يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ.

عزمت بسم الله،

إن أكثر خطباء الجمعة والمناسبات لا تطمئن قلوبهم لذكر الله وحده وما نزل من الحق، بل تطمئن لما كتبت أيدي البشر، كالبخاري ومسلم وغيرهما، مما نسب إلى قول أو فعل الرسول محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، فلقد قال رسول الله عن الروح عن ربه: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ(16). الحديد.

نعم لقد قست قلوب الخطباء ولم نعد نسعى من يوم الجمعة لذكر الله تعالى، بل نسمع ما يغضب الله ولا وجود لذكر الله سبحانه في خطب الجمعة إلا قليلا، بعد سلسلة من الروايات البخارية الظنية، أتعجب من هؤلاء الخطباء إن كانوا يعقلون كيف لا يتدبرون آيات الله تعالى التي تأمر بالتباع أحسن ما أنزل إلينا من ربنا. وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ(55).الزمر. وقال أيضا: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ(3). الأعراف.

فهل ما بين دفتي كتاب البخاري، وغيره من كتب البشر يعتبر عند رجال الدين من أحسن ما أنزل إلينا؟؟؟ أم أن القرآن هو أحسن ما أُنزل للعالمين. تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا(1). الفرقان. إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87).ص. وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(52).القلم. إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(27) )لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ(28).التكوير.

كل هذه الآيات يضرب بها رجال الدين عرض الحائط وينزلون إلى ما هو أدنى، وهي الروايات والخرافات والإسرائيليات، وكل ذلك ينسب إلى قول أو فعل الرسول الكريم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وهو القرآن العظيم لا غير.

لنرى معنى الذكر من القرآن الذي أمر الله تعالى الذين آمنوا أن يسعوا إلى ذكر الله من يوم الجمعة. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(9).الجمعة. الملاحظة الأولى: هنا أن الله تعالى أمر المؤمنين كل المؤمنين، ذكورا وإناثا أن يسعوا إلى ذكر الله تعالى، وليس لصلاة التراويح في رمضان والعيدين وسماع الوعظ المخالف لذكر الله تعالى.

الملاحظة الثانية والأهم: هي أن يكون السعي من يوم الجمعة إلى ذكر الله سبحانه، فما هو الذكر؟؟؟ قال رسول الله عن الروح عن ربه: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ(1).ص. لو توقف رجال الدين في هذه الآية فقط، وتدبروها لما احتاجوا إلى غير القرآن بشيرا ونذيرا. كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(2). الأعراف. نلاحظ آخر الآية قال تعالى: لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِين. فالرسول كان ينذر بالقرآن ولم يكن يتقول على الله من عنده، لأنه لو فعل لأخذ الله منه باليمن ثم لقطع منه الوتين. وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ(44)لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ(45)ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ(46). الحاقة. أما رجال الدين والخطباء فيسمحون لأنفسهم أن يتقولوا على الله ورسوله ويوردوا روايات تخالف كتاب الله تعالى وهي من المدسوسات في ( الصحاح) وغيرها من كتب البشر. قال رسول الله عن الروح عن ربه: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(40)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ(41)لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ(42)مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ(43).فصلت. ألا تكفي مثل هذه الآيات العظيمة أن تجعل جلود الخطباء تقشعر لها ( إن كانوا مؤمنين؟؟؟) ويهجروا جميع كتب البشر ويستمسكوا بالقرآن وحده، أم أنه لا يكفيهم كما وصف العليم ذلك فقال: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(51). العنكبوت. قال الله تعالى منذرا: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ(36)وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ(37)حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ(38)وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ(39) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(40)فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ(41)أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ(4 2)فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(43)وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ(44). الزخرف. أول ملاحظة في قوله تعالى: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ ) أي يتعامى عن القرآن فإن الله تعالى يقيض له شيطانا فهو له قرين أي يلازمه ليضله عن الصراط المستقيم، فعليه كل من يخاف وعيد الله تعالى أن يستمسك بالذي أوحي إلى الرسول الذي كان على صراط مستقيم، لأنه كان قرآنا يمشي على الأرض ولم يكن يحيد عن ذكر الله تعالى قيد أنملة، وتوفي الرسول عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، ولم يترك إلا القرآن ليُتبع لكن المشركين والمنافقين انقلبوا على أعقابهم مباشرة بعد وفاة النبي إلى ما كانوا عليه من قبل من الضلال وعبادة الأوثان وما وجدوا عليه آباءهم.

نحن ممن يستمسك بالقرآن وحده لا شريك له، كما الله وحده لا شريك له، ونجاهد أنفسنا ألا نحيد عن الذكر، لأن الله تعالى وعد المتقين بالفوز الكبير يوم الدين حيث لا تملك نفس عن نفس شيئا.

وهذه بعض الآيات لمن شاء منكم أن يستقيم:

وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَوَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ(51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(52).القلم.

إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(27)لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ(28).التكوير.

الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِأَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(28). الرعد.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ(41).فصلت.

قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا(18).الفرقان.

أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ(24)وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِي(25). الأنبياء.

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ(9).المنافقون.

والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى، وعيدكم مبارك طيب.