إحتجاز ياسر برهامي بمطار برج العرب يعمق الخلاف بين السلفيين والإخوان في مصر
الخلافات واضحة بين السلفيين والاخوان المسلمين، لكنها تعمقت واحتدت مع احتجاز أمن مطار برج العرب في الاسكندرية ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، واعادت الأمور إلى ما كانت عليه في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أشعل إحتجاز الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية، في مطار برج العرب أثناء عودته من أداء العمرة، الخلافات بين جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة والدعوة السلفية، اللتين ظهرتا حليفين بعد الثورة التي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، لكن سرعان ما إنفض التحالف السياسي مع الإنتخابات الرئاسية، إثر تأييد السلفيين للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في الجولة الأولى، ثم عقد لقاءات سرية مع الفريق أحمد شفيق، منافس الرئيس محمد مرسي في الجولة الثانية.
وإتهم السلفيون الإخوان المسلمين بمحاولة عقاب برهامي على مواقفه المناهضة للنظام ومرسي، إضافة إلى أن إحتجازه لمدة ثلاث ساعات بالمطار يدشن عودة ممارسات جهاز أمن الدولة، كما كانت في عهد مبارك.
على طريقة مبارك
وفقًا للدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، فإن إحتجاز برهامي في مطار برج العرب يمثل عودة للممارسات البوليسية بحق المعارضين، على طريقة النظام السابق، وأضاف لـ"إيلاف" أن الإسلاميين ولاسيما السلفيين عانوا كثيرًا من تلك الممارسات في ظل سيطرة أمن الدولة في عهد مبارك على مفاصل الدولة كلها، وإضطهاده للإسلاميين، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات ما زالت مستمرة حتى الآن، مع المنتمين للتيار الإسلامي أيضًا، وكأن الثورة لم تندلع.
وأشار إلى أن حزب النور والدعوة السلفية لن يجعلوا تلك الواقعة تمر مرور الكرام. ودعا مرسي إلى توضيح موقفه من هذا الأمر، مشيرًا إلى أنه إذا لم يبريء نفسه فإنه سيكون المسؤول الأول عما جرى.
وتقدم الدكتور عبد الله بدران، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب النور بمجلس الشورى، بطلب إحاطة لوزير الداخلية محمد إبراهيم، طالب فيه بتوضيح أسباب إحتجاز برهامي، مشددًا على ضرورة إلغاء قوائم المنع من السفر والترقب والوصول السرية، التي أعدها أمن الدولة السابق بدون الرجوع للقضاء.
خلافات عميقة
وفقًا للدكتور رفعت سيد أحمد، رئيس مركز يافا للدراسات السياسية، فإن هناك خلافات عميقة بين الإخوان والسلفيين، رغم أنهما ينحدران من مرجعية فكرية واحدة. وأضاف لـ"إيلاف" أن الخلافات بين الطرفين تؤكد أنهما ليست لديهما أية خبرات سياسية في إدارة الدولة أو إدارة التحالفات السياسية، مشيرًا إلى أنهما كانا حليفين بعد إنهيار نظام مبارك، لكن سرعان ما طغت خلافاتهما على نقاط الإتفاق فيما بينهم.
وأوضح أن ما يحدث بينهما على السطح ليس إلا مظاهر لخلافات سياسية أعمق، حول المصالح السياسية والمناصب العليا في الدولة والسيطرة عليها، لاسيما أن كل طرف يرى أنه الأحق بالتركة، إعتقادًا منه أنه الأكثر نفوذًا وسيطرة على الشارع. ولم يستبعد أن تكون لتلك الممارسات علاقة بملف الإنتخابات البرلمانية المقبلة.
وقال النائب السابق مصطفى بكري إن الحرب قد بدأت ضد السلفيين، وإن برهامي يدفع ثمن مواقفه وزيارته لشفيق، ويسأل: "هل فكرت الجماعة التي تتحكم بمصير شعب مصر في معني هذا الإجراء ودلالاته؟".
الدولة الفضيحة
وأوضح بكري بعض فصول الحرب على السلفيين، فقال: "قبل ذلك، تمت إقالة وإهانة الدكتور خالد علم الدين وإبعاده عن منصبه بالرئاسة، فالإخوان لا يعرفون إلا أنفسهم ومصالحهم، وهل يمكن مثلا لمن وضعوا اسم برهامي أن يفعلوا نفس الشيء مع زوار قطر وتركيا من أعضاء الجماعة؟ الإجابة لا بالقطع".
وكشف بكري أن هناك رصد لتحركات جميع الشخصيات العامة، ولاسيما المعارضين، وقال: "فوجئت الأسبوع الماضي خلال زيارتي لأهلي في قنا، وأثناء دخولي مطار القاهرة، بأمين شرطة يرحب بي باسمي ويسألني علي فين قلت إلي الأقصر، فطلب منى بطاقة الرقم القومي سألته ليه؟ قال هذه تعليمات لمعرفة تحركات الشخصيات المعروفة، فرفضت ذلك ومضيت غير عابئ بهذا الهراءن والغريب أن أي شخصية معروفة تسافر أو تعود من الخارج يتم وقفها ويبلغ اسمها لجهة أمنية في المطار، ويكون السؤال هل نسمح له أم لا، فهذه هي الدولة الإخوانية الفضيحة"،
وأعتبر ما يحدث للمعارضين مهانة يجب فضحها، "وأدعو إلى مواجهة هذه الأساليب التي تعد أسوأ بكثير من أي إجراء كان يتخذه النظام السابق، إذ لم يجرؤ على وضع المصريين جميعًا في دائرة الشبهات، كما يفعل نظام مرسي الإخواني".
انتهاك صارخ
أعربت المنظمة المصرية لحقوق الانسان عن قلها ازاء احتجاز برهامي من قبل سلطات مطار برج العرب، معتبرة أنه انتهاك صارخ للحق في حرية التنقل المكفولة بمقتضى الدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان.
وأشارت المنظمة في بيان لها، تلقت "إيلاف" نسخة منه، إلى أنها ليست المرة الأولى التي يحتجز فيها النشطاء والمعارضين أثناء عودتهم من الخارج، منوهة بأنه سبق وتم احتجاز الدكتور عماد جاد، أثناء عودته من لبنان، والكاتبة الصحفية أمينة شفيق والحقوقي محمد زارع.
وقال حافظ أبو سعدةن رئيس المنظمة، إن الحق في التنقل من أهم حقوق الإنسان الأساسيةن التي أكدتها المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، مطالبًا برفع جميع القيود المفروضة على حق المواطنين في التنقل وتنقية النظام القانوني مما يشوبه من قصور، بما يتوافق مع المواثيق الدولية التي صادقت عليها الحكومة المصرية.
ونبه أبو سعدة إلى أن القانون ارتقي بالحرية والحق في السفر والتنقل في مدارج المشروعية ورفعها إلى مصاف الحقوق والحريات العامة، لا يجوز المساس بها من دون مسوغ.
اجمالي القراءات
2493