الجهاد الأنثوي وسيلة لاستقطاب المقاتلين الجدد داعش يستخدم المرأة كمادة في خطابه الدعائي لكسب مزيد

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٠٦ - مارس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


الجهاد الأنثوي وسيلة لاستقطاب المقاتلين الجدد داعش يستخدم المرأة كمادة في خطابه الدعائي لكسب مزيد

 
الجهاد الأنثوي وسيلة لاستقطاب المقاتلين الجدد
داعش يستخدم المرأة كمادة في خطابه الدعائي لكسب مزيد من المقاتلين، ويطرح نفسه مدافعا عن المرأة بدعوته إلى فك 'أسر الحرائر' في معتقلات الأنظمة.
العرب جاسم محمد [نُشر في 06/03/2015، العدد: 9848، ص(6)]
 
المرأة 'الجهادية' متعددة الوظائف تنقسم أدوارها بين المهمات الميدانية والدور الإعلامي
 
لطالما أثارت ظاهرة التحاق النساء والفتيات القاصرات بالتنظيمات الجهادية المتطرفة في سوريا والعراق، عددا من الأسئلة حول الأسباب التي يمكن أن تدفعهن إلى المجازفة والالتحاق ببؤر الصراع التي تستوي فيها نسب الموت بنسب الحياة. ظاهرة فاقمت الأخطار الإرهابية، بعد أن أضحت أمرا واقعا يهدّد سلامة البلدان (حتى الغربية) من الداخل قبل الخارج.

واصلت وسائل الإعلام البريطانية والدولية اهتمامها بفشل الاستخبارات البريطانية في تعقّب ثلاث فتيات بريطانيات أقدمن على السّفر من مطار Gatway إلى إسطنبول (تركيا)، ثم توجّهن إلى سوريا. وقد وجّهت عائلات الطالبات، نداءات مؤثّرة إلى بناتهنّ للعودة إلى بيوتهن.

وغادرت الفتيات اللاّتي تربطهن علاقة صداقة وهنّ كل من؛ خديجة سلطانة(17 عاما) وشميمة بيغوم (15 عاما) وأميرة عباسي (15 عاما)، منازلهن في شرق لندن نهاية شهر فبراير الماضي، وسافرن على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية التركية إلى مدينة إسطنبول التي باتت تمثّل معبرا “للجهاديين”الغربيين المتّجهين إلى سوريا.

وقالت الشرطة البريطانية إنّ الطالبات الثلاث، تبعن صديقة لهنّ كانت قد ذهبت في ديسمبر 2014، إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم “داعش”. وسبق أن أعلنت الاستخبارات البريطانية الداخلية (MI5) الكشف عن خلية إرهابية، في 18 يناير الماضي، في مدينة “ليستر البريطانية“ تابعة لتنظيم القاعدة تموّل نشاطات إرهابية، وفق تقرير نشرته صحيفة “الأوبزيرفر”. وأضاف التقرير أنّ “مهمة الجهاديات البريطانيات هو التحريض على الإرهاب فيالمملكة المتّحدة”، وذلك وفق ما كشف عنه المركز العالمي لدراسة الراديكالية في جامعة “كينغز كولديج في لندن“ والذي استطاع التعرف على مجموعة مؤلفة من 30 بريطانية تسكن في شمال سوريا.

وبمتابعة الأسباب الكامنة وراء تركيز التنظيم على النساء، تبيّن أنّهنّ يتمتّعن بطاقة تأثير إعلامي كبيرة تساعد التنظيم على استقطاب المقاتلين والمقاتلات الجدد.

وقد كشفت تقارير استخباراتية عن وجود شبكة نساء سلفيات ينشطن على الشبكة العنكبوتية وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي. وكشفت التحقيقات أيضا أنّ النساء يلتحقن تحديدا بالتنظيم في سوريا وربما العراق، لأسباب لا تتعلق بالدين، بقدر ما تتعلّق بارتباط البعض منهن بشباب من مقاتلي التنظيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

الكثير من النساء المقتنعات بالفكر السلفي يشرفن على بعض مواقع الإنترنت المتشددة التي تدعو إلى القتال

ولطالما مثّل استقطاب عائلات وأفراد جدد من مختلف أنحاء العالم إلى سوريا هدفا رئيسيا لدى تنظيم “داعش”، ولم يكن أبدا نتيجة عرضية.

وهو ما ينبئ بتغيّر نوعي في أهداف ووسائل الجماعات “الجهادية”؛ فهي تعمل على إحداث تغيير جغرافي وديموغرافي وخرق للنسيج الاجتماعي وأصوله في المناطق التي تتمّ السيطرة عليها، أي تهجين المنطقة وتصنيفها على أساس الدين والعقيدة والمذهب.

وذكرمركز أبحاث بريطاني أنّ عدد النساء اللائي غادرن الدول الغربية للالتحاق بتنظيم “الدولة الإسلامية”، فاق الـ 500 إمرأة من أصل 3 آلاف شخص غادروا لنفس الغاية.

وقال معهد الحوار الاستراتيجي إنّ النساء ذهبن باعتبارهن زوجات وأمهات ومدرسات وممرضات لأنه يحظر عليهن الانضمام للقتال.

كتائب خاصة بالنساء

اعتمد تنظيم داعش سياسة استقطاب النساء، وخاصة العازبات منهنّ، لغرض تزويجهنّ من المقاتلين، بعد فضائح وفتاوى جهاد النكاح التي راجت حول التنظيم في سوريا.

وقد كشفت الاستخبارات الغربية عن أعداد من النساء الأوروبيات من ألمانيا والنمسا وفرنسا ودول أوروبية أخرى، كنّ ينوين الالتحاق بـ”الجهاد” في صفوف “داعش” بعد إعلانه عن تشكيل كتيبة “الخنساء”، الخاصة بالنساء، وهي سابقة “جهادية” تعدّ الأولى من نوعها، أن تشارك النساء في القتال ميدانيا.

وكانت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية قد كشفت في تقرير لها، صدر في 3 سبتمبر 2014، عن قيام “داعش” بتأسيس كتيبتين للنساء، تحمل الأولى اسم “الخنساء” والثانية اسم “أم الريحان” ومهمتّهما الأساسية هي القيام بتفتيش النساء على الحواجز وشرح “تعاليم الإسلام للنساء وتوعيتهن بكيفيّة التّقيّد بها”.

 
جان بيير فيليو: الغسيل الأيديولوجي أبرز أساليب التجنيد للشباب والقاصرين والقاصرات
 

وأفاد حقوقيون سوريون بأنّ تنظيم “الدولة الإسلامية” فتح مكتبا خلال شهر يوليو 2014 في شمال سوريا، يتيح للأرامل والنساء غير المتزوجات تسجيل أسمائهن للزواج من مسلّحي التنظيم.

ووفقا لتقرير نشرته وكالة رويترز يقع مقر المكتب في بلدة الباب، شمال شرق حلب، وسبق أن وردت تقارير أشارت إلى أنّ مقاتلي “داعش” يبحثون عن زوجات أو يُجبرن النساء على الزواج منهم في مناطق خاضعة لسيطرة التنظيم.

شهدت الدول الأوروبية التحاق عدد من شبابها بـ”الجهاد” في سوريا. وتقول كلاوديا دنتشيكن، الخبيرة في قضايا التطرف الإسلامي في برلين،”إنّ المثير في الأمر هو وجود مجموعات نسائية نشيطة جدا داخل المحيط السلفي”.

وتضيف دنتشيكن أنّ “الكثير من النساء المقتنعات بالفكر السلفي يقمن بالدعاية ومساعدة الرجال في الأمورالتنظيمية ويشرفن أيضا على بعض مواقع الإنترنت المتشددة التي تدعوإلى القتال”.

وحسب دنتشيكن فإن هؤلاء النسوة يحرصن على نشر مقاطع فيديو على شبكة الانترنات تتضمّن تصريحات ونشاطات المُقاتلين. وقد أثار سفر فتاة ألمانية لا تتعدى الـ 16 عاما إلى سوريا خلال أبريل 2014، والتحاقها بالمقاتلين”الإسلاميّين” الكثير من الجدل داخل ألمانيا، خصوصا في ظل تزايد نسبة الفتيات اللائي أصبحن يغادرن بمفردهن إلى سوريا لتقديم الدعم للمقاتلين هناك.

وقد كتبت الفتاة الألمانية سارة رسالة لصديقاتها بمجرد وصولها إلى سوريا جاء فيها “أنا الآن لدى القاعدة”، بعد ذلك كتبت طالبة الثانوية، على مواقع التواصل الاجتماعي “نقدم الدعم لأزواجنا في القتال ونلد مقاتلين”.

ويقول دافيد طومسون، مؤلف كتاب ‘الفرنسيون الجهاديون’، إنّه “ليس هناك صورة واحدة ‘للجهاديين’ الفرنسيين، إلاّ أنّه أشار بالمقابل إلى أنّ هناك نقطة مشتركة بينهم تتمثّل في العودة إلى الإسلام أو اعتناقه مؤخّرا”.

ويكشف تقرير صدر عن مركز الوقاية ضدّ الطائفية المتعلّقة بالإسلام -الّذي حلّل حالة 55 عائلة- أنّ هذه الظاهرة ليست حكرا على الشباب الّذي يعاني من مشاكل اجتماعية وعائلية فحسب بل إنّ “عددا كبيرا من بين الملتحقين بالتنظيمات المُتشدّدة ينتمي إلى طبقات اجتماعية متوسّطة أو عليا”.

أما، جان بيير فيليو، الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس، فقد كشف بدوره عن تفاوت في ملفات “الجهاديين”، الذين ينحدرون من فئات مختلفة هي: أسر ملحدة وكاثوليكية ومسلمة، مفكّكة أو متماسكة، مندمجون في المجتمع أو منبوذون، من الضواحي أو من المدن، لافتا إلى أنّ الغسيل الأيديولوجي يُعتبر أحد أبرز أساليب التجنيد الّذي يدفع بأعداد الشباب والقاصرين والقاصرات إلى تبنّي هذا “الفكر” والأيديولوجيا الّتي تزداد نشاطا مع استمرار الفوضى والصّراعات في المنطقة، وأبرزها في سوريا.

وهنالك إجماع بين مراكز الدراسات والاستخبارات على أن الجماعات المتطرفة أصبحت أنشط “أيديولوجيا”، وهذا يبرهن النظرية التي تقول لا يوجد حسم عسكري مع التنظيمات “الجهادية” رغم ضرورته.

 
500 إمرأة أوروبية غادرن بلدانهن للالتحاق بالجماعات الجهادية
 

البحث عن الهوية

حسب المكتب الاتحادي لحماية الدستور في ألمانيا، فإن هؤلاء “الجهاديين” يرفضون الاندماج في المجتمعات الأوروبية، ويتركزون بشكل خاص في مدن “مثل كولونيا ودوسلدورف وبوخوم وفوبرتال وزولينغن”، كما تعتبرمدينة بون أحد معاقل السلفية في ألمانيا وكذلك مدينة فرانكفورت، حيث تمثّل معقل للسّلفيّين في البلاد، ويتمتّع هؤلاء بعلاقات واسعة مع شبكات مسلّحة متطرّفة تدار في مصر وسوريا واليمن والعراق وأفغانستان ودول أخرى.

وقد سبق لرئيس مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية في ألمانيا، أن صرّح بأنّ بلاده ليست مهدّدة من قبل الإرهاب الدولي فحسب، ولم تعد ممرا للإرهابيّين، بل أصبحت تشكّل بدورها مسرحا لعمليات الإرهاب التي يقوم بها متشدّدون وفق دوافع دينية.

هانز جورج ماسين، رئيس مكتب حماية الدستور في ألمانيا، يقول بدوره إنّ السّفرإلى سوريا للالتحاق بالمقاتلين المتشدّدين هناك لم يعد يقتصر على النساء المتزوجات فحسب، بل أصبح يشمل أيضا الشابات العازبات، مؤكدا أنّهن يقمن بذلك “انطلاقا من قناعتهن الشخصيّة”.

وقد لوحظ هذا التوجه أيضا في بريطانيا، وفق تقرير صدر حديثا عن “المركز الدولي لدراسة التطرف” أفاد بأن عدد البريطانيات اللائي يسافرن إلى سوريا في تزايد، حيث يتزوجن هناك بمقاتلين تعرفن عليهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهؤلاء النساء يرون في المقاتلين الإسلاميين أبطالا ويحلمن بالزواج من “مجاهد”.

جهاد النكاح

ظهر“جهاد النكاح” في أعقاب فتوى نُشرت على صفحة “الداعية الإسلامي”، محمد العريفي، على موقع “تويتر” كتب فيها إنّ “زواج المناكحة التي تقوم به المسلمة المحتشمة البالغة 14 عاما فما فوق أو المطلّقة أو الأرملة، جائز شرعا مع المجاهدين في سوريا، وهو زواج محدود الأجل بساعات لكي يفسح المجال لمجاهدين آخرين بالزّواج، وهو يشدّ عزيمة المجاهدين، وكذلك هو من الموجبات لدخول الجنَّة لمن تجاهد به”.

وكانت صحيفة “الشروق” التونسية قد نشرت في عددها الصادر في 22 سبتمبر 2013، قصة “لمياء”، الفتاة التونسية التي اقتنعت أنّ “المرأة يمكن لها المشاركة في الجهاد والقضاء على أعداء الإسلام، بالترويح عن الرجال”.

الدور الأكثر أهمية لنساء “داعش” خاصّة من بين الأوروبيات هو الدور الإعلامي الذي يقمن به على الشبكة العنكبوتية

أما الشيخ مزهر الملا خضر، شيخ عشيرة البو فهد، في حديث له مع راديو العراق الحر، فقد حمّل المتضررين من العملية السياسية، مسؤولية اختراق “القاعدة” و”داعش” للمجتمع العراقي واستغلال النساء بأشكال مختلفة، لافتا إلى أنّ تنظيم “داعش” يُغري مسلحيه بالجنس والجداول الزمنية لما يسمى بـ “جهاد النكاح”، لكنه أكد أنّ عددا قليلا من النساء العراقيات تزوجن من مسلحي التنظيم، لأنّ معظم العائلات الأنبارية هجرت مناطقها ونزحت إلى إقليم كردستان ومناطق أخرى بعد سيطرة “داعش” على مناطقها.

ويستخدم التنظيم المرأة أيضا كمادة في خطابه الدعائي لكسب مزيد من الجمهور والمقاتلين، عندما يطرح نفسه مدافعا عن المرأة ويدعو إلى فك أسر” الحرائر” في معتقلات الأنظمة.

وقد استثمر “داعش” قضية ساجدة الريشاوي على سبيل المثال، في شهر فبراير الماضي، مطالبا بالإفراج عنها مقابل إطلاق سراح الطيار معاذ الكساسبة، وكان التنظيم مُخادعا في طلبه ذاك كون أنّ معلومات استخباراتية أردنية كانت قد كشفت أنّ إعدام التنظيم للكساسبة حرقا تمّ بالفعل في 3 يناير الماضي، أي قبل الإعلان عن عرض المُبادلة.

وقد حاول التنظيم استنساخ القضية عندما أعلن في 14 فبراير 2015، استعداده لإطلاق سراح أقباط مصر الـ 21 الّذين اعتقلهم في ليبيا مقابل تسليم كاميليا شحاته ووفاء قسطنطين، اللتين تحوّلتا من المسيحية إلى الإسلام وأصبح مصيـرهما غـامضا في مـصر. فالتّنظيم نجح باستخدام المرأة في خطابه من أجل الحصول على استقطاب إعلامي وسياسي يتفاعل مع المرأة أكثر من غيره.

أصبح دور المرأة عند تنظيم الدولة الاسلامية مزدوجا بل متعدّد الأغراض، فرغم الدور الميداني الذي تلعبه في ساحات القتال في كل من سوريا والعراق والذي يتضمن القيام بعمليات انتحارية وجمع المعلومات والتّجسّس والمراقبة، فإنّ الدور الأكثر أهمية لنساء “داعش” خاصّة من بين الأوروبيات هو الدور الإعلامي الذي يقمن به على الشبكة العنكبوتية. كما ان نساء داعش تعملن على تشكيل خلايا عمل تقوم بإيجاد سُبل تواصل اجتماعي بين النساء من أجل استقطاب المزيد منهنّ.

ويعيد محللون ذلك إلى ما تتمتع به المرأة من دور مؤثّر على الأشخاص الذين يخضعون للتّجنيد. هذا ويبقى هاجس الاستخبارات خاصّة في الدول الغربيّة، مركّزا على نشاط “خلايا أنثوية” من الداخل لتنفيذ عمليات إرهابية وقيامهن بدور إعلامي (دعاية جهادية) يشجّعن من خلالها على قطع المزيد من الرؤوس.

اجمالي القراءات 4110
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق