المصريون والإيرانيون والأتراك.. أراء متباينة حول الشريعة

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٣٠ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: إيلاف


اجرت مؤسسة جالوب الاميركية - المؤسسة الاولى فى اجراء استطلاعات الرأى والدراسات المسحية فى العالم – استطلاعا فريدا من نوعه على الاقل بالنسبة لنتائجه , حول اعتقاد شعوب مصر وايران وتركيا فى الشريعة الاسلامية سواء كمصدر وحيد للتشريع او واحده من ضمن المصادر الاخرى او عدمها. وكانت النتائج مثيرة للدهشة , حيث اعتقد الايرانيين - بلد الثورة الاسلامية - ان الشريعة يجب ان تكون مصدر للتشريع دون ان تكون المصدر الوحيد , فيما اظهرت استطلاعات الرأى اختلافا وانقساما بين الاتراك , لكن فى مصر كانت الاغلبية الكاسحة من الرأى العام مع الشريعة الاسلامية كمصدر وحيد للتشريع. وقد استند المؤسسة الى اراء 1043 مصرى تم مقابلتهم وجها لوجه و 1004 ايرانى و 1001 تركى.

مقالات متعلقة :


الرجال والنساء والشريعة

واذا كان يزعم ان المراه في كثير من الاحيان تعارض القانون الديني، لكن كان لافتا فى النتائج التي توصل اليها الاستطلاع تشابه وجهات نظر الرجال والنساء فى كل بلد من الثلاثة على دور الشريعة في التشريع. ففي ايران اغلبيه الرجال (62 %) والنساء (64 ٪) قالوا لمؤسسة غالوب ان الشريعة الاسلامية يجب ان تكون مصدر التشريع لكن ليس المصدر الوحيد. بينما اتفقا الرجال والنساء بنسبة مماثلة (14 ٪) على وجوب ان تكون الشريعة كمصدر وحيد للتشريع، فى حين قال على الأقل 2 فقط من 10 من الرجال و 1 من 10 سيدات أنها لا ينبغي أن تكون مصدر التشريع.

اما اراء المصريين حول دور الشريعة الاسلامية كانت على النقيض تماما من الايرانيين. ما يقرب من الثلثين (64 ٪) من الرجال والنساء قالوا يجب أن تكون الشريعة المصدر الوحيد للتشريع، في حين ان نحو الربع (24 ٪) من الرجال والنساء قالوا انها يجب ان تكون واحده من المصادر. وقلة من المصريين حوالى 3% من الرجال و 2 % من النساء قالوا إنها لا ينبغي ان تكون مصدرا للقانون الوطني.

بينما النتائج التي توصل اليها استطلاع الرأي في تركيا كشفت انقسام الرأي العام التركي حول دور الاسلام في الحياة العامة. 41% من الرجال والنساء اعتقدوا انه لا ينبغي للقانون الدينى أن يكون مصدرا للتشريع. ونحو الربع من المستطلعين (27 % من الرجال و 24 %من النساء) اعتقدوا ان الشريعة يجب ان تكون احد مصادر التشريع، و8 % من الرجال و 6 %من النساء قالوا انه يجب ان تكون المصدر الوحيد. غير ان العديد في المجتمع التركي لم يبد رأيا حول دور القانون الديني حيث قال 24 ٪ من الرجال و 29 ٪ من النساء انهم لا يعرفون او رفضوا الاجابه.

الشريعة عبر الأجيال

وبالنظر الى اعمار المستطلعين كشف الاستطلاع ان كبار السن مع الشريعة كمصدر وحيد للتشريع اكثر من الشباب , ويظهر ان هذا النمط أضعف فى تركيا عنه فى ايران ومصر. ففى ايران 22% من كبار السن (46 عاما وما فوق) , قالوا انه يجب ان تكون الشريعة المصدر الوحيد للتشريع مقارنة ب 72 %من المصريين فى نفس الحقبة العميرة و12 % من الاتراك اما الايرانيين ممن تمتد اعمارهم من 30 الى 45 سنه كانوا مع الشريعة كمصدر للتشريع ليس وحيدا بنسبة 67% وهى نفس نسبة المصريين فى نفس الحقبة العميرة الذين مع تطبيق الشريعة كمصدر وحيد , بينما اعرب 23% فقط من المصريين عن اتفاقهم على الشريعة كمصدر للتشريع. و اعرب 57% المصريين فى الفئة العميرة التى تمتد من 15 الى 29 سنه عن اتفاقهم على الشريعة كمصدر وحيد و30% كمصدر من ضمن مصادر بينما كان هؤلاء نسبتهم فى ايران 66% وفى تركيا 26%.

التعليم والشريعة

وبالنسبة لعلاقة المستوى التعليمى باختيار الشريعة , لم يبين الاستطلاع دورا للمستوى التعليمى فى اختيار المصريين للشريعة كمصدر وحيد للتشريع , حيث اعتقدت الاغلية الساحقة من المصريين بغض النظر عن التعليم سواء من توقف تعليمهم عند المرحلة الابتدائية اواقل , او ممن اكملوا المرحلة الثانوية وما فوق , انه يجب ان تكون الشريعة الاسلامية كمصدر وحيد للتشريع بنسبة 68% و 63% على الترتيب , بينما قلة من المصريين حوالى 4% لم يكونوا مع تطبيق الشريعة واعتقد 13 % ان تكون الشريعة كمصدر لكن ليس وحيدا. بينما ما يقرب من ربع الايرانيين (23 ٪) من الحاصلين على التعليم الابتدائي او اقل و 13 ٪ من الذين انهوا التعليم الثانوي اعتقدوا انه يجب ان تكون الشريعة المصدر الوحيد للتشريع. وقال 48 % ممن اصحاب التعليم الابتدائى انهم مع تطبيق الشريعة مقارنه ب 65% ممن حصلوا على التعليم الثانوى اعتقدوا ان الشريعة ينبغي أن تكون مصدر التشريع ليس وحيدا. فى حين قال 20% من الحاصلين على تعليم ابتدائي او اقل انهم لا يعرفون او رفضوا الاجابه.

لكن في تركيا الآراء حول دور الشريعة الاسلامية كانت منقسمة. 34% من الاتراك ممن حصلوا على تعليم ابتدائي او اقل و 22 % من الحاصلين على التعليم الثانوي قالوا انهم لا يعرفون او رفضوا الاجابه. بينما 12% من الاتراك ممن هم فى مستوى التعليم الابتدائي او اقل مقارنة مع 4 ٪ من الاتراك ممن انهوا المرحلة الثانويه قالوا ان القانون الديني يجب ان يكون المصدر الوحيد للتشريع. فى حين قال 30 % من الاتراك ذوات المستوى التعليمى المنخفض انهم مع عدم تطبيق الشريعة مقارنه ب 46% ممن ذوات التعليم العالى.

وخلص الاستطلاع الى انه في ايران 73 % من الرجال و 78 % من النساء قالوا ان الدين يلعب دورا هاما في حياتهم. بينما في مصر تبين ان جميع الرجال (98 ٪) والنساء (99 ٪) قالوا نفس الشيء. وحتى تركيا العلمانية وجد الدين يلوح بقوة في الافق بالنسبة لمعظم الافراد حيث قال 74 % من الرجال و 72 ٪ من النساء لمؤسسة غالوب ان الدين يلعب دورا هاما في حياتهم.

اسباب متباينة

وحول اسباب ذلك اعتبرت المؤسسة ان الدين منذ الثورة الاسلامية اصبح جزءا لا يتجزأ من هوية ايران، الامر الذي قد يفسر تفضيل اغلبية الرجال والنساء فى ايران وجود الشريعة الاسلامية في المجال العام. وارجعت المؤسسة السبب في مصر الى جماعة الاخوان المسلمين التى اكتسب الكثير من وزنها السياسي في السنوات الاخيرة وهو ما اولد اتجاه ايجابي عن تأثير الشريعة اعلى من تلك التي لوحظ في ايران. وقالت المؤسسة ان هذا الاستنتاج يشير الى ان المصريين يتوقون الى الشريعة كبديل عن النظام القانوني الحالي، الذي يستخدم عناصر من القانون المدني الاوروبي والقانون الديني. بينما تركيا العلمانية لم يكن مستغربا ان نلاحظ ان الرأى العام التركى منخفض نسبيا بشأن مسألة الشريعة الاسلامية عند مقارنته مع مصر وايران. ومع ذلك فإن نسبة كبيرة ممن قالوا "لا اعرف" او "رفضوا الاجابه" يشير الى كثير من الغموض حول دور الشريعة الاسلامية في الحياة العامة التركية.

عموما, اظهرت نتائج الاستطلاع تشابه اراء الرجال والنساء فى كل بلد حول الشريعة بغض النظر عن السن أو التعليم. فاغلبية الايرانيين والمصريين مع اهمية ان يلعب القانون الديني دورا على الاقل في التشريع. ويعتقد الايرانيين والمصريين بل وكثير من الأتراك فى امكانية تكامل الدين والحكومة .

ايجابيات وسلبيات

لكن بهذة النتائج لم يخلص الاستطلاع بعد , حيث استدرجت المؤسسة المشاركين الى معرفة ارائهم الخاصة بالسمات الايجابية والسلبية المرتبطة بتطبيق الشريعة كمصدر وحيد او من ضمن مصادر للتشريع فى محاولة رامية الى فهم تاثير الشريعة على التشريعات وكانت الردود من جانب المعتقدين ايجابية فى الدول الثلاثة, وان كانت ردود المصريين الاكثر ايجابية رغم ان الشريعة تعني في كثير من الاحيان صورة تقييديه في نظر المجتمع، حيث يضطر السكان الى الامتثال لمجموعة من القواعد والالتزامات، وقد توصلت النتائج الى ان الاغلبيه ربطت الشريعة بسمات ايجابية. 97% من المصريين و76 ٪ من الايرانيين و 69 ٪ من الاتراك ربطوا الشريعة بتوفير العدالة للنساء. واغلبيه قوية في ايران حوالى (80 ٪) و مصر (96 ٪)، وتركيا (63 ٪) , قالوا ان الشريعة تعزز نظام العدالة. وبالاضافة الى ذلك، الاغلبية في ايران (77 ٪) وتركيا (70 ٪) اكدوا ان الشريعة تحد من الفساد.

وقداعرب 85% من المصريين انها تحمى حقوق الاقليات و97% قالوا انها تضمن حقوق الانسان و94% قالوا انها تعزز العدالة الاقتصادية و 96% قالوا انها تعزز التقدم العلمى , و 93% قالوا انها تقلل الجريمة.

في حين ان 28 ٪ من المشاركين الايرانيين قالوا انها تعطى الحكومة سلطة غير محدودة، واعتقد (46 ٪) انها تحد من صلاحيات الحكام. بينما في مصر لم تطلب مؤسسة غالوب رأى المشاركين فيما اذا كانت الشريعة تعطى الحكومة سلطة غير محدودة وان كان 49 ٪ من المصريون اعربوا عن اعتقادهم فى تقليص الشريعة لسلطة الحكام.

وبالاضافة الى ذلك، حوالي ثلث المشاركين المصريين (35 ٪) والاتراك (32 ٪) ممن اعتقدوا فى ان تكون الشريعة الاسلامية مصدرا للتشريع قالوا انها تحد من الحرية الشخصيه. لكن 4 ٪ من المصريين فقط قالوا انها من الممكن ان تكون عقبة امام التقدم العلمى مقارنة ب 26 ٪ من الاتراك .


ولأن الانظمه السياسية في ايران، ومصر، وتركيا مختلفة كليا وتطبيق المبادئ الاسلامية في البلدان الثلاثة تختلف اختلافا كبيرا، فإن النتائج التي توصل إليها الاستطلاع فريدة من نوعها بالنظر في آراء السكان في القانون الديني.

فى حين اعرب 76% من الايرانيين انها تحد من الجريمة ، و76% قالوا انها تعزز العدالة للنساء , وحمايه حقوق الانسان بنفس النسبة .ومن السمات السلبية للشريعة وفقا ل 16% من الايرانيين انها تضطهد المراه.وقال 28 ٪ ممن شملهم الاستطلاع انها تعطى الحكومة سلطة غير محدودة.

بينما 68% من الاتراك قالوا انها تحد من الجريمة ، و63% قالوا انها تشجع نظام قضائي عادل، و62% قالوا انها مع حمايه حقوق الانسان.وقال 23% انها تحد من سلطة الحكام، وقال26% انها عقبة امام التقدم العلمي ، و22% قالوا انها تضطهد النساء ،و21% قالوا انها تضطهد الاقليات.

من الاستطلاع يمكن القول ان سكان ايران ومصر وتركيا اعربوا عن مستويات مختلفة من الايجابيات والسلبيات المرتبطة بالشريعة تعبر عن اماني ورغبات السكان. الاراء الايجابية عن الشريعة توحي بأنها لا ينظر الى هذه العملية باعتبارها نظام مقيد، الأمر الذي قد يفسر لماذا يريدون ان تكون الشريعة الاسلامية مصدرا للتشريع على مختلف المستويات. فهى تعني بالنسبة للكثير الحكم الرشيد وسيادة القانون.

اجمالي القراءات 4969
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق