حدود زى المرأة وزينتها فى الاسلام
حدود زى المرأة وزينتها فى الاسلام
( تشريعات المرأة فى الزى والزينة )
القسم الثانى من الباب الثالث : التشريعات الاجتماعية
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
حدود زى المرأة وزينتها فى الاسلام
أولا :
انها الحشمة باختصار ، الحشمة التي تحفظ للمرأة مكانتها واحترامها ، وترتفع بها عن مشتوى السلعة الجسدية إلى الكائن الإنساني العاقل الراقي ، وهذه الحشمة في الزي الذي تظهر به للناس ، اما مع زوجها فالأمر كما قال سبحانه وتعالى " ... هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ... البقرة 17 " والسياق القرآني في تشريع الزي يجعله عاما سارياً فوق الزمان والمكان ، لذلك نرى من الخطأ أن ننظر إليه فقط من خلال التطبيق او الاشتقاق اللفظي الذي تجمح إليه كتب التراث والتفاسير فى الدين السُّنّى. أنها تقيّد التشريع بالزمان والمكان ، ويجعل التشريع الإسلامي حالة تاريخية ، انتهى مفعولها .
وقد جاءت في المواضع الآتية :ــ
1 ـ في قوله جل وعلا : " وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " النور : 31 )
الآية تأمر النساء بعضّ البصر عن كل ما يقرّب من الفاحشة ، لتكتمل لهن حياة العفة ، ولذلك تحدثت الآية عن زينة المرأة من حيث المقدار الذي يجوز إظهاره منها ، إذ أن منها زينة لا يراها إلا الزوج في مخدعه ، وبعده فهي لا تُبدى من الزينة إلا المقدار الذي تراه المحارم منها في بيتها ، أي الزينة الظاهرة على الثياب وعلى الوجه والكفين ، وهذه الزينة لا يراها إلا المحارم والزوج وخدم البيت ، والأطفال من خارج البيت .
وتحدثت الآية عن الزي في موضعين : قوله سبحانه وتعالى " وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ " والخمار هو الغطاء للرأس ، أي تغطية ما يظهر من الصدر بالخمار الذي ترتديه على رأسها ، والخمار على الرأس لا يعني تغطية كل شعر المرأة ، بدليل أن مسح الشعر من فرائض الوضوء ، والوضوء هو الغُسل الجزئي لكل ما يحتمل أن يكون مكشوفا في الجسم ، او يكون مكشوفا بحكم العادة ، مثل الوجه واليدين والقدمين وبعض الشعر . وبهذا الفهم يكون تشريع القرآن فوق الزمان والمكان وظروف الجغرافيا ، من الحياة تحت خط الاستواء إلى ما يقرب من القطبين . ولو كان شعر المرأة مما يحرم إظهاره جميعه لجاء النص صريحا في القرآن ، كان يقال " وليضربن بخمرهن على شعورهن " ولكن جاء الأمر بضرب الخمار على الجيوب .
والجيب هو الصدر ، وهو المفهوم ( لُغويا ) من كتب التراث السُّنى نفسها : يقول ابن سعد في الطبقات الكبرى إنّ ( السيدة عائشة ) سألتها إحداهن فقالت : " أيحل لي أن أغطى وجهي وأنا مُحرمة" يقول ابن سعد " فرفعت خمارها عن صدرها حتى جعلته فوق رأسها " والواضح ان الرواية تجعل موضع الخمار فوق الصدر أساساً ، وأنها حين رأت ان تغطي وجهها رفعت الخمار من على صدرها لتجعله يغطي رأسها.
وهناك رواية أخرى تقول أن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر دخلت على عمتها السيدة عائشة وهي ترتدي خماراً رقيقاً "يشف عن جيبها فشقته عائشة وقالت : أما تعلمين ما انزل الله في سورة النور " أي انها ارتدت خماراً رقيقا يظهر منه صدرها ، أي أن وظيفة الخمار في الأساس هي تغطية الصدر ، وهذا هو ما نصّت عليه الآية الكريم " وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ " ، وترك الشَّعـر مباحاً في إظهاره أو إخفائه ، وقابلاً للاحتمالين دون فرض او تحريم ..
2 ـ الآية الثانية قوله سبحانه وتعالى " وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ " والمستفاد منه تغطية الساقين فرض واجب ، والله تعالى ينهى ان تضرب المرأة بقدمها حتى يسمع الناس صوت الحلى والخلخال تحت الثوب..
3 ـ الآية الثالثة قوله سبحانه و تعالى " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً " الأحزاب:59 وهنا أمر عام للمرأة والفتاة بتغطية الساقين ، وإلا أساءت إلى نفسها وكان كشفها لساقيها تحريضا للآخرين من المنحرفين للتعرض لها ، فالمحتشمة تدفع الجميع لاحترامها ، والخليعة تتعرض للتحرّش ، وقوله سبحانه وتعالى " يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ " أمر واضح الدلالة في تغطية الساقين ، وفي تطويل الجلباب حتى يصل إلى الأسفل ، والجلباب هو ما يغطي الجسد ، وليس الوجه ، فالحديث هنا عن تغطية الساقين يؤكد قوله تعالى " وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ " أي أن الأمر بتغطية الساقين جاء مرة غير مباشرة في سورة النور ، أول ما نزل في المنورة ، ثم جاء الأمر صريحاً بعدها في سورة الأحزاب..
4 ـ الآية الرابعة في موضوع الزي جاءت في نفس سورة النور ، وقد تحدثت الآية الأولى عن المرأة في فترة النضج والرغبة ، لذا كان الأمر بغض البصر وحفظ الفرج وتغطية الصدر بالكامل مع العنق إذا امكن ، وعدم إبداء الزينة الظاهرة إلا للزوج و المحارم ، اما إذا كانت المرأة قد جاوزت فترة النضج ودخلت في الشيخوخة وأصبحت من القواعد في البيوت ، فقد تحررت من هذه القيود ، وذلك معنى قوله سبحانه وتعالى " وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " النور ك60 ، أي ليس عليهن حرج في ان يخلعن ثياب الخروج وهن قعيدات البيوت ، لأن الفتنة الجنسية لا محل لها بالنسبة لهن ، وهن اللائي لا يرجون نكاحا ، ولذلك فمن الأليق بهن ألا تظهر الزينة واضحة أي متبرجة على ملابس البيت التي يرتدينها .
والثياب في مصطلح القرآن الكريم هي الملابس التي يخرج بها الإنسان ، والتي يخلعها الإنسان عند النوم والراحة ، او بتعبير القرآن في سورة النور " وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ " النور :58 .
وكان المشركون في عنادهم للنبي محمد عليه السلام يضعون ثيابهم على وجوههم عند رؤية النبي ويجعلون أصابعهم في آذانهم ، حتى لا يرونه ولا يسمعونه ، فقال سبحانه وتعالى عنهم " أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ " هـود :5 ، وكذلك كان يفعل قوم نوح " جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ " نوح :7 وإذا استغشوا ثيابهم أي وضعوها على وجوههم فإن ملابسهم الداخلية هي التي تسترهم ، خصوصا وأن من يفعل ذلك هم الملأ المترفون الأغنياء الذين يتفننون في اللباس والرياش . وجاء مصطلح الثياب بنفس المعنى ، أى التى تعلو الملابس الداخلية ، وهذا فى قوله جل وعلا عن ثياب أهل الجنة ( عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ) 21) ) الانسان )
والمقصود أن " الثياب " هي الملابس الخارجية في مصطلح القرآن ، وقوله جل وعلا عن القواعد من النساء " فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ " أي يخلعن ملابس الخروج التي تكون عادة مزيّنة ، ويكتفين بملابس البيت بشرط ألا تكون مزينة ، فإن ما يناسب سِـنّـهـن حينئذ هو العفة ، والترفع والاحترام والتوقير ..
وبذلك يكون القرآن قد استكمل تشريع الزي والزينة للمرأة في كل احوالها ، وربط ذلك كله بالعفة والتوبة وتقوى الله السميع العليم الغفور الرحيم . وذلك ما انتهت إليه الآيات الثلاث...
ثانيا
1 ـ فهمنا من سورة النور ان زينة المرأة المخفية قسمان : قسم لا يجوز إظهاره إلا للزوج في الخلوة لأن كلا منهما لباسٌ للآخر ، ومن هذه الزينة المخفية ما يكون تحت الرداء على الساقين ، ويحرم على المرأة ان تضرب برجليها ليسمع الناس ما تخفي من زينتها ، كما يجب عليها ان تدنى عليها ثوبها وجلبابها لتستر ساقيها . أما القسم الآخر من الزينة فهو الذي يجوز إظهاره للزوج والمحارم والخدم والأطفال و الأطفال غير المحارم ، وأولئك ــ عدا الزوج ــ لا ينظرون للمرأة على انها امرأة أي مشتهاة ، بل على أنها ام أو بنت أو اخت أو عمة او خالة ، على حسب درجة المرأة منه ، او تكون سيدة المنزل بالنسبة للخادم ، او يكون طفلاً من الأطفال " الذين لم يظهروا على عورات النساء" أي لم يدركوا بعد معنى الشهوة ودلالتها...
2 ـ ونتساءل عن المرأة إذا خرجت من بيتها لتقابل الآخرين في العمل والسوق والشارع ؛ هل تكون محرومة من الزينة ..؟ والإجابة بالنفي لأن الله سبحانه وتعالى يقول : " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ ... الأعراف 31 ، 32 " ..
أي أن الله تعالى لا يسمح لأحد بأن يحرم " زينة الله" التي أخرجها لعباده ، فالتزين حلال لجميع أبناء آدم ، من الذكور والإناث ، والأرض كلها مسجد ، أي موضع يصلح للسجود عليه ، والله تعالى يدعو كل إنسان ليأخذ زينته عندما يذهب للمسجد ، رجلاً كان أم امرأة ، ولكن بدون إسراف .
3 ـ ويأتي السؤال الثاني :ــ ... إذا كانت الزينة حلالاً للمرأة خارج بيتها ، عند كل مسجد ، وحيث يراها الأغراب ، فما هي طبيعة هذه الزينة ، وما هو اختلافها عن زينة المنزل المذكورة في الآية ..؟
هنا يظهر الفارق بين رؤية المحارم والخدم والأطفال وبين رؤية الأغراب لزينة المرأة ، وهنا يكون الفارق النوعي بين زينتها في بيتها وزينتها خارج البيت ، فالزينة خارج البيت ينبغي ألا تساعد على إظهار "عورات النساء" بالمفهوم بالغ الدلالة التي أشارت إليه سورة النور فى الآية (31) ؛ فالمحارم والخدم والأطفال لا ينظرون للمرأة في زينتها بشهوة ، ولذلك فإن ما يرونه من زينة المرأة الظاهرة داخل بيتها يحرم على غيرهم رؤيته ، إذن فالحديث هنا ليس على مقدار الزينة فقط وإنما أيضا على موضع الزينة بالنسبة لجسد المرأة ، ونوعية هذه الزينة من (خضاب) أو (ماكياج) في لغة العصر ، فالعادة ان المحارم وخدم البيوت والأطفال يجالسون الزوجين في البيت ، والزوجة تتزين لزوجها زينة ظاهرية ، وتدخر له الزينة الخاصة في الخلوة والمخدع ، ثم حين تخرج من بيتها يكون لها نظام آخر في التزين يكون تأنّقاً محتشما يبعث على الوقار والاحترام وليس على التلاعب والافتتان ، وهذا هو الفارق العملي والواقعي من زينة البيت ، والزينة امام الأغراب ..
4 ـ وقد يقال أن التبرج بالزينة خارج البيت حرام لقوله سبحانه وتعالى " َولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى " الأحزاب : 33 ، ولكن هذا التشريع خاص بنساء النبي محمد عليه السلام في وقته ، والآية قبلها تقول " يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ " ثم تقول الآية التالية " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى " أي أنه تشريع لا يسري على غيرهن من النساء ، مع ملاحظة أن النساء القواعد في البيوت لا يباح لهن أيضا التبرج بالزينة " فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ " النور :60 " وهذا هو كل ما جاء عن التبرج بالزينة في القرآن ، فالنهي عنه مخصوص بهاتين الحالتين فقط .
5 ـ والزينة في المفهوم القرآني هي الشيء الزائد الطاريء ، نفهم ذلك من قوله سبحانه وتعالى " الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً " الكهف : 46 ، فالذي يبقى ويستمر ليس الزينة ، وإنما هو الأصل ، فالزينة مجرد طلاء زائل طاريء من متاع الدنيا ، ومنه زينة المرأة .
6 ـ وهذه الزينة أو هذا الشيء الزائد يأتى التأكيد على عدم تحريمها فى قوله جل وعلا : " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ " الأعراف :32 ، ونفهم أن الزينة مستخرجة من الأرض مع الطيبات من الرزق ، وهي في الدنيا مباحة بشرع الله تعالى للذين آمنوا وكل أبناء آدم ، ولكنها في الآخرة تكون خالصة للمؤمنين في الجنة . وعن نعيم الجنة يقول سبحانه وتعالى " يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ " الحج :23 ، ويقول تعالى " جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ " فاطر :33 . إذن فالزينة الحلال للمؤمنين والمؤمنات هي الذهب والحرير واللؤلؤ وهي التي ينهى الله سبحانه وتعالى عن تحريمها ، ويؤكد على أنها حلال لكل أبناء آدم في الدنيا ثم تكون للمؤمنين فقط في الجنة .
7 ـ والذهب والفضة واللؤلؤ والحرير مجرد امثلة ، لأن اللؤلؤ والدرر مستخرج من البحر ، والله سبحانه وتعالى امتنَّ على أبناء آدم بنعم البحر من اللحم الطّري والحلي المستخرجة من أعماق البحر ، يقول سبحانه وتعالى " لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا " النحل :14 ، اقرأ أيضا "فاطر :12 " . وكل ذلك مباح لزينة المرأة والرجل ، وبرغم أنف الذين حرموا ما احل الله تعالى ونسبوا ذلك التحريم زوراً للنبي محمد عليه السلام .
8 ـ والله جل وعلا خلق المرأة أكثر اهتماما بالتحلي بالزينة ، فهي منذ الطفولة تنشأ ــ ما امكن ــ بين الحلي ، سواء كانت رخيصة أو ثمينة ، والله سبحانه وتعالى يصف الأنثى وصفا موجزاً موحياً فيقول عن طفوتها " أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ " الزخرف : 18 ..
9 ـ وبهذه الحلية التي تنشأ عليها المرأة من الطفولة إلى النضج والاكتمال تتزين المرأة في بيتها وفي خلوتها مع زوجها وعند كل مسجد ، مع مراعاة ما تقتضي الحال وهى مع زوجها في الخلوة ، وهو لباس لها وهي لباس له ، وهي مع المحارم والخدم والأطفال والنساء في زينة ينبغي ألا يراها فيها الغرباء ، ثم هي مع الغرباء في زينة محترمة ووقورة ، "وآخر شياكة " بدون خلاعة .
أخيرا
1 ـ هذه كلها أوامر ونواهى ، تخضع لقاعدة تشريعية تعلوها ، وهى العفة ، وهذه القاعدة التشريعية تخضع لمقصد أعلى هو التقوى .
2 ـ ويا بؤس من لا تتقى الله جل وعلا وتتننقّب .!!
اجمالي القراءات
3433
تعلمنا من الدكتور أحمد حفظه الله أن الأمر التشريعي أو النهي يخضع لقاعدة تشريعية و هذه القاعدة التشريعية تخضع لمقصد تشريعي و المقصد التشريعي في أمر اللباس هو التقوى و الحق جل و علا يقول : و لباس التقوى ذلك خير .
أعتقد بأن اللباس يخضع للبيئة و المجتمع فمجتمع الإسكيمو مثلا ترتدي فيه المرأة لباسا يختلف عن ما ترتديه المرأة هنا في الخليج مثلا حيث تصل الحرارة في أشهر الصيف 50 درجة مئوية و أكثر .. على كلا فالمقصد التشريعي هو التقوى و كم من إمرأة منقبة و هي أقل تقوى و كم من إمرأة غير محتشمة و هي أكثر تقوى لكن ماذا عن زينة الرجل ؟ و هذا مبحث يدخلنا في لباس المجتمع المدني تحديدا و قد نغوص في البحث لنعرف ما الفرق بين لباس الناس عموما قبل القران و بعده ؟
الجزيرة العربية أو شبة الجزيرة العربية مجتمع صحراوي حار جدا صيفا و بارد شتاء بالليل خصوصا و لا توجد أي وسيلة تدفئة قديما سوى النار و ربما يستخدمون وبر الإبل لباسا و لا يوجد قطن و الملبوسات عموما أعتقد تستورد من اليمن و الشام في رحلة التجارة الشهيرة لذا ما يلبسه الناس في اليمن و الشام هو ما كان يلبسه أهل مكة و المدينة .. الأهم من كل هذا هو التقوى مع الإلتزام بالتفاصيل الدقيقة للباس .