١٠أسئلة للدكتور «هانى سرى الدين».. أستاذ القانون بجامعة القاهرة رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الدستور:
هل تُعّرض «الصكوك» الأمن القومى للخطر .. ماذا يضمن الحفاظ على المال العام

اضيف الخبر في يوم الأحد ١٢ - مايو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم


هل تُعّرض «الصكوك» الأمن القومى للخطر .. ماذا يضمن الحفاظ على المال العام



  حوار   محمد سيد طه    ١٢/ ٥/ ٢٠١٣

 
هاني سري الدين

انتقد الدكتور هانى سرى الدين، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الدستور، مشروع قانون الصكوك الإسلامية مؤكداً عدم دستوريته، وتجاهله التجارب السابقة فى طرح الصكوك الإسلامية، وأضاف أنه يعتبر بمثابة إعادة اختراع العجلة، متهماً الحكومة بسنّ قوانين وتشريعات اقتصادية بطريقة عشوائية.

وأكد «سرى الدين» أن سماح القانون بإصدار صكوك مقابلة لما يستحدث من أصول للدولة قد يترتب عليه إصدار صكوك تمس الأمن القومى المصرى مثل قناة السويس.

■ ما تقييمك لمشروع الصكوك، وهل يمثل إضافة للاقتصاد المصرى؟

- الصكوك هى أداة تمويلية غرضها توفير مصادر تمويل بديلة للسندات، وهناك تجارب عديدة فى مختلف الدول، وأهمها ماليزيا وإندونيسيا وتركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة ونيوزيلندا، وجميعها حققت الاستفادة القصوى من طرح الصكوك، نظراً لأن تلك الدول اتبعت الموضوعية فى صياغة القوانين المنظمة لإصدار الصكوك دون وجود أى ثغرات قد تتسبب فى وجود مخاطرة تطيح بالأصول العامة المملوكة للدولة، ومن المفترض أن يكون قانون الصكوك قد خلق ورقة مالية جديدة فى سوق رأس المال تجمع بين بعض صفات الأسهم وبعض صفات السندات، وبالتالى فهى ليست سنداً وليست سهماً، وهما الورقتان المتعارف عليهما فى سوق رأس المال أى أنها أداة من أدوات التمويل.

■ هل أنت معترض على المبدأ أم على القانون؟

- لا يوجد أى اعتراض على المبدأ، وإنما الأمر برمته يكمن فيما أصاب المشروع من عوار فى أحكامه، وسوء صياغته وابتعاده كل البعد عن الحفاظ على المال العام، لا سيما ارتفاع المخاطرة على الحقوق المصرية، والشكل الحالى لمشروع الصكوك الإسلامية لن يحقق الأهداف المرجوة منه، بل سيزيد العقبات التى تواجه مصر، كما أن سماح القانون بإصدار صكوك مقابلة لما يستحدث من أصول للدولة قد يترتب عليه إصدار صكوك تمس الأمن القومى المصرى مثل قناة السويس، فضلا عن أن القانون بصيغته الحالية يترك حق تحديد الأصول المقابلة فى يد رئيس الوزراء.

أما الاعتراضات فتتمثل فى أن مشروع القانون لا يتضمن أى قواعد تنظيمية تتعلق بحماية وضمان المشروعات أو الأصول التى يجب تمويلها، كما أن القانون لم يحدد سقفا محددا لقيمة الصكوك، التى يجوز إصدارها فى عام واحد، الأمر الذى من شأنه تعميق مشكلة الديون المصرية وإغراق الموازنة العامة للدولة بالعجز، بسبب تزايد إصدار الصكوك دون حد أقصى، بالإضافة إلى عدم وجود نص واضح يحظر إصدار صكوك على الأصول السيادية للدولة، وسماح القانون بتملك ما يجرى استحداثه على الأصول الحكومية، علاوة على عدم اشتراط الجنسية المصرية لعضوية الهيئة الشرعية المركزية لإصدارات الصكوك، بالإضافة إلى أن القانون حظر إصدار صكوك على أساس ملكية العقارات أو المنقولات المملوكة للدولة، إلا أنه ربطها بشرط «متى كانت تدير مصلحة أو خدمة عامة»، كما أن القانون لا يتضمن النص على آلية التعامل فى حالات تعثر الصكوك.

■ ما النصوص القانونية محل الاعتراض؟

- القانون تجاهل الإفصاح الدورى للدولة بشأن حجم الأصول الممولة، وقيمة الصكوك المصدرة، ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل إن القانون أعطى صلاحيات مطلقة لوزير المالية دون الحصول على الموافقة المسبقة من البرلمان أو مجلس النواب على إصدار الصكوك وحجمها، بالإضافة إلى المخاوف الشديدة من تفتيت ملكية أصول الدولة المخصصة للمنفعة العامة، وأخيراً تجاهل القانون أيضاً وضع حد أقصى لفترة إصدار الصكوك على الرغم من تحديدها فى العمل الدولى بفترة زمنية تتراوح بين ٦ أشهر و٢٣ عاما، بالإضافة إلى أن المادة ٣٠ من مشروع القانون تؤدى إلى التلاعب بالأحكام القضائية من خلال منح رئيس الهيئة الحق فى تحريك، أو عدم تحريك الدعوى الجنائية، أو وقف تنفيذ الأحكام الباتة فى حال التصالح بما يخل بمبدأ احترام الأحكام القضائية، كما أن القانون حدد فترة تعيين أعضاء الهيئة الشرعية بـ٣ سنوات دون النص على عدد مرات معين للتجديد لهم.

■ لماذا لم تستعن الحكومة بالقوانين المماثلة فى هذا الشأن؟

- الحكومة المصرية تعاملت مع قانون الصكوك، وكأنها تعيد اختراع العجلة، خاصة أن القانون الإندونيسى الصادر عام ٢٠٠٨ كان شديد الوضوح فى وضع ضوابط محددة لحماية المال العام، وحماية حقوق الأجيال القادمة، حيث حدد القانون الإندونيسى الأغراض الأساسية لإصدار صكوك التمويل، وحصرها فى تمويل الموازنة العامة للدولة، وإقامة مشروعات البنية الأساسية فقط، كما أن القانون الإندونيسى لا يجيز إصدار الصكوك إلا بعد موافقة البرلمان، ووضع حد أقصى للإصدار، كما حدد القانون بشكل واضح وقاطع التزام الدولة باسترداد الأصول للحيلولة دون التنفيذ على تلك الأصول، كما تضمن أيضا ضوابط تحول دون الحجز على الأصول العامة للدولة، بالإضافة إلى الإفصاح الدورى لكل ما يتعلق ببرنامج الصكوك، وهو ما أغفلته الحكومة نهائيا فى قانون الصكوك المصرى.

■ ترددت بعض الأقاويل حول عدم دستورية مشروع قانون الصكوك.. هل تتفق مع ذلك؟

- الصيغة الحالية لمشروع الصكوك بها شبهة عدم الدستورية، وتتعارض صراحة مع المادة ١٢٠ من الدستور الجديد، التى تنص صراحة على أنه لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراب، أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع يترتب عليه إنفاق أى مبلغ من الخزانة العامة للدولة إلا بعد موافقة مجلس النواب، وهو ما يعنى أن كل إصدار على حدة يجب أن يحصل على موافقة مجلس النواب، وهو ما يفتقر إليه مشروع القانون، والحكمة من هذا النص أن أى أعباء على الخزانة العامة فى المستقبل أمر خطير، ويستوجب موافقة مجلس النواب فى كل مرة لإصدار الصكوك، وهو أمر منطقى، ويتفق مع التشريعات المقارنة على غرار تجربة إندونيسيا، ومن ثم فإن هذا الاختصاص من شأن مجلس النواب وليس من الأمور، التى يجب أن يختص بها مجلس الشورى.

■ أعلنت الحكومة أن الصكوك ستحقق للدولة نحو ١٠ مليارات دولار.. إلى أى مدى تتفق مع هذه التصريحات؟

- مشروع قانون إصدار صكوك التمويل لا يختلف عن أى مشروع استثمارى، والصك ما هو إلا أداة تمويل، وإعلان الحكومة عن حصولها على أى مصادر تمويل دون تحقيق الاستقرار السياسى يعد تصريحات عارية من الصحة، وذلك لعدة أسباب أهمها كيف تستقطب الحكومة ١٠ مليارات دولار فى ظل المناخ السياسى الطارد للاستثمارات، واستمرار تراجع التصنيف الائتمانى لمصر، بالإضافة إلى المنافسة الشرسة داخل منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم إصدار صكوك تمويل فى ظل هذه الأجواء يعتبر أمراً سطحياً، ويخلو من العقلانية فى ظل المخاطر العالية المحيطة بمصر، فضلاً عن عدم وجود خبراء للصكوك فى السوق المحلية.

■ هل الوقت الحالى مناسب لتنبيه الحكومة من الأخطاء الفادحة المحيطة بالمشروع؟

- بالطبع لا، فالمشروع أحيل مرة أخرى لمجلس الشورى، الذى يجب أن يتحلى بالأمانة الكاملة، التى تقع على عاتقه، ويجب أن يستمع المجلس بموضوعية لجميع الآراء، خاصة أن الأمر لا يزيد على تحقيق المصلحة العامة لمصر، ولا توجد أى مصالح شخصية لأحد فى حالة تنفيذ مشروع الصكوك، أو عدم تنفيذه، ومن ثم أجد أن إعادة النظر فى المشروع أمر بالغ الأهمية.

■ ما تقييمك لأداء هيئة الرقابة المالية الفترة الحالية؟

- هيئة الرقابة المالية تعانى حالة من الضعف الشديد، خاصة فى ظل التناقص الشديد للكوادر المدربة بعد حالة الهجرة شبه الجماعية، التى أصابت الهيئة مؤخراً، وانعدام استقلالية الهيئة عن الحكومة، وهو ما يجعلها تعمل تحت وطأة البيروقراطية، وجميعها عوامل لا تصب فى صالح سوق المال والاقتصاد بصفة عامة.

■ ما روشتة العلاج لإصلاح سوق المال؟

- يجب إصدار تشريع جديد يلائم التطورات الجديدة، التى طرأت على السوق من تغيرات تنظيمية وهيكلية، فلم يعد قانون ٩٥ لسنة ١٩٩٢ مؤهلا لمواكبة هذه التغيرات، ولابد من توفير الكفاءة الفنية والاستقلالية للهيئة كجهة رقابية، بالإضافة إلى استمرار تطوير قواعد القيد بالبورصة، للعمل على الحد من المخاطر غير التجارية، وتحقيق تكافؤ الفرص والمساواة بين المتعاملين، بالإضافة إلى ضرورة تطوير الإطار التنظيمى والمؤسسى للبورصة المصرية.

■ ما رؤيتك تجاه مستقبل مصر الاقتصادى والسياسى؟

- مصر تواجه سيناريوهين فقط، الأول هو الاستماع إلى المعارضة، والاستفادة من الآراء البناءة، خاصة فى ظل وجود شخصيات بارزة فى مختلف المجالات، وأهمها المجال الاقتصادى، وتوحيد الجهود بين الحكومة والمعارضة ما يدفع مصر لتخطى تلك المرحلة الصعبة، والثانى استمرار الوضع على ما هو عليه وستواجه الدولة إذن ما هو أسوأ من ذلك فى ظل تدهور الوضع الاقتصادى، الذى وصل إلى مستويات متردية وغير مسبوقة.

اجمالي القراءات 1881
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق