نصر أبو زيد يهاجم طه حسين و الأزهر والكنيسة ويثني على "الذوق الفني" الرفيع لسيد قطب
هاجم الدكتور نصر أبو زيد ما أسماه الحكم البوليسي والمؤسسات الاستبدادية التي تحكم مصر والدول العربية ، مؤكدا أن الحكم المستبد هو السبب في انتشار الفساد وانهيار المجتمع وتخلفه ، وأن منظومة القوانين التي تحكمنا كلها قوانين قائمة علي عقاب الناس ، مما أشاع ثقافة الاستبداد التي تقوم علي السيطرة والهيمنة .
وقال الدكتور أبو زيد في المحاضرة التي ألقاها في الجامعة الأمريكية عن "التحريم في الخطاب الديني" إن أي مستبد يتصور أنه الوحيد الذي أوتى الحكمة والوحيد الذي علي حق ، وأنه لابد أن يبذل جهده لحماية الناس من خطر ما ، وهو ما يجعله يفرض وصايته علي الناس .
وانتقد أبو زيد التناقض الشديد بين السلوك الديني المتشدد للدولة والقوانين التي تصدرها ، مدللا على ذلك بأن الدستور المصري يقوم علي أن الإسلام دين الدولة وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ، وهو ما يؤكد أننا نعيش في دولة إسلامية شديدة التمسك بدينها ، إلا أننا نفاجأ بأن الحكومة تصدر قوانين تحرم إنشاء أحزاب علي أساس ديني ، وهو الأمر الذي يثير الدهشة والتعجب لأن الدولة كلها قائمة علي أساس ديني ، بل إن الحكومة نفسها تلجأ للدين لاستخدامه لمصلحتها في أوقات كثيرة .
واتهم نظم الحكم في مصر والبلاد العربية بتجريف عقول مواطنيها ، مؤكدا أنه عندما تغيب الحرية يتوقف العقل ويصبح الإنسان في حاجة إلي من يوجهه إلى كل شيء في حياته ، لدرجة أن الزوجة التي تتعرى وتخلع ملابسها لزوجها ويراها في الضوء أضحت تتساءل هل هذا حرام أم حلال ؟!.
وهاجم أبو زيد بشدة من أسماهم أعداء الحياة الذين يحرمون الفن ، مضيفا : "عيب قوي أن يظهر بعض الأشخاص ليقولوا إن التماثيل حرام ولا يجوز وضعها في بيوتنا أوفي الميادين العامة ، بحجة أن ذلك يعتبر كفرا ، وأن الإسلام حرم التماثيل .. كما أن من يحرمون التماثيل يقولون إن هدفهم هو حماية المسلمين خوفا من أن يعبدوا الأصنام" .
وقال أبو زيد : هذه تماحيك لا معني لها ، خاصة أن صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام دخلوا الأقطار التي فتحوها في صدر الإسلام ولم يقوموا بتحطيم التماثيل ، وإنما تركوها وانشغلوا بنشر الإسلام .
وهاجم أبوزيد بشده حركة طالبان في أفغانستان بسبب محاولتها تحطيم أصنام بوذا ، مشيرا إلى أنها كانت تتاجر بهذه التماثيل وقامت ببيعها في أسواق لندن مثلما تاجرت في الأفيون، على حد تعبيره .
وأشار إلي أن الشعب المصري هو الذي تبرع وجمع الأموال ليتمكن الفنان محمود مختار من إقامة تمثال نهضة مصر ، فإذا كانت صناعة التماثيل واقتنائها كفرا ، فإن المصريين كلهم يعتبرون كفارا لأنهم تبرعوا وجمعوا الأموال لصناعة تمثال نهضة مصر .
وأكد أن الشيخ سيد قطب هو الذي اكتشف الأديب نجيب محفوظ ، وأنه لولا التذوق الفني العالي الذي كان يتمتع به سيد قطب ما كان يستطيع أن يفهم أو يفسر القرآن ، مؤكدا أن سيد قطب كان يقول إن الفنون والإبداع نابعة من القرآن الكريم .
وأضاف أن الدكتور طه حسين ارتكب أخطاء كبيرة في كتابه "في الشعر الجاهلي" ، وأنه عاد وتراجع عن هذه الأخطاء التي جاءت بالكتاب ، كما أن الدكتور عبد الصبور شاهين ارتكب أخطاء أيضا في كتابه " أبينا آدم " ، لكن هل معنى ذلك أن نضيع بحوث الرجل .
وتطرق أبو زيد إلي مشكلته الخاصة قائلا : "إن الجميع اعتبرني كافرا ، فالذين أيدوني وساندوني اتخذوا موقفهم علي اعتبار أني كافر ومن حقي أن أكفر وأخرج عن الإسلام ، وأن هذا يدخل تحت باب حرية العقيدة ، أما الذين هاجموني فكان موقفهم أنني كافر وخرجت عن الملة ، وتسبب موقف الطرفين ـ سواء المؤيدين لي أم المهاجمين ـ في أنهم ضيعوني ووصموني بالكفر .
وأضاف أن المشكلة أن الأوربيين كانوا يتعاملون معي علي أنني كافر ، ثم يفاجأون ويصدمون عندما يكتشفون أنني متمسك بديني .
وفيما يتعلق بالتطرف والأصولية اللذين ينتشران حاليا بين صفوف المسيحيين مثل المسلمين ، قال أبو زيد إن هذا يرجع إلي طبيعة الفكر الديني المصري الذي ينضح من نفس الإناء ، خاصة في ظل مناخ يسوده الاستبداد وغياب الحريات .
وأكد رفضه لهوجة التكفير التي بدأت تنتشر داخل الكنيسة القبطية بعد تكفير الأنبا متى ، كما انتقد الأزهر لابتعاده عن فكر محمد عبده والشيخ علي عبد الرازق وأمين الخولي .
واختتم نصر أبو زيد محاضرته بأنه يشفق علي الشباب ، مؤكدا أنه لو كان في سن الشباب في الوقت الحاضر فلربما اتجه للتطرف وأصبح إرهابيا.
اجمالي القراءات
3291