مفطرو رمضان.. المطاريد فى دولة الفضيلة
أحمد البرديني تصويرــ إبراهيم عزت
نشر فى : السبت 11 يونيو 2016 - 8:41 م | آخر تحديث : السبت 11 يونيو 2016 - 8:41 م
- صاحب مقهى: «مش بحب أشتغل فى نهار رمضان لكن غلاء الأسعار دفعنى للعمل ورديتين».. منعم: خجلان من الإفطار لكنى مضطر بسبب الدواء.. سعيد: أنا حر ما لم أضر
يضطر أحمد منعم، «الاسم الذى اختاره لنفسه»، للبحث عن مقهى منزو فى محيط عمله فى شارع قصر العينى، يتوارى داخله عن الأنظار، أثناء تناول إفطاره مصحوبا بكوب من الشاى، تجنبا لأى مضايقات بصرية أو لفظية، من تلك التى تواجه المفطرين فى نهار رمضان بغض النظر عن سبب إفطارهم.
«أنا بقعد أدور على قهوة صغيرة علشان أشرب كوباية شاى وسيجارة» يقول منعم، الموظف الثلاثينى، حيث يجلس بمقهى «بوفيه» لا تزيد مساحته عن 5 أمتار بأحد الشوارع المتفرعة من قصر العينى، يتناول إفطاره الاعتيادى، ويشعل سيجارة فى هدوء شديد.
للعام الثانى على التوالى، يمتنع فيه منعم عن صيام رمضان، بسبب تناوله عقار الأنسولين الخاص بمرضى السكر، ورغم رخصة الإفطار بحكم مرضه فإنه يخجل من المجاهرة به، لعدم اعتياده ذلك منذ صغره.
تختلف الأجواء داخل المقهى الصغير عن الأيام العادية إلى حد لافت، تخفت أصوات الرواد وتندر الأحاديث بينهم إلا فى «الضرورة»، فيعلم الزائر أن مهمته ستنتهى فور قضاء حاجته باحتساء مشروبه، فيما يحافظ «القهوجى» على خصوصية مقهاه بإغلاق الواجهة، لمداراة زبائنه عن أعين المارة، وهو حال جميع المقاهى التى تعمل بنهار رمضان.
لم يعتد صاحب المقهى على تشغيله فى نهار رمضان من قبل، إلا أنه برر ذلك بتغير الظروف الاقتصادية مقارنة بالسنوات الماضية، يقول وهو يستند على «نصبة الشاى»: «مش بحب أفتح فى رمضان قبل الفطار لكن غلاء الأسعار خلانى اشتغل ورديتين».
«الزبائن من كل الناس شباب وكبار فيهم اللى مبيقدرش يصوم واللى بيتعب فيفطر»، يتحدث صاحب المقهى، عن تجربته فى العمل بنهار رمضان، غير مبال بالسجال الدائر على شبكة التواصل الاجتماعى عن تجريم المجاهرة بالإفطار وإغلاق بعض المقاهى التى تفتح أبوابها للمفطرين.
الأيام الماضية شهدت جدلا افتراضيا، بسبب بيان دار الإفتاء الذى قالت فيه: «المجاهرة بالإفطار فى نهار رمضان لا يدخل ضمن الحرية الشخصية للإنسان، بل هى نوع من الفوضى والاعتداء على قدسية الإسلام».
تحذيرات المجاهرين بالإفطار امتدت هذه المرة إلى مداهمة مقاهى بحى العجوزة فى نهار رمضان، بدعوى مخالفتها للتعليمات، الأمر الذى فسره المحامى عادل رمضان، الباحث فى المباردة المصرية للحقوق الشخصية، بأنه لا يتعدى كونه تصرفات شخصية تحركها دوافع عقائدية وليست قانونية من منفذى الضبط سواء فى الحى أو قسم الشرطة، موضحا أنه «لا يوجد أى نص فى أى قانون مصرى يجرم الأكل أو الشرب فى أى زمان ومكان».
واقعة العجوزة ليست جديدة، حيث سبق وأن ألقت الشرطة القبض العام الماضى على 25 مفطرا فى نهار رمضان بالتجمع الخامس، كما شهدت محافظة أسوان وقائع مماثلة حين ألقت الشرطة القبض على 150 شخصا لإجهارهم بالإفطار، لكن جمعيهم أخلى سبيلهم بعد فترة من التحقيق لعدم وجود سند قانونى لحبسهم.
مثل هذه الاجتهادات لا تشغل بال محمود سعيد، «24 عاما»، يقول: « كنت أصوم فى مراحل سابقة لكنى قررت التوقف عن ممارسة جميع فروض دينى التى منها الصيام».
«سعيد» يتعايش مع وضعية إجهاره بالإفطار بشكل طبيعى، إذ لم يتغير نمط حياته فى رمضان عن الأوقات السابقة من حيث تناول الوجبات الثلاث فى توقيتاتها دون حرج، يدافع الشاب عن موقفه: «أنا حر فى اختياراتى ما لم أضر، ولا أجرح صيام أحد لأنى بتعامل عادى».
«مطاردة المجاهرين بالإفطار ليست جديدة وفتوى دار الإفتاء ليست ملزمة للناس فهى تلزم القائل به وفقا للنصوص القانونية»، هنا يعلق عادل رمضان على الإشكالية الدينية، مشيرا إلى أن المصطلح نفسه يتداول فى الدولة الإسلامية أكثر من الدول ذات الدساتير المدنية التى يحكمها القانون.
اجمالي القراءات
3377