ماهية البصيرة الإنسانية

رضا البطاوى البطاوى Ýí 2008-09-09


ماهية البصيرة
هى العقل الذى يبصر الحق والباطل فيختار الحق ويبعد عن الباطل وهى جزء من النفس لقوله بسورة القيامة "بل الإنسان على نفسه بصيرة "وفى إبصار العقل للحق قال تعالى بسورة الأنعام "قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه "والبصيرة تسمى التدبر والفقه والقلب وغير ذلك من الألفاظ التى تعنى اختيار الحق والبعد عن الباطل .


تركيب البصيرة :
تتركب من :
1- المفكرة وهى التى تقلب أى أمر من كل النواحى المتاحة لإصدار القرار السليم
2- الذاكرة وهى تسترجع ا&aacutacute;كلام رمز أو قول لهدف ما .
3- المخيلة وهى التى تتصور الأشياء سواء أشكال أو أقوال أو أحداث لهدف ما .
وهذا التركيب يبين لنا أن الله جعل فى البصيرة الماضى ممثلا فى الذاكرة وفائدتها تجنيب الإنسان ما حدث فى الماضى من أخطاء والمستقبل ممثلا فى المخيلة التى فائدتها التخطيط للمستقبل على ضوء الحاضر والحاضر ممثلا فى المفكرة وهذا التركيب دليل على أن الله لم يرد أن يشغل الإنسان بشىء واحد وإنما أراد أن يشغله بالأزمان الثلاثة حتى لا يمل من السير على وتيرة واحدة .
الصراع بين البصيرة والشهوات :
هو الصراع الرئيسى فى النفس حيث أعطى الله البصيرة حق القيادة والشهوات حق إتباع البصيرة ولكن يدور فى النفس صراع بينهما على من يتولى القيادة وهو ينتهى بأحد أمرين:
-انتصار البصيرة ويحدث هذا مع المسلمين وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ".
-انتصار الشهوات ويحدث مع الكفار وفيه قال بسورة مريم "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ".
ويترتب على انتصار طرف على الأخر حاجات فإن كانت البصيرة المنتصرة كانت حاجات النفس وهى أقوالها وأفعالها موافقة للإسلام وإذا كانت الشهوات كانت الحاجات موافقة للكفر .
كيف تتكون البصيرة ؟
يولد الإنسان دون أن يعرف أى شىء مصداق لقوله تعالى بسورة النحل "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا "ومن ثم فأجزاء النفس تبدأ فى العمل بعد الولادة وتتكون البصيرة فى مرحلة الرضاعة عن طريق التالى :
-السماع فالرضيع يسجل ما يسمعه من أصوات فى الذاكرة ثم يتذكرها ويميزها إذا سمعها مرة أخرى .
-الرؤية فالرضيع يسجل الصور التى يراها فى ذاكرته ويتذكرها ويميزها عند رؤيتها مرة أخرى ولذا نجد الوليد إذا تذكر صورة أمه ولم يجدها يبكى حتى تحضر .
-اللمس فالرضيع يسجل فى ذاكرته ما يلمسه من أشياء ساخنة أو باردة ،خشن أو ناعم وغيره ثم يتذكرها مرة أخرى إذا لمسها مرة أخرى.
وأما فيما بعد – وفى أثناء الرضاعة – فتتكون البصيرة عن طريق السماع والرؤية واللمس وتقليد الأخرين والتربية مصداق لقوله بسورة الإسراء "وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا"وبعد مرور مرحلة الصغر تستمر البصيرة فى التكون عن طريق نفس الأشياء وإن كان يزيد عليه التفكير الذى يبدأ فى الصغر بصورة قليلة ثم يتزايد حتى يصل عند بلوغ سن النكاح فى بعض الأفراد إلى ما نسميه الرشد وفى هذا قال تعالى بسورة النساء"وابتلوا اليتامى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم "ويتزايد التفكير السليم حتى يتم فى سن الأربعين وفى هذا قال تعالى بسورة الأحقاف"حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعنى أن أشكر نعمتك "
الذاكرة :
أ‌- الفرق بين الرجل والمرأة :
إن الفرق بينهما هو أن ذاكرة الرجل أقوى من ذاكرة المرأة ولذا جعل شهادة الرجل تساوى شهادتى امرأتين حيث قال "فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى " ويرجع هذا لأوضاع المرأة الجسمانية من حمل وولادة ورضاعة وحيض حيث تؤثر على قوة الذاكرة .
ب‌- ذاكرة الأطفال :
تكون بيضاء خالية عند الولادة مصداق لقوله بسورة النحل "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا "وبعد الولادة تبدأ فى التكون عن طريق تسجيل الطفل للأصوات التى يسمعها ويدل على هذا ترديدهم لكلمات مثل بابا وماما وتسجيله للأشكال التى يراها ويدل على هذا أن الطفل إذا تذكر شكل أمه يبكى حتى تحضر فيسكت وتقليده للأخرين سواء فى الكلام أو فى الفعال والتقليد عبارة عن تذكر لعمل شخص معين ثم القيام به ومن هنا نعلم أن الذاكرة تنمو من العدم وتظل تكبر فى مرحلة الطفولة والشباب حيث تتميز الذاكرة فى الشباب بقوتها .
ج-ذاكرة الشيوخ :
تضعف الذاكرة فى الشيخوخة تدريجيا حتى تنعدم فى نهاية أرذل العمر فلا يعلم شىء بعد أن كان يعلم وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكى لا يعلم بعد علم شيئا "ومن هنا نعلم أن الذاكرة تسير من الزيادة للعدم
أسس الذاكرة :
أسس عمل الذاكرة هى :
- أن استرجاع الشىء المراد تذكره قد يتم على الفور أو بعد مدة قد تطول أو تقصر أو لا يتذكر أبدا .
-أن الذاكرة تتذكر حسبما يريد الإنسان فى بعض الأحيان فهو لا يريد تذكر ما يؤلمه وتتذكر حسبما لا يريد الإنسان حيث تذكره أحيانا بما يؤلمه .
وهذا الأساس يعنى أن الإنسان لا يتحكم فى معظم الذاكرة والقليل الذى لا يتحكم فيه سبب عدم تحكمه فيه أن الله يريده أن يخاف أو يتذكر ذنوبه حتى يستطيع التوبة .
-أن الذاكرة تتذكر المعلومات التى يحتك بها الإنسان يوميا أو على فترات متقاربة وأما المعلومات المتباعدة فقدرة الذاكرة على استرجاعها مختلفة فى طول مدة الاسترجاع .
أنواع التذكر :
هناك عدة أنواع من التذكر هى :
-تذكر القول وهو مجرد سرد للقول المراد فقط .
-تذكر حدث وهو سرد للأقوال فى الحدث مع تخيل المتذكر للأفعال المصاحبة للأقوال كما حدثت أمام البصر .
-تذكر شكل وهو تخيل المتذكر للشكل المراد أمام عينيه كما هو فى الحقيقة .
والملاحظ هو أن نقل التذكر بنوعيه الثانى والثالث غير ممكن لأنها صور خيالية ساعة التذكر إلا إذا كان الأخرون قد شاهدوا الحدث أو الشكل من قبل وأما نقل القول فسهل.
مساعدة الذاكرة :
تتطلب مساعدة الذاكرة من الإنسان التالى :
أن يكتب ما يحدث له خلال يومه فى مذكرات يومية وأن يحتفظ من كل شىء يكتبه بنسخة أو أكثر غير ما يرسلها أو يهديها للأخرين وأن يسجل أكثر من شريط صوتى ويحتفظ بنسخة مما يرسله أو يهديه للأخرين وأن يقرأ القرآن مرة كل شهر على الأقل وأن يراجع مذكراته كل سنة مرة وهى معينات للذاكرة وليست مثبتة لها .
النسيان والذاكرة :
يجب أن نفرق بين نوعين من النسيان وهما النسيان المتعمد لأحكام الله ونسميه التناسى ومثاله نسيان أدم (ص)أمر الكل من الشجرة وفيه قال تعالى بسورة طه "ولقد عهدنا إلى أدم من قبل فنسى "والدليل على كونه متعمد أى تناسى هو أن الشيطان ذكره بنهى الله فقال كما بسورة الأعراف "ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين "والنسيان الطبيعى ومن أمثلته نسيان معلومة فى مادة دراسية وهو المراد هنا وهو نعمة إلهية حيث لا يتحكم الإنسان فيه قليلا أو كثيرا وإنما يتحكم فيه خالق النسيان ولو تأملنا أنفسنا لوجدنا أن الشىء المراد بتعبيرنا يكون على طرف ألسنتنا من لحظات ومع هذا مهما بذلنا من جهد لا نتذكره إلا بعد أن نلغى من عقولنا أننا نريد تذكره والنسيان ليس له علاج لأنه ليس مرضا إلا فى مرحلة أرذل العمر وهو مرض بلا علاج لقوله بسورة النحل "ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكى لا يعلم بعد علم شيئا " والحفظ ليس علاجا لأن الإنسان لو ظل يحفظ فإن ذلك سيشغله عن الأحداث والمستجدات وستتراكم مما يؤدى إلى أن يصبح إنسانا يعيش فى الماضى .
الحاسب والنفس :
يقولون أن جانب العقل فى النفس قلد نفسه وصنع الحاسوب فلما نظر للحاسوب بدأ يفهم كيفية عمل العقل فى نفسه وهو قول خطأ للتالى :
-أن ذاكرة الحاسوب ليست سوى جانب واحد من العقل وهو الذاكرة .
-أن ذاكرة الحاسوب تختلف عن ذاكرة العقل فذاكرة العقل تتذكر حسب الظروف فقد تتذكر على الفور أو بعد مدة قد تطول أو تقصر وذاكرة الحاسوب تتذكر على الفور حسبما يريد مستخدمه وذاكرة العقل تتذكر حسبما يريد صاحبها وحسب ما لا يريد .
ولا يمكن أن يخترع الإنسان شىء كالعقل أبدا مهما فعل وفائدة الحاسوب هى توفير بعض الوقت والمال والجهد فقط .
المفكرة :طرق عملها :
إن أسس عمل المفكرة هى :
- الربط بين أجزاء الشىء نتيجة وجود تشابه بين الأجزاء أو نتيجة تكامل بين الأجزاء
- تفصيل الشىء أى تحويل الشىء إلى أجزاء وذلك لمعرفة كل شىء عنه ويسمى هذا الاستنباط .
- تجريب الحلول المختلفة ويسمى التجريب طريقة المحاولة والخطأ .
- حذف أشياء من ضمن مجموعة أشياء وذلك حتى تنسجم الأشياء مع بعضها ويسمى هذا التنسيق .
- إضافة أشياء لمجموعة أشياء حتى تكتمل وتصبح متناسقة مع بعضها ويسمى هذا التنسيق .
- مقارنة شىء بشىء أخر سابق ويسمى هذا القياس .
- الاختيار بين عدة أشياء ويسمى هذا الحكم على الحدث .
- تذكر بعض المعلومات لإصدار حكم بناء على ما سبق ويسمى هذا الحكم التذكرى.
- تكرار القرار عند نفس الموقف ويسمى هذا الإقتداء.
- تخيل المطلوب ويسمى هذا التخيل الفكرى .
وسائل سلامة التفكير :
إن التفكير- ولا يوجد تفكير خاطىء- لكى يسلم من الخطأ يتبع وسائل معينة أو بعضها وهى :
-تكرار النظر وهو الفكر فى الأمر مرات عدة وهذه الوسيلة مأخوذة من قوله بسورة الملك "الذى خلق سبع سموات طباقا ما ترى فى خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير"ففى الآيات يأمر الله بإرجاع النظر لخلقه عدة مرات حتى يتأكد من الحقيقة .
-عدم الركون للظن وهو الهوى مصداق لقوله بسورة النجم "إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ".
-المشاورة فى الأمر مصداق لقوله بسورة الشورى "وأمرهم شورى بينهم "وهو استجابة للتفكير المثنوى أى المشترك بين اثنين الذى أمر الله الناس به فى قوله بسورة سبأ"قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة ".
-سؤال العلماء عند الجهل لقوله تعالى بسورة النحل "اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " .
-التفكير فى مخلوقات السموات والأرض وليس فى ذات الله وفى هذا قال تعالى بسورة يونس "قل انظروا ماذا فى السموات والأرض ".
-عدم التفكير فى الغيبيات لقوله تعالى بسورة الإسراء "ولا تقف ما ليس لك به علم"
-عرض القضايا كلها على الوحى فإن وافق فبها وحسنت وإن عارض فهو مردود وفى وجوب طاعة وحى الله المنزل على رسوله (ص)قال تعالى بسورة الأحزاب "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا ".
المخيلة:طرق عملها :
تتمثل الطرق فى التالى :
- تصور الشىء الناقص لإكماله ويسمى هذا الإكمال أو الإتمام .
- تزويد شىء على الشىء الأصلى ويسمى هذا الإضافة .
- إنشاء شىء لا أصل له فى الواقع ويسمى هذا التشكيل أو الاختراع.
ومثال الأول رسم الناقص من رسم دائرة كهربية مقفلة ومثال الثانى رسم الطفل لعسكرى المرور طويل الذراع ومثال الثالث رسومات السرياليين ولا يقتصر التخيل على الرسم وإنما يشمله والقول والصور الذهنية التى يتخيلها الإنسان دون أن تكون مجسمة أمامه فى الواقع .
أنواع التخيل :
تتمثل أنواع التخيل فى التالى :
القول مثل الحوارات التى يتخيلها الإنسان أنها ستجرى بينه وبين الأخرين .
الحدث مثل الحكايات التى يتخيلها أنها ستجرى ويضم الحدث أقوالا وأفعالا .
الفعل مثل تخيل الإنسان لفعل يفعله أو يفعله غيره .
شكل الشىء مثل تخيله لشكل مر به مثل شجرة أو مبنى ويسمى الناس هذا أحلام اليقظة .
وظائف المخيلة :
تتمثل فيما يلى :
- المساعدة على اجتياز الصعوبات التى تواجه الإنسان بابتكارها لأشياء تسهل الصعوبات وتذللها والدليل هو أن كل الاختراعات رسمت أولا فى المخيلة بعد التفكير ثم نفذت فى الواقع .
- إسعاد الإنسان لمدد قصيرة عن طريق أحلام اليقظة السعيدة .
- المساعدة على نسيان الآلام والمواقف المحرجة .
- التنفيس عن الغضب المحبوس .
والتخيل مفيد إذا سار فى طريق الاعتدال وأما إذا زاد عن حده فإنه ينقلب على صاحبه بالمرض والتصادم مع الواقع .
هل يتحكم الإنسان فى مخيلته ؟
يتحكم الإنسان فى مخيلته فى اليقظة تحكم تام وهذا ما يسمونه السرحان والشطحات والوهم وأما فى النوم فلا يتحكم فيها حيث يرسل الله النفس فترات قصيرة للجسم وفيه يتم تخيل الأحلام وبعد ذلك تعود النفس للنوم وهو ترك الجسم والأحلام تحدث بعودة النفس للجسم عودة غير طبيعية فالإنسان لا يسترد وعيه كاملا والأحلام تخيلات فى نفس الإنسان دون إرادته .
النداهة وهم تخيلى :
النداهة عند بعض الناس شخصية تنادى على الإنسان وهو نائم فيقوم ويتبع النداء فيسير وهو نائم ولا يستيقظ أثناء السير إلا إذا اصطدم بشىء أو تيقظ فجأة بفضل الله وتعتبر النداهة عندهم مرض نفسى وهو تخريف حسبما نراه على الشاشات وفى الحق فليس لها وجود حقيقى إلا أن الإنسان يسمع من ينادى عليه فى الحلم فيستيقظ لمدة قصيرة جدا ليسمع من ينادى هل هو حقيقى أم لا ثم ينام مرة أخرى وهو الغالب أو يستيقظ ويفتح الباب وعندها يعلم أنه ليس سوى حلم .
هل يمكن قياس قوة الذاكرة أو المفكرة أو المتخيلة ؟
لا يمكن قياس أيا منهم لاختلاف أسس عمل كل منهم كما أن الظروف المحيطة بهم متغيرة والمتغير لا يمكن قياسه ورغم عدم قياس القوى الثلاث فإن الواقع يلزمنا باستخدام قياس قوة الذاكرة فى امتحانات طلبة العلم لمعرفة إجادتهم لما تعلموه أو فشلهم فيه وكذلك علاج بعض المرضى .
هل يوجد تفكير خاطىء؟
التفكير كله سليم وأما ما يسمى التفكير الخاطىء فهو اتباع الشهوات أى الشيطان أى الهوى الضال أى القرين وهو لا يسمى تفكير لأن الإنسان فيه لا يستخدم عقله وإنما يستخدم شهواته ولا يعنى هذا أن المسلمين هم وحدهم من يفكرون وإنما يعنى أن المسلمين قد يمسهم طائف من الشيطان فيتبعون الشهوات والكفار أيضا يفكرون فى أحيان ثم يعودون لإتباع الشهوات ومثال تفكيرهم ما جاء بسورة المدثر "إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر" وأما الأخطاء فى الآلات والاختراعات وما يسمى العلوم فهو ضمن التفكير إلا أنه اجتهاد يؤدى لخطأ غير متعمد .
ترتيب موضوعات التفكير :
الموضوعات المرادة هى الموضوعات المشتركة بين البشر كلهم فى كل زمان ومكان وترتيبها يكون حسب أهميتها فأولها الألم فالألم ينسى صاحبه كل شىء ما عدا الألم نفسه ومن ثم يلغى التفكير فى أى شىء ويلى الألم نقص الهواء اللازم للتنفس وبعده العطش وبعده الجوع ويليهم جمع المال وإنفاقه لأن بالمال يتم علاج الألم وإرواء العطش وسد الجوع ثم يأتى الإشباع الجنسى ثم إنجاب البنين ثم القوة أى السلطة والموضوعات الأربع الأخيرة تتبدل مع بعضها فى المكانة والمستنتج من هذا هو أن راحة الجسم مقدمة على راحة النفس لأن راحة النفس لا تتم إلا براحة الجسم.
أنواع التفكير حسب العدد :
ينقسم لتفكير فردى حيث يحاور الإنسان نفسه ومثنوى أى ثنائى حيث يحاور الإنسان إنسان غيره وفيهما قال تعالى بسورة سبأ "قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا "والتفكير الجماعى بين أكثر من اثنين وللتفكير الفردى ميزة هى مصارحة النفس دون خوف من الأخرين وللثنائى والجماعى ميزة هى أن كل واحد يبين للأخرين جانب قد يكون غامضا عليهم أو على بعضهم .
كيف تنتصر الشهوات على البصيرة ؟
تنتصر الشهوات على العقل بأمرين :
1- تشويه أدلة العقل بإدخال الباطل أى اللغو فيها وفى هذا قال تعالى بسورة الزخرف "لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تفلحون ".
2- أن تعد الشهوات النفس بما يسعدها بالغنى أى التمتع بكل المتع وهذا المتع هو فقر وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا"والإنسان إذا نجحت شهواته فى الأمرين اتبعها وأما إذا أصرت البصيرة على أدلتها ووضحتها أكثر وكشفت عيوب الاستجابة للشهوات فإنها تكون المنتصرة بإذن الله .
تعلم طرق التفكير :
يولد الإنسان دون أن يعلم شىء ومن ثم فهو يتعلم طرق التفكير عن طريق المعلمين الآتين :
-الناس المحيطون به وهم يعلمونه الطرق التالية :
الحكم على الحدث بحكم الله أو حكمهم ،القدوة وهذه الطرق يتعلمها من الأبوين وغيرهما فى الصغر عن طريق التربية وفيها قال تعالى بسورة الإسراء "وقل ربهما ارحمهما كما ربيانى صغيرا "
- نفسه وهو يتعلم من نفسه الطرق التالية:
الربط بين أجزاء الأشياء مثل الربط بين الرضاعة والأم والراحة .
الاستنباط مثل معرفة أن الأم هى أهم شخص حوله .
المحاولة والخطأ مثل إرادة الطفل الوصول للعبته وفشله عدة مرات فى الوصول لها .
التنسيق الحذفى مثل حذف الطفل للشخص المضايق له من عائلته .
التنسيق الإضافى مثل اعتبار الطفل الأشخاص الذين يحبهم من عائلته وإن لم يكونوا منها.
القياس مثل معرفة الطفل أن المشروب الغازى كالماء سائل .
الحكم التذكرى مثل معرفة الطفل الشخص المخيف له عند رؤيته ومن ثم يبكى .
التخيل الفكرى مثل تخيل الطفل حكاية ما كى يصل لمصلحته من وراء حكايته .
الذكاء عند الأقوام :
الذكاء مفهوم يختلف من قوم لقوم لاختلاف حكم أى دين كل منهم والتعريف الجامع للذكاء عند الأقوام كلها هو طاعة الإنسان لأحكام دينه أى تنفيذه لما يرضاه من الأحكام ومما ينبغى ذكره أن الدين أى الحكم ليست أنواعه الأديان المكتوبة أو الأديان الجماعية وإنما الأديان سواء مكتوبة أم لا وسواء جماعية أم فردية وسواء تقر بوجود الله أم لا فهناك عدد كبير من الأديان لأن هوى كل إنسان كثيرا ما يختلف عن الأخرين ولذا قال تعالى بسورة الفرقان "أرأيت من اتخذ إلهه هواه "ومن ثم يكون الغباء فى تلك الحالة هو مخالفة الإنسان لما يرضاه من الأحكام ويعبر عن الذكاء بألفاظ عدة فمثلا هو أن ينال الإنسان الفوائد من عمله وهذه الفوائد تختلف من دين لأخر فمثلا فى الإسلام عمل الجهاد ثوابه إما النصر أو الغنيمة وإما الشهادة أى دخول الجنة ونفس العمل فى دين أخر يعتبر غباء ومثلا فى اليهودية عمل الربا مع الأغيار ذكاء وفى الإسلام غباء ومثلا فى النصرانية تبجيل المسيح (ص)ذكاء وفى اليهودية غباء .

اجمالي القراءات 14655

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الجمعة ٢٤ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28820]

أهلا مجددا بالاستاذ رضا البطاوى

استاذ البطاوى


مقالاتك بعضها يعجبنى جدا ، وكلها تثير الجدل و النقاش . ولكنها لا تأخذ حقها من النقاش ، لا ادرى لماذا بالتحديد .. ربما لأنك لم  ترد من قبل على من يناقشك .


نحن نحتاج لحوار بنّاء نتعلم فيه من بعضنا. .. كلنا يخطىء ويصيب فى كتاباته وابحاثه وفى تعليقاته ، ولذا لا بد أن نتعلم من بعضنا ولا يستنكف أحدنا من الاعتراف بالخطأ لو أظهر المعلقون خطأه . فبذلك يتعلم منه الاخرون النبل والشجاعة الأدبية بينما يتعلم هو منهم تصويب ما أخطأ فيه .


هذا النقاش المبدع المفيد هو الذى نحتاج اليه بشدة. لذا أرجو من أخى رضا البطاوى أن يتفاعل أكثر مع التعليقات على مقالاته ، وان يختار من مقالاته الكثيرة ما يناسب موقعنا.


وفى النهاية أرجو من أعمدة أهل القرآن الاهتمام بما يكتبه رضا البطوطى فما يكتبه  يستحق الاهتمام ..


2   تعليق بواسطة   رضا البطاوى البطاوى     في   الأحد ٠٦ - فبراير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[55790]

الأخ الكبير أحمد صبحى منصور شكرا مرة أخرى على اهتمامك

الأخ الكبير أحمد صبحى منصور السلام عليكم وبعد :

لقد علمت ببعض الردود وساءنى كثيرا بعضها الذى يرد بلا أدلة وكتابته عبارة عن استهزاء وسخرية والسبب الأخر لعدم الرد هو مساحة الرد المحددة بأربعة آلاف كلمة والتى تتطلب منى أن اقسم ردى على عدة مرات قد تصل إلى عشر مرات أو أكثر لأن عادتى فى الكتابة هى أن أكتب المقولة التى أرى أنها خطأ كلها كما كتبها صاحبها ثم ؟أعقب برأيى طال أم قصر ومن ثم يستغرق هذا منى الكثير

وأشكرك مرة أخرى على اهتمامك ودعوتك الاخوة للاهتمام بكتاباتى


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-08-18
مقالات منشورة : 2621
اجمالي القراءات : 20,823,997
تعليقات له : 312
تعليقات عليه : 512
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt