القبور" تشعل معركة سنية شيعية في برلمان الكويت

اضيف الخبر في يوم الأحد ١٩ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: إسلام أون لاين


القبور" تشعل معركة سنية شيعية في برلمان الكويت

رجب الدمنهوري 19-07-2009

سجال بين الإسلاميين حول المناهج الدراسيةأشعلت قضية "زيارة القبور والتوسل بالأموات" معركة نيابية ساخنة بين النواب الإسلاميين السنة والشيعة في الكويت على خلفية التصريحات التي أدلت بها وزيرة التربية والتعليم العالي موضي الحمود بشأن عزم الوزارة إعادة النظر في مناهج التربية الإسلامية التي تمس معتقدات الشيعة، وذلك بعد أن تقدم إليها عدد من النواب مطالبين بمراجعة هذه المناهج وحذف بعض الفقرات التي يرون فيها مساسا بعقائدهم.


ورفض النواب السنة محاولات الوزارة معتبرين أن تعديل مناهج التربية الإسلامية خط أحمر، وليس من المقبول المساس به لكون ما ورد فيها يعبر عن عقيدة أهل الكويت، بينما رأى نواب شيعة أن المناهج ليست كتبا منزلة وتعديلها مطلوب لتعزيز الوحدة الوطنية وهم من يحددون ما إذا كانت المناهج تمس عقائدهم أم لا.

السنة: المناهج خط أحمر

واعتبر أمين عام تجمع ثوابت الأمة النائب محمد هايف المطيري في تصريح خاص لـ"إسلاميون.نت" توجه الوزيرة تدخلا صارخا في تغيير عقيدة الشعب الكويتي، مشيرا إلى أن تغيير المناهج خط أحمر وتعد على عقيدة أهل الكويت، وعلى الوزيرة تحمل العواقب السياسية والجنائية إذا مست المناهج.

وشدد على أنه لا يوجد في المناهج ما يمس عقائد الشيعة، وأن أي محاولات للتعديل هي سلب لحق الفنيين وأهل الاختصاص من واضعي المناهج، محذرا مما أسماه المساعي الرامية إلى علمنة المناهج وسلخ جيل المستقبل من عقيدته.

وأكد هايف أن المناهج معتدلة وأسست على وسطية الإسلام في بيان التوحيد ونبذ الشرك والخرافة، وأنه لا داعي لإثارة فتنة جديدة في البلاد عبر إطلاق الشبهات حول عقيدة التوحيد.

ويشار إلى أن النواب الشيعة قد دأبوا في الفترة الأخيرة على المطالبة بضرورة حذف بعض فقرات من منهج التربية الإسلامية للصف العاشر (الثاني الثانوي) والتي تعتبر أن زيارة القبور والدعاء عند قبور الصالحين من أنواع الشرك.

يأتي هذا في الوقت الذي يؤكد فيه تربويون وأكاديميون أن مناهج التربية الإسلامية وضعت على أيدي متخصصين وفق معايير فنية وعلمية تحترم العقائد، وأن ما ورد فيها حول موضوع القبور والأحكام الواردة به عامة ولا تستهدف مذهبا بعينه.

وفي هذا السياق يقول النائب د. وليد الطبطبائي الأستاذ في كلية الشريعة: إن أهل السنة من أشد الناس حبا لأهل البيت والصحابة، وهم وسطيون، وإن مناهج الكويت كانت وستبقى وسطية ولا تنتقص من شأن عقائد الشيعة، مؤكدا أن منهج التربية الإسلامية للصف العاشر يتوافق أولا مع مذهب أهل البيت وقادتهم قبل مذهب أهل السنة، وأن شيعة أهل البيت يقتدون بأئمتهم وقادتهم الذين هم سراج الكون وهداة الأمة من لدن صاحب الرسالة المصطفى القرشي الهاشمي محمد بن عبد الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام، ثم أمير المؤمنين وإمام المسلمين وأول المؤمنين برسالة الأمين علي بن أبي طالب عليه السلام، وسبطي رسول الله وريحانتيه الحسن والحسين وأمهما فاطمة الزهراء عليهم سلام من الله ورحمة، ثم بقية أئمة أهل البيت وقادتهم.

ويضيف الطبطبائي إن منهج هؤلاء جميعا يقوم على توحيد الله الصافي والعبودية المطلقة للواحد القهار، وديدنهم اتباع هدي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ولا شأن لأئمة أهل البيت بما طرأ بعد ذلك من بدع من بعض أهل السنة أو من الشيعة.

وبدورهم انضم النواب الإسلاميون السنة محمد المطير ود. جمعان الحربش وحسين مزيد وفلاح الصواغ ود. علي العمير إلى هذا الجدل متفقين على أنه لا يجوز المساس بعقيدة أهل الكويت من خلال تغيير مناهج التربية أو العبث في مناهج التوحيد، ومهددين بأن أي تغيير أو مساس بالمناهج ستكون كلفته السياسية سقوط الحكومة مجتمعة؛ لأن العقائد والثوابت الدينية برأيهم تعتبر من أركان قيام المجتمعات، وتسييسها يحمل كلفة سياسية كبيرة ويثير الفتنة بين طوائف الشعب.

الشيعة: التغيير لتدعيم الوحدة الوطنية

وفي المقابل أشاد النائب صالح عاشور بشجاعة وزيرة التربية بإعلانها تعديل بعض المناهج الدراسية التي تمس عقائد الآخرين متمنيا أن تكون المناهج بعيدة عن أي تفرقة بين المسلمين بصورة عامة والمواطنين بصورة خاصة؛ حيث إنها يجب أن تجمع المواطنين برؤية واحدة بعيدا عن الدخول في التفاصيل وخصوصا بعض المناهج في الصفين التاسع والعاشر والتي تتدخل في صميم معتقدات الشيعة.

وفي إطار السجال النيابي قال عاشور موجها حديثه للطبطبائي: "نحن من يحدد ما إذا كانت هذه المناهج تمس عقائدنا أم لا وليس أنت"، مشيرا إلى أن هناك اتفاقا بين جميع شرائح الشيعة الكويتيين على أن المناهج تمس معتقداتهم لكونها تمس قضايا تعتبر من شعائرهم وممارساتهم.

وفي السياق نفسه قالت النائبة د. معصومة المبارك إن مراجعة منهج التربية الإسلامية لا يستوجب هذه الضجة التي أثبتت أن الوحدة الوطنية لدى البعض ما هي إلا شعارات سرعان ما سقطت لتكشف الحقيقة المفزعة على حد تعبيرها، لافتة إلى أن المناهج الدراسية ليست كتبا منزلة ومطلب تعديلها أمر تستوجبه مصلحة الكويت وأهلها لإعادة روح التسامح وقبول الآخر.

ليست المرة الأولى

وليست هذه المرة الأولى التي يطالب فيها النواب الشيعة بتغيير المناهج محل الجدل، فقد سبق أن تقدم النائبان صالح عاشور وأحمد لاري إلى وزيرة التربية نورية الصبيح في المجلس التشريعي السابق بأسئلة برلمانية حول ما تضمنه منهج الصف العاشر بشأن زيارة القبور والتوسل بالأموات مطالبين بتغييرها، وأوضحت الوزارة حينئذ على لسان الموجه العام للتربية الإسلامية أحمد المنيفي أن مناهج التربية الإسلامية تحترم جميع الطوائف، ونفت أن يكون منهج الصف العاشر قد سمى الطائفة الشيعية بعينها، وإنما ركز المنهج على أن الطلب من الأموات مناف لعقيدة المسلم، وأن الأموات هم بحاجة إلى دعاء الأحياء وليس العكس، وأن هذه أخطاء واقعة بين عموم المسلمين بصرف النظر عن مذاهبهم وعلينا معالجتها.

وكانت وزيرة التربية قد كشفت مساء أمس عن أنها تسلمت مقتطفات من المناهج الإسلامية بواسطة نواب شيعة يعتبرون فيها مساسا بمعتقداتهم لافتة إلى أن تطوير المناهج يخضع للجان فنية متخصصة وليست هناك حساسية في تناول هذه القضايا مادامت وفق إستراتيجية التعليم المعتمدة عام 2006.


--------------------------------------------------------------------------------

صحفي وباحث مقيم بالكويت

اجمالي القراءات 3475
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق