرعونية , و هذا دليلٌ آخر يثبت أن أرض كنعان كانت تخضع تحت سيطرتهم , فسيضربها القحط أيضاً مما سيدفع بإخوة يوسف للسفر طلباً للحبوب ,

و لعلمه و يقينه عليه السلام بحتمية قدومهم اختار هذا المنصب و هذا المكان الذي سيلتقيهم فيه لا محالة , و كان بانتظارهم هناك ( وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ) .

تلك الحبوب لا توزع مجاناً , و لا توزع إلا بإحصاء العدد الأسري لأفراد العائلة , كي لا يكون هناك أي إسراف في توزيعها لشح الحبوب و حرصاً و حفاظاً عليها كي تكفي البشر طيلة سنين الجفاف السبع ,

بعد أن طلبوا طلبهم و تم تجهيزه لهم كما طلبوا بناءاً على عددهم الأسري و عدم وفود أخاهم معهم و نقصان العدد الأسري , كان لزاماً عليهم بإثبات هذا العدد لذا قال لهم ( وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ) ,

من هنا كان موقفهم سيء و كأنهم يريدون حصة زائدة دون إثبات , فاستغل يوسف عليه السلام هذا الأمر و طالبهم بإثبات حقيقة هذا العدد الذي يطلبونه و إن لم يثبتوا ذلك فلا كيل لهم فقال ( فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ ) , و كل هذا تدبيراً و مكراً من عند الله جل وعلا ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) , و لم يعطهم الكيل الذي جُهّز لهم .

قلنا أن تلك الحبوب لا توزع مجاناً بل بثمنٍ و محاصصه , أي أنه لا يمكن لك من أخذ الكمية التي تريدها مقابل المال بل لا تأخذ سوى حصتك الفردية مقابل المال , و بما أن يعقوب عليه السلام و أبناءه كانوا في أرض كنعان التي لم يكن فيها مدائن بل كان أهلها بدواً يعيشون في قرى مترامية فهم لا يملكون المال كأهل المدائن , لذا أخذوا معهم بضاعتهم كي يستبدلوها بالحبوب بدل المال , أي بناءاً على مبدأ المبادلة لذا قال جل وعلا ( وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) فطلب يوسف من العاملين بوضع البضاعة التي جاؤوا بها في رحالهم و من إرجاع ما جاؤوا به ) , و تلك هي الغاية التي يمكن لأبيهم أن يصدق قولهم فيبعث معهم ذلك الأخ , و تكون الدليل الصادق على منعهم من الكيل .

و عاد هؤلاء الإخوة ( فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) , هنا لم يصدقهم يعقوب عليه السلام و ظن أنهم كاذبون و رفض الأمر ( قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) ,

و حين فتحوا رحالهم وجدوا بأن البضاعة التي ذهبوا بها كي يستبدلوها موجودة ( وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ) من هنا شعر يعقوب عليه السلام بصدق قولهم , و وافق على إرساله معهم بعد أن أخذ منهم عهدا و ميثاق ( قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) ,

و تستمر و تتوالى الأحداث و يأخذ يوسف عليه السلام أخاه , و يرجع الإخوة الأشرار إلى أبيهم و يخبرونه ما جرى معهم ,

ثم و بعد فتره من الزمن غير معلومة يطالبهم الأب بالذهاب و البحث عن يوسف و أخاه سوياً ( يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) , هنا يجب علينا الانتباه بأن هدفهم من الخروج هو من أجل البحث عن يوسف و أخاه و لكننا نلاحظ بأنهم أخذوا معهم بضائعهم من أجل أن يستبدلوها بالحبوب , فأول ما دخلوا على يوسف عليه السلام لم يسألوه عن أخاهم بل طلبوا الكيل بدلاً ببضاعتهم ( فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ) ,

و لكن عاجلهم يوسف عليه السلام ( قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ) كونهم غير آبهين لا بيوسف و لا بأخوة , فنحن لا ننسى كرهم و حقدهم لهما منذ الصغر ( إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) ,

فهم سعداء لتخلصهم منهما , و لا يودون رجعتهما أبداً .

هذا هو سبب اختيار يوسف عليه السلام و طلبه بأن يكون القائم على تلك الخزائن , كي يكون على انتظارٍ لهذا اللقاء , و كل شيء بأمر الله جل و علا و تدبيره , و لربما كان هذا الجفاف و القحط الذي استمر سبع سنين , كان الهدف منه التمهيد لهذا اللقاء , و لا ننسى بأن ذلك الأمر كان السبب أيضاً في خروجه من السجن .

 

سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا

سبحانك إني كنت من الظالمين 

اجمالي القراءات 8404

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (7)
1   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الجمعة ٢٨ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85897]

قصة يوسف عليه السلام و مبادئ في الإقتصاد


أحسنت أخي اسامه حفظكم الله .. لا شك أن قصة يوسف عليه السلام فيها من العظة و العبرة ما ينير الطريق لأي مسؤول عن بلد في مجال الإقتصاد بدءا من حسن الإختيار القوي الأمين و الحكمة و التدبير نلاحظ كما تفضلت أن مصر في ذلك الوقت كانت دولة حقيقية ببوابات دخول و إحصاء للأسر هذا الإحصاء بحد ذاته هو ( وزارة مستقلة أو هيئة مستقلة تعني بعملية مراقبة للتعداد السكاني و مستلزمات الحياة و ربما للأسعار و السلع ) .



نقطة و من أول السطر و من خلال التدبر يقف المتدبر إلى تساؤلات شتى فمثلا قول يوسف  عليه السلام لفتيانه : ( وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) فما هي هذه البضاعة التي أتوا بها من أجل المبادلة ؟ كذلك قول يعقوب عليه السلام لأبنائه : ( ( قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) فما هو الموثق هنا من الله ؟



إن سيناريو القصة برمتها روعة ما بعدها روعة في السرد القصصي و الإنتقال المكاني و الزماني للأحداث و النهاية الرائعة لهذه القصة التاريخية العظيمة و التي فيها من العبر ما فيها و من أسف أن تجد مصر اليوم تعاني من ثورة جياع قادمة - لا قدر الله - !! .



شكرا لجزيل تدبركم و كم نسعد بكم و بتدبركم و ما أجمل التدبر القصصي في قران ربي جل و علا .



2   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الجمعة ٢٨ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85900]

(( إنى حفيظ عليم ))


 



اهلا بك استاذ اسامه . وقراءة جميلة فى سورة يوسف وإعجازاتها المُتدفقة المُستمرة .اخى اسامه . اتفق معك فى بعض ملاحظاتك ،واختلف معك فى البعض الآخر .وما أختلف معك فيه الفكرة الأساسية التى بنيت عليها مقالتك هذه والتى تقول فيها أن سبب قول يوسف عليه السلام (إجعلنى على خزائن الأرض) هو  ((لعلمه بأن إخوته لا بد لهم من القدوم لتلك الخزائن طلباً للحبوب الغذائية التي لن يجدوها إلا هناك )).  ثم إختتمت مقالتك بالتأكيد عليه فتقول (((هذا هو سبب اختيار يوسف عليه السلام و طلبه بأن يكون القائم على تلك الخزائن , كي يكون على انتظارٍ لهذا اللقاء , و كل شيء بأمر الله جل و علا و تدبيره , و لربما كان هذا الجفاف و القحط الذي استمر سبع سنين , كان الهدف منه التمهيد لهذا اللقاء , و لا ننسى بأن ذلك الأمر كان السبب أيضاً في خروجه من السجن ))



  ومن رأى انه رأى جانبه الصواب ..



لماذا ؟؟



  لأن القرآن الكريم ذكر السبب والعلة مُباشرة ،وواضحة وجلية فى قوله (( إنى حفيظ عليم )) . فهذه هى المقومات  والمؤهلات الأساسية والوحيدة التى أهلته  لأن يطلب ذلك المنصب كوزير للمالية ،او التموين فى ذاك الوقت ... وحينما يتحدث القرآن عن السبب فلا مجال لنا أن نتخيل اسبابا أخرى من عندنا ،ونبنى عليها فهمنا للموضوع  . اما بقية احداث قصة يوسف الإيجابية مع إخوته وابيه يعقوب عليه السلام  بعد ذلك فهى نتيجة مُترتبة على أزمة المنطقة الإقتصادية



.... المُهم والخلاصة فى طلب يوسف (إجعلنى على خزائن الأرض )) لأنه ... (( حفيظ عليم ))    وليس لتمكينه من مقابلة إخوته ...



وما لا اتفق معك فيه نهائيا  قولك (((, و لربما كان هذا الجفاف و القحط الذي استمر سبع سنين , كان الهدف منه التمهيد لهذا اللقاء ,)))



فهل تعتقد أن المولى عزّوجل اللطيف الرحيم الرزاق يُصيب الناس فى ((مصر وسوريا ولبنان وفلسطين والسودان  وربما العراق )) بكوارث فى ارزاقهم وبالجوع والقحط والجفاف لكى يكون سببا فى أن يلتقى يوسف بإخوته ؟؟؟؟  



اعتقد لا .وتفسير غير مُقنع على الإطلاق .



وأعتقد أن السبب كان يعود لفيضان النيل أو جفاف النيل ، و كان هذا يحدث فى مصر حتى قبل بناء السد العالى .

  تحياتى



3   تعليق بواسطة   أسامة قفيشة     في   السبت ٢٩ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85904]

شكراً لك أخي الأستاذ سعيد علي


بالنسبة للتساؤلات حول ماهية و نوعية تلك البضاعة , فلم يرد لنا توضيحاً من الله جل وعلا عن نوعيتها , و اكتفى بالقول أنها ( بضاعة ) و لتكن ما تكون من أنواع البضائع المختلفة ,



أما بالنسبة للموثق فهو من الميثاق أي العهد الثابت الذي لا رجعة فيه ,



فالشكر الجزيل لك أخي الكريم على تفاعلاتك و ثناؤك . 



4   تعليق بواسطة   أسامة قفيشة     في   السبت ٢٩ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85905]

أحسنت د . عثمان و أقول


أشكر لك تلك النقاط التي أثرتها في مداخلتك , فالمقال ما هو إلا طرحاً للنتيجة بشكل سريع و مقتضب للغاية و توضيحها دون التطرق في التفصيلات التي دفعتني لقول هذا و كيفية التوصل لتلك النتيجة ,



و التي استخلصت منها السبب الذي دفع يوسف عليه السلام للمطالبة بهذا المنصب تحديداً ,



كما تعلم و يعلم الجميع أنه يجب علينا الإلمام بجميع القضايا المتعلقة بأي موضوع لتدبره و البحث فيه , دون إغفالٍ لأي لفظٍ أو أي إشارة وردت في الكتاب الكريم , و مدلولاتها و موضعها و النقاط المتحولة في السرد و التي تلفت الانتباه بشكل كبير و خصوصاً في تدبر القصص ,



و لننظر سوياً في قوله جل وعلا ( وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) 54-55 :



( فَلَمَّا كَلَّمَهُ ) أي بشكل مباشر وجهاً لوجه , و هذا تم بعد أن أثبت يوسف عليه السلام أهليته في الميدان العملي بتأول الرؤية للملك , و نحن نعلم جيداً بأن المتقدم لأي وظيفة أو منصب يجب أن تتوفر فيه الشروط و المؤهلات التي تؤهله للقيام بهذا الواجب , و لحسن التأويل الذي طرحه يوسف عليه السلام و كلنا يعلم بأن منصب التأويل هو الذي يختص به يوسف عليه السلام و ليس منصب المالية و التموين و إدارة تلك الأزمة ( يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ) ,



لذا نلاحظ بأن هذا الملك الحكيم قال ليوسف ( إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ) , هذه هي الوظيفة المناسبة التي رآها الملك ليوسف عليه السلام , هذه الوظيفة تختص بالمشورة أي هي توازي اليوم وظيفة ( أمين سر الرئاسة ) أو ( مستشار الرئيس الخاص ) و هذا مستنتج من قول الملك ( أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ) ,



و لكن نلاحظ بأن يوسف عليه السلام رفض هذا الأمر و هو اختصاصه و مبلغ علمه , و سارع بالطلب بأن يكون في المنصب الذي يمكنه من لقاء إخوته ( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) , فيوسف عليه السلام لم يرد لنا بأنه كان ملماً و مؤهلاً لتولى هكذا منصب , و لكنه برر للملك بأنه قادرٌ على ذلك بقوله ( إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) ,



السؤال هنا كيف أستطاع يوسف علية السلام من قول هذا و على ماذا استند في قوله بأنه حفيظ عليم , ( حفيظ ) أي أمين و مؤتمن و لا شك في هذا الأمر فكل إنسانٍ يعلم نفسه إن كان كذلك أم لا , و يستطيع الجزم بهذا الأمر , المشكلة تكمن في قوله ( عليم ) أي أنه يعلم كيف يدير هذا المنصب على الوجه التام فهنا يكمن التساؤل , و لنسأل أنفسنا , هل أخبر يوسف عليه السلام هذا الملك و أعلمه بأنه نبيٌّ من عند الله ؟ الجواب لا ,



ماذا يعني أن يوسف عليه السلام نبيُّ الله جل وعلا ؟ الجواب أنه مؤيد بوحي التوجيه و الإرشاد , إذا انتهى الإشكال , فهو على يقين بأن الله جل وعلا سيوجهه و يرشده في أي مجال , لذا اختار هذا المنصب دون سواه .



5   تعليق بواسطة   أسامة قفيشة     في   السبت ٢٩ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85906]

بالنسبة للجفاف و القحط


أما بالنسبة للهدف من هذا القحط و الجفاف , فنحن بلا شك نؤمن بالابتلاء و المصائب و نعتبرها من الحتميات التي تصيب الناس , و هذا أمر الله جل وعلا و حكمته ,



و الآيات التي تتحدث عن هذا كثيرة , و للتذكير أذكر منها قوله جل وعلا ( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) فما يصيب الناس من خير أو شر هو من تدبير الله جل و علا و ما كتبه على الناس من ملاقاة ذلك ,



و قوله ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) كل هذه الأمور هي من الحتميات التي يديرها العليم الحكيم و يسير بها الكون ,



و قوله ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) , فالخير و الشر هو ابتلاء من عند الله جل و علا يصيب الناس بشكل عام , بل نلاحظ بأنه جل وعلا قد قدم الشر على الخير فيما يصيب الناس , كل الناس دون استثناء لورود ( نبلوكم ) أي جميعاً ,



و قوله ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) , و الناس تعني كل الناس دون تخصيص .



و لا علاقة لفيضان النيل و جفافه في موضوع القحط و الجفاف الذي حصل , فلو أن هذا صحيح لما وصل الجفاف لجميع الأراضي التي كانت تحت سيطرة المملكة الفرعونية , و لما وصل أرض كنعان التي كان يسكنها يعقوب عليه السلام و أبناؤه , فلو كان النيل هو السبب لكان الجفاف محدوداً و مقتصر على المناطق التي يعبرها النيل . 



6   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   السبت ٢٩ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85909]

اهلا بك استاذ اسامه .


قول الملك ليوسف عليه السلام ... (( قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ *)) .لا تعنى انه عرض او تكليف بوظيفة . ولكنها تعنى  رسالة طُمأنينة مباشرة له مفادها . إبتداءا من اليوم لن يمسك سوء لا من الحاشية والملأ ولا من نسوة المدينة ، ولن تدخل السجن مرة اخرى .وقد اصبحت يا يوسف آمنا على نفسك .واصبحت تحت حمايتى المُباشرة ، ((وخاصة انه خارج من السجن  ،وبالتأكيد كان خائفا من أن يعود إليه مرة اخرى سواء لإكمال العقوبة ،أو لأى سبب آخر)) .....



اما الوظيفة فيوسف عليه السلام هو الذى طلبها بنفسه  لإيمانه  بقدرته ((من خلال مؤهلاته  وكفاءته وثقته فى المولى عزّوجل ،ومن خلال تعليمه  فى بيت العزيز الذى تربى فيه صغيرا إلى أن دخل السجن شابا يافعا .))على تطبيق التوزيع العادل والآمن للثروة الغذائية الموجودة خلال سنوات القحط والجفاف والعبور بالدولة المصرية وما حولها إلى بر الآمان .



وهذا يقودنا إلى نقطة جوهرية .. انه من الواجب ،ومن الضرورى ،ويكاد يصل إلى درجة الفرض  .أن يعرض اصحاب الخبرات والكفاءات انفسهم على ولاة الأمر حين الكوارث وتعرض البلاد للخطر لشغل المناصب التى تُنقذ البلاد والعباد لكى لا يُسألوا عن تقاعسهم وصمتهم امام الله يوم القيامة ...



-- اما موضوع جفاف نيل مصر وقتها او فيضانه وتأثيره على البلاد المجاورة . فهذا طبيعى .. وانظر مثلا .ماذا لو حدث الآن  جفاف فى روسيا وأوكرانيا وامريكا مثلا ، فهل لن تتأثر به بلاد العالم كله ؟؟؟



بالتأكيد الجميع سيتأثرون به ،وربما يصل فى بعض المناطق إلى حد المجاعة .



تحياتى . ويوسف عليه السلام لم يطلب الوظيفة علشان يقابل إخوته ، ولكن لكى يُقر عدالة التوزيع فى وزارة المالية والتموين ... هههههه



7   تعليق بواسطة   أسامة قفيشة     في   السبت ٢٩ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85911]

أهلا بك مرةً أخرى د عثمان


لك كل الحق في تبني الفكرةِ التي تريدها أنت و بأن تضع في مخيلتك ما تشاء , و لك الحق في طرح و مخالفة ما قدمته أنا هنا ,



و لكن ألا ترى بأنك تفتقد للحجة و البرهان , و لا دليل يساندك في تخيلاتك ,



و ألا ترى أيضاً إصرارك في الرفض بعد أن بينت لك تلك البينات و البراهين ,



و ألا ترى رفضك القاطع الذي قطعته بعدم الاتفاق بما طرحته حول قضية الجفاف و القحط , و تناسيت حضرتك إيماننا بالحتميات التي تصيب الناس , برفضك حدوث مثل هذا الأمر و استهجانك له ,



و بالنسبة لما أوردته حضرتك بأن (مَكِينٌ أَمِينٌ ) لا تعني توظيف , فيبدو بأنك قد تجاهلت ( أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ) مرةً أخرى , و عللت هذا بقولك :



( إبتداءا من اليوم لن يمسك سوء لا من الحاشية والملأ ولا من نسوة المدينة ، ولن تدخل السجن مرة اخرى .وقد اصبحت يا يوسف آمنا على نفسك .واصبحت تحت حمايتى المُباشرة ، ((وخاصة انه خارج من السجن  ،وبالتأكيد كان خائفا من أن يعود إليه مرة اخرى سواء لإكمال العقوبة ،أو لأى سبب آخر ) ...



و هنا أقول بأنك قد تناسيت مجدداً بأنه عليه السلام لم يقبل الخروج من السجن إلى بعد إعتراف النسوة و زوجة العزيز بالحقيقة , و هذا ينفي خوفه الذي تدعيه , و ينسف التعليل الذي تفضلت به من أساسه ,



و أما قولك بأنه عليه السلام قد تعلم تلك الأمور في بيت العزيز فهذا هو الخيال بعينه , و لا يوجد أي مؤشر نستدل به على هذا الأمر ,



تحياتي مع إصراري بأن يوسف قد طلب تلك الوظيفة كي يقابل إخوته .



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-04-09
مقالات منشورة : 196
اجمالي القراءات : 1,414,932
تعليقات له : 223
تعليقات عليه : 421
بلد الميلاد : فلسطين
بلد الاقامة : فلسطين