اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٦ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: آفاق
واشنطن- آفاق
1
اعتذرت قناة "الجزيرة" القطرية يوم الأربعاء لما حصل في برنامج الاتجاه المعاكس الذي بثته مباشرة ليلة الثلاثاء "من إساءة إلى الدين الإسلامي الحنيف والمعتقدات السماوية". كما اعتذرت القناة عن ما أسمته "الأقوال الجارحة التي تفوهت بها المشاركة وفاء سلطان" السورية الأصل والتي وصفت الهجمة الإعلامية على رسام الكاريكاتر الدنماركي والصحف الدنماركية بأنها "متخلفة وهمجية".
http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=19759
مشكلة المسلمين هنا، أنهم لم يتابعوا سير المعرفة العلمية متى كان بيدهم زمامها لأسباب أوردتها في كلامك بطريقة غير مباشرة لدى ذكرك بعض مظاهر الضعف في العقلية العربية ...
4- مرتبة الأنبياء في التاريخ
كل كتب التاريخ تحدثت باحترام عن المصلحين، والفلاسفة، والمفكرين، على اختلاف مشاربهم. وخصت الأنبياء والرسل إما بالصمت، أو باعتبار أنهم أشخاص خارقون للعادة، إذ ناذرا ما نجد من يتناول تصرفاتهم بالدراسة كأشخاص عاديين. وأنت بما لُقّنتِ من معرفة بعلم النفس لم تحترمي الاستثناء ولو أنك فقط اعتبرت هؤلاء الفئة من البشر من الموهوبين أو العباقرة لما وصل بك تحليلك إلى تلك النتيجة – إن قبلها منك العلماء! – لأنك نسيت صفة الحياد في مجرى تحليلك للظاهرة ويبدو أن الرواسب الموروثة من أثر ما وقع عليك من جراء تصرفات أشخاص يسيئون إلى المبدأ جعلتك تتحاملين على العقائد كلها بما شملت من محاسن أهلتها لتكون من مصادر القانون الذي يحكم أمريكا نفسها!!
ولست أول من سار على هذا الدرب؛ فقد قرأنا للدكتورة نوال السعداوي ما يشبه هذا، وكان الدكتور مصطفى محمود من أبرع من تحدثوا في هذا الاتجاه أيام إلحاده، والطيب التيزيني ومن دار معهم في ذاك الفلك. أما كتاب الغرب فمنهم "جيمس بُولدْوينْ" الذي أراك تتحدثين بلهجته في كتابه an other country وكثير ممن تخلوا عن هذه النغمة بعد أن ذاقوا مرارة الفراغ الميتافيزيقي كما سموه هم أنفسهم.
فإن كانت معلوماتك عن السيرة النبوية مستقاة من روايات مثل ماكتبه جرجي زيدان فإن التحليل النفسي اللائق لن يتعدى ماكتبه "بيير داكو" في كتبه الرخيصة.
واعلمي أنني لست أدعوك للتراجع، لأن العقيدة إن كانت بحاجة لمن يدافع عنها بشكل يستذر العطف فهي كيان هش، أما إن كانت قائمة رغم قصف الرعود وعصف الرياح فتلك عقيدة حقة. ولا أرى من يصارعها إلا كمن ينطح جبلا ليفلقه نصفين!...
5- استدلالك بما كتبه نزار قباني
لعلك ممن يتقنون فن الخطابة الحداثية إلى جانب مؤهلك الطبي؛ فما قاله نزار في كل قصائده لم يخرج عن إطار ما صوره "فرانسيس بيكون" من أوهام وهو الشاعر الذي اختص بقاموس لغوي براق!
فلم تصنع الشهرة أبدا عالما ولا أديبا ولا مفكرا ولا فيلسوفا . بل الإنسان هو الذي يعمل من منطلق مبدإ ثابت، يسير نحو غاية تخدم إثراء التجربة الإنسانية ولو بالقليل مما تنتجه التجربة. قالوا عن نزار الكثير وقرأت له الكثير وهو الدبلوماسي المعروف لدى الغرب، زمّر وطبّل حتى قال مثل ما يدغدغ عصب الإلحاد في كثير من قصائده ثم انثنى صوب مدح خاتم الرّسل...
وإن وصفه لما وجد عند العرب جعل شباب الستينيات من القرن الماضي يصنع منه خرافة الشعر العربي المعاصر ! وما ستدلالك بقصيدته إلا لون من الرواسب التي تحملينها كفكر ثبت لغيرك انحرافه قبل العقد الماضي...
أما شباب اليوم، فلم تعد تقنعه مثل تلك القصائد ولا الاستدلال بها لبيان ضعف العرب ولا ما يعانونه من فساد إداري وثقافي وفكري؛ ولم تعد حيل الغرب تنطلي عليه لأنه وقف على حقائق لا يدركها إلا من يساير ركب الثقافة الرقمية والإدارة الرقمية ...
6- نبشك تاريخ أمريكا
أي تاريخ لأمريكا إلى جانب تاريخ الغرب الأوروبي ؟ وهو الذي لم يعرف الأدب إلا بعد نهاية القرن الثاني عشر الميلادي. وهل يقارن بالعراق أو بمصر أو بالهند، حيث للتاريخ كلام عما عرفته هذه البقاع من تفاعلات بشرية؟
ولنقل تاريخ أمريكا اللاتينية فهي أقرب لأمريكا الشمالية حيث مازالت البحوث العلمية تطالع الدنيا بغرائب في ما يكتشف من آثار أقوام عاشت في البيرو وفي الأرجنتين وغيرها. كل تلك الحضارات كانت لها معتقداتها ولم تعش دون ديانة.
7- فكرتك عن الإرهاب
هنا أريدك أن تراجعي معلوماتك اللغوية أيتها الطبيبة النفسية؛ تقولين :« أنا لا أربط العنف بالمسلمين، بل أربط الإرهاب بالإسلام! »
وكان أجدر أن تقولي: «، بل أربط الإرعاب بالإسلام » فمصطلح الإرهاب له دلالة غير التي سيق لها في قواميس من تشهدين لهم بالتفوق والتحضر والنقاء والصفات الملائكية. أصل الفعل ثلاثيا (رهب) – ولا تقولي إننا أقدر على تحوير اللغة من غيرنا – ففي اللغات ذات الأصل اللاتيني مظاهر أغرب ومع ذلك ينقب أهلها عن أصول المفردات والمصطلحات وهم بذلك يفوقون الأدباء العرب تفننا في نحت الكلام. أنا لا أنحت كلمة بل أبين أصلها وفيم تم تداولها وكيف عرفها الغرب . أقول؛ من هذا الفعل اشتقت كلمة راهب. وهل عُرفَ الراهب لدى النصارى إلا بالسماحة –ظاهريا- ؟ وكلمة رُهاب في علم النفس ماذا تعني؟ أليس الخوف والمبالغة في تقدير المخاطر؟... وما يقابلها بالفرنسية هو مصطلح La peur وليس كلمة Terreur وما يقابلها في علم النفس أليس Phobie ؟
إن الذي يجري الآن في مختلف بقاع العالم ليس "إرهابا" بل يمكن الاصطلاح عليه بكلمة تشتق من "رعب" فنقول "إرعابا" وليس إرهابا! وإدراجك لنص الآية:« وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ » لا محل له في الكلام عن تصرفات من يروعون الآمنين ويقتلون الأبرياء لأي سبب كان سواء تصفية عرقية أو على أساس ديني أو غيره... لأن عبارة "ترهبون " تدل على تقدير البأس لمن له قوة لتحاشي الدخول في صراع معه لكونه الأقوى بما يمتلك من عدة وعتاد أو سلطة. والدليل على هذا لو سمحت : أن الإله الذي يؤمن به قوم ما سواء كانوا وثنيين أم من أهل الكتب السماوية؛ له سلطة مطلقة وقوة مطلقة، فإن هو دعاهم بنص في كتاب أو غيره ليَرْهَبُوهُ، إنما يدعوهم ليقدروا ما له من بأس وقدرة خارقة على البطش والعقاب... وهذا سياق النص. ومحاولتك لربط "الإرعاب" بالإسلام تحتاج ثقافة ثيولوجية واسعة ولن يكفي أن تقرئي ما سطرته أقلام الأدباء الأمريكان أو الأدباء الروس.
ولن يجديك استخفافك بشيخ كالدكتور يوسف القرضاري – وهو ليس من المتشددين – في مهمتك لعملية الربط المنشودة شيئا كما لن يزيدك زخم الكتابة اللايكية مجدا ولا تألقا... فأين أنت من مصطلح " الإرهاب " الذي أسرع مؤلفو القواميس المترجمة لمقابلته بعبارةTERRORISM إرضاء للهفة من يتصيد كثل الضباب عند سفح التل؟
أقف هنا لأشكرك كثيرا على أن أتحت لي هذه الفرصة للحديث عن المصطلح لأنها لم تتح لي وقد كنت أتحينها منذ مدة ليست بالقصيرة. أما عن موقفك من الإسلام فلا غبار عليه وإن كتاباتك لن تكون أفدح مما كتبه " سلمان رشدي" ولن تزيد الجواهر إلا لمعانا!!!
8- خلطك بين وحدات القياس
أكثر ما سترعى انتباهي في ما كتبتِ كان خلطك بين وحدات القياس في قولك: «... لاكتشفت أنّكم تحتاجون إلى عشرة آلاف سنة ضوئيّة من التعقيم بأشعة الليزر كي تتأهلوا للدرك الأسفل في سلّم الأخلاق العالمي!»وهذا غريب مستغرب من عالمة مثلك السنة الضوئية وحدة قياس للمسافة وليست وحدة لقياس الفيض الإشعاعي سواء لليزر أو لأي مصدر إشعاعي، ومما زاد الطين بلة أنك تحدثت عن التعقيم وهو عبارة عن عملية فيزيائية ذات أثر على حياة كائنات دقيقة، والمجاز هنا غير مناسب لما سيق له ... ثم قولك: «يبدو أنكم تجاوزتم في معرفتكم لتلك العلوم الأمريكيين بسنين ضوئيّة!!!» وهنا أيضا التجاوز المعرفي لا علاقة له بالمسافات المكانية، وأنت سقت له مسافة مكانية، أم ترى الأدب الأمريكي غدا يجسد رسوخ البعد "الزّمكاني" الذي حلم به "ألبير إنشتاين"، فانتقل للعلماء ممن ورثوه عن طريق "البعد الرابع"!؟
قد أكون خرجت قليلا عن مسار ما قدمت له ولكن أسلوبك أرغمني على الجواب بنفس الطريقة التي تفضلين أن تكتبي بها. وأظنك فهمت من هذه السطور ما أريد قوله بفطنتك وحنكتك العلمية.
ففي أي من المراحل الخمس التي تحدثت عنها في ردك على د. عمار تصنفينني ياعالمة النفس الدكتورة وفاء سلطان؟
إني فقط أردت أن تتساءلي عمن كتب لك هذا الرّد هل هو زميلك في الطب أم فيزيائي ممن تخرجوا في جامعة Pacific Western University أم صيدليا تخرج في جامعة أوروبية أم شاعرا ممن يقايضون القصيدة بدرهم على حد قولك أنت ونزارك.
والحكم متروك للقارئ وأعدك أن أترجم ردك على هذه السطور إلى أكثر من عشر لغات وأنشرها في عدة مواقع على الشبكة الدولية ليعرف من انبهروا بلقائك بقناة الجزيرة أنك فعلا محامية فحلة تدافعين باستماتة على المرأة العربية لتحرريها من نير الظلم والاستعباد ومن الكرامة، والنقاء الذي علق بروحها من عقيدتها، ومن تمسكها بتقاليدها وهويتها وكيانها، وسأكون في صفك "
"لنتمركن" كلنا قبل حلول العقد القادم ! مارأيك؟
فهل سمعت أو رأيت شجرة حية خضراء تقف بلا جذور؟ إن العادة عند كتاب من هذا الصنف، كونهم يكرهون الحديث عن النباتات –وحياة النبات- ولكني أعلمك درسا آخر في علم النبات :
النبات لا عقل له وليس ميتافيزيقيا كالإنسان ولكنه يدافع عن وطنه ويقاوم فصائل أخرى من النباتات حتى لا تسلبه قوته، وحياته، وكيانه، وذلك بإفراز مواد تبيد النباتات العدوّة! تنطلق الإفرازات من الجذر في التربة المحيطة فيمتصها العدو فتكون نهايته؛ حفاظا على الوطن والكيان !
أليس هذا نظام محكم؟ إن كان هذا شأن النبتة، فما عساه يكون شأن فتاة نشأت وتعلمت في وسط حتى أصبحت عالمة نفسانية ثم انقلبت على محيطها تسقيه سمّاً زعافا، بعد أن حولت ما رضعت من مبادئ مع حليب الأم إلى سمّ يكاد يلوِّثُ محيطات؟!!!
أيتها العالمة النفسية
شاهدت ما أذاعته قناة الجزيرة من مداخلتك وأرد عليها هكذا:
ما هكذا يقاوم الرعب والإرعاب الدولي يا طبيبة. إن تحاملك على العقيدة الإسلامية لن يزيدها إلا رسوخا في قلوب المسلمين أينما وجدوا لسبب بسيط، يتجلى في طريقة استعمالهم للعقل عموما، وفي نظرتهم للكون والحياة، وفي تفسيرهم لما سبق به النص القرآني نتائج العلوم الحديثة.
وبرجوعك للتاريخ، ستجدين أن فرقا معادية للإسلام تهاوت حجتها واندثرت كل وسيلة لديها أمام تألق هذه العقيدة التي بات اليوم علماء الغرب يؤمنون بها ويدخلون في الإسلام بأعداد متزايدة.
أما محاولاتك ربط ما تصفينه بالإرهاب بالعقيدة الإسلامية فإنها مقبورة أصلا! قد تتساءلين لماذا؟ فأجيبك وأبدأ من اتهامك للعقيدة الإسلامية بالدعوة للجهل: هل تعلمين يا طبيبة أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي فتح رسالته بأمر " اقرأ"؟
ومهما يكن تحليلك لشخصية لا يمكن إخضاعها للتحليل بأية حال؛ لأن النتائج التي ستخلصين إليها لن تتعدى ظنونك الخاصة، ولن يقبلها المنطق وبالتالي ستكون نوعا من العبث. فرسالة تبتدئ بأمر "اقرأ" لن تُفهم كدعوة للجهل في أي قاموس مما عرفته البشرية من لغات ومعان ورموز. ولست بحاجة لأسرد عليك من كتاب مقدس لا تؤمنين به، آيات تشيد بمكانة العلم والعلماء وبمكانة العقل والتدبر وتنوير البصائر. وبهذا تكون العقيدة الإسلامية غنية عمن يدافع عنها في هذا الباب؛ ويكون الجهلة ممن يدعون أنهم مسلمين، مقصرين في دينهم مهملين لواجباتهم، فماهم سوى سطحيون يسيئون للعقيدة وللمسلمين على حد سواء.
واتهامك للإسلام بالتخلف يرده عليك أسلوبك الخاص في التعامل مع الموضوع كذات عارفة – وحتى أكون أكثر موضوعية معك – أنت ذات عارفة بما اكتسبت من أساليب علمية تتيح لك التفكير الممنهج كأداة للبحث العلمي، والأداة ليست مسؤولة عن تصرفات من يستعملها؛ إذ يمكن أن يوجهها للخير، مثلما يستطيع استعمالها في تدمير نفسه والإضرار بمحيطه. وعلى هذا النحو، يبقى الموضوع محلا للدراسة بتلك الأداة، وحسب شروط وظروف التجربة تظهر النتائج. أليس هذا من الروح العلمي؟
إن الإشكال لديك يبدو في تحديد المعطيات أكثر مما يظهر في النتيجة. لأن نتيجة ما توصلت أنت إليه بنيت على أساس عاطفي شخصي نجده في قولك :« ...إنك اتخذت هذا الاتجاه المتشكك في العقيدة منذ قتل بعضهم أستاذك بالجامعة.» ولن أدخل في تفاصيل كيف ولماذا قتل ذلك الأستاذ حتى لا أثير شجونك أو أنكأ جرحا عميقا في ذاكرتك، بل أكتفي بالقول إن الخطأ لا يصحح بخطأ. وبناؤك لمنظومة الشك – وإن كان منهَجيا – على أساس عاطفي كان موطن الداء في تجربة الفكرية.
دعوة للتبرع
شهادة الاسلام: حول الشها دة هي لا الآه الا الله ... فقط؟ متى...
بين الكفر والجهل.!!: اتمني تجيبن ي علي هذا السؤا ل فانا قارئ في...
حقنة الجلوكوز: اشاهد حلقات ك على اليوت وب ( لحظات قرآني ة )،...
معنى ( الحمد ): ما معنى كلمه الحمد وشكرا...
تجاوزناهم بمراحل : ما أحوجن ا في هذه الأيا م إلى إعادة قراءة...
more
إخوتي الكرام
تحية أخوية
لم أعتقد في السابق أنني سأضطر للرد على الباحثة الأمية من هذا المنبر الرصين
وقد سيق أن كتبت ردا على مزاعمها كالآتي:
د.وفاء سلطان
تحية علمية؛
قرأت ما كتبت في ردك على د.محمد عمار في النص الذي تفضل أخي خليل حلاوجي بدعوة أهل الواحة الغراء للرد على ما جاء في مداخلتك، ووعدت أن أجيب على نصها بما أرى من زاوية الرؤيا العلمية والأدبية .
1- تحاملك على العقيدة:
كل العلماء على اختلاف جنسياتهم وعقائدهم متفقون على حقيقة تاريخية أكدتها علوم الحفريات ودراسات الآثار؛ مفادها أن شعوبا عاشت على سطح الأرض منذ غابر الأزمان وكانت لها معتقدات ! وقد وجدت عشائر غير ذات حضارة ولكنها كانت ذات عقيدة. وإن علم النفس في مبادئه يقر تعريفا للإنسان ككائن ميتافيزيقي ... وما بدأ البشر يميلون للجانب "البراغماتي" و"النزعة المادية" إلا منذ فترة قصيرة من عمر البشرية .
ثم إنك عقدت مقارنة بين عقيدة وجدت بموقع جغرافي عرف توالي حضارات عديدة و عقيدة تسود موقعا آخر لم يكتشف إلا منذ زمن قريب، والغلاف السكاني الذي يعمره مكون من مجتمع غير متجانس يتألف من النازحين المغامرين الذين توافدوا إليه من شتى أصقاع الدنيا. بقولك « نبيهم ...» فهل هو نبي الهندوس أم المجوس أم اليهود أم النصارى أم المسلمين ؟ وهل تصح في نظر العلماء مثل هذه المقارنة؟
ولو سلمنا جدلا بملائكية الشعب الأمريكي، فكيف سننظر لدمويته حين كان يطرد سكان الأرض الأصليين ويبيدهم في ما مضى من أحداث سجلها التاريخ؟ - مع أن لا أحد ينكر أن تلك الأرض باتت منذ ستين سنة، أمل كل الشعوب الرازحة تحت نير الفقر والتخلف والجهل سواء من الشرق الأوسط أو من أفريقيا أو من شرق آسيا- وكيف أن نظامها يستقطب العقول من كل العالم للمحافظة على ما له من مظاهر الحضارة اليوم؟
2- تقولين إن لفظة الأمريكية أطربت أذنك
لك أيتها الطبيبة أن تطربي فتلك البلاد بحاجة لمن يخدم مصالحها ويعالج مرضاها ويطور وسائلها ويفكر لبناء صرح الغد فيها بفكره، وجهده، وأنت تعلمين أكثر من غيرك من المستفيد في نهاية الحساب – ولا غرابة فإن الشرق ظل يحلم منذ الحضارة البابلية حتى جاء الغرب فحقق كل الأحلام ! وبذلك خلعت الخرافة ثوبها وتركته في الشرق لتتوالد خيوطه فتنجب عباءة سميكة يتخذ منها الشعب غطاء في سباته العميق، ودخلت مصانع الغرب لتخرج علينا بكل ما ترين من مبتكرات مبهرة!
3- استعمالك أسلوب الاستخفاف لا يليق بمقام العالم
كان من باب أولى أن يكون الحوار جديا، مبنيا على أسس فكرية سليمة لتكون السلطة للعقل والمنطق بدل تبادل الاتهامات المجانية؛ وقد أعجبني قولك:
«النقد ملكة عقلية لا تستطيع أن تنمو وتنتعش إلاّ في جو من الحرية والديمقراطية، جو يعلّم الانسان أن يحترم الآخر حتى ولو اختلف معه، وأن يلتزم بحدود الأخلاق عندما ينقده.» غير أنني وجدت غير ذلك في ما جرى من ردك على د.عمار، إذ جئت بمقدمة لمراحل يعبرها المصدوم في جهازه العقائدي – كنظرية علمية – ثم أجريت الكلام تقولين:«.. نلاحظ في بداية هذا المقطع بأن السيّد العمّار قد دخل في طور المرحلة الثالثة التي يدخل بها من يصطدم بخلبيّة جهازه العقائدي..» مما أظهرك في صورة أحد أبطال الأشرطة السينمائية التي كانت تتناول سيرة رعاة البقر وهذا غير لائق بعالمة مثلك... وأردفت :« لقد اختلط عليّ الأمر ولم أعد أميّز بين الشيخ محمّد العمّار والدكتور يوسف القرضاوي. لقد سقط الطبيب في جبّة الشيخ وتسلل الشيخ إلى مخبر الطبيب، يا للكارثة! » ثم إن القوالب الفكرية التي تحدثت عنها في تساؤلك « ألم اقل لك يا دكتور محمّد بأن قوالبكم الفكريّة تحتاج الى مطرقة ومسامير وفاء سلطان؟!!» ليست سوى الأسس التي علمت الغرب كيف يتناول دراسة الكيمياء والطب والرياضيات وما يزال يشهد بها تاريخ الغرب نفسه – ولست متحيزا للعرب ولا للفرس – بل إن كتاب l’histoire de la lumiere يلخص لك كل ما تريدين معرفته عن أثر ابن الهيثم في تطوير علم البصريات، حتى إن الغرب قسم تاريخ هذا العلم قسمين : بصريات ما قبل ابن الهيثم وبصريات ما بعده! وكتاب القانون في الطب لابن سينا مازال له مكانه في الجامعات الغربية ... أما حديثك عن الطب النبوي ولا أظنك قد اطلعت عليه، فإنه كتاب لم ينكر ما جاء به Gallien أبو علم الصيدلة بل يشير أليه في كثير من الصفحات؛ وفيه من ذكر العقاقير التي استعملت في كل بقاع الأرض لمئات السنين قبل ظهور المستحضرات الجاري تداولها اليوم، و ما يزال بعضها مصدرا لأدوية تصفينها لمرضاك.