يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ.

عزمت بسم الله،

هل المؤمنون يسعوا إلى صلاة الجمعة لسماع ذكر الله تعالى، ( أحسن الحديث) أم أنهم يُرغَمون لسماع لهو حديث البشر؟ من الظلم فإن خطباء الجمعة يؤذون رسول الله وهم لا يعلمون، لأنهم ينسبون إليه القول وما ينقلون من كتب البشر كالبخاري وغيره من الكتب، بينما كان من الأحرى أن لا يقولوا ( قال رسول الله) إلا في حالة قراءتهم لذكر الله تعالى، لأن الرسول فعلا قد نطق بما أوحى الله إليه من قرءان، وعند سرد حديث نسب إلى الرسول دون القرءان، فعليهم أن يقولوا ( قال النبي) لأن حديث النبي دون القرءان فهو حديثه كبشر وليس من الوحي أبدا، لأن الوحي هو من حديث الله تعالى الذي حفظه وأمره بتبليغه للعالمين.  

أليس هجر القرءان ( ذكر الله ) هو سبب نقص إيمان المؤمنين؟ لأن الله تعالى يقول: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2).الأنفال. هل وجلت قلوب المصلين عند صلاة الجمعة، أم أن أغلبهم ينعسون ولا يستمعون إلى الخطيب، لأنه يحكي خرافات بدل ذكر الله تعالى؟

ألم يخبرنا الله تعالى بما سيقول الرسول يوم الفرقان حيث قال رسول الله: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا* يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا* وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا* وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا . الفرقان 31/27. نلاحظ أن الله تعالى اعتبر الهاجرين للقرءان من أعداء الأنبياء المجرمين. يقول سبحانه: قُل لَّوْ شَاء اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ* فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ* وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ. يونس 18/16. إن الله تعالى أوجب على المؤمنين يوما في الأسبوع ينادى فيه لصلاة الجمعة ليسع المؤمنون إلى ذكر الله، لا إلى ذكر من دونه سبحانه.يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(9).الجمعة. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ(9).المنافقون. نلاحظ أن الآيتين برقم 9 في كلا السورتين، وفي ذلك سر أكيد. ثم يقول سبحانه: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. الجمعة 10.

وبعد الانتهاء من سماع ذكر الله وقُضية الصلاة، فنتشوا في الأرض وابتغوا من فضل الله تعالى، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون، أي اذكروا الله تعالى وأنتم في أعمالكم مستحضرين الله في قلوبكم مراقبين أنفسكم وأعمالكم ومعاملاتكم مع الناس، ذلك خير لكم لعلكم تفلحون.

أما صلاة الجمعة التي تقام من عهد بني أمية إلى يوم الناس هذا فهي صلاة لذكر غير الله تعالى، ولذلك لم يفلح المؤمنون من ذلك العهد، إذ كانوا يقتتلون ويكفر بعضهم بعضا ويلعن بعضهم على المنابر، وتفرقوا إلى شيع وأحزاب ومذاهب، فكانت البغضاء والتناحر بينهم ولازلنا على ذلك إلى يومنا مع الأسف الشديد.

ختاما ماذا لو هجر المسلمون لهو الحديث واستمسكوا بذكر الله تعالى ( القرءان ) كما أُمر الرسول بذلك. فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ. الزخرف 44/43.

لقد كان الرسول في صلاة الجمعة يتلوا على قومه آيات الله، ولم يكن يحدثهم بما نُقل إلينا من لهو الحديث عن طريق البخاري والكافي وغيرهما، ولذلك لا نجد ولو خطبة واحدة من خطب الرسول، لأنها كانت قراءانا يتلى لا غير. يقول سبحانه لرسوله: مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ* وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ* إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ* وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ* وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ. النمل 93/89.

والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.