ذي نيويوركر»: هجوم مسجد سيناء دليل جديد على فشل «السيسي»

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٩ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


ذي نيويوركر»: هجوم مسجد سيناء دليل جديد على فشل «السيسي»

ذي نيويوركر»: هجوم مسجد سيناء دليل جديد على فشل «السيسي»

تعد شبه جزيرة سيناء في مصر منطقة برية من الصحارى والجبال يقارب حجمها ولاية فرجينيا الغربية، وتشتهر بتاريخها المقدس، والحياة القبلية البدوية، ومنتجعات البحر الأحمر.

لكن الآن، بعد أن هُزم تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا، تكتسب شبه الجزيرة، التي تربط أفريقيا وآسيا، سمعة سيئة، أيضا، كأهم خط مواجهة في الشرق الأوسط ضد الجماعات الجهادية، بما في ذلك تنظيم الدولة، وأحد فروع تنظيم «القاعدة»، وبعض الخلايا الأصغر.

ومنذ عام 2013، عرقل الإرهاب بشكل متزايد الحياة في مصر، وخاصة في سيناء.

وشهدت المناطق النائية المصرية أكثر من 1700 هجوم على مدى الأعوام الأربعة الماضية، وفقا لما ذكره «معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط» في واشنطن.

وأعلن تنظيم «ولاية سيناء»، فرع تنظيم «الدولة الإسلامية»، مسؤوليته عن 800 منها.

وتركزت تلك الهجمات على عناصر الأمن والشرطة في سيناء، لكنها زحفت، في الآونة الأخيرة، إلى مناطق قرب العاصمة القاهرة، واستهدفت المزيد من المدنيين.

وأثناء صلاة الجمعة الماضية، نفذ أكثر من 20 متطرفا أعنف هجوم إرهابي في التاريخ المصري الحديث.

وقد أدى هذا الهجوم النوعي، الذي شمل إطلاق قنابل داخل مسجد صوفي، ثم إطلاق النار من الخارج على المصلين أثناء فرارهم، إلى مقتل أكثر من 300 وإصابة العشرات، في بلدة «بئر العبد» بمحافظة شمال سيناء (شمال شرقي مصر).

وتجاوز عدد القتلى عدد ضحايا تفجير طائرة شركة «متروجت» الروسية عام 2015، التي انفجرت بعد وقت قصير من إقلاعها من أحد مطار شرم الشيخ الدولي في سيناء؛ ما أسفر عن مقتل 224 شخصا.

ويعد الهجوم على المسجد الأحدث من بين عديد التحديات التي تواجه الرئيس «عبد الفتاح السيسي»؛ حيث تتجه مصر نحو الانتخابات في العام المقبل.

ورغم خبراته العسكرية، لم يتمكن «السيسي» من حماية شعبه أو حتى قواته الأمنية. وقتل ما يقرب من 1000 ضابط شرطة وجندي جيش أثناء محاربة الجماعات المسلحة في الأعوام الأربعة الماضية.

وعلى الرغم من وضع صورة وجهه، فيما يشبه الطقوس، على مغلفات الحلوى والقمصان واللوحات الإعلانية، لم يحل «السيسي» سوى القليل من المشاكل التي أصابت مصر منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

عجز.. على كل الجبهات

وفي العام الماضي، حذر الزميل في برنامج السياسة الخارجية بـ«معهد بروكينغز»، في تقرير للمعهد، من أن «السيسي» جاء إلى السلطة «في صفقة استبدادية كلاسيكية، واعدا بالأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي، مقابل السيطرة السياسية شبه الكاملة. لكن الآن، هذه الصفقة في طريقها إلى الانهيار؛ لأنه فشل في تحقيقها على جميع الجبهات الثلاث؛ فالبطالة تمددت بين الشباب المصري، حيث وصلت إلى أكثر من 30%، ما يمثل قنبلة موقوتة، كونهم مخزون التجنيد لدى الجماعات الجهادية».

وسياسيا، أصبح نظام «السيسي» أكثر استبدادية.

وعلى الرغم من أن الرئيس «دونالد ترامب» حليف وثيق، إلا أن أحدث تقرير عن حقوق الإنسان في وزارة الخارجية الأمريكية انتقد الحكومة المصرية على «الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن، وأوجه القصور في الإجراءات القانونية الواجبة، وقمع الحريات المدنية، ويشمل الاستخدام المفرط للقوة عمليات التعذيب والقتل خارج إطار القانون».

كما حظرت القاهرة بشكل فعال الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وعذبت المحتجزين، وقمعت حرية التعبير، ومارست التمييز ضد المسيحيين الأقلية في مصر، وفقا لما ذكرته منظمة «هيومن رايتس ووتش» هذا العام.

وكانت التوترات الداخلية أكثر وضوحا في سيناء؛ حيث شعرت القبائل منذ فترة طويلة بالتهميش سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من قبل الحكومة المركزية في القاهرة.

ويُقال إن البعض في سيناء يشعرون حتى بالحنين للاحتلال الإسرائيلي، الذي كان بين حرب 1967 وعودة سيناء إلى مصر عام 1982، كجزء من عملية سلام كامب ديفيد.

وتحولت الآن حملة من أجل مزيد من الحكم الذاتي القبلي في سيناء إلى تمرد.

وفي الربع الأول من عام 2017، سجل «معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط» أكثر من 130 هجوما في شمال سيناء. والعديد من المناطق الآن هي مناطق عسكرية مغلقة؛ حيث يعيش السكان تحت حظر التجول.

وتعكس استراتيجية «السيسي» نهج الغرب تجاه التطرف؛ حيث تقتصر الوسائل على السجن وإطلاق النار والقصف وقتل الأتباع، مع الأمل في أن يتم القضاء على أيدولوجيتهم أو فقدان مصداقيتهم في هذه العملية.

وعلى غرار القادة العسكريين الذين سبقوه في الرئاسة المصرية، وجه «السيسي» الكثير من المساعدات الخارجية التي يتلقاها، بما في ذلك جزء كبير من المساعدات الأمريكية، إلى جهازه الأمني.

كما اشترت مصر غواصات وطائرات مقاتلة محدودة الاستخدام ضد عصابات المتطرفين. ونادرا ما يكون علاج التطرف هو القوة الوحشية وحدها.

وفي عام 2014، أعلنت مصر حالة الطوارئ في سيناء. (تم تمديدها لتشمل البلد بأكمله في أبريل/نيسان الماضي).

وفي حملة انتقدتها منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، تم تطهير المناطق الحدودية في سيناء. وقد دمرت المنازل وأحيانا قرى بأكملها. وقد دمرت الأنفاق التي تدعم التهريب التجاري الذي تشتهر به سيناء.

وقالت «هيومن رايتس ووتش»: «في شمال سيناء، ارتكب الجيش انتهاكات جسيمة، من المحتمل أن تكون قد شملت عمليات قتل خارج نطاق القانون، في حملته ضد أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية، الذي استهدف مقاتلوه متعاونين مدنيين ومسيحيين مشتبه فيهم حتى الموت». ويدعي الجيش المصري أنه قتل ما يقرب من 3 آلاف جهادي في سيناء.

خارج السيطرة

لكن في الواقع، أصبح الجهاديون في سيناء أكثر عدوانية وتطورا في إرهاب السكان المحليين. وكان الهجوم على المسجد الصوفي مثال على ذلك.

وعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية، استهدف المتطرفون في سيناء قوات الأمن إلى حد كبير. والآن، يهاجم الجهاديون، الصوفيين الذين يعتبرونهم مبتدعين.

وقد بدأ تصاعد التمرد المحلي من المطالبة بالحكم الذاتي إلى تحدي الدولة المصرية وزعيمها، مع ما يترتب على ذلك من آثار على (إسرائيل) المجاورة والسلطة الفلسطينية، من الشرق، وعلى الفوضى في ليبيا في الغرب، وأوروبا في الشمال.

ويقول تقرير عن ولاية سيناء»، أعده مركز «وودرو ويلسون»، إن «المقاتلين الأجانب، الذين يأتون إلى حد كبير من ليبيا والمغرب وأوروبا، قد هاجروا إلى سيناء ليشكلوا 80% من القوة القتالية لولاية سيناء بحلول منتصف 2017».

ويوم الاثنين، كتب البريطاني «تشارلز ليستر»، الخبير في شؤون الجماعات المسلحة بـ«معهد الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، أن القوة النارية الثقيلة في مصر ربما منعت تنظيم الدولة من السيطرة على الأراضي، «ولكن استراتيجية الأرض المحروقة هذه تسببت أيضا في نزوح المدنيين على نطاق واسع، وتدهور الظروف المعيشية في سيناء بشكل متزايد».

وتابع «ليستر» قائلا: «قد لا يكون تنظيم الدولة حاضرا على الأرض بسبب هذه التكتيكات العسكرية، لكنه بالتأكيد لن يختفي بسببها».

ويذكرنا الوضع المصري بتجربة الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان. وتحتفظ القوات المصرية بقواعد عسكرية، وتضع نقاط التفتيش، وتقوم بدوريات دورية في قوافل مدرعة، لكنها لا تستطيع السيطرة على معظم المناطق الريفية. وقد يكون «السيسي» هو الرجل الأقوى بين حكام أكثر من 20 دولة عربية. لكن استراتيجيته في سيناء، غير مجدية حتى الآن.

اجمالي القراءات 1746
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق