في الكويت.. تمدد سلفي وتقهقر ليبرالي!
لن تُسْفِر المعارك الدائرة بين التيار الليبرالي والتيار الإسلامي في الكويت إلا عن مزيدٍ من السطوة والانتشار والحضور للإسلاميين، بدليل نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي عَزَّزَ فيها الإسلاميون مواقعهم، فيما تراجع الليبراليون بشكل ملفت.
مشكلة الليبراليين الكويتيين أنهم يخوضون معارك خاسرة، نتائجها شبهُ محسومة لصالح خصومهم، وهي معارك تستند إلى محاولة تغيير الموروث الديني والعقائدي والشعبي.
آخر هذه المعارك الخاسرة ما غَصَّتْ به وسائل الإعلام من هجومٍ منظم على لجنة برلمانية أنجزت في سنتين ما لم تنجزه حكومات وتيارات إسلامية، وحركات دينية لها حضورها الجماهيري، ومؤسساتها الفاعلة، وأدواتها النافذة.
"لجنة دراسة الظواهر السلبية" فكرةٌ تَنَادَى لتطبيقها مجموعةٌ من النواب الكويتيين قبل سنتين، وأغلبهم من التيار السلفي الذي عزز حضوره في المجلس الحالي بشكل ملفت، وهذه اللجنة قامت بإحداث ما يمكن تسميته بانتفاضة ضد كل الظواهر السلبية والدخيلة والغريبة على المجتمع الكويتي، الذي يُرَادُ له أن ينساق ضمن موجة التغريب والعولمة التي تأخذ في طريقها كثيرًا مما تَبَقَّى من عادات وتقاليد وعقائد هذا المجتمع، الذي كان إلى عهد قريب مُغْرِقًا في المحافظة.
وتهمة نواب التيار السلفي في الكويت أنهم حاربوا مظاهر كالشذوذ، وحفلات المجون، وتهريب الخمور، والاختلاط، وغيرها من ظواهر لا يمكن لعاقل ومخلص أن يسمح بها في بلاده.
إلا أن التيار الليبرالي الذي استفاق فجأة على وَقْعِ هزيمةٍ مدوية في الانتخابات الأخيرة وجد في عمل هذه اللجنة فرصة مواتية لتصفية الحسابات مع خصمه التقليدي، وعدوه اللدود، مُمَثَّلًا بالتيار الإسلامي الكويتي عموما بِشِقَّيْهِ؛ السني والشيعي.
على أن نجاح " ظاهرة" اللجنة هذه إدانة مباشرة ومُعْلَنَةٌ للتيار الإخواني، الذي تراجع بشكل ملحوظ في مجلس الأمة إلى 3 مقاعد فقط، وهي أيضا دَرْسٌ جيد في كيفية الإنجاز، وتحقيق النتائج على الأرض، دون التمترس خلف حزب أو جماعة، أو الإسلام السياسي.
التيار السلفي الكويتي يحقق اليوم نجاحًا باهرًا، وحضورًا لامعًا، ويقطف منذ اللحظة ثمارَ عملِ رُمُوزِهِ الدءوبة خلال عَقْد من الزمن، بل ويحجز منذ الآن أغلبية برلمانية مقبلةً في مجلس الأمة المقبل.
سبب الهجمة الليبرالية هذه الأيام في الكويت هو الخوف من النفوذ السلفي الذي أخذ يتجلى في كل مناحي الحياة؛ إذ إن الأغلبية السلفية في مجلس الأمة كفيلةٌ بتمرير أي قانون يراه الليبراليون " مُحَافِظًا" أو متشددا.
هي لعبة الديمقراطية التي يتشدق بها الليبراليون كل يوم، وعليهم أن يقبلوا بإفرازاتها واستحقاقاتها، إلا أن الانزعاج الحقيقي للتيار الليبرالي هو من تَغَلْغُلِ الفكر السلفي في كل مفاصل الحياة تقريبًا، مقابل تراجع الفكر الإخواني" المعتدل" بحسب التصنيفات.
المراقبون يرون أن نتيجة أي انتخابات برلمانية مقبلة- حتى لو كانت قريبة- محكومةٌ بفوز ساحقٍ مُجَدَّدًا للتيار السلفي، على وقع الهجوم المباغت الذي قام به نواب هذا التيار مع أول جلسة للبرلمان، في محاولةٍ لتحقيق إنجازات على الأرض، وفرض أمر واقع، وإقناع الناخب الكويتي بأن اختياره كان في مكانه.
فلم تكد تنطفئ جذوة الصراع للوصول إلى مجلس الأمة حتى فرض تيار السلف على الحكومة حظرَ برنامج ستار أكاديمي المثير للجدل في الكويت، ومعاقبة المعنيين، ولم تكد تنقضي أيامٌ حتى انتفض نواب السلف ضد حفل راقصٍ وُصِفَ بالماجن، نظمته إدارة إحدى المستشفيات الأهلية لموظفيها، ونُشِرَتْ صُوَرُه في صحف يومية.
الأهم من كل ذلك هي المواقف الشعبوية التي تبناها السلف في ملفاتٍ هامة بالنسبة للكويتيين، مثل الإصرار على زيادة الخمسين دينارا، وفرض جدول زمني لمعالجة آثار ارتفاع الأسعار.
ما يحصل على الأرض هو أن ثمة تمددًا سلفيًّا مقابل تقهقر إخواني وليبرالي، فالمجلس النيابي الحالي فرصة أكثر من مواتية لترويج الفكر السلفي في الكويت، كبرنامج انتخابي إسلامي سياسي خدماتي.
المصدر: الإسلام اليوم
اجمالي القراءات
2610