30 مليون عامل مصري في مواجهة قانون العمل الجديد.. مصادر نقابية: الحكومة فضلت مصالح المستثمرين الأجا
30مليون عامل مصري في مواجهة قانون العمل الجديد.. مصادر نقابية: الحكومة فضلت مصالح المستثمرين الأجانب>
ينتظر ملايين العمال المصريين ما سوف تسفر عنه نقاشات البرلمان حول قانون العمل الجديد الذي تقدمت به الحكومة المصرية قبل عامين وسحبته العام الماضي ثم أعادت تقديمه مرة أخرى مطلع هذا الشهر قبل أن تسحبه مجدداً ثانية لإدخال تعديلات عليه.
واستكمل مجلس النواب، منذ الأحد الماضي، مناقشة قانون العمل وسط توقعات بأن تستمر الجلسات الخاصة بمواد القانون لنهاية العام الجاري نظراً لكثافة عدد مواده التي تتجاوز 500 مادة وفي ظل اعتراضات متصاعدة من جانب النقابات العمالية المستقلة التي تمثل اتجاهات العمال الحقيقية على أرض الواقع.
وواجهت الحكومة المصرية انتقادات من مجتمع الأعمال وعدد من المستثمرين المحليين والأجانب على مشروع القانون في صيغته الأولى التي قدمتها للبرلمان قبل عامين.
وتركزت الاعتراضات على البنود المتعلقة بالمكافآت والإجازات للنساء في محل العمل والرواتب، وفي المقابل اعترضت أيضاً النقابات العمالية المستقلة على قيمة العلاوة الدورية، والإضراب عن العمل، وطبيعة عقود وإنهاء علاقة العمل، وأوضاع العمالة غير المنتظمة.
وقبل أن يبدأ البرلمان مناقشة القانون مجدداً مطلع هذا الأسبوع، دشنت دار الخدمات النقابية والعمالية، وهي تضم نقابات عمالية مستقلة، حملة توقيعات إلكترونية للانضمام إلى أفراد ومؤسسات وجهات تطالب بتعديل قانون العمل الجديد وعقد جلسات للحوار المجتمعي حوله.
وعادت مناقشات مشروع القانون في لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، وشددت على ضرورة أن يخرج القانون الجديد بشكل يلبي احتياجات العمال، ويحمي حقوقهم، ويعزز من قدرتهم على العيش.
وأشارت العريضة إلى أن "الاحتفاظ بمادة حظر الإضراب عن العمل، أو وضع شروط إجرائية شديدة التعقيد تخص تنفيذه قانوناً، يعد من أكبر الخطايا التي يرتكبها القانون الجديد، إذ ثمة تحريم لأداة أجازتها كل من المعاهدات الدولية، والدستور، للتعبير عن احتجاجهم، ورفض شروط العمل المجحفة".القانون ليس جديداً
وقال قيادي عمالي بارز، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، إن حملة التوقيعات بدأت إلكترونياً بداية الأسبوع وهناك المئات من العمال وقعوا عليها وهي تهدف بالأساس للاستماع إلى أصواتهم أثناء مناقشة القانون في البرلمان.
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن العديد من المطالب السابقة بشأن الاستماع لرؤى النقابات العمالية المستقلة التي تعبر بشكل حقيقي عن العمال وليس شكلياً عن العمال مثلما الوضع بالنسبة للنقابات المنضوية تحت اتحاد عمال مصر القريب من الحكومة قد رُفضت، وأن التوقيعات تهدف للضغط على نواب البرلمان مع سيطرة الحكومة على لجنة القوى العاملة بالبرلمان.
وأشار إلى أن الحكومة المصرية تهدف لإصدار قانون جديد للعمل رغم أنها لم تُدخل سوى تعديلات بسيطة على بعض المواد مما يجعل التحركات الحالية بمثابة تعديل للقانون وليس قانوناً جديداً كما تُسوِّق في الأوساط العمالية الدولية للتأكيد على أن هناك مرحلة جديدة.
مشيراً إلى أن الكثير من العوار الذي صاحب تطبيق القانون الحالي الصادر في العام 2003 يستوجب التعامل معه بمزيد من التعديلات وحذف بعض المواد التي تضع قيوداً على حرية العمال في الرأي والتعبير.
لافتاً إلى أن التعديلات الأخيرة التي أدخلتها الحكومة صبت في صالح مجتمع الأعمال ورجال الصناعة بعدما فتحت مسارات عديدة لفصل العمال بطرق غير مباشرة دون الحصول على حقوقهم.
وشدد على أن الحكومة تروج لأنها ألغت "استمارة 6" الخاصة بحق صاحب العمل الاستغناء عن العمال متى اقتضت الضرورة غير أن ذلك غير صحيح بل إنها في المقابل حددت 9 أسباب للفصل عن العمل وفي الوقت ذاته اعتبرت أن صاحب العمل لديه الحق في الاستغناء عن العامل مع منحه حقوقه إذا أعلمه بذلك قبل شهر واحد فقط، وهو يعد باباً خلفياً للفصل ويفتح الباب أمام مضاعفة الحالات التي يحدث بها فصل تعسفي.
وأوضح أن القانون الجديد لا يراعي المتغيرات التي وقعت في سوق العمل بعد أن أضحى الجزء الأكبر من العمال يشكلون "عمالة غير منتظمة" أي أنهم يعملون في شركات دون عقود موثقة أو يعملون في مناطق متفرقة وبشكل متقطع.
وهؤلاء حسب المتحدث يشكلون تقريباً نسبة 60% من إجمالي عدد العمال البالغ 30 مليون عامل، وكان من المفترض وضع بنود تكمن مهمتها في حماية هؤلاء الذين يعانون أوضاعاً اقتصادية صعبة ويواجهون متاعب الحصول على تأمينات صحية واجتماعية تحميهم من تقلبات الوضع المعيشي المتردي.
وذكر أن النقابات العمالية المستقلة تتوسع في تشكيل كيانات لحماية العاملين لدى التطبيقات الرقمية وهؤلاء يقدر عددهم بنحو 3 ملايين عامل بينهم أكثر من 800 ألف شخص يعملون بشركات النقل الذكي.
وبالنظر إلى مواد القانون الجديد فإنها لم تتطرق إلى وضعية هؤلاء، وكيف سيكون التعامل مع شركاتهم التي لديها أفرع عالمية أو ليس لديها وجود على الأراضي المصرية.
لافتاً إلى حاجة الحكومة ذاتها لتنظيم عمل هذه العمالة التي يتم حسابها ضمن سوق البطالة السنوي والذي يزيد عن 2 مليون مواطن، ومن المفترض أنها بحاجة للتعامل مع هذه الفوضى التي تهدد استقرار سوق العمل المصري.العمل المؤقت
وتشير الحكومة المصرية إلى أن القانون الجديد يحمل العديد من المكتسبات للعمال، أبرزها إلغاء الفصل التعسفي، وما يعرف في القطاع الخاص بـ "استمارة 6″،
وينص مشروع قانون العمل الجديد على صرف علاوة سنوية دورية لا تقل عن 3% من أجر الاشتراك التأميني، إلى جانب تحويل العقد المؤقت إلى دائم بعد 4 سنوات تلقائيًا، وأن يحصل العامل على إجازة تصل لـ21 يوماً في العام، قابلة للزيادة، وكذلك حظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم 15 عاماً.
إلى جانب النص على أنه يتم إنشاء صندوق لحماية وتشغيل العمالة غير المنتظمة ومنح إجازة أبوة يوم واحد حال ولادة طفل للعامل، كما نص على حظر فصل الموظفة أثناء الوضع، ومنحها إجازة 3 أشهر مدفوعة الأجر.
ويشير قيادي بارز بدار الخدمات العمالية، إلى أن مواد مشروع القانون الجديد بدلاً من أن تراعي الأوضاع الاقتصادية للعمال عبر زيادة المنح والمكافآت والعلاوات السنوية جاءت في صف صاحب العمل، وفي حين أن القانون الحالي يقرر علاوة دورية بنسبة 7% من قيمة الراتب الأساسي.
والحكومة قررت أن تكون نسبة العلاوة ذاتها 3% وفقاً للمرتب التأميني، وبحساب قيمة إجمالي ما يحصل عليه العمال من النسبتين فإن أجور العمال ستتعرض للانخفاض وليس للزيادة، وهذا البند تحديداً يجعل هناك إجبار للعمال بطريقة ملتوية لأن يعملوا بشكل مؤقت وليس دائمًا لكي لا يتحكم بهم أصحاب الأعمال وهو ما يقود لمزيد من الأزمات التي تؤثر سلباً على مناخ الاستثمار في مصر.
واعترف المصدر ذاته بأن القطاع الخاص أضحى لديه الكلمة العليا بشأن تمرير القانون الحالي لأنه حينما جرى وضع القانون السابق في مطلع الألفية الحالية كان القطاع العام يستحوذ على جزء كبير من العاملين بسوق العمل بعكس الوضع الحالي.
وقال إن هناك 200 ألف عامل يعملون بمصانع وشركات قطاع الأعمال بعد تصفيتها وبيع أغلبها، في حين أن عدد العاملين في القطاع الخاص رسمياً يصل إلى 8 ملايين عامل فيما تُصنف باقي العمالة على أنها عمالة غير منتظمة.
وأوضح أن القانون الجديد لم يُدخل تعديلات على حق العمال في الإضراب رغم أن ذلك يعد حقاً ضمنه الدستور بل إن القانون القديم كان يركز على فكرة حظر الإضراب أثناء المفاوضات لكن جرى حذف هذا البند ليتم حظره بوجه عام وهو ما يفتح الباب أمام الحق في إلقاء القبض على مخالفي القانون في ظل تصاعد الاعتراضات على ضعف الرواتب وتسريح الموظفين.
وبحسب بيان صادر عن دار الخدمات العمالية فإن القانون الجديد لا يقدم تغييرات جوهرية على قانون العمل الحالي، بل يكتفي بإعادة تبويبه وإضافة قسم يتعلق بالمحاكم العمالية المتخصصة.
كما رأى النقابيون أن بعض المواد الجديدة تزيد من صعوبة العمل النقابي وتضرّ بحقوق العمال، من بينها مادة تشرعن عقود المقاولات المؤقتة، التي تؤدي إلى انعدام الاستقرار الوظيفي وتفتقر إلى الحماية المالية والاجتماعية للعمال.
المنع من الحق في الإضراب
ومن جانبه كشف نائب برلماني بلجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن اللجنة فوجئت بطلب وزير العمل سحب مسودة القانون بعد الانتهاء من مناقشة 64 مادة من مواده، في سابقة من الصعب حدوثها، وأن عدد من النواب طالبوا بإدخال التعديلات المطلوبة بدلاً من سحبه بشكل كامل غير أنه أصر على ذلك.
مشيراً إلى أن التعديلات التي أقرتها الحكومة للمرة الثانية تكاد لا تُذكر وليس هناك سبب واضح حتى الآن لسحبه ثم إرساله مرة أخرى بدون تعديلات، مشيراً إلى أن الأيام الماضية شهدت تقديم نقابات عمالية طلبات للمشاركة في لجان الاستماع بل إن هناك تكتلات حزبية من أمانات العمال بالأحزاب تقدمت بمطالب مماثلة للمشاركة في الجلسات المقبلة.
وذكر أن البرلمان سوف يدعو اتحاد الصناعات والمستثمرين ونقابات عمال التشييد والبناء واتحاد عمال مصر الحكومي إلى جانب مشاركة وزارات العمل والصحة والتضامن غير أن نواب حزب الأغلبية رفضوا دعوة النقابات العمالية المستقلة لعدم قانونية تأسيسها.
مشيراً إلى أن القانون بحاجة لمراجعة مستفيضة مع جميع الوزارات مع أهمية فتح حوار مجتمعي حقيقي حوله، لافتا إلى أن مطالب أحزاب المعارضة ودار الخدمات العمالية ستكون حاضرة لعرضها خلال الجلسات المقبلة لكن من الصعب الأخذ بها مع سيطرة الأغلبية الحكومية على اللجنة.
وأشار إلى أن حق العمال في الإضراب يعد أبرز المواد التي يدور حولها خلافاً باعتبار أن ذلك حق دستوري كلفته المادة 15 من الدستور الحالي، ومن المتوقع أن يتم تعديل المقترح الحالي على أن يتم وضع أدوات تنظم عملية الإضراب بما يحقق مصلحة الشركات التي قد تتأثر سلباً وكذلك العمال الذين سوف يلجأون إلى هذا الحق للدفاع عن مصالحهم.
موضحاً أن القانون الجديد يتضمن ضوابط لتنظيم إنهاء خدمة العمال المعروفة باسم "استمارة 6" من خلال حماية حقوق العمال، منها مقترح يحظر على أصحاب العمل إجبار العمال على التوقيع على الاستمارة، على أن يتضمن العقد المُبرم بين الطرفين كل الحقوق والواجبات للعامل لتحقيق مصلحة الطرفين.
وشدد على أن تزايد معدلات الاحتجاجات العمالية في شركات عديدة أغلبها يتبع القطاع الخاص مؤخراً يشي بضرورة وجود قانون يراعي مصالح العمال إذ أنهم يواجهون تضخمًا اقتصاديًا يلتهم قيمة رواتبهم، ومن جهة أخرى يواجهون إدارات تتجاهل حقوقهم الأساسية، الأمر الذي يجعل هناك حاجة للحفاظ على حقوق كافة الأطراف من خلال تشريع منضبط.
وبحسب تصريحات سابقة لرئيس لجنة القوي العاملة في مجلس النواب عادل عبد الفضيل فإن المشروع يقوم على فلسفة جديدة مفادها بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية والحفاظ على الحد الأدنى لحقوق العمال ضمانا لاستمرارية العمل وزيادة الإنتاج.
بالإضافة إلى مشاركة القطاع الخاص في ذلك وإعداد وتطوير منظومة التدريب المهني لتنمية وتأهيل الشباب على الالتحاق بالوظائف، وتعزيز كافة حقوق العاملين ومقاربتها مع أنظمة التوظيف الأخرى مثل قانون الخدمة المدنية، وذلك لتشجيع الشباب على الانخراط في العمل بالقطاع الخاص والعديد من الأحكام التي تهم العامل وصاحب العمل.
اجمالي القراءات
374