آحمد صبحي منصور Ýí 2019-02-20
حوار حول المقال السابق : (رسالة الى الرئيس السيسى حول إنفجار الأزهر الأخير )
مقدمة
حظى مقال الأمس بتعليقات بعض الأحبة ، كان تعليق الاستاذ محمد عبد المجيد ( طائر الشمال ) تحت عنوان (الدكتور أحمد صبحي منصور يصرخ في الصُمّ!) و د عثمان محمد على ، تحت عنوان :(السيسى لا امل فيه) والاستاذ سعيد المجبرى تحت عنوان :( ما بين مهادنة الطاغوت و شماتة الكهنوت ) والاستاذ اسامة قفيشة بعنوان : ( ما لا افهمه ) و د . مصطفى اسماعيل حماد بعنوان : ( الشر المعبود ) والاستاذ بن ليفانت بعنوان : ( أخيرا و ليس آخرا ). تعليقات هادفة ، اشكرهم عليها ، وأكتب هنا وجهة نظرى .
أولا : بين الجهل والوعى
1 ـ أسس الوالى محمد على باشا مجلسا للمشورة ، جاء حفيده الخديوى اسماعيل باشا وحوّل هذا المجلس الى ( مجلس شورى النواب ) على النسق الأوربى ، وإفتتحت أولى جلساته فى 25 نوفمبر عام 1866 . وكان أول مجلس نيابى فى المنطقة . فى أول جلسة قيل للنواب أن يفعلوا مثل برلمانات أوربا ، أن ينقسموا الى قسمين ، قسم يجلس على ( اليمين ) وهم الذين يوافقون ( أفندينا : الخديوى ) ، وقسم يجلس على اليسار، وهم الذين يعارضون (أفندينا : الخديوى اسماعيل) . بادر الجميع الى الجلوس على اليمين لأنهم لا يتصورون أن يعارضوا ( أفندينا : الخديوى اسماعيل ) . الذى لم يفهمه الخديوى اسماعيل أن الديمقراطية تستلزم وعيا ، وهذا الوعى يتأتى بتعليم حقيقى لكل الشعب ، كى يمارس الديمقراطية بمعنى المشاركة السياسية .
2 ـ والواقع إن اسماعيل أحدث نهضة تعليمية بين النُّخبة ، إستمرت بعده ، ولكن هذه النهضة التعليمية ظلت محصورة فى الطبقة العليا من الشعب ، ليس فقط فى أن الدولة كانت ترسل الطلبة للتعلم فى أوربا ، بل كان يفعل ذلك الإقطاعيون والرأسماليون ، وظلت أغلبية الشعب المصرى فى جهل قاتم قائم . فى اوائل القرن الماضى حصل الطالب محمد حسين هيكل على ( الدكتوراة ) فى القانون من السوربون عام 1912، وقد أصبح من أعمدة الأدباء والسياسيين والحقوقيين ، وهو أول من كتب رواية مصرية ( زينب ) وتحولت الى فيلم . وتولى الوزارة أكثر من مرة . د محمد حسين هيكل من قرية (كفر غنام ) وهى لا تبعد كثيرا عن قريتنا ( أبو حريز ) . عاد من السوربون ليعمل فى المحاماة ، ثم رأى أن يرشح نفسه فى الانتخابات النيابية فى مسقط رأسه . غريمه كان من أبناء المنطقة . اشاع بين الناس أن د محمد حسين هيكل يؤمن بالديمقراطية ، وهى المشاركة الجنسية فى النساء بمعنى أن يشاركك الآخرون فى زوجتك وأن تشارك الآخرين فى زوجاتهم . إستنكر أهل ( الدائرة الانتخابية ) أن يقول المرشح ابن دائرهم هذا. فقال لهم الرجل : إسألوه بأنفسكم : هل هو ديمقراطى أم لا ؟ . سألوه فى محفل عام فقال بحماس : إنه ديمقراطى. فإنفضوا عنه وخسر الانتخابات فى تلك المرة.
الذى لم يفهمه د محمد حسين هيكل أن أهل دائرته الانتخابية جهلاء لا يصلحون للديمقراطية بل لا يعرفون معناها. الديمقراطية لا بد لها من وعى ، وهذا الوعى لا يتأتى إلا بتعليم حقيقى لكل الشعب كى يمارس الديمقراطية بمعنى المشاركة السياسية.
ثانيا : بين الوعى و تعليم الجهل
1 ـ هناك ( جهل ) وهو مرض فظيع . هناك ما هو أفظع من مرض الجهل ، وهو تعليم مرض الجهل . ثم هناك الأشد فظاعة ، وهو تعليم مرض الجهل على انه الاسلام ، أى تعليم الجهل وربطه بالدين الاسلامى ، ويحدث هذا حين يسيطر دين أرضى على دولة يحمل شعار الاسلام فيهبط بهذد الدولة الى أسفل سافلين .
2 ـ فى عهد الخديوى اسماعيل لم يكن الأزهر سوى ذلك الجامع ببعض الطلبة فيه بينما تتجه مصر الى أوربا تتعلم منها ، ثم جاء محمد عبده فحاول إصلاح الأزهر ، وسار هذا الاصلاح متلكئا متمهلا على يد الظواهرى ومن جاء بعده ، وتم إفتتاح بعض معاهد دينية أزهرية فى القاهرة والاسكندرية والزقازيق وغيرها مع بعض الجامعات التراثية ، أقيمت بالقرب من الجامع الأزهر . ثم توسع العسكر من عهد عبد الناصر فى التعليم الأزهرى بغرض سياسى ، وتعاظم التوسع فى عهد مبارك الى درجة أن تحول الأزهر الى عدة جامعات وعشرات الكليات وعشرات الألوف من المعاهد الابتدائية والاعدادية والثانوية ، وواكب هذا إنتشار الوهابية بحيث طغت على الأزهر والتعليم العادى والاعلام والمساجد ، ومن الطبيعى أن تؤثر على الحياة السياسية ، بدءا من المزايدة المستمرة بين العسكر والوهابيين فيمن هو الأشد إيمانا وإنتهاءا بإستغلال الدين فى الحملات الانتخابية.
أذكر أن أحد الشيوخ ترشح عن الحزب الوطنى الحكومى فى عصر مبارك ، وقال أرباب هذا الحزب إنهم لا يحتاجون الى تزوير فى هذه الدائرة الانتخابية لأن نجاح هذا الشيخ مضمون . وفعلا رفع هذا الشيخ شعارا يقول : ( سيبوا الدايرة لأهل الله ) أى لأولياء الله . الذى لم يعرفه هذا الشيخ أن عبارة ( أهل الله ) هى كفر بالله جل وعلا ، لأن (اهل الرجل ) بمعنى الزوجة ، ولأن الأهل إجتماعيا يعنى الأقارب ، والله جل وعلا ما إتخذ صاحبة ولا ولدا ، وهو جل وعلا الأحد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. الشيخ الذى يعبر عن الدين الأرضى السائد لا يعرف أساس الاسلام الذى جاء فى سورة (قل هو الله أحد ) ولكنه يعرف ثقافة الجهل الدينى التى يتم تعليمها فى الأزهر فى مادة التربية الدينية فى التعليم الرسمى وفى المساجد ، ومنها عبارة ( اهل الله ) ، ولنه يعتبر نفسه من ( أهل الله ) ويعتبره الناس من اهل الله فقد إتخذ هذا الشعار ( سيبوا الدايرة لأهل الله ) لكى يصل الى مجلس الشعب. ووصل به الى مجلس الشعب . !.
2 ـ فظاعة تعليم الجهل أن صاحبه يظن نفسه متعلما . الجاهل العادى الذى لا يقرأ ولا يكتب يعترف بهذا ، وقد تكون لديه قابلية وإستعداد للتعلم . ولكن الذى يتعلم جهلا يحسب نفسه متعلما ويتغطرس على الآخرين . فإذا تعلم الجهل الدينى فهو يتصور نفسه المبعوث من رب العالمين لهداية الناس أجمعين ، وهو ينشر جهله وخرافاته على أنها صحيح الدين ، ومن يعارضه فمن الكافرين .
3 ـ من اسف فإن ثقافة الجهل الدينى هى المسيطرة الآن على مصر ، وهى التى تنذر بتحولها الى حمامات دم ومقابر جماعية أغلب أصحابها من المستضعفين فى الأرض . والحل هو أن يحلّ الوعى محل الجهل الدينى . وهذا الوعى يستلزم تعليما حقيقيا .
4 ـ بدون هذا الوعى دعنا نتخيل الاستاذ محمد عبد المجيد ( طائر الشمال ) مرشحا فى إنتخابات نزيهة ونظيفة ولا مجال فيها مطلقا للتزوير . الاستاذ محمد عبد المجيد أديب مبدع وصاحب رؤية . هل ممكن أن ينجح فى إنتخابات نظيفة يعبر فيها المواطنون عن رأيهم ؟ لن ينجح إلا إذا كان هناك وعى مؤسس على تعليم حقيقى .
5 ـ أنا أنتمى الى المستضعفين فى الأرض ، أدافع عنهم خوفا عليهم وشفقة بهم . تخيل أننى أسير فى مدينة مصرية بين الناس، وعرفوا أننى فلان منكر السنة الذى يكره النبى والصحابة كما يشيعونه عنى . فماذا سيحدث لى؟ أولئك المستضعفون الذين أدافع عنهم سيبادرون بقتلى ليدخلوا الجنة ، فهذا ما تعلمون من شيوخ الأزهر .
ثالثا : الوعى ( الفريضة الاسلامية الغائبة )
1 ـ ( الوعى) ليس من مصطلحات القرآن الكريم . ولكن معناه تكرر عشرات المرات فى مصطلحات ( يبصرون ) ( يفقهون ) ( يعلمون ) ( يتذكرون ) (يعقلون ) ( يتفكرون ) ومشتقاتها . الكتابة فى هذا تحتاج مجلدا كاملا . ولمجرد التذكير نقرأ قوله جل وعلا : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٢﴾ يوسف ) ( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٣﴾ الزخرف)( كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٦١﴾ النور) (أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٤٤﴾ البقرة ) ( أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٦٠﴾ القصص ) ( أَفَلَا يَعْقِلُونَ ﴿٦٨﴾ يس ).
2 ـ التعقل والتبصر والتفقه والتذكر والتفكر والتعلم يعنى أن يتكون لديك وعى بتفعيل عقلك وتشغيل ( مخّك ). ويبدأ هذا بتعليم الطفل على المناقشة وإحترام حق الخلاف وحرية الآخر المخالف فى الرأى . هذا يتنافى مع اسلوب التلقين والتحفيظ وإستظهار النصوص القرآنية دون فهم حقيقى ، بل فهمها على هوى أصحاب الدين الأرضى السائد ، فالكافرون ( مثلا ) هم المخالفون لرأينا ، ولا بد من قتلهم وقتالهم . يتلقى الطفل هذا فى الصغر فيثبت فى دماغه ، وتأتيه الفرصة للتطبيق فيتحول الى قنبلة موقوتة .
3 ـ الوعى بمعنى التعقل والتبصر والتفقه والتذكر والتفكر والتعلم يمنعك أن تسمح لدجال يمتطى ظهرك باسم الدين أو بإسم القومية أو بإسم الوطن .
رابعا : مستحيل أن تنجح الديمقراطية بتسيد تعليم الجهل
1 ـ فى ظل الجهل الذى يرتدى ثوب الاسلام لم تنجح الديمقراطية فى باكستان . تاريخها سلسلة من حكم ديمقراطى فاشل يليه إنقلاب عسكرى. وهو نفس ما يحدث فى السودان ، وما سيحدث فى العراق. من يصل الى الحكم يمارس الفساد والسلب والنهب الى أن يسقط ، والمستضعفون فى الأرض هم الذين يهتفون وهم الذين يجوعون وهم الذين يُقتلون .
2 ـ قبل ممارسة الديمقراطية لا بد من تسيد ثقافة الديمقراطية عبر إصلاح تعليمى وتشريعى يؤكد على حرية التعبير. بدون هذا الاصلاح يكون الشعب أشبه بمريض بالسرطان نضع على وجهه مساحيق خادعة .
3 ـ بدون هذا ستظل مصر فى دائرة الصراع بين العسكر والاخوان وتوابعهم . وستظل التفجيرات ومسلسل الدماء ، وبلا نتيجة . فإلى متى سيظل هذا الوضع قائما ؟ .
4 ـ ليس هناك أمل فى التغيير من داخل الشعب . يبقى الأمل فى الفرعون الحاكم . لا بأس أن ينصب نفسه حاكما طول العمر ، فالمستبد يبقى فى الحكم حتى العزل او الموت ، والشعب فى حالته هذه لن يستطيع تغيير الوضع . لا يبقى إلا أن نطالب السيسى بإصلاح يتبنى ( التحوّل الديمقراطى ). وتعبير التحوّل الديمقراطى يعنى وقتا طويلا يستغرق ما بقى من عمره وعمر من سيأتى بعده . فالتحول الديمقراطى عملية كبرى متصلة ليتعلم الناس معنى الديمقراطية وثقافة حقوق الانسان وحقوق المواطنة المتساوية للجميع وأن لا أحد يعلو فوق القانون الذى يسُنّه مجلس نيابى تم إنتخابه معبرا عن شعب صاحب وعى ، لا تخدعه الشعارات ولا يعطى عقله أجازة مفتوحة .
5 ـ الرئيس السيسى شأن أى فرعون يحتاج الى كهنوت دينى . وشيخ الكهنوت يعرف هذا ، وشيخ الكهنوت لا يستطيع إصلاح مناهج الأزهر، وهو يرفض الاصلاح اصلا . وأمام السيسى إمّا أن يضحى بشيخ الأزهر ويقوم بالاصلاح السلمى ويكتسب مشروعية سياسية بين الشعب وإما أن يظل يستجدى شيخ الأزهر ، ويظل مبتعدا خائفا من الشعب ومن المستقبل .
أخيرا
1 ـ من عام 1982 وأنا اكرر الدعوة الى الاصلاح بلا ملل وبلا سأم . لم يستجب مبارك ، ولا يهمنى إن إستجاب الرئيس السيسى أو رفض .الكاتب المُصلح يخاطب الأجيال القادمة.
2 ـ أيها الجيل القادم : هل تسمعنى ؟
حفظكم الله جل و علا و ستبقى أبحاثك و مقالاتك أساس قوي لن تطمسه رمال الأفكار الاستبدادية و حكم الفرد الواحد ! المُصلح و عبر التاريخ لا توجد لديه الآلية القوية لتحقيق أفكاره و ربما ( أقول ربما ) لو وجد نفسه في مكان السلطة لتغير ( غصبا عنه ! ) و لندم أشد الندم ليس لانه ( تغير ) ! بل لانه شعر أن الموقف أكبر من رأي لمفكر . إن أفكار هذا المقال رائعة جدا جدا ( انها حوصلة لمقالات و أبحاث كثيرة ) و لكن تطبيقها صعب جدا جدا و لكن ليس مستحيلا و العامل الأساس هو الإيمان بهذه الأفكار و تغيير الفكر السائد و الصبر و الإيمان بالنجاح .. الدكتور أحمد يوجه أفكاره الإصلاحية لمصر لانه ( مصري صميم و يحمل مصريته عار على جبينه ! ) هنا تحس و تشعر و تتألم بحجم رحيق الفكر الإصلاحي العميق المعجون ( باللا يأس و ببصيص الأمل ) .
سمعك الجيل الحالي و بلا شك ستسمعك الأجيال القادمة ... و ستبقى افكارك شاهده على عمق مصريتك .. و الله جل و علا هو المستعان و لا يكلف نفسا الا وسعها .
بعد قراءة متأنية لمقال د أحمد وتعليقات الإخوة الأحبة أجد الجميع يركز على التنوير ونشر الثقافة الحقيقية وهذا جيد ,ولكن ماذا عن طبيعة الشعب المصرى؟ هذا الشعب الذى يستمرئ الذل ويتغذى بالخنوع وكما قلت سابقا يعين الظالم على المظلومين ويتشفى فيهم لله فى لله, ثم أيستطيع المستبد أيا كان جبروته أن يستمر دون معاونة من قطاع كبير من الشعب؟صدقونى هذا الشعب ميئوس منه تماما ولن يأتى بأى خيروأنا أحسد العزيز بن ليفانت على قوة عزيمته وصموده وتمسكه بمبادئه أما عنى أنا فقد انسحقت تماما. بل إنه لمن دواعى أسفى أننى صرت (أسايس أمورى)و(أمشى حالى)بشرط عدم التنازل عن قيمى وأخلاقى وبشرط ألا انحدر للمحرمات وبالطبع فتحقيق هذه المعادلة يستلزم مهارة فائقة اضطررت إليها ولا حول ولا قوة إلا بالله .يقول تشرشل (كل شعب يستحق الحكومة التى تحكمه ) أليس محقا فى ذلك؟
(فالمستبد مصرى وأجهزته الأمنية والقضائية مصرية صميمة . والمصرى الضعيف يتسلط على من هو أشد منه ضعفا )، هذا هو القول الفصل ودعونا من السياحة فى أحلام يقظة لن تجدى فتيلا. شكرا دأحمد.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5126 |
اجمالي القراءات | : | 57,156,069 |
تعليقات له | : | 5,453 |
تعليقات عليه | : | 14,831 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الغزالى حُجّة الشيطان : الغزالى فى الإحياء يقرر الحلول فى الله والاتحاد به تبعا لوحدة الوجود ( 3 )
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يقرر أفظع الكفر ( وحدة الوجود ) ( 2 )
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يرفع التصوف فوق الاسلام ( 1 )
دعوة للتبرع
ذنب مغفور: استاذ احمد كان الله في عونك ، واتمن ى لو...
أهل المصاطب: حقيق ة إستفس اراتي بخصوص هذا الموق ع : أهو...
التمائم: هل التما ئم من الشرك ؟...
لا مبدل لكلمات الله: ( لا مبدل لكلما ت الله ) . الا تعتبر التور اه ...
عليكم أنفسكم : انا ساكن مع شاب مصري نوبي وشاب سودان ي وطبعا...
more
السلام عليكم
لا أحد (عنده ذرة من العقل) يدعي أن الديموقراطية يمكن تطبيقها بين يوم وليلة، أو أن المجتمع سيتقبلها بصدر رحب ويرقص على أنغامها، وهناك طبقة كبيرة من هذا المجتمع البائس يرفضها أصلا. لندع هذا المصطلح جانبا وأنا لم أذكره لذاته وانما لتوضيح الفكرة التي أردت ايصالها.
لقد حصلت في دولة عربية سنة 2011 مظاهرات تنادي بـ (شوية حرية)، وكان بوسع سيادة الحاكم أن يستوعب الطلب، ولو أجرى مثلا انتخابات حرة لنجح فيها وبمعدل 60% على الاقل، ودخل التاريخ من بابه المشرف، لكنه رفض ذلك واستعمل القوة ضد المتظاهرين، إذ اعتبرها بداية النهاية (أول الغيث قطر) وهو يتبنى أيضا نفس الفكرة القائلة بأن المجتمع لم يصل إلى النضوج ليتقبل الديموقراطية. لا أريد هنا التشبيه، فانتم تقولون هذا، وهو قول حق، وهدفكم الاصلاح وغيركم يقوله ويريد به باطلاً. الدولة في العالم العربي ومعها المجتمع يعاني من آفات عديدة واهمها الجهل، ولنسلم بأن القضاء على هذا الجهل وكما ذكرتم يكون "بالتعقل والتبصر والتفقه والتذكر والتفكر والتعلم يعنى أن يتكون لديك وعي بتفعيل عقلك وتشغيل (مخّك)، ويبدأ هذا منذ عهد الطفولة". هنا أسأل لماذا لم يبدأ الحكام بهذا حتى الآن؟ طبعا ستظهر اسباب لذلك، وفي علاج هذه الاسباب تخرج اسباب اخرى، واذا تابعنا الامر سنصل مرة اخرى إلى تعليم الاطفال. وحتى اوضح الفكرة أذكر هذه الحكاية: الاب طلب من ابنه احضار ماء من البئر، سأله الابن: بماذا احضر الماء؟ الاب: بالسطل، الابن: لكن السطل فيه ثقب، الاب: سد الثقب، الابن: بماذا؟ الاب: بالتبن، الابن: لكن التبن طويل لا يصلح، الاب: قَصِّره، الابن بماذا؟ الاب: بالسكين، الابن: لكن السكين غير حادة، الاب: اشحذها، الابن: كيف؟ الاب: بحجر الشحذ، الابن: لكن الحجر جاف، الاب: بلله بالماء، الابن: لايوجد ماء، الاب: احضر ماء من البئر.....وهلم جره (على فكرة: هذه اغنية ألمانية للاطفال). هذه علاقة دائرية لا أول لها ولا آخر. المطلوب هنا كسر هذه العلاقة، بكلمة اخرى فرض حل بطريقة ما أو اخرى لازالة أحد الاسباب فيها، فالديكتاتور لن يسمح بذلك من ذات يده لأنه ليس غبيا إذ بها تكون نهايته. هذا ما حصل سنة 2011 أو في العراق عندما انهى الامريكان حكم صدام حسين. بعدها حدث فراغ لم تملؤه قوى تحمل فكرا مستنيرا ولها تأثير في المجتمع بحيث تصل بهذا الفكر إلى قلوب الناس. امريكا استعانت بدجالين همهم جمع أكثر ثروة ممكنة، فهل كان هذا غباء أم مقصودا؟ الله أعلم. في كل الاحوال هم نجحوا في المرحلة الاولى واخفقوا في المرحلة التالية. في مصر نجح (الثوار) في المرحلة الاولى ثم فشلوا بعد ذلك في تقييم الاوضاع لانعدام الفكر المستنير عند المجموعات الفاعلة. انتم تمتلكون هذه الافكار المستنيرة، لكنكم لم تصلوا إلى قلوب الناس بحيث يصبح لكم تأثير في مجرى الامور، هذا بالرغم من مضي 37 سنة على كفاحكم. فما هو السبب؟ ربما يقول أحدكم أن هذا الادعاء غير صحيح، فهناك قبول متزايد على هذا الفكر. إذا كنتم مقتنعين بهذا الرأي، فانتظروا ونحن معكم منتظرون. أما إذا كان عندكم نفس شعوري فمن الواجب البحث عن الاسباب، الاسباب الذاتية وليس العوامل الخارجية، إذ أن البشر وخاصة العرب يرمون عادة باللوم على هذه العوامل الخارجية ويصلوا بذلك إلى أن الذنب ليس ذنبهم.أو كما تقول الملايين في العالم الاسلامي: هذه مشيئة الله...