البيان والبلاغ

الأربعاء ٠٧ - يونيو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
ما هو الفرق بين كلمتى ( بيان ) و ( بلاغ ) فى القرآن الكريم ؟
آحمد صبحي منصور :

أولا :  يأتى ( بيان ) بمعنى :

1 ـ الإعلان . قال جل وعلا : ( هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) آل عمران )

2 ـ التوضيح والتفسير ، وهذا عن القرآن الكريم وأن بيانه فى داخله وأن تفسيره فيه ، وهو أحسن تفسير للقرآن الكريم ، أى تفسر الآية بالآيات فى نفس سياقاتها ، وهذا منهجنا فى تدبر القرآن الكريم وفهمه . قال جل وعلا : ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) القيامة ).

3 ـ تعليم الانسان النطق وفهم ما يسمع ، وهذا يبدأ بالطفولة ، وبعد عدة سنوات يتكلم الطفل بلسان قومه . قال الخالق جل وعلا عن ارتباط الخلق بتعليم البيان ( الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الرحمن )

ثانيا : ( البلاغ )

1 ـ يأتى إنذارا وتهديدا من الله جل وعلا مباشرة عن أكابر المجرمين . قال جل وعلا :  

1 / 1 : ( فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (52) ابراهيم )

1 / 2 : ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35) الاحقاف )

2 ـ يأتى بشرى  من الله جل وعلا مباشرة لمن يؤمن ويتقى ويصلح :  ( َ وَلقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) الانبياء ).

2 ـ يأتى بمعنى مهمة تبليغ الرسل للرسالة الالهية . وهذا على النحو التالى :

2 / 1 : عن جميع الرسل قبل خاتم النبيين عليهم جميعا السلام . قال جل وعلا :

2 / 1 / 1 : ( فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (35) النحل )

2 / 1 / 2 : ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (17) يس ).

2 / 2 : عن خاتم النبيين محمد عليه وعليهم السلام . وقد تكرر هذا كثيرا يتضمن نفيا لاساطير المحمديين فى الشفاعات . وجاء هذا فى سياقات متعددة . قال جل وعلا :

2 / 2 / 1 : ( فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) آل عمران ). الله جل وعلا هو البصير بالعباد ، ومنهم الرسل . هذا مثل قوله جل وعلا : ( مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99) المائدة )

2 / 2 / 2 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92) المائدة ). ظل بعض الصحابة المؤمنين سلوكيا فقط بمعنى السلام والأمن والأمان يقدسون الأنصاب أى القبور المقدسة ويشربون الخمور ويحتفظون بديانتهم الجاهلية متمتعين بالحرية المطلقة فى الدين فى دولة الاسلام التى قادها النبى محمد عليه السلام . لم ينزل لهم سوى الوعظ مع التأكيد على أنه ليس على الرسول سوى البلاغ المبين ، أى تبليغ القرآن الكريم المبين . ونلاحظ أن هذا من أواخر ما نزل من القرآن الكريم ، أى ظل أولئك الصحابة محافظين على كفرهم العقيدى ، وبالتالى نتصور أنهم استمروا عليه الى نهاية العمر .

2 / 2 / 2 / 1 : وهذا يذكرنا بقوله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام عمّن أعرض عن الحق وأن مهمة النبى ليس قتلهم ب( حدّ الردّة ) المزعوم ، ولكن فقط مجرد التبليغ :

2 / 2 / 2 / 1 / 1 : ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (82) النحل )،

2 / 2 / 2 / 1 / 2 : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (12) التغابن )

2 / 2 / 3 : فى مهمة التبليغ فالنبى ليس مسئولا عن هداية أحد لأن الهداية مسئولية شخصية ، ومن إهتدى فلنفسه ومن ضل فعلى نفسه . وهو ( النبى ) مسئول عن نفسه وليس عن غيره ،( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ ) (48) الشورى )

2 / 2 / 4 :  وطاعة الرسول هى فى طاعة الرسالة القرآنية ، والتى يكون النبى أول من يطيع وأول من يتبع الوحى القرآنى . نفهم هذا من قوله جل وعلا للجميع : ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (54) النور )

2 / 2 / 5 : على الرسول البلاغ ، والله جل وعلا هو الذى يتولى الحساب . أى لا شفاعة ولا جاه للنبى فى يوم الدين الذى يملكه رب العالمين . قال جل وعلا : ( وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40) الرعد ). هذا يذكرنا بقوله جل وعلا للنبى : (  فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) الغاشية ).

2 / 2 / 6 : لأن مهمته الوحيدة التبليغ فلن ينقذه من النار إلا القيام بهذه المهمة .  قال جل وعلا  يأمره : ( قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) إِلاَّ بَلاغاً مِنْ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً (23) الجن )

أخيرا : تكرر قوله جل وعلا : ( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (18) العنكبوت )

 وقد شاع هذا حتى أصبح مثلا أن يقال ( ما على الرسول الا البلاغ ) ، ومع ذلك يؤمن المحمديون بالشفاعات .  يعنى حسب القول المصرى : مفيش فايدة . 



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1173
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4985
اجمالي القراءات : 53,486,520
تعليقات له : 5,329
تعليقات عليه : 14,630
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


عقوق أولادى: لى ثلاث اولاد وثلاث بنات وكل واحد منهم عملت له...

معيشة ضنكا: وانا في بيتي سمعت ملتحي في المسج د يعص نفسه عص...

لا شأن لنا بهم : عن القرا نيين هذا ما نشرته جريدة الشرو ق ...

طبائع الاستبداد : ما تقييم ك لكتاب طبائع الاست بداد ...

عبد المطلب: لم تتعرض فى مقالك عن الأسم اء الحسن ى لاسم...

تماثيل وأصنام : هل التصو ير والنح ت وعمل التما ثيل حرام ؟ ...

عن مساجد الضرار: احتاج الى دخول مساجد المحم ديين الضرا ر ...

لماذا بنو اسرائيل ؟: في قصة ابناء ادم وبعد ذكر القصة يقول الله...

الجرز : ما معنى ( الجُر ُز ) ؟ ...

التخصيب الصناعى : أنا فتاة أبلغ من العمر 38 عاما بدون زواج ، و أحس...

ترقيع البكارة: أنا طبيب اريد ان اعرف بعض الاعم ال الطبي ة ...

الجبال: في القرا ن الكري م {خَلَ َ ...

دعاء نوح عليه السلام: هذا الدعا ء لنوح : "رب لاتذر على الأرض من...

لها حق الايلاء: شاب تزوج وبعد الزوا ج بمدة ذهب لدولة ثانية...

فيلم فاطمة الزهراء : حاولت ان أطرح هذا السؤا ل في موقعك و رأيت أن...

more