آحمد صبحي منصور Ýí 2010-10-20
مقدمة :
كل هذا النظام المحكم للكون سينهار حين يلتقى الكونان النقيضان وسيسمع البشر الأحياء وقتها صوت الانفجار الثانى الذى يتم به تدمير العالم : (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) ( الحاقة 13 : 15 ) وبعد الانفجار الثانى وتدمير هذا العالم يتم خلق عالم جديد مصاحبا لصوت الانفجار الثالث بالبعث : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَ&Uacu;عِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللَّهُ ) هنا يرتبط النفخ أو صوت الانفجار الثالث بالصعق ، وبالصعق يحدث البعث بالتحام الأنفس بأجسادها الجديدة المكونة من عملها فترتدى كل نفس عملها .وبعض الأنفس ماتت صغيرة بلا رصيد من عمل أو مسئولية ، لذلك لا يحدث لها صعق ،اى بعث بلا صعق، وهذا بمشيئته جل وعلا. ثم يأتى صوت الانفجار الرابع الذى يسمعه الناس فيحشرون والى ربهم يرجعون :( ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ)( الزمر 67 : 68 ).لذا يقول جل وعلا عن المعاندين المكذبين بالبعث :(فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) (الطور 45 ). وعن هذه النفخة الأخيرة يقول جل وعلا:(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا) ( النبأ 17 : 20 ). وتتميز النفخة الأخيرة أو صوت الانفجار الأخير بتعبيرات عميقة الدلالة مثل النقر فى الناقور(فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِفَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ)(االمدثر 8 : 10) و(الصاخة) التى تأخذ بالسمع :(فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) ( عبس 33 ـ ).
ونعطى بعض التفصيلات :
أولا : دورة الحياة والموت والبعث فى الكائنات :
1 ـ يقول جل وعلا : (اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) ، وهذا كلام عام عن كل المخلوقات ، من بشر وحيوان ونبات وجن وشياطين وملائكة وما لا نعلم من المخلوقات ، وبقية الآية تقول للبشر خصوصا :(ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)( الروم 11)، أى سنرجع الى الخالق جل وعلا فى يوم الحساب.
الكائنات العاقلة المسئولة هى التى تستمر دورتها الى النهاية ،اى الى يوم الحساب ولقاء الله جل وعلا .
والملائكة فى هذا الشأن نوعان : نوع لم يخلق بعد ، ومنهم ملائكة العذاب الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وهم يظهرون بعد يوم الحساب وبمجىء النار التى سيكون وقودها أجساد الكفار والحجارة ، يقول جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ علَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ( التحريم 6 ).
النوع الثانى له حرية يكون مساءلا على أساسها يوم القيامة ، يشمل هذا الانس والجن والملائكة ، ولذا نرى من الجن المؤمن والكافر ( وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ) ( الجن 14 : 15 ) ونرى الكفار من الجن والانس مع بعضهم فى نفس الموقف فى الدنيا والآخرة (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَاإِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) ( الأنعام 128 ) (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِلَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) ( الأعراف 179 ). ونرى أيضا الملائكة فى وقت الرهبة عند العرض أمام الواحد القهار يوم القيامة (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لّا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ) ( النبأ 38 ) ونقرأ حديث رب العزة عن حسابهم فى نهاية يوم الحساب:( وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (الزمر 75 ) .
بقية الكائنات الحية التى تعيش بغريزتها دون ادراك لحريتها تنتهى دورتها الى يوم الحشر فقط دون يوم الحساب ولقاء الرحمن ، يقول جل وعلا :(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ)(الأنعام 38) ويقول (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) (التكوير 5 ) . ويقول جل وعلا عن النبى يونس عليه السلام ( فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ( الصافات 142 :144 )،أى لولا أنه كان من المسبحين وهو فى بطن الحوت ما أنقذه الله جل وعلا ، ومات فى بطن الحوت ، وأصبح ذلك الحوت قبرا له ، ويوم بعث ذلك الحوت سيبعث يونس منه ، وينتهى الحوت عند البعث ليكمل يونس بقية الدورة الى يوم الحساب وما يتلوهمن جنة أو نار.
هناك من الكائنات العاقلة من يفقد عقله وقدرته على الاختيار وبالتالى لا يكون موضوعا للاختبار ، أى فإن عمله لن يلتحم بنفسه عند البعث ، وبالتالى لن يحدث له الصعق:( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللَّهُ ).ويلحق به من يموت دون التمييز وسن الرشد والتكليف والمسئولية.
ثانيا : دورة الحياة والموت والبعث بين الانسان والنبات:
1 ـ كل شىء موزون فى هذا العالم ( الشهادة و الغيب )ومقدّر بأدق تقدير.
ويبدأ هذا بالماء أصل الحياة (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حىّ) ( الأنبياء 30 )، (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء ) (النور 45 ) . ومحدد نزول عدد قطرات المطر فى أى مكان، إذ ينزل بتقدير الرحمن جل وعلا: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍفَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ)( المؤمنون 18)، ومن هذا التقدير الموزون ينبت النبات بحساب موزون دقيق مقدر محسوب:(وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ) ( الحجر 19 ).وهذا التقدير الموزون تتم به حياة النبات وتقوم عليه من حيوات الكائنات.
وهذا التقدير المحكم مستمر وموصول للعالم الآخر، فبنفس طريقة الحياة الحالية للنبات والانسان تتم طريقة البعث يوم القيامة ، وكما ينزل المطر فتحيا به الأرض الميتة سيهطل مطر آخر يتم به بعث الناس الموتى من القبور : ( وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) ( الزخرف 11 )،(كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) ( الأعراف 29 ).
2 ـ والله جل وعلا يلفت نظرنا الى دورة الحياة والموت والبعث فى النبات ، ويضرب الأمثال فيقول:( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(يونس 24 )، (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُوَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا)(الكهف 45 ). والواضح هنا نلك الدورة ، ماء المطرالذى يحيا به النبات ، ثم ينمو النبات ويزدهر ، ثم يذبل ويندثر لتبقى منه بذرة تنتظر ماء المطر لتعود به الى دورة الحياة . ويذكر رب العزة جل وعلا لنا هذا لنعتبر ونتعظ ونرى من خلالها تكرار الموت والبعث حولنا .
3 ـ ويصل بنا التفكر والاعتبار الى النظر لأنفسنا على أننا نبات أيضا ، أو نبات متحرك عاقل ، ووجه الشبه هو نفس الدورة من الحياة والموت والبعث ، مع فارق أساس هو أننا نرى دورة الحياة والموت والبعث تتكرر فى النبات أمام أعيننا،أما بعثنا فهو مؤجل لم نشهده بعد ، ويأتى التمثيل بدورة النبات شاهدا ودليلا عليه . وبهذا نفهم قوله جل وعلا :( وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا) ( نوح 17 : 18 ). فالله جل وعلا أنبتنا من الأرض أحياء ثم يعيدنا اليها أمواتا ، ثم يخرجنا منها بالبعث أحياء فى اليوم الآخر.
ويأتى تفصيل أوضح فى قوله جل وعلا :(وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِوَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ)( ق 9 : 11). أى فالبعث والنشور والخروج من القبر هو بنفس دورة الحياة والموت والبعث للنبات ، ويلعب الماء الدور الرئيس فى هذه المراحل الثلاث.
4 ـ وقد نتوقف مع دور الماء فى هذه الدورة فى مقال قادم ، ولكن يعنينا هنا وجود الماء قبل خلق العالم :(وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍوَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء )(هود 7 ). ثم إن الماء هو أصل كل الكائنات فى عالم الغيب والشهادة من الانس والنبات والحيوان وعوالم البرزخ من الجن والملائكة ، فى هذا العالم والعالم النقيض له. وفى كل الأحوال يتقلب الماء فى أشكال شتى ،بسطها ما نراه فى عالمنا من ماء سائل ومتجمد وبخار غازى أأ أبسطها ما نراه فى عالمنا المادى من ماء سائل الى ثلج وجليد متجمد الى بخار غازى ، وأعقدها ما لا نراه فى عوالم البرزخ وفى جنة المأوى حيث يعيش متنعما من يقتل فى سبيل الله (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)( آل عمران 169 : 170 )، ثم يكون الماء فى الآخرة ضمن أدوات التنعيم فى الجنة ووسائل التعذيب فى النار ، فالجنة تجرى من تحتها الأنهار ، أما النار ففيها ماء حميم يشوى الوجوه وتتقطع منه الأمعاء (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ) ( الكهف 29 : 31 ).
الذى نعرفه هو نوعية من الماء تسقط من الغلاف الجوى فتنبت النبات ، هذا الماء المعروف لنا يسميه رب العزة ( مَاءً مُّبَارَكًا).وهناك نوعية أخرى من الماء لم نتعرف عليها بعد ، هى التى يتم بها البعث ، إذ بعد تدمير الأرض والبرزخ يتبقى النفس وعملها المحفوظ المقترن ببصمة الجسد الوراثية (أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَه) (القيامة 3 : 4) ، النفس وعملها معا مثل البذرة التى للنبات ،ويهطل مطر البعث عليها فيتم البعث ، أى تلتحم النفس بعملها وبالبصمة المتبقية من جسدها الأرضى الذى فنى ، وينتج من الالتحام جسد جديد خالد صالح للنعيم أو للجحيم .
5 ـ وهذا البعث هو تفاعل لا ندرى كنهه ، ينتج عنه انفجار وصعق يصبح به الميت حيا مبعوثا من قبره ، قد ارتدت نفسه ثوب عمله . أى هنا بذرة وماء والتقاء يصحبه صعق وطاقة تتجسد الى مادة فى مستوى آخر من الحياة ، هى الحياة الخالدة التى لا موت فيها ولكن خلود فى الجنة أو فى النار حسب العمل والايمان.
ويستحق المزيد من التدبر قوله تعالى (كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) فى آية :(وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِوَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ)( ق 9 : 11). والتدبر الصحيح يأتى من أولى التخصص فى العلوم الطبيعية . فالله جل وعلا يشبه بعث البشر ببعث النبات حين تسقط نقطة ماء على بذرة ميتة فتهتز بالحياة ويخرج منها برعم ضئيل يشق طريقه باصرار فوق أضعاف أضعاف وزنه من طبقات التربة . يستطيع العلم الحديث فى حاضرنا ومستقبلنا أن يصف لنا حركة تلك التفاعلات الكيماوية بالفمتوثانية وما ينتج عنها من صوت يكون انفجارا هائلا بالنسبة لحجم البذرة ، وما ينتج من طاقة يستطيع بها البرعم النابت فى البذرة تحمل الأثقال التى فوقه بل يخترقها. ومن المؤكد أن البحث العلمى فى بعث النبات سيكشف عن أسرار هامة سنراها يوم البعث .
6 ـ وللمزيد من التوضيح يقول جل وعلا :(أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ) ( يس 77 ـ ). رب العزة جل وعلا يستشهد على إمكانية البعث بدليل عقلى ودليل علمى . العقلى أن الذى خلق هو القادر على البعث ، والثانى هو تحويل الشجر الأخضر الى نار وطاقة، فالشجر الأخضر يتحول الى خشب ناشف يستخدم وقودا ،أى يتحول الى طاقة ، وبالضغط والحرارة لمدة آلاف القرون وتحت طبقات الارض يتحول الخشب الأخضر الى فحم او بترول ، وهما أهم مصدرين للطاقة ، والشجر الأخضر فى البداية هو طاقة شمسية تجسدت، ثم تتحول الى طاقة فى عمليات تبادلية بين المادة والطاقة ، وهو نوع من الحياة والموت والبعث تتجدد حولنا لتعطينا مثلا على ما سيحدث لنا يوم القيامة . وبالتالى فإن من ينكر البعث عليه أن ينظر حوله فى النبات والحشرات والشجر الأخضر الذى يتيبس فيكون خشبا وفحما وبترولا ومصدرا للطاقة.
وحتى ما نأكله من النبات يتحول بعضه الى مادة حية فى أجسادنا من بروتينيات تتجدد بها الخلايا بعد موتها وانسجة دهنية وكربوهيدراتية تتجسد بها الطاقة فى اجسادنا ،ونفايات ميتة صلبة وسائلة وغازية والى طاقة نتحرك بها ونتنفس ونمارس وظائفنا الحيوية والمعيشية . وفى كل الأحوال هى عناصر الأرض الميتة تتشكل بها الحياة وتعود للموت ثم تعود للحياة والبعث ، فى شكل النبات والحيوان ، فالطعام يأخذ نفس الدورة من نبات فنفايات وسماد فنبات وطعام ..الخ .. وكلها تجليات للبعث تحدث فى داخلنا وليس فقط حولنا.وانظر الى صورتك وانت طفل رضيع اين ذهب ذلك الجسد الطفل ؟ مات فى داخلك، فقد تحول الى جسد صبى ثم الى مراهق ثم الى رجل مكتمل ثم الى كهل وبعدها الى شيخ ثم الى أرذل العمر.
ثالثا : خلق وموت وبعث النفس
خلق الانسان مرّ بمرحلة برزخية تم فيها خلق النفس ، ثم مرحلة مادية تلبس فيها النفس رداءها الجسدى الأول الذى نتعارف به فى هذا العالم. لن نتعرض لخلق آدم من تراب وماء ثن نفخ جبريل أو ( الروح ) في آدم النفس فاستوى آدم حيا بجسد ونفس . ولن نتعرض لتكاثر البشر من آدم وحواء عبر التلاقى الجنسى وتكوين الجنين وولادته بعد نفخ النفس فيه .ولكن نتوقف مع خلق النفس ذاتها فى المرحلة البرزخية.
الواضح من القرآن الكريم هو خلق نفس واحدة ، هى نفس آدم ، ومنها انبثقت نفس حواء، ثم توالى خلق الأنفس جميعا فى عملية واحدة . غاية ماهنالك أن كل نفس تظل ميتة فى البرزخ تنتظر وقتها المحدد لها سلفا لتلتحم بالجنين الخاص بها فيتكون الانسان فلان الفلانى ، ثم بعد أن يعيش هذا الانسان ـ ذكرا أو أنثى ـ العمر المحدد له سلفا فى هذه الدنيا تفارق نفسه جسده فيموت بعودة النفس الى البرزخ الذى جاءت منه، وبعد أن تأخذ كل نفس دورها واختبارها فى هذه الحياة الدنيا ويتم اختبار البشر كلهم تقوم القيامة ويتدمر العالم ويتم بعث كل الأنفس مرة واحدة وتلتحم كل نفس بعملها الذى سيكون جسدها الذى تقابل به ربها و تلقى به مصيرها الى خلود فى الجنة أو خلود فى النار.
ومن هنا يوصى رب العزة البشر جميعا فيقول :(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَاوَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء ) ( النساء 1 )،أى هى نفس واحدة تم خلق النفس الأخرى منها ، وبعد خلقهما بشرا تزوجا وانجبا وتزوجت الذرية وتكاثر العالم ولا يزال.ونفس المعنى فى الخلق من نفسواحدة يقول جل وعلا : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَالِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ) ( الأعراف 189 ).
من النفس الواحدة إنبثقت كل نفس تالية فى عملية ديناميكية متصلة حدثت فى البرزخ حيث تكمن الأنفس جميعا بعد خلقها ، وفى داخل كل منها ما يصلها بما فوقها وما يصلها بما بعدها ، ففى داخل كل نفس مستقر لما سبقها من أنفس ومستودع لما يليها من أنفس، يقول جل وعلا (وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) ( الأنعام 98 )، أى هى شبكة تفاعل متصلة ببعضهاموصولة بالنفس الأولى التى انبثقت عنها، ففى داخل نفسك مستقر يصلها بأسلافها الى نفس آدم ، وفى داخل نفسك مستودع لكل الأنفس من ذريتك الى نهاية العالم.
والله جل وعلا يربط البعث بالخلق الأول ،اى خلق النفس الأولى فى عملية ديناميكية متصلة وعكسية وبحسابات دقيقة فيقول (مَّا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ) ( لقمان 28)، أى كما خلقنا من نفس واحدة سيبعثنا لنعود الى النفس الواحدة، ويتم البعث للجميع مرة واحدة، ولكن النفس سترتدى أو ستتزوج عملها ، أو بالتعبير القرآنى:(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ)( التكوير 7 )
رابعا : صورة النفس هى صورة جسدها
حين خلق الله جل وعلا الأنفس مرة واحدة فى البرزخ أعطى كل نفس ملامحها الخاصة، يقول جل وعلا :(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ ) ( الأعراف 11 ) فالخلق هنا والتصوير للأتفس جميعا ، وبعده جاء خلق آدم والأمر بسجود الملائكة له.
وبعدها تناسلت ذرية آدم من خلال التلاقى الجنسى ، وفى الرحم تكون للجنين الواحد مئات الالوف من الاحتمالات للشكل الذى سيحمله من ملامح الوجه والجسد ، ويختار رب العزة له من تلك الاحتمالات شكلا محددا تتكون به صورة الجنين فى وجهه وعينيه ولونه وطوله وقصره وحجمه..الخ .. ثم يتحدد ايضا من البداية تطور تلك الملامح من وقت ولادته الى صباه الى بلوغه الى كهولته ثم الى شيخوخته ومماته. والبداية الأساس هى التصوير فى الأرحام ،أو الصورة التى يختارها لنا بمشيئته الرحمن ونحن فى الأرحام ، يقول جل وعلا : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءلاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ( آل عمران 6).
هذه الصورة التى يختارها لنا الرحمن ونحن فى الارحام هى نفس صورة النفس الخاصة بنا فى البرزخ . فكل جنين يحمل ملامح وجهه وأعضائه التى تم خلق نفسه بها . والنفس هى صورة كربونية للجسد الذى ستلتحم به وترتديه فى هذه الحياة الدنيا.
وبعد موت هذا الجسد وعودة النفس الى البرزخ تظل ملامحها هى نفس ملامح الجسد الذى كان . وعند البعث ترتدى النفس عملها ولكن تحتفظ بنفس ملامح الجسد الذى كان . ولذلك فان البشر عند البعث والحشر وسائر مواقف الآخرة يتعرف بعضهم على بعض ، لذا يتعرف الابن على ابيه والزوج على زوجه والأخ على أخيه ، وعند البعث والحشر يفرّ بعضهم من بعض بسبب هول الموقف يقول جل وعلا : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِلِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)(عبس 34 : 37 ).
آخر السطر
خاتم النبيين وجميع النبيين ـ كل منهم سيفر من أخيه وأمه وأبيه وزوجته وبنيه ، لأن لكل منهم شأنا يغنيه . وسيخسر من يموت وهو يعتقد فى شفاعة البشر ..
كلما قرأت مقالا من هذه السلسلة اتضح لي مدى عظمة الخالق القدير الحكيم في خلقه وقدرته ، واكتشفت أيضا ضئالة وقلة حيلة الإنسان الذي يظن فى كثير من الأحيان أن قادر على هذه الدنيا ، وبمجرد ان يزيد ماله أو جاهه او سلطانه أو نفوذه ، وكلها لو يعلم الانسان أو يعقل ويفكر أمور فانية هالكة ، ولكن الباقي القادر على كل شيء والمتحكم فى كل شيء هو الله جل وعلا ، وكل إنسان عاقل يجب ان يقرأ ويتدبر ليعلم أن الله جل وعلا قدرته غير محدوده ، وأن قدرتنا وخلقنا محدود لأبعد الحدود حسب ما هو مطلوب منا ، فقد قلنا الله جل وعلا لنعبده وحده بلا شريك ، وسوف نمر أثناء مدة وجودنا فى الدنيا باختبار يتناسب أيضا مع امكانياتنا البشرية ، وكل ما نتعرض له فى هذه الدنيا وما أراده الله لنا لابد ان يتناسب مع قدرتنا وإمكاناتنا ، ولذلك يجب ان نؤمن ونستسلم بأننا قليلى الحيلة والامكانات ولا مجال لنا نحن البشر بهذه الامكانات أن نعلم أي شيء خارج عن هذه القدرة والاممكانات البشرية المحدودة ، ولكن يأبى معظم المسلمين التصديق بهذه الأمور ، ويصفون بعض الأنبياء وبعض الولياء بأنهم يمتلكون بعض صفات الخالق جل وعلا ، وهذا ظلم لله جل وعلا وظلم للإنسان نفسه ....
بكل بساطة من يستطيع أن يحيي الموتى ، ومن يستطيع أن يجعل بذرة نبات تخرج من الأرض وتنبت وتخرج ثمرة ، ومن يستطيع إخراج جسة ميتة من تحت التراب لتدب فيها الحياة مرة أخرى ، ومن يستطيع أن يرزق جميع هذه المخلوقات البشرية وغير البشرية في هذا الكون منذ أن خلقه الله جل وعلا ، ومن من البشر يستطيع أن يمسك السماء ان تقع على الأرض ، ومن منا نحن البشر يقبل أن يرزق إنسان يكفر به ، ولا يطيع أوامره ... ووووووو...)
حقيقة من يشرك بالله ومن يعتقد أن هناك من البشر من يستطيع التدخل في علم الله جل وعلا ومن يعتقد من البشر أن هناك بشر يمكن ان يكون له جزء ولو ضئيل من هذه القدرة الجبارة وهذه العظمة ، فهو واهم ويستحق ما يجرى له فى الآخرة وليتحمل مسئولية نفسه أمام الله ...
ولا يمكن أن نقول إلا لا اله الا الله وسبحان الله العظيم
كل هذا النظام المحكم للكون سينهار حين يلتقى الكونان النقيضان وسيسمع البشر الأحياء وقتها صوت الانفجار الثانى الذى يتم به تدمير العالم : (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) ( الحاقة 13 : 15 ) وبعد الانفجار الثانى وتدمير هذا العالم يتم خلق عالم جديد مصاحبا لصوت الانفجار الثالث بالبعث : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللَّهُ ) هنا يرتبط النفخ أو صوت الانفجار الثالث بالصعق ، وبالصعق يحدث البعث بالتحام الأنفس بأجسادها الجديدة المكونة من عملها فترتدى كل نفس عملها .وبعض الأنفس ماتت صغيرة بلا رصيد من عمل أو مسئولية ، لذلك لا يحدث لها صعق ،اى بعث بلا صعق، وهذا بمشيئته جل وعلا. ثم يأتى صوت الانفجار الرابع الذى يسمعه الناس فيحشرون والى ربهم يرجعون :( ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ)( الزمر 67 : 68 ).لذا يقول جل وعلا عن المعاندين المكذبين بالبعث :(فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) (الطور 45 ). وعن هذه النفخة الأخيرة يقول جل وعلا:(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا) ( النبأ 17 : 20 ). وتتميز النفخة الأخيرة أو صوت الانفجار الأخير بتعبيرات عميقة الدلالة مثل النقر فى الناقور(فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِفَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ)(االمدثر 8 : 10) و(الصاخة) التى تأخذ بالسمع :(فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) ( عبس 33 ـ ).
حين خلق الله جل وعلا الأنفس مرة واحدة فى البرزخ أعطى كل نفس ملامحها الخاصة، يقول جل وعلا :(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ ) ( الأعراف 11 ) فالخلق هنا والتصوير للأتفس جميعا ، وبعده جاء خلق آدم والأمر بسجود الملائكة له.وهي الصورة التى يختارها لنا بمشيئته الرحمن ونحن فى الأرحام ، يقول جل وعلا : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءلاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ( آل عمران 6).هذه الصورة التى يختارها لنا الرحمن ونحن فى الارحام هى نفس صورة النفس الخاصة بنا فى البرزخ وبعد موت هذا الجسد وعودة النفس الى البرزخ تظل ملامحها هى نفس ملامح الجسد الذى كان . وعند البعث ترتدى النفس عملها ولكن تحتفظ بنفس ملامح الجسد الذى كان . ولذلك فان البشر عند البعث والحشر وسائر مواقف الآخرة يتعرف بعضهم على بعض ، وعند البعث والحشر يفرّ بعضهم من بعض بسبب هول الموقف يقول جل وعلا : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِلِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)(عبس 34 :37
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5117 |
اجمالي القراءات | : | 56,871,694 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
لكل نفس بشرية جسدان (8 ): عذاب الجسد المادى وعذاب الجسد الأخروى:
من هم أولاد وذرية إبراهيم ؟ ومن هم أولاد وذرية إسماعيل عليهم السلام؟
يس والقرءان الحكيم. لماذا أقسم الله تعالى بالقرءان الحكيم؟
أعترف بفضله وعلمه وريادته ،،، وأختلف معه
دعوة للتبرع
العُمرة كل وقت: هل يجوز نعمل العمر ة المفر د بد تمام الحج...
مقالاتك طويلة: أتمنى لو تكون مقالا تك أقصر ، فهى طويلة...
التاريخ ليس دينا: إذا كنت تنتقد صحيح البخا ري لأن الاحا ديث ...
إختبار الدنيا : سؤال قد سألني ابني اياه وقد سمعته كثيرا الا...
الشهداء على القوم : الشهد اء من كل قوم هل هم المؤم نين جميعا .ام...
more
جزاك الله خيرا دكتور أحمد صبحي ، فقد هانت علينا الدنيا بما وسعت من نعيم ، وما حملت من شقاء ، فإن ذلك كله لا يساوي جزء من ذرة في اليوم الآخر ! ولذلك استرجعت الذاكرة ما يقوم به الشيخ الذي يلقن المتوفي بعد دخوله القبر ، يعني بلغة البشر: يغششه الإجابة التي يسأله عنها الملائكة، ف إذا قال لك من ربك ، قل ... ومن رسولك ؟ وما دينك ؟ .. الخ تلك الأسئلة التي يتم تلقينها مع إجاباتها للميت ، وهي تشبه عملية التلقين المسرحية للممثل ،الذي يردد ما يقوله الملقن ! فيصر الإنسان على التعامل مع المفردات التي هي "غيب " عنه بنفس مفردات الدنيا حتى إنه ينقل ما يحدث في الدنيا من وساطة " شفاعة " بنفس الشكل حين يصر على أن الشفاعة حقيقة ومتاحة لكل إنسان بشرط كذا و كذا ويشتري من الآن صكوك الغفران التي تباع ، وفي مقابلها يكون له بيت في الجنة ، ولا يسأل هؤلاء الناس أنفسهم هل يسمعهم المتوفى ؟ وهل يسأل فعلا هذه الأسئلة ؟ وما جدوى الأسئلة ، وهو قد فارق الدنيا وانتهى عمله ؟! ثم يتدخل هؤلاء الناس في دخول الجنة أو الحرمان منها ودخول النار ، ولا يدرون إن ذلك من اختصاص مالك يوم الدين !! سبحان ربك رب العزة عما يصفون ..