حوار بين جاهل و .. مثقف!

محمد عبد المجيد Ýí 2010-02-11


 

 

في غرفةٍ صَغيرةٍ للمُدَخِنين مُلحَقة بقاعةِ الانتظار الكُبرىَ بمحطةِ القطارات التقيا!

 كان الأولُّ يتأبَط كِتاباً، وينفث دُخانَ سيجارهِ الكوبي مُتأمّلاً تصَاعُدَه الحَلزونيّ. والثاني لصَقَ سيجارَته بين شفتيه كأنه لا يعرف إنْ كان سيأكلها أو سيملأ رئتيه بنيكوتينها المسموم!

اضطرّا لتبادل عباراتٍ ريثما ينتهي كلٌ منهما مِنْ آخر نفسٍ يلوّث الاثنين معا: الغرّفة و .. الصَدْرَ!

ودار بينهما الحوارُ التالي:

الجاهل: هل بقيَ وقتٌ طويلٌ علىَ موّعدِ وصول قطارِك؟

المثقف: أقل من نصفِ ساعةٍ، لكنني أعْدَدْتُ نفسي بكتابٍ دَسِمٍ آمل أنْ أنتهي مِن نِصْفِهِ قبل وصولي، وأنتَ .. هل سيمضي بك الوقتُ بطيئاً أمْ ستمضي أنتَ به سريعاً؟

الجاهل: أما الكتابُ فبيني وبينه خُصُومَة، يكرهني وأكرهه! هل تصَدّق أنني لمْ أقرأ خَمْسَ صَفحاتٍ منذ تخرجْت في الجامعةِ لسنواتٍ طويلةٍ خَلتّ؟ وقطعتُ علاقتي به فور خروجي مِنْ آخر إمتحان في اللجنةِ التي كانت تلهبها خيّمَة تحتضن حرارة الشمس و .. سخونة الأسئلة!

الثقافة ليست كتاباً فقط، فأنا أتثقفُ من التلفزيون، ومن السهر مع أصدقاء الفرفشة على المقهىَ، وأذهب إلى السينما، وأستمع إلى رجل الدين في الحيّ الذي أقطن فيه، ولا يستطيع أحَدٌّ أنْ يُمَيّز بيني وبين قاريءٍ يلتهم كتاباً مع إشراقةِ كلِّ صباح، ويهضمه قبل أنْ يأوي إلىَ فِرَاشِه!

المثقف: هذا زمنُ البؤس والطاعون حيث يتساوىَ العِلمُ بالجهل، والمَعْرفة بالأميّةِ، والكتابُ بالنرجيلةِ، والموسوعة بالمسلسل التلفزيوني، والمكتبة بالغرّزة!

لو استضافتنا فضائية عربية في حِوار عن أكثر قضايا الوطن عُمْقاً، وأشدّها تعْقيداً، فإنك بسهولةٍ بالغةٍ سَترْديني قتيلاً بدماءٍ أثيريةٍ، وغالباً ستنحاز الجماهيرُ إليك، وربما تتلقفك لاحقاً فضائياتٌ حُرّة، ومُسْتقلة، ودينية، وثورية، وخليجية، وتصبح نجْماً لامعاً تمَزّق المراهقاتُ ملابسَك كأنهن أمام تامر حسني، وربما تتلقى طلباً للمساهمةِ في رَسْمِ مُستقبل الأمةِ!

الجاهل: ثقافتك تجْعَلك تسْخَر مني، وعالمُ المعرفةِ الذي تعيش فيه، ويعشعش فيك يجعلك تظن أنَّ دورَك في الوطن أكبر من دوري.

في عالمِنا العربيّ الذي تهَيّمِن علىَ أكثره ديكتاتورياتٌ جمهورية، ومَلكيّة، وثوريّة، ورجعيّة، وعلمانية، ودينية، يفسحون المجالَ أمامَ أعداءِ الكتابِ وخصُوم الثقافةِ، بلْ إنَّ ثمانية مِنْ كل عشرة زعماء عرب يقرأون خُطبَهم بصعوبةٍ بالغةٍ، أما قواعدُ اللغةِ فحَدّث ولا حَرَج!

المثقف: لكنني أنا الذي أصنع الكتابَ والفنونَ، وأكتبُ التاريخَ والجغرافيا والعُلومَ!

إذا أردتَ أنْ تعْرف فلا بُدّ أنْ تتلقى المَعْرفة مني، وأنا أتصدر الندوات والملتقيات والمؤتمرات الكبرى.

أستطيعُ أنْ أبهر العالمَ حتى لو صنعت من اللاشيء كلمات منتقاة سابحاً بها في الفراغ، وأنا العقل الذي تستعين به الدولة ليرُدّ علىَ أعدائِها، ويفنِدَّ أكاذيبَ خصومِها.

أنا الذي أكتب للزعيم خِطابَه فيقرأه بشِق الأنفس ولو شرَحْتُ له سبعين مَرّة ما خفيَ عليه في اللغةِ والمعاني.

أنا أفسْرّ لك دينك، وأهَلّهل تفسيرات الجَهلةِ إنْ اقتربوا مِن كتابك المُقدّس.

الجاهل: رغم ضخامةِ الأنا في حَديثِك، ونرجسيةِ كل إشارة إلأ أنَّ الحقيقة اختفتْ تماما من كلماتِك المزركشة!

فأنت تصْنع الطاغِيَة، وتبررّ الاستبدادَ، وتعيش في دائرةِ مُغلقةٍ عليكم!

عشراتُ الآلافِ مِنكم في العالم العربي لا يُحَرّكون ساكناً إلا قليلا، وتستطيع حِفنة صَغيرَة مِنْ الجَهَلةِ مِثلي أنْ تعيد الوطنَ كله إلىَ الخلفِ قبل أنْ يغشي الليل النهار!

هل تعرف شاعرَكم الكبيرَ الذي يُصْدِر مِجلة شهرية أدَبية في مصر؟ إنه يطبع أربَعة آلافِ نسْخةٍ، ويبيع منها 25 نسخة فقط، أيّ أقل من نسخة واحدة لكل محافظة!

لو أنني أصدرتُ مجلة تهتم بالملابس الداخلية لفتيات الشاشة الفضية، ونجمات الفن السابع، فلا تتعجب إنْ نفدَتْ أعدادُ المجلةِ قبل أنْ يفرشها علىَ الأرض بائعُ الصحفِ!

لو أنني أنشأتُ موقعاً أو أحَدَ المنتديات علىَ النت، فلن تستطيع أنت أنْ تنشر إلا ما يروق لي، ولو جادلتَ أو قدّمْتَ احتجاجاً فسينهشك الأعضاءُ الآخرون.

في هذه الحالة فأنا وزملائي الجهلاء وأنصاف الأميين نحَدِدّ قواعدَ النقاش، ونفسّر علىَ هوانا الدنيا والدين، ونسمح لأجهزةِ الأمن أنْ تجوس مع عملائِها في الموقع، ولأباطرةِ الفتاوىَ الفجّةِ أنْ يلعبوا بعقول الشباب، ويقنعونهم بعبقرية التخلف!

في عالمِنا العربيّ يظل البقاءُ لي، فأنا ضابط شرطة، وعسكري، ومزارع، وطالب، وخرّيج جامعة، وموظف.

وأنا أيضا عضو برلمان، وأحيانا أضع علىَ بابِ شقتي لقب دكتور رغم أنني لا أعرف اسمَ عاصمةِ موريتانيا، ولا مساحة مصر أو اسمَ مدينةٍ ساحليةٍ سورية، ولا أعرف أسماءَ الدول التي تطل حدودُها على تركيا!

أنا الأغلبية الغالبة، وأنت الأقلية المهزومة!

لو أنني في ندوةٍ لك تلقي علىَ مَسامع الحاضرين حَديثاً عن فلسفةِ سبينوزا، وكتابات كافكا، وتفسيرات وليم جيمس النفسية، وروائع هربرت ماركوز، ولامنتميات كولن ولسون، وتشرح علاقة هاملت بأمه، وتقتطع فقرات من قصة الحضارة لولّ ديورانت، ويبدو منطقك كأنك تلميذ لكانط، ثم قمت أنا بتسفيه حديثك علناً، وانتقاد آرائك، وزعمتُ أنَّ أقوالك غامضة، فإنَّ ثلثي الحاضرين سينحازون لي ولا يعرفون أن مكتبة بيتي ليس بها غيرُ عددين من مجلة حواء، ورواية واحدة لشارلوك هولمز!

أنا لا أمثل خطراً علىَ السلطةِ، ولا يعبأ بي رجالُ الأمن، وأقضي عمري كله مع أسرتي دون أن أغيب يوما واحداً في غيابات السجن مثلك.

لو تولىّ حِمارٌ قيادة الدولةِ فحياتي ستستمر دون أنَّ يعتريها أدنىَ تغييرٌ، ولعلي أصفق له، وأمتدح في عبقريته، وأضمن لنفسي حياة هانئة وآمنة.

المثقف: ومع ذلك، ورغم حركةِ التقدم البطيئةِ في عالمِنا العربي فسيظل وجودي هو الذي يحميك، فأنا القوة غيرُ المؤثرة ظاهرياً، وأنا التغييرُ الذي لم يأت بعدُ، وأنا الماردُ المَحْبوسُ في القمقم، وأنا أصِف للعالم كله ولجمعيات حقوق الإنسان ما يفعله بك الطغاة رغم ادّعائِك أنك حُرّ، وسعيدٌ، ومواطن مطيع.

أنا أقوم بتعليم أولادِك، وأنت تحَرّضهم علىَ الجهل.

أنا أحاول تخليصَ رقبتِك من التعصّب، والتشدّد، وأشرح لك حقوقك وواجباتِك، وأكشف المتلاعبين بعقلِك في المنابر الإعلامية والدينية، ولجان الاقتراع، وبورصات المال، و ....

أنا أحترق من أجلِك، وأنخرط في المعارضة لتحريرك، وحتى لو لم أكن معارضاً فلا تعاتبني لمعرفتي، ولا تناهضني لاختياري الكتاب صديقاً، وأنيساً، ومُرشِدَاً!

الجاهل: وأنت تحتقر جهلي، ولا تحاول أنْ تجد لي عُذراً، ولا تتفهم كراهيتي للثقافة في وطن يرفع من شأني، ويَحُط مِنْ فِكرك.

أنت لم تنتفع بثقافتِك وصعدتَ إلى برج مشيّد فلا يسمع صياحَك أحدٌ، وأنا وجدتُ بجهلي الطريقَ مُعَبّدا،والأبوابَ مفتوحة، والمناصبَ بجانبِ السلطةِ فاتحة أذرعها لي.

أنت وأنا ضحيتان ولو كنا علىَ طرفي نقيض!

سيجارُك وسيجارتي لا يلتقيان إلا في بيئة مُلوّثة، ومعرفتُك وجهلي يتصارعان دون معرفةِ الأسباب، وغرورُك وفراغ عقلي يتنافران، وصمْتك وسلبيتي يعملان لصالح الاستبداد.

المثقف: وأنا غير واثق أنك تفهم حديثي، وعلىَ يقين أنَّ التلاعبَ بك أسهل من اليو يو، وأنَّ الجماهيرَ التي تنتمي أنت إليها تعين الظالمَ، وتعَرّي قفاك لصاحب الكفّ الأغلظ!

بل إنَّ جهلك أكثر غروراً من معارفي كلها، وكراهيتك للكتابِ والثقافة والعلوم والآداب جعلتك في الجانب المُعادي لتقدم الأمة، وتطور الوطن، وتحرير الأرض.

أنت تصُمّ أذنيك، وتزدري أقوالي، وتعَمّم ثقافة الفهلوةِ، وتضم إليك في كل التجمعات خصومَ خير جليسٍ في الزمان.

أنت تظن أنَّ صُعودَك لي فيه مَشقة، وأنا على يقين من أن نزولي إليك تنازل يضرّ أكثر مما ينفع.

نحن نتفاوض على مكاسب لكل مِنّا، والسلطة تراقبنا ضاحِكة، فكرّباجُها لا يفرّق بين ظهري وقفاك!

 
حوارات سابقة للكاتب
حوار بين سمكتين في قاع البحر
حوار بين قملتين في شعر رأس صدام حسين
حوار بين الرئيسين حسني مبارك و .. جمال مبارك
حوار بين زنزانتين في سجن عربي
حوار بين حمار و .. زعيم عربي
حوار بين إبليس و .. الرئيس حسني مبارك
حوار بين سجين حر و .. حر سجين
حوار بين الشيطان و .. وضيوف الرحمن
الحوار الأخير بين رئيس يحتضر و.. رئيس يرث
حوار بين كلب السلطة و .. كلب الشارع
حوار بين منقبتين في أحد الأسواق الشعبية
حوار بين زعيمين عربيين في غرفة مغلقة
حوار بين وافد و .. كفيل
حوار بين جواز سفر عربي و .. جواز سفر أوروبي
حوار بين الرئيس بشار الأسد و .. الرئيس جمال مبارك
حوار بين مواطن خليجي و .. إعلامي عربي
حوار بين مواطن مصري و .. ضابط شرطة
حوار بين عزرائيل و .. الرئيس حسني مبارك

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
Taeralshmal@gmail.com

 

 

أوسلو في 10 فبراير 2010

اجمالي القراءات 24883

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   محمد عبد المجيد     في   الخميس ١١ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45677]

الأستاذ محمد الحداد يريد حوارا مع صدام حسين!

شكرا، أخي العزيز الأستاذ محمد الحداد، وقد نشرت فعلا الحوار مع صدام حسين قبل أقل من ثلاث سنوات.


استدعاء عاجل لصدام حسين من قبره


أوسلو في 3 يوليو 2007


بعدما وجّهَت واشنطون لرئيس الوزراء العراقي انتقادات كثيرةً لعدم قدرته على ضبط الأمن، قرر أنْ يرسل في ظلام الليل أحَدَ ثقاته إلى قبر الرئيس العراقي السابق صدام حسين لعله يحظى منه بالجواب الشافي لو كانت الروح لاتزال مترددة في الصعود.


تسلل الرجلُ فعلا، وبذل جهدا خارقا لرفع الأتربة والغطاء عن الرئيس، ثم فجأة وجده مستلقياً على ظهره وهو يبتسم بعدما تركه الثعبان الأقرع ليبحث عن علي الكيماوي فقد عَلِمَ بالحكم باعدامه.


صدام حسين: كنت أعلم أنك ستأتيني ، فالوضع الجحيمي للعراق لم يعد يحتاج لتساؤلات، إنما لاجابة واحدة لم يعثر عليها أمريكيوكم تماما كما فشلوا في العثور على أسلحة الدمار الشامل.


مبعوث الحكومة: ولكنك أنت السبب في كل ما حدث للعراق خلال أربعة عقود، وأنت الذي فتحت أبواب جهنم، وقتلتَ أكثر من ربع مليون عراقي في عهدك المشؤوم، وزرعت القسوة والكراهية والرعب، ومهدت للطائفية، وخضت حروبا عبثية من أجل أوهامك.


صدام حسين: وأنتم تخلصتم مني قبل أن أُسرد على مسامعكم أقل القليل مما حدث في عهدي. خشيتم أن ترتبط جرائمي بكم في الحصار على العراق الذي أودى بحياة مليون طفل، وببرنامج النفط مقابل الغذاء والذي اكتشف العالم فيه أنكم أيضا لصوص لا تختلفون عن رجالي وعن قوات الاحتلال.


 


 


2   تعليق بواسطة   محمد عبد المجيد     في   الخميس ١١ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45678]

تكملة طلب الأستاذ محمد الحداد

تكملة استدعاء عاجل لصدام حسين من قبره




حاكمتموني عن أقل جريمتين، وقمتم بلفلفة المحاكمة، وأسرعتم في لف الحبل حول عنقي قبل أن يلتف حول أعناقكم.


 


كلنا مجرمون وطائفيون وقتلة، والمعارضة العراقية في الخارج لا تختلف عني، والأمريكيون يدمرون بلدنا بأيديكم وأيديهم، كما دمرونا بيدي عندما كانوا الدعم والسند والحماية لي في كل سنوات طغياني.


 




مبعوث الحكومة: لكن الأوراق اختلطت الآن ولا نعرف الفارق بين المقاومة والارهاب، ونحن رجال الحكومة لا نستطيع أن نستمر يوما واحدا دون حماية أمريكية، وقد وعدناهم أن يظل نفط العراق بين أيديهم فهو أكبر احتياطي نفط في العالم.


يظن البلهاء أن المقاومة بعثية رغم أننا لم نسمع عن استشهادي بعثي طوال تاريخكم الأسود، سواء كان في العراق أو في سوريا. أعترفُ بأننا أسرعنا في شنقك قبل معرفة الحقيقة. الآن نقف موقفا حرجا أمام أبناء شعبنا، فَمِنّا لصوص وقتلة ومحتالون وعيون للاحتلال تعاونت معه قبل الغزو بوقت طويل. عدنا فوق دبابات أمريكية بعدما خَدّرْنا الجميع بكلمات الشرف والفضيلة وكتبنا عن جرائمك.


صدام حسين: لقد ظننتُ في المحاكمة أن تاريخي كله سيتم عرضه ليذهب معي إلى الجحيم كل من خان العراق، فالحرب مع إيران كانت أيضا أمريكية، ومجلس التعاون العربي مع مصر والأردن واليمن كان يخدم نفس المصالح.


لقد خشيتم من عرض سنوات تشابك جرائمكم مع جرائمي، خاصة خلال الحصار وثورة مارس عام 1991 وقبلها احتلالنا للكويت.


ألم تكونوا وسطاء ونهبتم من الكويتيين أموالا في مقابل الايحاء لهم بأنكم تبحثون عن أسراهم؟


ألم يرفض اللواء وفيق السامرائي التعاون مع القضاء الكويتي وأجهزة الأمن لكشف حقيقة تصفية الأسرى رغم أنه رئيس جهاز استخبارات سابق؟


ألم تُحَوّل لكم أجهزة الاستخبارات الأمريكية أموالا طائلة في مهجركم وغربتكم، وعندما عدتم معهم أهلّتم الترابَ على أوجاع أهلكم؟


 


3   تعليق بواسطة   محمد عبد المجيد     في   الخميس ١١ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45680]

الجزء الثالث من طلب الأستاذ محمد الحداد

الجزء الثالث من طلب الأستاذ محمد الحداد


كلنا نستحق نار جهنم بدرجات متفاوتة، فأنا لست المجرم الوحيد، وارجع إلى حكومتك لتسألهم عن ثروات أعضاء الحكومة، ورؤسائها السابقين الذين لم يبخل عليهم الاحتلال من أموال حرام.


مبعوث الحكومة: لكن بغداد سقطت مع غطرستك وغرورك وكبريائك في أقل من ساعتين، بل قام جيشك بتسليم المحتل مفاتيح عاصمة النهرين فلم يصدق الأمريكيون أنها فعلا قلعة النسور.


لو كنتَ قد صنعتَ أحراراً لجَنّبَتنا كل هذا الدمار والعار وانهيار وطن. جيشك تخلى عنك لأن العراقيين كانوا يحلمون بأحذية اليانكي فوق رؤوسهم فهي أقل امتهانا من أجهزة أمنك.


صدام حسين: لكنكم كنتم تأكلون وتشربون وأنتم ترتعدون خوفا في عهدي، أما الآن فلك أن تقارن سجن أبو غريب في عهدي وعهد أمريكيكم!


لماذا لم يقم شرفاؤكم بعملية استشهادية واحدة في عهدي، أو تفجير سيارة في الحرس الجمهوري؟


أين كانت بطولاتكم عندما صنعتُ لكم جمهورية الرعب، وتمكنت من العثور بسهولة ويسر على مليوني عراقي سادي وأكثر قسوة وغلظة من الذئاب المفترسة، فكانوا يدي التي أبطش بها، وقدمي التي أركل بها، وسلاسلي التي ألفها حول أعناقكم؟


4   تعليق بواسطة   محمد عبد المجيد     في   الخميس ١١ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45681]

الجزء الأخير من طلب الأستاذ محمد الحداد

 


الجزء الأخير من طلب الأستاذ محمد الحداد


مبعوث الحكومة: لنترك الماضي قليلا فنحن نريد أن نعرف ماذا يحدث الآن؟ هل صحيح أن رجالك يمكن أن يضحوا بأنفسهم من أجل البعث؟ هل البعثيون هم الذين يفجرون الملاجيء والمستشفيات والأسواق والمساجد أم الاسلاميون أم الأمريكيون أم القوى الموالية لجيراننا؟


صدام حسين:تبحث عن الاجابة لديّ رغم أن أجهزة الاحتلال المتقدمة تستطيع أن تعرف ما يهمس به عراقي لآخر في غرفة مظلمة تحت الأرض!




ألا يعرف الأمريكيون حقا من الذي يقوم بالعمليات الاستشهادية ومن هم الذين يفجرون السيارات في الأبرياء؟ عندما تناهت إلى سمعي كلمات مثل شيعي وسني ورافضة وتكفيري، واسماء مثل مالكي وجعفري وحكيم وجلبي وعلاوي وأشياء كثيرة لا أتذكرها استطعت على الفور تكوين صورة حية في ذهني عن وطن مشتعل لن يتركه عراقيوه واحتلاله إلا خرابا وأطلالا وبوما ينعق فوق المقابر الجماعية.


عد إلى من بعثك وقل له بأن جرائمي لا تختلف عن جرائمكم إلا في النوعية وطريقة ارتكابها. وقل له بأنني هنا تحت الأرض في انتظاركم جميعا، واحدا تلو الآخر، بعثيا وسنيا وشيعيا وكرديا وأمريكيا وحكوميا. لقد صنعتكم، موالين ومعارضة، وأعاد الاحتلال صناعتكم من جديد. تبحثون عني في الوقت الضائع فقد رحلت ومعي أسرار فضائحنا جميعا. لو كان الشعب هو الذي حاكَمَني لكنتُ أنا وأنتم الآن مع دود الأرض.




محمد عبد المجيد


طائر الشمال





5   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الأربعاء ١٧ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45827]

جٌزيت خيراً عن المثقفين .

الاستاذ الفاضل / محمد عبدالمجيد أكرمك الله على ما تكتب وجزاك خيرا عن المثقفين ، وكفاك حقد الجاهلين ، إن المستبد دائما ما يكون في حاجة ملحة ومستمرة على انشاء نظام تعليم فاسد فاشل في ضيعته لكي يقوم بتخريج وتفريخ ، الديوك الصياحة المسبحة بحمده الراكبة للموجة موجة المنفعة الشخصية ، منذ قرون عدة والمستبد الحاكم يعمد إلى تشويه التعليم وافراغه من مضمونه الحقيقي ألا وهو خلق الوعى والارادة الحرة لدى الخريج ، والاكتفاء بالتدريب على أعمال الوظيفة التي تخدم المستبد وتقوي أركان حكمه! وكان المحتل الاجنبي يعمد الى هذا وبعد جلاء المحتل الاجنبي و الوقوع تحت سطوة المحتل الوطني ، عمد الى ذلك مع سبق الاصرار ، مما جعل طريق الثقافة طويل ويحتاج عمرا ، لأنه على المثقف أن يحمل عبء تثقيف نفسه ومن يهمهم أمره على نفقته الخاصة ، من شراء للكتب التي تبني العقل والوجدان وتزرع الكرامة والارادة في خلاياه وعقله واعصابه وهذا يستغرق عشر سنوات على أقل تقدير أو عشرين هى من أثمن فترات العمر ولنقل مثلا أنها من العشرين إلى الأربعين ، بعدها يكون المثقف قد أرهق واصبح يميل الى المسالمة مع النفس ومع الآخر ، حتى ولو كان الآخر هو المستبد ، لأنه ربما المثقف في وطننا العربي يكون على هامش الحياة ولم يكون أسرة ، وينشغل بتأسيس منزل وتكوين أسرة في البقية الباقية من العمر ,


أما الجاهل ، فهو في غضون شهر واحد من التخرج ربما من الجائز جدا أن يجد الوظيفة ويبدأ بتأسيس المنزل الذي سوف يتزوج فيه ويكوّن أسرة وينجب جهالا آخرين امتدادا له وبذلك يزيد عدد الجاهلين ، عن عدد المثقفين الذين هم في انقراض في وطننا العربي بسبب الكثير من هذه العوامل البيئية.

 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-07-05
مقالات منشورة : 571
اجمالي القراءات : 6,246,495
تعليقات له : 543
تعليقات عليه : 1,339
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Norway