القرآن كتاب الله المسطور و الكون كتاب الله المنشور ...:
القرآن والكون & الرسول والنبي

ابراهيم ايت ابورك Ýí 2012-11-13


1: القرآن و الكون..

القرآن الكريم هو كتاب الله المسطور, والكون كتاب الله المنشور, ومهما أوتي الإنسان من أسباب العلم و المعرفة فلن يضع يديه على كلية هذه القوانين والنظم التي تحكم هاذين الكتابين..

فالدقة البالغة التي يتسم بها كتاب الله المنشور, لا تقل أهمية عن الدقة البالغة التي يحملها كتاب الله المسطور..

الماهية المادية هي التي تحدد طبيعة الأشياء على الكون, والبناء الحرفي للكلمة هو الذي يحدد المعنى في كتاب الله تعالى, فاختلاف المبنى يؤدي حتما إلى اختلاف المعنى, واختلاف ماهية الأشياء يؤدي حتما إلى اختلاف طبيعتها..

غياب المترادفات الشيئية في الطبيعة يحتم غيابها في اللغة حيث أن هذه الأخيرة ما هي إلا صور للأشياء التي ترتسم في الذهن وتصبح مرجعا للتعبير و التواصل..

مهما كان الفارق ضئيل بين الشيئيين على الواقع, إلا ولزمه فارق ضئيل في اللفظ والتسمية, فإن وجدت من يفسر مثلا ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) بأنه هذا القرآن لا شك فيه فأعلم أنه من باب التقريب ليس إلا, فالريب ليس هو الشك والقرآن ليس هو الكتاب و ذلك ليس هو هذا وإن كان الفارق ضئيل جدا.. !

فالعبث من أحد مفاتيح جهل الإنسان فلا وجود له في الواقع وكذلك في كتاب الله تعالى, فالبحث عن الدقة في كل شيء سمة هذا العصر, فالأولى أن نبحث عنها في تدبر القرآن الكريم  فمفتاح فهمه الأكبر هو معرفة الفرق بين كلماته مهما كان دقيقا كالفرق بين الزوج و البعل, الأب و الوالد, الشاهد و الشهيد, العباد و العبيد, قاتل و جاهد, النفس و الروح, المرأة و الزوجة, انفجرت و انبجست, نطق و لفظ, رسول و نبي... ومعرفة هذه الدقة في الاختلاف ستؤدي حتما إلى اختلاف المفاهيم الفقهية و العقائدية الشيء الذي سيجعلها مرفوضة عند السواد الأعظم من الناس, لأنك لن تكون أفضل من فلان في تدبر القرآن الكريم..

2: الفرق بين صفتي النبي والرسول..

محمد (ص) هو نبي ورسول [ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ] الأحزاب-40- إلا أن هناك فرق بين صفتي الرسول و النبي [يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ] المائدة-67- فصفة الرسول هي الجانب المسؤول عن تبليغ الرسالة [بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ] ( القرآن) وهي التي عصمها الله تعالى من الزلل والخطأ و النسيان [وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ]

بينما صفة النبوة جاءها العتاب أكثر من مرة في القرآن الكريم [ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] التحريم-1-

الشيء الذي يدل على أن هذه الصفة تمثل الجانب البشري لمحمد (ص) في تطبيقه لأوامر الرسالة ( لما تحرم ما أحل الله لك ؟), ذلك ما يفسر أيضا ارتباط الخاتمية بمقام النبوة, فالذي مات فعلا هو النبي ( خاتم النبيين) أما الرسول ففينا مادامت تتلى آيات الله علينا (الرسالة) [ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] آل عمران-101- .. لدى أمر الطاعة يرتبط دائما  بصفة الرسول (الرسالة) على مساحة النص القرآني بالكامل [قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ] ولم يأتي لمرة واحدة أطيعوا الله والنبي.. فالنبي بدوره مطالب بتطبيق أوامر الرسالة فقد يخرج عنها أحيانا (ص) ببشريته البسيطة ويأتيه التصحيح والتنبيه من الله تعالى في صفة الرسالة [ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا] الإسراء-73-

 

إذا الذي يأكل الطعام ويمشي في الأسواق هو محمد (ص)

و المعصوم المبلغ للرسالة (القرآن) هو صفة الرسول محمد (ص)

ومطبق هذه الرسالة على الأرض حسب الظروف والحيثيات هو صفة النبي محمد (ص)

لذلك محمد (ص) مارس السلطة من مقام النبوة, وكان قائد عسكري أيضا من مقام النبوة وكان الناهي و الآمر من مقام النبوة وكان مجتهدا فيها ولا تحمل الطابع الأبدي, فممارسته خارج الرسالة تعتبر فهما بشريا و أقواله خارج الرسالة تعبر عن نظرته الشخصية للأمور لا غير فهي تندرج تحت بند التاريخ وليست دينا, فالدين أتمت نعمته بتمام نزول القرآن ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فالنبي مات ولم يأمر أحد بكتابة سيرته الشخصية البشرية ولا حتى كبار المعاصرين له فعلوا ذلك كعمر وعثمان وعلي ..

بقلم: إبراهيم ايت ابورك

adamoon@live.fr

اجمالي القراءات 18311

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   يوسف الزروقي     في   الثلاثاء ١٣ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[70244]

السلام عليكم

االسلام عليكم يا استاذ

اشكرك على موضوعك الجميل واتفق معك في انه يجب التمييز بين المصطلحات المتشابهة في القرآن.. الامر الذي غفل عنه سلفنا ولم يعيروه اي قيمة فقد اعتقدوا ان هته المصطلحات تعني نفس الشيئ ولا فرق بينها واشتغلوا عن هذا العلم بأمور لم يجدر بها ان تلهيهم عن آيات الله التي هي اقوال الله تعالى فهل من شيئ يستحق الدراسة والاهتمام والتدقيق اكثر من كلام خالق هته الذرات وهذا الكون المذهل وكل هته المعادلات والعلوم التي يقشعر منها جسد الانسان ويشيب لمعرفتها شعره؟

بمناسبة ذكرك للفرق بين الرسول والنبي فاني اود سؤالك: قال تعالى(من يطع الرسول فقد أطاع الله) اذن فطاعة الرسول تستلزم طاعة الله وليس هناك هدف من ذكر طاعة الله والرسول كليهما؟ فطاعة الثاني (الرسول) تعني تلقائيا طاعة الاول(الله تعالى)... اي انك لن تقول مثلا (ادخل الى القسم ولا تغيب).. فدخولك يستلزم انك حاضر اي يكفي ان تقول (ادخل الى القسم) او ان تقول (لا تغيب).. فما معنى ان يذكر الله طاعة الرسول التي تستلزم طاعة الله وان يذكر معها طاعة الله ايضا؟

وشكرا جزيلا.


2   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الأربعاء ١٤ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[70246]

من أين العصمة؟

الأخ الفاضل،



انت قلت "و المعصوم المبلغ للرسالة (القرآن) هو صفة الرسول محمد (ص)"

والله قال انه هو سبحانه الذي سيعصمه من الناس، ولم يقل انه معصوم!

وان يعصمه من الناس هو بما يدعون عليه الكذب في الدنيا وبما سيخاصمونه في الآخرة، وليس في التبليغ!

وبأن ينسخ ما يلقي الشيطان في كتابه لكي يثبته لنا ونراه.



فالله يضع الرصد على كل كل رسول ، رصد مباشر،من بين يديه ومن خلفه ومن تحته، فإن تقول الرسول اي قول كذبا على الله اخذه بلا رحمة.

فلا يوجد عصمة في الدنيا لأحد، وإلا ما الفائدة من قوله تعالى (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) ؟!

ولكن إن فعل ... يعصمه الله من الناس

والتي تم تفصيلها في آيات أخرى :



إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ [٣٩:٣٠]

ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [٣٩:٣١]



وقال تعالى :

إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [١٥:٩٥]



وغيرها كثير من الآيات التي تبين للرسول انه ليس عليهم بوكيل بل اهم شيء ان يصدع لأمر الله ويتبع ما اوحي اليه وغيرها.

وان الله يوم القيامة سيكف عنه ما يدعون عليه من كذب وافتراء.



وشكرا لك على المقال الجميل








3   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   السبت ١٧ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[70287]

مقال مختصر مفيد

السلام عليكم ورحمة الله أستاذ / ابراهيم ايت ابورك مقالك مختصر ومفيد نشكرك عليه .


فهناك كثير من الآيات القرآنية الكريمة التي ذكرت لفظ الرسول  والتي جاءت بلفظ (ورسوله ) وقد جاءت في القرآن الكريم 81 مرة والتي نستفيد منها   أن الرسول هو القرآن الكريم بعد موت الرسول محمد عليه السلام ومنها هذه الآية التي ذكرتها في المقال أعلاه(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] آل عمران-101.


وأعتقد أن هذه الآيات من ضمنها أيضاً {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }النساء13.


{وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }النساء14.


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2011-06-02
مقالات منشورة : 13
اجمالي القراءات : 347,302
تعليقات له : 155
تعليقات عليه : 54
بلد الميلاد : المغرب الكبير
بلد الاقامة : تامزغا