التعليم في مصر 2024: 25 مليون طالب في فصول مكتظة وأمية تتفشى بلا حل

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٣١ - ديسمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: أخبار الغد .


التعليم في مصر 2024: 25 مليون طالب في فصول مكتظة وأمية تتفشى بلا حل

تتسارع الأحداث في مصر والمشهد التعليمي يتدهور بشكل متسارع ليكشف عن كارثة حقيقية تهدد مستقبل الأجيال القادمة ولا تلوح أي بوادر لتحسن الوضع القائم في التعليم رغم البيانات الإحصائية التي قد توحي بعكس ذلك وقد تشير بعض الأرقام إلى انخفاض في نسبة الأمية ولكن الواقع يشير إلى أن هذا التحسن لا يعدو كونه مجرد أرقام لا تعكس الصورة الحقيقية.

في عام 2023 أظهرت الإحصائيات انخفاضاً طفيفاً في نسبة الأمية بمقدار 1.6% عن العام السابق إلا أن هذه الأرقام لا تعدو أن تكون مجرد تمويه للمشكلة الأكبر التي تواجه النظام التعليمي في مصر حيث سجلت نسبة الأمية بين الإناث في 2023 ما يعادل 21% مقابل 11.4% للذكور مما يكشف عن فجوة كبيرة لا تزال قائمة بين الجنسين في الحصول على التعليم.

انكشاف الحقيقة يظهر في محافظة بني سويف التي سجلت أعلى معدلات الأمية في مصر في 2023 بنسبة تصل إلى 25.4% تلتها محافظة سوهاج بنسبة 24.9% بينما سجلت محافظة بورسعيد أدنى معدلات الأمية بنسبة 6.4%.

هذه الأرقام ليست مجرد نسب بل هي بمثابة صرخة مدوية عن تفشي الجهل في صميم المجتمعات المصرية والتي تحتاج إلى تدخل فوري وحلول جذرية.

على الرغم من أن المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية تتباهي بأقل نسب أمية حيث لا تتجاوز 10% إلا أن هذه النسب تبقى بعيدة عن المأمول بينما يعاني سكان الأرياف والمناطق النائية من أمية مستفحلة وتهميش متواصل.

لم يتوقف الواقع القاسي على هذا الحد بل إن المؤشرات الأخرى المتعلقة بمستوى التعليم تفضح انهيار النظام التعليمي في مصر بشكل جلي ففي عام 2017 أظهرت الدراسات أن نسبة الذكور الذين لم يحصلوا على تعليم ابتدائي بلغت 32% مقابل 41% من الإناث مما يعكس بداية مشهد من الإقصاء والتهميش للأجيال المقبلة وهو أمر كارثي بكل المقاييس.

أما بالنسبة للمرحلة الابتدائية فقد تساوت نسبة الذكور والإناث الحاصلين على الشهادة الابتدائية بنسبة 10% لكل منهما ولكن هذه النسبة تبقى ضئيلة جداً مقارنةً بالأرقام المطلوبة لتغطية احتياجات سوق العمل.

وحتى في مستويات التعليم الأعلى لا تظهر مؤشرات مشجعة ففي عام 2017 كانت نسبة الذكور الذين حصلوا على شهادة جامعية أو ما يعادلها قد بلغت 13% مقارنة بـ11% فقط بين الإناث.

هذه الأرقام تشير إلى أن النظام التعليمي في مصر لا يفي بتلبية احتياجات الشباب المصري ولا يوفر لهم فرصاً حقيقية لتحقيق إمكانياتهم. ومع كل هذه العثرات يبقى التعليم العالي في مصر يواجه تحديات كبيرة تتمثل في الاختلالات الهيكلية وارتفاع كثافة الفصول وضعف الأداء الأكاديمي.

تضاعف عدد المدارس في مصر في العقد الأخير ليصل إلى أكثر من 61 ألف مدرسة في عام 2024 إلا أن هذا الارتفاع لم يكن كافياً لمواكبة النمو السكاني الهائل حيث سجلت نسبة كثافة الفصول زيادة مقلقة في كافة المراحل الدراسية.

ففي المرحلة الابتدائية ارتفعت كثافة الفصول من 38 طالباً في الفصل الواحد عام 2010 إلى 50 طالباً في الفصل في عام 2024 وهي زيادة مروعة تضع عبئاً إضافياً على العملية التعليمية وتؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم. في المرحلة الإعدادية ارتفعت كثافة الفصول من 36 إلى 48 طالباً، بينما سجلت الثانوية العامة زيادة أكبر في كثافة الفصول.

الأزمة لا تتوقف عند زيادة عدد الطلاب في الفصول بل تمتد لتطال المعلمين الذين لا يستطيعون الوفاء بمتطلبات العملية التعليمية في ظل هذه الظروف.

عدد الطلاب لكل مدرس ارتفع بشكل غير طبيعي من 27 طالباً في المرحلة الابتدائية عام 2010 إلى 34 طالباً في عام 2024 بينما في المرحلة الإعدادية ارتفع العدد من 18 طالباً إلى 27 طالباً وهو ما يعكس الفجوة الكبيرة بين احتياجات الطلاب والأعداد المحدودة من المعلمين.

هذه الزيادة المضطردة في عدد الطلاب أمام عدد محدود من المعلمين تعني أن مخرجات التعليم ستكون دون المستوى المطلوب ولا يمكن أن تواكب متطلبات سوق العمل.

فيما يخص التعليم العالي، قد يبدو أن الأعداد المسجلة في الجامعات تشهد نمواً نسبياً حيث بلغ عدد الجامعات الحكومية في مصر 28 جامعة في 2024، مع تسجيل نحو 3.7 مليون طالب في التعليم العالي لكن هذه الأرقام وحدها لا تعكس الواقع الذي يعيشه الطلاب.

بينما ارتفع معدل قيد الذكور في التعليم العالي من 33.5% في عام 2019 إلى 40.2% في 2023، شهدت الإناث قفزة أكبر في هذا المعدل حيث سجلت نسبة قيد الإناث 41.2% في عام 2023. ومع ذلك يبقى التعليم العالي في مصر مليئاً بالثغرات الهيكلية التي لا تدعم تلبية احتياجات سوق العمل.

بالرغم من هذه الأرقام، يظل عدد الطلاب الموفدين إلى الخارج في مهام علمية لا يتجاوز 188 طالباً في عام 2023 مما يعكس عدم قدرة النظام التعليمي على تقديم فرص حقيقية للتعليم الدولي.

النسبة العالية من الذكور بين الموفدين تشير إلى تهميش دور الإناث في هذا المجال وهو ما يزيد من عمق الهوة بين الجنسين في الحصول على التعليم والفرص التعليمية.

إن الواقع المأساوي الذي يعيشه قطاع التعليم في مصر يستدعي الوقوف بحزم ومراجعة شاملة للمناهج الدراسية وتحسين ظروف المعلمين والطلاب على حد سواء وإلا فإن الكارثة ستظل تتفاقم ليضيع الجيل الحالي في بحر من الجهل والفقر المعرفي.
اجمالي القراءات 128
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق