مبارك يبحث مع حكومته سبل التصدي لإرتفاع الأسعار
وقت تسود فيه أجواء الارتباك بالأسواق المصرية، ارتفعت معها أسعار كافة السلع والخدمات، بينما فشلت المحاولات الحكومية للسيطرة على الأسعار، فقد عقد الرئيس المصري حسني مبارك اجتماعًا موسعًا مع رئيس الحكومة أحمد نظيف، ووزراء المجموعة الاقتصادية في مسعى عاجل لضبط الأسواق والسيطرة على الأسعار، وفي صدارتها أزمة الخبز، بعد أن عادت مجددًا للبلاد ظاهرة "طوابير الخبز"، خاصة في الأحياء الفقيرة من شتى المدن والقرى المصرية.
وفي بيان لها أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي المصرية أنها "تعاقدت مع جهاز الخدمة العامة التابع للقوات المسلحة لإنشاء 24 خطًا لإنتاج الخبز"، بهدف إنهاء الأزمة على الأقل في القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية)، من خلال أفران تعمل على مدار الساعة .
ويسود اعتقاد واسع بين الخبراء الاقتصاديين بأن الأسواق المصرية بانتظار موجات جديدة من ارتفاع الأسعار، وكشف تقرير رسمي أعده الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن ارتفاع سعر الخبز والحبوب في مصر بنسبة بلغت 35% منذ بداية العام الحالي 2008، كما ارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 7% والأسماك الطازجة بنسبة 9.6% والألبان والأجبان والبيض بنسبة 17.3%، والزيوت بنسبة 26.4%، والمنتجات الغذائية الأخرى 24.4%، وقال التقرير إن هذه الزيادات إنعكست سلبيًا على معدلات التضخم في البلاد .
وأثارت موجات الارتفاع المتلاحقة في أسعار السلع والخدمات الأساسية منذ بداية العام الحالي احتقانًا شعبيًا، يخشى معه مراقبون من اندلاع موجة احتجاجات، بعد أن شهدت البلاد موجة غلاء بلغ معها المعدل السنوي للتضخم 12.5% نهاية الشهر الماضي، ويقول تقرير لبرنامج الغذاء العالمي أعلن في مارس الجاري إن مصاريف الأسرة المتوسطة المصرية ازدادت بنسبة 50% منذ بداية العام .
تدابير حكومية
ووسط انتقادات بسبب أزمة زيادة أسعار السلع الغذائية، ومنها الخبز وشح المعروض منه، قال سليمان عواد المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن الرئيس مبارك عقد اجتماعين متتاليين يتعلق الأول ببحث قضايا السيطرة على الأسعار في السوق المصري خاصة أسعار السلع الغذائية الأساسية، ولاسيما رغيف الخبز، بينما تعلق الاجتماع الثاني بالإعداد للمؤتمر القومي لتطوير التعليم الذي سيعقد خلال نيسان (أبريل) المقبل
وأوضح المتحدث الرئاسي أن مبارك استمع خلال الاجتماع الأول لتقرير من رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصين، وخاصة وزير التضامن الاجتماعي حول مشكلة رغيف الخبز وأسعار السلع الغذائية الأساسية .
ومضى عواد قائلاً إن التقرير تضمن جانبين، أولهما الظاهرة العالمية المتمثلة في ارتفاع أسعار السلع الغذائية لأسباب عديدة، ومنها ارتفاع أسعار البترول وتكلفة الشحن، مشيرًا إلى أن ارتفاع أسعار هذه السلع يأتي في جانب منه لاستخدام بعض هذه السلع كالقمح وقصب السكر والذرة في استخراج الوقود الحيوي (الإيثانول) بعد ارتفاع أسعار البترول عالميًا.
ونقل المتحدث عن الرئيس مبارك قوله: "لو كانت المشكلة تتعلق بالإنتاج فلا بد من زيادته، وإن كانت المشكلة في عملية التوزيع فلا بد من زيادة منافذ التوزيع. وشدد على المسؤولية الكاملة للحكومة والمحافظين لإتاحة رغيف الخبز للمواطنين واختفاء ظاهرة طوابير الخبز، باعتبارهم أدرى بأوضاع محافظاتهم، وسبل معالجة هذا الموضوع المهم على مستوى المحليات .
ولفت المتحدث الرئاسي إلى ما دار في الاجتماع قائلاً "إنه عندما تحدث رئيس مجلس الوزراء ووزير التضامن الاجتماعي حول خطة الحكومة بفصل الإنتاج عن التوزيع بالنسبة لرغيف الخبز في محافظات مصر خلال ثلاثة أشهر، قال الرئيس مبارك إن ذلك أطول مما يتطلع إليه . وإنه يتطلع إلى اختفاء طوابير رغيف الخبز"، على حد تعبيره .
وتابع المتحدث الرئاسي قائلاً إن مبارك وجه لضرورة الاستعانة بجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة والمخابز التابعة لوزارة الداخلية، مؤكدًا أن الاعتمادات المالية اللازمة قد تم تخصيصها بالفعل لزيادة الدعم، وبالتالي فإن المشكلة هي مشكلة إدارة ورقابة.
تحرك شعبي
في الجانب الآخر من هذا المشهد، أقامت حركة "مواطنون ضد الغلاء"، دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء بسبب ما اعتبرته تقصيرًا في منع الممارسات الاحتكارية، حيال من وصفتهم بالحيتان الذين يسيطرون على الأسواق المصرية .
وقالت الحركة إن الدعوى تأتي طعنًا على الامتناع عن تطبيق القانون الخاص بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، التي تجيز لمجلس الوزراء فرض تسعيرة جبرية في حالة الضرورة، وقال محمود العسقلاني المتحدث باسم حركة مواطنون ضد الغلاء بأن هذه القضية سوف تكون محاكمة للسياسات الاقتصادية التي أفرزت حالة التضخم والغلاء .
ويقول جورج اسحق المنسق المساعد لحركة "كفاية" المعارضة إن الأسعار ارتفعت في مصر بنسبة لا تقل عن 25%، لافتًا إلى أن الحزب الوطني (الحاكم) وعد في مؤتمره العام بتخفيض الدين العام، لكنه ارتفع بنسبة 100%، كما ارتفعت نسبة الفقراء إلى 69% في صعيد مصر، وفصل ما لا يقل عن 630 ألف عامل، ووصل الأمر إلى حد بيع مئات الشباب لأعضائهم (الكلي، فص الكبد) للأثرياء
المعنى ذاته يؤكده تقرير أصدره مركز دعم القرار التابع لمجلس الوزراء، قائلاً "إن 55 في المئة من المصريّين يعيشون في مستوى ما من الفقر، بينهم نحو 15 مليون مواطن (حوالي 20 في المئة من إجمالي السكان) يعيشون تحت خطّ الفقر طبقًا للمعيار المصري، أي تقل دخولهم عن 120 جنيهًا مصريًا شهريًا، أي بأقل من دولار أميركي واحد في اليوم.
وتسوق الحكومة المصرية حجة مفادها أن هذا الغلاء ناجم عن ارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية مثل سعر القمح الذي تعتبر مصر أكبر مستورد له على مستوى العالم، إلا أن يؤكد برنامج الغذاء العالمي انه "نظرًا لأن الرواتب والدخول لم ترتفع بنسبة ارتفاع أسعار السلع الغذائية نفسها، فإن المواطنين يجدون مزيدًا من الصعوبة في تدبر احتياجاتهم المعيشية، وخصوصًا اولئك الذين لا يطبق عليهم برنامج الدعم الحكومي"، كما أن هناك مؤشرات على التوتر الاجتماعي نتيجة ارتفاع أسعار الخبز وتناقص المعروض منه، فقد لقي خلال الأسبوع الماضي أربعة أشخاص كانوا يحاولون شراء خبز مدعوم في صدامات في ضاحية حلوان جنوب القاهرة.
اجمالي القراءات
5682