كفر الوهابية

السبت ٢٩ - أبريل - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
قال تعالى ( ُكلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) آل عمران (185). وقال تعالى أيضا فى نفس السورة : ( وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28). إذا كانت كل نفس تموت فهل يسرى هذا على ( نفس الله ) ؟ .
آحمد صبحي منصور :

1 ـ الله جل وعلا هو ( الحى الذى لا يموت ) . قال جل وعلا : (  وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً (58)  الفرقان ).

2 ـ فى البلاغة العربية وفى الفصاحة القرآنية ما يسمى بالمشاكلة . وهى اساس فى فهم القرآن الكريم ، لأن أسماء الله جل وعلا وصفاته فوق إدراكات البشر ، لذا يؤتى بها بما يُشاكل ألفاظ البشر . ونعطى مثلا ممّا سبق : الله جل وعلا  من صفاته ( الحى ) وتأتى هذه الصفة بما يتناقض مع صفة الحياة للمخلوقات ، كقوله جل وعلا :

2 / 1 : ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ  ) ويأتى شرح حياته وقيوميته : ( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)   البقرة   )

2 / 2 :  ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) آل عمران ) ويأتى الشرح بعدها : (  نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)  آل عمران  )

2 / 3 : (وَعَنَتْ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (111)  طه    ) . هذا عن اليوم الآخر . وقد جاء الشرح قبلها : ( يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (104) وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً (105) فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً (106) لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِي لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتْ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (108) يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (110)  طه ) .

ونتذكر قوله جل وعلا : (  وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً (58)  الفرقان ).  

3 ـ يأتى وصف البشر بصفة الحياة والموت ، فالله جل وعلا هو الذى يحيى ويميت ، وضمن معالم قدرته جل وعلا أنه الذى يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى . قال جل وعلا :

3 / 1 : ( قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) آل عمران ).

3 / 2 : ( إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَيِّ ذَلِكُمْ اللَّهُ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ (95) الانعام )

3 / 3 : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (31) يونس ).

3 / 4 :  ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ) 19 )      الروم )

4 ـ نفس الحال ( أسلوب المشاكلة ) فى موضوع الموت .

4 / 1 : جاء عن ( ذاته ) جل وعلا لفظ ( نفس )  

4 / 1  / 1 : عن عيسى يوم القيامة : ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( 116 ) المائدة )

4 / 1 / 2  : ( وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) آل عمران )   (  وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30) آل عمران ).

4 / 1 / 3 : ( قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )   12  الانعام )، ( وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )  ٌ (54) الانعام ).

 4 / 2  : وجاء عن موت النفس البشرية :  ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) آل عمران (185)، (  الأنبياء 35 ) ، العنكبوت  ( 57 )).  

5  / 1 ـ بكل ما أوتوا من جهل يقول الحنابلة السنيون أنه ( لا مجاز فى القرآن ) ، اى ليس فى القرآن أساليب المجاز ، من تشبيه وإستعارة وكناية ومشاكله . وبهذا الجهل ينسبون لله جل وعلا صفات البشر ، من اليد ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ )  (10) الفتح ) لا يرونها إستعارة على قدرته جل وعلا ، والعين وهى تعنى الحفظ . قال جل وعلا لموسى عليه السلام ( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) طه  ) ولخاتم النبيين عليهم جميعا السلام : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا )  (48) الطور ) ، وعن سفينة نوح ( فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنْ اصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا )(27) المؤمنون ) (  وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا )  (37)  هود ) ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) القمر  )  يرون له مثل البشر عينا . ونفس الجهل فى موضوع الموت ، إذا يرون أن الآيات التى ورد فيها اسلوب المشاكلة تعنى أن له يدا وعينا وموتا .

5 / 2 : والوهابية ـ وهى الطبعة المعاصرة من الحنبلية تقول بهذا .

5 / 3 :  والتفاصيل فى بحث عن التأويل منشور هنا ، أنصح بقراءته لتوفروا وقتنا وجهدنا . 



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 2653
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5326
اجمالي القراءات : 65,918,801
تعليقات له : 5,522
تعليقات عليه : 14,921
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


جهل مبين.!!: اري تشابه كبير جدا بينكم وبين فكر طائفه...

فصاحة القر’ن : السلا م عليكم دكتور احمد ، ارجو الاجا بة علي...

أكرمك الله جل وعلا.!: دائم ا الحمد لله رب العال مين. السلا م ...

حديث غير قدسى: قرأت بحثا في الأحا ديث القدس ية منذ زمن بعيد...

قالت الاعراب آمنا : نريد تدبر الآيا ت من 14 الى 18 من سورة الحجر ات ،...

الجيلاتين: عندي سؤال بخصوص الجيل اتين المست خرج من...

محنة ومنحة: هى سيدة مدرسة معلمة مربية فاضلة ، متزوج ة ...

أربعة أسئلة: السؤ ال الأول : برجا ء أن تكتب لنا عن تحدى...

إلا وسعها : ما معنى ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها )؟ ...

إختلافهم ليس رحمة: هل إختلا ف المسل مين رحمة كما يقال ؟...

تحريم الحفيدة: هل بنت الإبن من الأبن اء ؟ هل يوجد تحريم للذي...

سورة الانعام: القرأ ن الكري م كلام الله تعالى واقدر واجله...

من هجص المستشرقين: مكان تواجد الرسو ل : ألا تدل الآيا ت ...

كتبنا فى هذا..: سالت منذ ايام عن . ان المنا سك متوار ثة عن مله...

أول سورة التوبة: لما ذا لم يذكر الله تعالى في أول سورة توبة...

more