آحمد صبحي منصور Ýí 2010-11-20
,
هى قصة مصنوعة صاغها المؤرخ ابن الجوزى ، وحكاها فى تاريخ ( المنتظم ) (ج 5 : 292 ـ 295) وفى أحداث عام 58 ،
1 ـ قبل هذه القصة بدأ ابن الجوزى بتسجيل خبر تاريخى نقله عن الطبرى موجزه أن عرب الكوفة طردوا العامل عليهم ،او الوالى الذى ولاه معاوية على الكوفة ، وهو عبد الرحمن بن أم الحكم ، وهو ابن أخت الخليفة معاوية نفسه. والسبب فى طردهم إياه هو ظلمه . فرجع عبد الرحمن هذا الى خاله معاوية فى دمشق ، وتطييبا لخاطره ولاه معاوية مصر ، وسافر عبد الرحمن من دمشق الى مصر، وعلم بالخبر عر&Egravgrave; مصر ، وزعيمهم معاوية بن حديج السكونى فخرج وتلقى الوالى الجديد فى الطريق قبل أن يدخل مصر وأمره بالرجوع الى دمشق وخاله معاوية بن أبى سفيان الخليفة ، ومنعه من دخول مصر قائلا : إرجع الى خالك ، فو الله لا تسير فينا سيرتك فى اخواننا من أهل الكوفة . فرجع عبد الرحمن الى خاله ، وسكت الخليفة معاوية منعا للمشاكل .
ثم حدث أن زار معاوية بن حديج الخليفة معاوية بن أبى سفيان وتصادف أن كانت هناك أم الحكم أم الوالى المعزول عبد الرحمن ، فأساءت له القول فرد عليها وأسكتها أمام أخيها الخليفة .
ننقل ما كتبه ابن الجوزى تحت عنوان : ( طرد أهل الكوفة عبد الرحمن بن أم الحكم):
( وذلك أنه أساء السيرة فيهم فطردوه فلحق بمعاوية ، وهو خاله فقال له:أوليك خيرًا منها مصر ، فولاه فتوجه إليها . وبلغ معاوية بن حديج السكوني الخبر ، فخرجإليه واستقبله على مرحلتين من مصر ، فقال له: ارجع إلى خالك فلعمري لا تسير فيناسيرتك في إخواننا من أهل الكوفة.
فرجع إلى معاوية. ثم أقبل معاوية بن حُديج وافدًا فدخل عليه وعنده أمالحكم فقالت: من هذا يا أمير المؤمنين قال: هذا معاوية بن حديج قالت: لامرحبًا به " تسمع بالمُعَيدِي خير من أن تراه فقال: على رسلك يا أم الحكم أماوالله لقد تزوجت فما أكرمت وولدت فما أنجبت أردت أن يلي ابنك الفاسق علينا فيسيرفينا كما سار في إخواننا من أهل الكوفة ما كان الله ليريه ذلك ولو فعل ذلك لضربناهضربًا يطأطىء منه فقال لها معاوية: كفى.)
2 ـ بعد هذا الخبر روى ابن الجوزى حكاية الاعرابى وزوجته مع والى الكوفة عبد الرحمن بن أم الحكم ومع معاوية نفسه . وننقلها عنه ثم نعلق عليها :
( قصة ابن أم الحكم مع الأعرابي
وجرت لعبد الرحمن ابن أم الحكم قصة عجيبة أخبرنا بها محمد بن ناصرالحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار وأخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبةقالت: أخبرنا جعفر بن أحمد السراج قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرناأبو عمر بن حيوية قال: حدًثنا محمد بن خلف قال: حدَّثني محمد بن عبد الرحمنالقرشي قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا أبو مخنف عن هشام بن عروة قال:
أذن معاوية بن أبي سفيان يومًا فكان فيمن دخل عليه فتى من بني عذره فلما أخذ الناسمجالسهم قام الفتى العذرى بين السماطين ، ثم أنشأ يقول :
معاوي يا ذا الفضل والحكم والعقل
وذا البر والإحسان والجود والبذل
أتيتك لما ضاق فيالأرض مسلكي
وأنكرت مما قد أصبت به عقلي
ففرج كلاك الله عني فإنني
لقيت الذي لميلقه أحد قبلي
وخذ لي هداك الله حقي من الذي
رماني بسهم كان أهونه قتلي
وكنت أرجًيعدله إن أتيته
فأكثر تردادي مع الحبس والكبل
فطلقتها من جهد ما قد أصابني
فهذا أميرالمؤمنين من العذل
فقال معاوية: ادن بارك الله عليك..ما خطبك؟ فقال: أطال اللهبقاء أمير المؤمنين،إنني رجل من بني عذرة تزوجت ابنة عم لي ، وكانت لي صرمة من إبلوشويهات فأنفقت ذلك عليها ، فلما أصابتني نائبة الزمان وحادثات الدهر رغب عني أبوها،وكانت جارية فيها الحياء والكرم فكرهت مخالفة أبيها،فأتيت عاملك ابن أم الحكم فذكرتذلك له ، وبلغه جمالها فأعطى أباها عشرة آلاف درهم وتزوجها ،وأخذني فحبسني وضيق علي، فلما أصابني مس الحديد وألم العذاب طلقتها ،وقد أتيتك يا أمير المؤمنين وأنت غياثالمحروب وسند المسلوب ، فهل من فرج ؟!!
ثم بكى وقال في بكائه:
في القلب مني نار والنارفيها شرار
والجسم مني نحيل واللون فيه اصفرار
والعين تبكى بشجو ودمعها مدرار
والحب داء عسير فيه الطبيب يحار
حملت منه عظيمًا فما عليه اصطبار
فليسليلي بليل ولا نهاري نهار .
فرق له معاوية وكتب له إلى ابن أم الحكم كتابًا غليظًا، وكتب في آخره يقول:
ركبت أمرًا عظيمًا لست أعرفه
أستغفر الله من جور امرىء زان
قدكنت تشبه صوفيًا له كتب
مِن الفرائض أو آثار فرقان
حتى أتاني الفتى العذري منتحبًا
يشكو إلي بحق غير بهتان
أعطى الإله عهودًا لا أجيش بها
أو لا فبرئت من دين وإيمان
إن أنت راجعتني فيما كتبت به
لأجعلنَك لحمًا عند عقبان
طلق سعاد وفارقها بمجتمع
واشهد على ذاك نصرًا وابن ظبيان
فما سمعت كما بلغت من عجب
ولافعالك حقًا فعل فتيان
فلما ورد كتاب معاوية على ابن أم الحكم تنفس الصعداء ، وقال: وددت أن أمير المؤمنينخلى بيني وبينها سنة ثم عرضني على السيف . وجعل يؤامر نفسه في طلاقها فلا يقدر، فلماأزعجه الوفد طلقها .
ثم قال: يا سعاد اخرجي . فخرجت شكلة غنجة ذات هيئة وجمال. فلمارآها الوفد قالوا: ما تصلح هذه إلا لأمير المؤمنين لا لأعرابي .وكتب جواب كتابهيقول:
لا تحنثن أمير المؤمنين فقد
أوفى بعهدك في رفق وإحسان
وما ركبت حراما حيث أعجبنى
فكيف سميت باسم الخائن الزان
وسوف يأتيك شمس لاخفاء بها
أبهى البرية من إنس ومن جان
حوراء يقصر عنها الوصف إن وصفت
أقول ذلك في سروإعلان .
فلما ورد الكتاب على معاوية قال: إن كانت أعطيت حسن النعمة على هذه الصفةفهي أكمل البرية.فاستنطقها فإذا هي أحسن الناس كلامًا وأكملهم شكلًا ودلًا .فقال:يا أعرابي فهل من سلو عنها بأفضل الرغبة ؟ قال: نعم إذا فرقت بين رأسي وجسدي .
ثمأنشأ يقول:
لا تجعلني والأمثال تضرب بي
كالمستغيث من الرمضاء بالنار
أردد سعادعلى حيران مكتئب
يمسي ويصبح في هم وتذكار
قد شفه قلق ما مثله قلق
وأسعر القلب منهأي إسعار
والله والله لا أنسى محبتها
حتى أغيب في رمس وأحجار
كيف السلو وقد هامالفؤاد بها
وأصبح القلب عنها غير صبار
قال: فغضب معاوية غضبًا شديدًا ، ثم قاللها: اختاري إن شئت أنا وإن شئت ابن أم الحكم وإن شئت الأعرابي.
فأنشأت سعاد وارتجزت تقول:
هذا وإن أصبح في الخمار ** وكان في نقص من اليسار
أكثر عندي من أبي وجاري ** وصاحب الدرهم والدينار
أخشى إذا غدرت حرّ النار.
فقال معاوية: خذها لا بارك الله لك فيها .
فارتجز الأعرابي يقول:
خلوا عن الطريق للأعرابي ** ألم ترقوا ـ ويحكم ـ لما بي
قال: فضحك معاوية وأمر له بعشرة آلاف درهم.وناقة ووطاء . وأمر بها فأدخلت في بعض قصوره حتى انقضت عدتها من ابن أمالحكم ، ثم أمر بدفعها إلى الأعرابي.)
3 ـ التعليق :
هذه قصة خيالية جميلة صنعها المؤرخ ابن الجوزى بنفسه ، هو الذى صنع سلسلة العنعنة بمهارة ، حيث نقل عن تاريخ الطبرى أحداث نفس العام ( 58 هجرية ) فى الجزء الخامس من تاريخ الطبرى ص 312 عن طرد أهل الكوفة للوالى عبد الرحمن بن أم الحكم وهو ابن أخت معاوية ، فرجع الى خاله معاوية فأرسله معاوية واليا على مصر فرفض معاوية بن حديج ولايته ورده.
نقل المؤرخ ابن الجوزى نفس ما قاله الطبرى بالحرف، ثم أضاف القصة السابقة وجعلها خبرا تاريخيا تحت عنوان (قصة ابن أم الحكم مع الأعرابي) و صنع لها سلسلة من الرواة . وهذا ما لم يذكره أحد قبل ابن الجوزى.
ولقد توفى الطبرى عام 310 ، ومات ابن الجوزى عام 597 ، أى بينه وبين ابن الجوزى ( 287 سنة) . وأبن سعد ثم الطبرى هما العمدة فى تاريخ الأمويين ، وما لم يذكراه عن التاريخ الأموى فهو مصنوع و مخترع بعدهما.
ولقد اشتهر المؤرخ ابن الجوزى بكونه أشهر القصاصين فى عهده ، وأشهر الوعاظ. وأشهر رواة الحديث ، وكان يخلط هذا كله جميعا فى مؤلفاته الكثيرة ، فيكتب أخبار الأذكياء وأخبار الحمقى و المغفلين ، و يملأ كتبه التاريخية من النوادرو القصص التى يحكيها ويخترعها عن السابقين وبقولها فى مجالس وعظه ـ وبعضها يجعلها أحاديث نبوية ، أو أخبارا عن الصحابة ، وفى كل ما يكتب ويحكى يصنع له اسنادا مثل أسانيد الحديث. وينطبق هذا على هذه القصة الى لم يذكرها أحد من المؤرخين قبله ـ و التى إنفرد هو بروايتها و صنع لها إسنادا وعنعنعة.
ومن مهارته أنه نقل عن الطبرى خبر طرد أهل الكوفة للوالى عبد الرحمن بن أم الحكم ( وأم الحكم هى أخت معاوية ) ولم يذكر اسنادا لهذا الخبر مكتفيا بوجود الخبر فى تاريخ الطبرى . ولكنه عندما ذكر حكاية الاعرابى وزوجته تحت عنوان (قصة ابن أم الحكم مع الأعرابي) حرص على أن يصنع لقصته المصنوعة إسنادا ، فقال ( وجرت لعبد الرحمن ابن أم الحكم قصة عجيبة أخبرنا بها محمد بن ناصرالحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار وأخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبةقالت: أخبرنا جعفر بن أحمد السراج قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرناأبو عمر بن حيوية قال: حدًثنا محمد بن خلف قال: حدَّثني محمد بن عبد الرحمنالقرشي قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا أبو مخنف عن هشام بن عروة قال:... ).
براعة ابن الجوزى فى الكذب و صناعة الاسناد تتجلى فى صناعته سند وعنعنة هذه القصة المزيفة ، إذ أنه نقل سلسلة السند الأساسية لدى الطبرى وهى التى تتحلى باثنين من كبار الرواة التاريخيين فى تاريخ الأمويين ، والذين نقل عنهم الطبرى تاريخ الأمويين ، وهما ( أبو مخنف عن هشام بن عروة). والمشهور أن أبا مخنف كتب ما كان يرويه هشام بن عروة بن الزبير شفهيا. ثم نقل ذلك الطبرى عن أبى مخنف ، وجعلها الطبرى سلسلته المفضلة بالاضافة الى آخرين .
بعد الطبرى بحوالى ثلاثة قرون أتى ابن الجوزى فأضاف لهذه السلسلة أسماء أناس ماتوا من قبل ، فقال (أخبرنا المبارك بن عبد الجبار وأخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبةقالت: أخبرنا جعفر بن أحمد السراج قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرناأبو عمر بن حيوية قال: حدًثنا محمد بن خلف قال: حدَّثني محمد بن عبد الرحمنالقرشي قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا أبو مخنف عن هشام بن عروة قال:) ثم قص الحكاية التى ألّفها و صنعها من خياله الخصب الرائع. وأتى فى القصة بألفاظ وتعبيرات شاعت فى العصر العباسى الثانى ولم تكن مألوفة أو معروفة من قبل ، خصوصا عصر معاوية ، ومنها مصطلح ( الصوفية ) الذى لم يعرفه العصر الأموى .
ومن براعته أنه غلّف قصته المصنوعة بشعر يقوله أبطال الرواية ،أى صنع مسرحية شعرية كان يمكن أن نفرح بها لو جعلها مسرحية أو قال بصدق أنها قصة مصنوعة ، وليس خبرا حدث بالفعل تاريخيا . الشعر المذكور فى القصة هابط وضعيف المستوى ، قد يناسب عصر ابن الجوزى فى القرن السادس الهجرى ، ولا يمكن أن يتناسب مع فصاحة العرب فى أوائل العصر الأموى وفى القرن الهجرى الأول . ولكن لمناسبة ذلك الشعر لمستوى عصر ابن الجوزى فالمنتظر أن يتقبله الناس بقبول حسن ، وأن يشيع بينهم ويتداولوه لسهولته و بساطته و ضحالته .
وبنفس الطريقة فى صنع العنعنة والاسناد كانوا يصنعون الأحاديث فى العصر العباسى مع بداية التدوين ، فيخلو أحدهم بنفسه ويصنع أسانيدا ( حدثنا فلان عن فلان عن فلان ) الى أن يصل الى الصحابة ثم النبى ، أى يستشهد برواة ماتوا ولم يلقهم ولم يعرفونه ،بل قد يصنع أسماء رواة ليس لهم وجود فى الحقيقة ، ثم بعد صناعة الاسناد يؤلف له حديثا يزعم ان النبى محمدا عليه السلام قاله ورواه أولئك الرواة الموتى ووصل اليه العلم بهذا الحديث ورواته وسنده وعنعنته فقام بتسجيله .!!
وأبن الجوزى ملأ كتبه بالأحاديث فى الفقه و السيرة و التاريخ للصحابة و التابعين ، وفى الوعظ ، وحتى فى كتب وضعها فى نقد الأحاديث و الأحاديث الموضوعة ، وفى نقد شخصيات عصره مثل كتابه المشهور ( تلبيس ابليس ). ومنها أحاديث نقلها عن السابقين وأحاديث لم يقلها أحد قبله ،أى إنه اخترعها وصنعها و جعل لها اسنادا وعنعنة .
المضحك أن ابن الجوزى كتب مجلدا كاملا فى ( مناقب الامام أحمد بن حنبل) يقول فى مقدمة الكتاب ( وقد جعلت هذا الكتاب مائة باب ، وهذه تراجم الأبواب ، والله ملهم الصواب : ) ثم يجعل من الأبواب الآتى ( الباب الخامس عشر : فى ذكر إنفاذ الياس اليه السلام ) أى أن النبى الياس بعث لابن حنبل السلام ..!! ، ( الباب السادس عشر : فيما يذكر من ثناء الخضر عليه ) أى أن الخضر تلك الشخصية الاسطورية النى يزعمون أنها لا تموت كانت تثنى على أحمد بن حنبل .!! ( ( الباب الحادى والتسعون : ذكر المنامات التى رآها أحمد ) ( الباب الثانى و التسعون : ذكر المنامات التى رؤى فيها أحمد ) ( الباب الثالث و التسعون : ذكر المنامات التى رؤيت لأحمد ) أى المنامات التى رآها الناس وفيها زعموا أنه فى الجنة.
جرأة فظيعة على الكذب لا نتمناها لأحد ..
عبد الرحمن بن الجوزى صاحب عشرات المؤلفات فى الفقه والوعظ والحديث هو أهم صانعى دين السّنة .
لا شك أن الله تعالى عندما أمرنا بالقراءة ، كان يهدف إلى توسعة المدارك وإلى الاستفادة من التجارب التي سبق حدوثها، لتكون معينا لنا على حسن التصرف فيما يجد لنا من أحداث ، والمتأمل لما يورده الدكتور منصور من قصص تاريخي يلحظ تحري الصدق في نقده لهذه الروايات وحيادية الحكم ففي بعض الموضوعات كان يدافع عن بعض شخصيات التاريخ في موقف معين ، بالرغم من اختلافه معهم فبي الرأي وإلقاء الضوء عليه فهذا تتبع لبعض رواة الأحاديث وكتابه الذين كان يأخذ كلامهم ولا يرد مطلقا ، وهذا ما نستفيده من نقد التاريخ ، لمن أراد الاستفادة
سؤال هام جدا :: كيف استطاع ابن الجوزي كتابة هذه الأسانيد والأحاديث والقصص والسير وهو كان يعيش في معزل عن الناس ولا يحب مخالطة الناس .؟
يقول عنه ابن كثير ((عاش ابن الجوزي منذ طفولته ورعا زاهدا، لا يحب مخالطة الناس خوفا من ضياع الوقت، ووقوع الهفوات، فصان بذلك نفسه وروحه ووقته، فقال فيه الإمام ابن كثير عند ترجمته له "وكان -وهو صبي- دينا منجمعا على نفسه لا يخالط أحدا ولا يأكل ما فيه شبهة، ولا يخرج من بيته إلا للجمعة، وكان لا يلعب مع الصبيان". ))
ويقول هو عن نفسه ((قال ابن الجوزي واصفا نفسه في صغره:
أبو الفرج بن الجوزي كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى، فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء، فكلما أكلت لقمة شربت عليها شربة، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم
واشتهر ابن الجوزي بأن من المكثرين في التأليف وكثرت مؤلفاته لدرجة أن كتب عن الظراف والمغفلين والمتماجنين مؤلف بعنوان (أخبار الظراف والمتماجنين)
وهنا أعود لنفس السؤال يقولون (( تميز ابن الجوزي بغزارة إنتاجه وكثرة مصنفاته التي بلغت نحو ثلاثمائة مصنف شملت الكثير من العلوم والفنون، فهو أحد العلماء المكثرين في التصنيف في التفسير والحديث والتاريخ واللغة والطب والفقه والمواعظ وغيرها من العلوم..
كيف يكون من أكثر العلماء انتاجا وكيف يقولون عنه أنه كان قليل الاختلاط بالناس ...
كل ما أتمنى صراحة شيخنا منصور حين قراءتي لمثل هذه المواضيع التاريخية أن يُرجعك الله إرجاعا جميلا إلى "منهج الرسل في القرآن".
وكيف لا وتلك الأمم والأقوام التي تتحدَّث عنها قد بادت وانتهى أمرها فلا تسمَع لها رِكزا، وعلاوة على ذلك لا يُسألون عمَّا نَعمل ولا نُسأل عمَّا يعملون.
(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [البقرة : 134].
عمَّاذا نُسأل إذن: ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف : 6]. يعني سنُسأل عن الرِّسالة ومَنهج الرُّسل ماذا فعلنا فيه!
لاحِظ نهاية الأشقياء حين يأتيهم عذاب الهلاك ويحيق بِهم ماذا يتمنَّون؟! لا شيء إلا الرجوع إلى الدنيا واتباع منهج الرُّسل! لنتدبر هذه الآية
(وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ) [إبراهيم : 44].
بماذا تأتي النصرة في الدنيا والآخرة؟ لا بشيء إلا اتباع منهج الرسل! (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر : 51].
ومن يستحق النجاة لمَّا يأذن الله تعالى بهلاك أمة؟! الرسل ومن اتَّبعهم لا غير! (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس : 103].
والسؤال المحوري الآن: هل استوفينا منهج الرُّسل دراسة ومدارسة! تمثلا وتبليغا! كما يُصوِّره بيان الله عزَّ وجل!
إذا كان الجواب بنعم: فجميل بنا أن نلتفت إلى غيرهم علَّنا نقتبس منهم ما يساعدنا على تمثُّل منهج الرسل أكثر في الواقع!
أما ومَنهجُهم مَهجُور، وبيان الله في طريقتهم مستُور، فلنَخَف من رب العالمين ولا نستبدل الذي هُو أدنى بالذي هو خير!
(أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام : 90].
أعِد الإخوة بمزيد تفصيل حول هذا الموضوع بحول الله تعالى.
تلميذكم: نسيم من الجزائر
اشكرك د. احمد على توضيح سبل استنباطك للكذب, كنت اقول سابقا لأخواني اقرأوا لابن الجوزي كتبه فتغطون ستمائة عام لكونه كان مفرغ عمره وامواله للقراءة والكتابة ولم يترك باب لم يطرقه. وعجبني حين اجتمع الشيعة والسنة فسألوه من افضل ابوبكر او علي فأجاب...الذي ابنته تحتها ..وقام وظلوا في حيرتهم بين فاطمة وعائشة. طلعت الشغلة كلها كذب ودجل بس تصلح نعمل منها مسلسلات في المستقبل.
نشكرك على التنوير
الهدف من كتابة القصص التاريخي هو توضيح نسبية صحته ونسبية الحكم عليه والنظر إليه من خلال الشك .... هذا كله يهدف في مجمله وتفصيلاته إلى توضيح الفارق بين القصص القرآني الذي جاء ذكره في القرآن الكريم كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ...
الهدف هو تقدير الله حق قدره وتقدير كلامه حق قدره ..
لقد جاء القرآن الكريم بأحسن القصص وأصدق القصص واجمل القصص ..
لقد اختلط على المسلمين للأسف الشديد ما هو قرآن وما هو تاريخ وما هو سيرة وما هو أخبار منسوبة كذبا للنبي ..
لذلك فإن هذا الموقع المبارك لا يكتفي فقط بتوضيح المنهج القرآني .. بل أخذ على عاتقه حمل إضافي وهو دراسة تراث وحضارة المسلمين لتوضيح الفجوة بينها وبين الإسلام الحقيقي ممثلا في كتابه القرآن الكريم ..
هذه الطريقة العلمية والعملية لمنهج موقع أهل القرآن جعلته رائدا وهدفا لمن أراد التعرف على الإسلام من خلال كتابه .. والتعرف على المسلمين من خلال حضارتهم واتوضيح لفارق بين الإسلام والمسلمين ..
من خلال الأحداث التى نراها ونسمعها يوميا من عمليات إجرامية وتفجيرات للقاعدة وغيرها لهو أكبر دليل على وجود فجوة هائلة بين الإسلام كدين سمح حنيف يأمر بالعدل والقسط والسلام ، وبين المسلمين الذين يتبعون الظن وما كتبته أيدي البشر من أحاديث وروايات وينسبونها زورا وبهتانا إلى الرسول الكريم والرسول منها برئ .
فوجود مثل هذه المقالات تعطينا نبذة وخلفية عن عقليات ونفسيات هولاء الرواة ومن يتبعهم ومن يأخذ عنهم ، ومن هنا تأتي أهمية مثل هذه المقالات التي تفيدنا كثيرا.
فنشكر لذلك الدكتور أحمد صبحي منصور عليها وننتظر منه المزيد من هذه الشخصيات التاريخية التي كان لها أثر واضح إيجابا أو سلباً
الهدف الأساس من المقال هو تعرية الدين الأرضي السني وشيوخه وطريقة صناعتهم لهذا الدين .. فابن الجوزي مخترع هذه القصة وخترع سندها هو نفسه أحد مشرعي الدين الأرضي السني عن طريق صناعة الحديث وإسناده والروايات التاريخية أيضا .. لذلك ألمح الغرض من هذا المقال هو التعريف بطريقة صناعة الكذب وتمريره عن طريق العنعنة ..
فمثلما فعل ابن الجوزي في إثبات هذه القصة التاريخية المزيفة عن طريق إسنادها بالعنعنة .. فإنه بنفس الأسلوب قام هو وغيره بإسناد أقول للنبي لم يقولها وتم إختراع أسانيد كاذبة لها ..ففي الخبر الكاذب تم صناعة عنعنة كاذبة لسلسلة من الرواة كلهم ماتوا ما عدا الراوي الكاذب ..
وننقل هذا الجزء من المقال ..(وجرت لعبد الرحمن ابن أم الحكم قصة عجيبة أخبرنا بها محمد بن ناصرالحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار وأخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبةقالت: أخبرنا جعفر بن أحمد السراج قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرناأبو عمر بن حيوية قال: حدًثنا محمد بن خلف قال: حدَّثني محمد بن عبد الرحمنالقرشي قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا أبو مخنف عن هشام بن عروة قال:
وبهذه الطريقة السهلة والبسيطة تم إختراع دين كامل بخلاف القرآن الكريم ..
بالطبع فإن كتابة مثل هذه المقالات التاريخية الهادفة لا يرضي البعض ممن يخشون من تكسير أصنام الدين الأرضي .. وذلك لكونها طريقة فعالة ومجدية ..
خالص الشكر لأخوانى الذين يتفقون معى فى الرؤية ، وخصوصا الاستاذ غريب الذى سبقنى فيما قال وأعفانى من التكرار.ولكن أضيف هنا الآتى :
1 ـ إن منهاج الرسل هو ما جاء فى الرسالات السماوية حيث يستشهد رب العزة بتاريخ السابقين الضالين وما حدث لهم بسبب تكذيبهم، وهكذا كان كل رسول يذكّر قومه بما حدث للأمم السابقة ( الأعراف 69 ، 74 ، 86 ) وعلى منهاجهم سار الدعاة للحق ومنهم مؤمن آل فرعون الذى كان يستشهد بتاريخ السابقين الضالين وما حدث لهم ( غافر 30 : 31 ). ونحن على نفس المنهج نسير ، نفتح صفحات تاريخ هذه ( الأمة ) ونتوقف مع السلبيات ونعرضها على القرآن الكريم بهدف الاصلاح ، ولنثبت أن القرآن الكريم فى دعوته الاصلاحية صالح لكل زكان ومكان ، وأن ما وجدنا عليه آباءنا مخالف لكتاب الله ، وأننا نكرر نفس أفعال وأقوال الكافرين من الأمم السابقة .
2 ـ قوله جل وعلا ( تلك أمة قد خلت ..) تتحدث عن الرسل المكرمين ابراهيم وأبنائه ،،فى الرد على من يجادل فيهم حسبما جاء فى سياق الايات . وهذا خارج عن موضوعنا .
3 ـ لو توقفنا فقط فى البحث القرآنى على أن المراد هم مشركو قريش وتجاهلنا البحث فى تراثنا وتاريخنا ولم نعرضهما على كتاب الله فإننا نؤكد مقالة العلمانيين بأن القرآن كتاب يصلح لعصره فقط ، ونكون قد أعطينا صك فلاح ونجاة لكل عصاة المسلمين الذين يستخدمون الاسلام واسم الاسلام فى حرب الله تعالى ورسوله.
4 ـ هل نلغى (علم التاريخ ) وهو ذاكرة البشر ، وبه يتقدمون ويتطورون ؟ الفارق بين الانسان والحيوان أن للانسان ذاكرة تاريخية وبها يتعلم من الماضى ليفهم الحاضر و يستعد للمستقبل . ولهذا تقدم الانسان وظل الحيوان يعيش فى الحاضر فقط دون تطور مع انه سبق الانسان فى هذا الكوكب . ولهذا كان الاستشهاد بالتاريخ من ملامح الوحى الالهى (القصص القرآنى ) كى يتعلم الانسان ويهتدى .ومن هنا تكررت الدعوة فى القرآن لنسير فى الأرض لننظر لآثار السابقين.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5098 |
اجمالي القراءات | : | 56,350,013 |
تعليقات له | : | 5,429 |
تعليقات عليه | : | 14,789 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
خاتمة كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )
الكسائى : تلميذ الخليل ومؤسّس مدرسة الكوفة النحوية
دعوة للتبرع
خديجة عند الشيعة: لماذا وضع حديث :أن جبريل نزل الى محمد عليه...
القرآن والنحو: أريد أن افرد موضوع ا يتضمن اعراب القرآ ن ...
إرتزاق وضيع: Assalamu Aleikum, Just a small question Sir. I have been reading through your web...
أنا مُغتاظ من سؤالك: لقد زنية ببنت مسيحي ه وقد ولد الولد لهو عامين...
هجص الشيعة : السلا م عليكم دكتور أحمد، أنا من متابع يك ...
more
الاستاذ الدكتور/ احمد صبحي منصور أشكر لك حسن تناولك الطيب لموضوع هذا الراوي للحديث والسيرة والفقه ( ابن الجوزي ) وتحليل شخصيته العلمية وكيفية تناوله للتاريخ وللأحاديث والسيرة والفقه . ودائما ما كان يشتبه الأمر لدي بين ابن الجوزي وابن قيم الجوزية حتى قرأت لك هذا المقال الرائع ..
ورأيت أن أذكر نبذة تاريخية موجزة عن( ابن قيم الجوزية )
( ابن قيم الجوزية)
محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز بن مكي زيد الدين الزُّرعي[1] ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بشمس الدين، أبو عبد الله وابن قيم الجوزية من عائلة دمشقية عرفت بالعلم والالتزام بالدين واشتهر خصوصاً بابن قيم الجوزية وقيم الجوزية هو والده فقد كان قيماً على المدرسة الجوزية بدمشق مدة من الزمن، وأشتهر بذلك اللقب ذريته وحفدتهم من بعد ذلك، وقد شاركه بعض أهل العلم بهذه التسمية وتقع هذه المدرسة بالبزورية المسمى قديما سوق القمح أو سوق البزورية (أحد اسواق دمشق)، وبقي منها الآن بقية ثم صارت محكمة إلى سنة 1372هـ، 1952م.
مولده ونشأته
ولد في اليوم السابع من شهر صفر لعام 691هـ، الموافق 2 فبراير 1292م. ويقال أنه ولد في ازرع جنوب سوريا وقيل في دمشق.
اتفقت كلمة المؤرخين على أن تأريخ اللقاء كان منذ سنة 712 هـ وهي السنة التي عاد فيها عاد من رحلاته إلى دمشق واستقر فيها إلى أن مات بدمشق سنة 728 هـ.
مشايخه
له عدد كبير من المشايخ جمعهم الشيخ بكر أبو زيد وذكر منهم خمسة وعشرين، منهم:
قيم الجوزية: والده.
ابن تيمية. أخذ عنه الفقه والأصول
ابن عبدالدائم: أحمد بن عبدالدائم بن نعمة المقدسي مسند وقته.
أحمد بن عبد الرحمن بن عبدالمنعم بن نعمة النابلسي.
ابن الشيرازي: ذكر في مشيخة ابن القيم ولم يذكر نسبه فاختلف فيه.
المجد الحراني: إسماعيل مجد الدين بن محمد الفراء شيخ الحنابلة.
ابن مكتوم: إسماعيل الملقب بصدر الدين والمكنى بأبي الفداء بن يوسف بن مكتوم القيسي.
الكحال: أيوب زين الدين بن نعمة النابلسي الكحال.
الإمام الحافظ الذهبي.
الحاكم: سليمان تقي الدين أبو الفضل بن حمزة بن أحمد بن قدامة المقدسي مسند الشام وكبير قضاتها.
شرف الدين ابن تيمية: عبد الله أبو محمد بن عبد الحليم بن تيمية النميري أخو ابن تيمية.
بنت الجوهر: فاطمة أم محمد بنت الشيخ إبراهيم بن محمود بن جوهر البطائحي البعلي، المسندة المحدثة.
عيسى المطعم
ابن أبي الفتح البعلي: قرأ عليه المخلص لأبي البقاء، ثم قرأ الجرجانية ثم ألفية ابن مالك وأكثر الكافية والشافية وبعض التسهيل
مجد الدين التونسي: قرأ عليه قطعة من المقرب لابن عصفور
صفي الدين الهندي: أخذ عنه الفقه والأصول
إسماعيل بن محمد الحراني: قرأ عليه الروضة لابن قدامة