مثلث حلايب" يفجر أزمة مكتومة بين القاهرة والخرطوم

اضيف الخبر في يوم السبت ٠٥ - سبتمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: محيط


مثلث حلايب" يفجر أزمة مكتومة بين القاهرة والخرطوم

مثلث حلايب" يفجر أزمة مكتومة بين القاهرة والخرطوم
 

 

 

 
       

القاهرة: ذكرت تقارير صحفية أن توترا "مكتوما" يخيم حاليا على العلاقات المصرية السودانية على خلفية الخلافات التي تفجرت مؤخرا بعد تحذيرات المعارضة السودانية من مغبة استبعاد سكان منطقة حلايب من الانتخابات السودانية المزمع إجراؤها في أبريل/أبريل المقبل.
وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية النقاب عن تلقي القاهرة مؤخراً مقترحاً سودانياً بضم حلايب للتعداد السكاني في السودان لدعم الكتلة الانتخابية للرئيس السوداني عمر البشير ، غير أن القاهرة مازالت متحفظة علي هذا الطلب، حيث أكد مصدر مصري مطلع طلب عدم ذكر اسمه خطورة فتح هذا الملف في الوقت الذي تجابه فيه السودان مشكلات في الداخل والخارج قائلا : " لقد أبلغت السودان علي أعلي مستوي أنه لا توجد مصلحة في إثارة ملف حلايب الآن".
يأتي هذا في الوقت الذي تقدم فيه عدد من قيادات مثلث حلايب بطعن إلى مفوضية الانتخابات السودانية، احتجاجا على عدم تمثيلها في الانتخابات، معتبرين استبعادهم من الدوائر الانتخابية ومن الإحصاء السكاني في السودان تفريطاًَ سودانياً في المنطقة.
ورغم أن الرئيسين المصري حسني مبارك والسوداني عمر البشير اتفقا على أن تكون حلايب منطقة تكامل بين البلدين، فإن مصادر من شرق السودان قالت لجريدة "الجريدة" الكويتية، إن "هناك ضرورة لتحديد تبعية المنطقة قبل جعلها منطقة تكامل".
وكشفت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها عن أن "السلطات المصرية منحت الجنسية المصرية لعدد كبير من أهالي حلايب»، معتبرة أن هذا الأمر هو أحد مظاهر سيطرة مصر على المنطقة". ويذكر أن سكان منطقة مثلث حلايب ينتمون لقبائل البشاريين وهم يحملون الجنسية السودانية. 
وقالت المصادر إن مسؤولا مصريا رفيعا قام أكثر من مرة بزيارة سرية لشرق السودان، واصفة ما يحدث بأنه "مساومة مصرية لشرق السودان حول منطقة حلايب مقابل الدعم السياسي والخدمي للشرق"، الأمر الذي نفاه د. مبروك مبارك سليم رئيس "جبهة الشرق" في السودان، والذي أشار إلى أن "العلاقات بين مصر والسودان لن تتوقف عند مثلث حلايب"، مؤكدا أن "حلايب لن تكون سبباً في الحرب بين البلدين الشقيقين".
في غضون ذلك، شدد إبراهيم الغندور القيادى البارز فى المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان ــ فى مكالمة هاتفية لجريدة "الشروق" المصرية من الخرطوم ــ على أن حلايب سودانية، بل هى جزء لا يتجزأ من السودان، ورأى أنه كان من المفترض أن تكون ضمن الدوائر الانتخابية والإحصاء السكانى، إلا أن الذى منع ذلك هو أن المنطقة مازالت منطقة تنازع بين مصر والسودان.
في الوقت نفسه قال الغندور أن حلايب ستظل منطقة تكامل مع مصر مؤكداً أنه لن يكون هناك نزاع بين مصر والسودان علي المنطقة ، وقال أن الحوار بين البلدين حول هذه القضية لا زال قائما ولن يتوقف حتى يتم حلها موضحا أنه إذا لم يتم حسم النزاع في هذه المشكلة سيكون اللجوء للتحكيم الدولي هو آخر الخيارات التي سيلجأ إليها الطرفان.
فى المقابل، قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن القاهرة تلقت مقترحًا سودانيًا بضم حلايب للتعداد السكانى فى السودان بما يسمح بدعم الكتلة الانتخابية للرئيس السودانى عمر البشير، غير أن القاهرة "مازلت متحفظة على هذا الطلب". وقال مصدر مصرى مطلع ــ رفض ذكر اسمه: "لقد أبلغت السودان على أعلى مستوى أنه لا توجد مصلحة فى إثارة ملف حلايب الآن".

 
       

إلى ذلك، وصف رئيس برنامج دول حوض النيل والخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية هاني رسلان قرار حكومة الخرطوم باستبعاد المنطقة من الانتخابات بـ "الحكيم"، لأن المنطقة "مازالت محل خلاف".
وقال رسلان إن "الطعن الذي قدمته بعض قيادات حلايب اعتراضاً على استبعادها يبدو دعائياً". وأضاف: "هذا مطلب لقيادات محلية منحازة للدولة السودانية، لأنها تريد الحفاظ على مواقعها كقيادات محلية"، مؤكداً أن «هذا الطعن ليس له جدوى".
ومن ناحيتها أكدت مصادر سودانية مطلعة أن حكومة الخرطوم لازالت تتمسك بتبعية مثلث حلايب بالسودان وأكدت أن السودان لن يتنازل عنها، وأضافت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها أن السودان الآن يواجه مشكلات أخري داخلية مع أحزاب المعارضة وشريك الحكم الحركة الشعبية لتحرير السودان كما يواجه أيضا أجندات خارجية وأطماع غربية تستهدف وحدة السودان وأمنه.
من جهة أخري أوضح "عثمان باونين" رئيس مؤتمر البجا للإصلاح والتنمية في تصريحات خاصة لـ "الشروق" تفاصيل الدوائرالإنتخابات بولايات شرق السودان قائلا : "أنه تم الإعلان عن عشرة دوائر بولاية البحر الأحمر مشيراً إلي تجاوز منطقة حلايب في التعداد السكاني مما أدي إلي استبعادهم عن توزيع الدوائر الجغرافية، علما بأن سكان مثلث حلأيب يصل عددهم إلى حوالى 200000 نسمة ، ورأي باونين أنه من المفترض أن تمنح حلايب دائرة جغرافية وحدها.
وأضاف: "لقد تقدمت القيادات الأهلية بمذكرة للمفوضية القومية للإ نتخابات تطالب فيها بإضافة دائرة باسم مثلث حلايب الا أنه أكد أن المفوضية لا زالت تماطل في الرد حتى الآن ، وقال رئيس مؤتمر البجا أن الحكومة السودانية لا تريد أن تطلب من السلطات المصرية السماح بإجراء إنتخابات داخل مثلث حلايب كاشفا أن حكومة الخرطوم تنوي ضم سكان مثلث حلايب لدائرة "أوسيف" لتصبح دائرة واحدة مؤكداً أن ذلك سيلقي رفضاً قاطعاً من قبل سكان المنطقة".
في الوقت نفسه حذرت المصادر من مغبة إثارة مشكلة حلايب علي الأوضاع المصرية السودانية التي تشهد تناغما ملموسا بين البلدين في إشارة إلي الجهود المصرية لحل أزمات السودان في دارفور من ناحية ، وفي الجنوب من ناحية أخري لدفع عملية السلام والاستقرار في السودان
تاريخ الخلاف
يتمثل الخلاف المصري السوداني في الحدود المرسمة بين مصر والسودان التي حددتها اتفاقية الاحتلال البريطاني عام 1899 ضمت المناطق من خط عرض 22 شمالا لمصر وعليها يقع مثلث حلايب داخل الحدود المصرية.
وفي عام 1902 قامت المملكة المتحدة والتي كانت تحكم البلدين حينذاك بجعل مثلث حلايب تابعاً للإدارة السودانية، لأن المثلث أقرب إلى الخرطوم منه إلى القاهرة.
ومساحة هذه المنطقة التي تقع على البحر الأحمر 20.580 كم2، وتوجد بها ثلاث بلدات كبرى هي حلايب وأبو رماد وشلاتين، أكبرها هي شلاتين وتضم في الجنوب الشرقي جبل علبة المنطقة محل نزاع حدودي بين مصر والسودان الا انها حاليا .
وظلت المنطقة تابعة للسودان منذ عام 1902 ولكن ظهر النزاع إلى السطح مرة أخرى في عام 1992 عندما اعترضت مصر على إعطاء حكومة السودان حقوق التنقيب عن البترول في المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية فقامت الشركة بالانسحاب حتى يتم الفصل في مسألة السيادة على المنطقة
سحب البلدان قواتهما من المنطقة في التسعينات وتمارس مصر سيادتها على المنطقة وتديرها وتستثمر فيها منذ ذلك الوقت.  وفي عام 2000 قامت السودان بسحب قواتها من حلايب وقامت القوات المصرية بفرض سيطرتها على المنطقة منذ ذلك الحين.
في عام 2004 اعلنت الحكومة السودانية انها لم تتخلى عن إدارة المنطقة المتنازع عليها ولم تهجرها أو تسلمها للمصريين ، وأكدت على تقديم مذكرة بسحب القوات المصرية إلى سكرتير الأمم المتحدة .
قام مؤتمر البجا في ولاية البحر الأحمر في السودان بتوقيع مذكرة لاسترجاع إدارة المنطقة للسودان ، حيث أوردوا ان قبائل البجة التي هي أصول وسكان هذه المنطقة يعتبرون مواطنون سودانيون.
وعلي الرغم من أن أهالي المنطقة يطالبون بحقهم في قضايا السودان الوطنية الآن يبقي السؤال عالقا بانتظار إجابة في ظل صراع دولتين تربطهما مصالح مشتركة إلا أن كلاهما يتمسك بتبعية المنطقة إليه لكن إذا ترك الخيار لأهل المنطقة في تقرير المصير فعلي أيهما سيقع الخيار مصر أم السودان؟.

اجمالي القراءات 4969
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق