قبل الزواج : ــ الصداق
قبل الزواج : ــ الصداق
أولا :
اسلاميا من وجهة نظر قرآنية
1 ـ لم يكن إعطاء المرأة صداقاً او مهراً مما اعتاده العرب قبل تشريع القرآن ، إذ كان ذلك ضمن ما أضاعوه من حقوق المرأة ، بل انهم ــ كما أسلفنا ــ كانوا يتوارثون المرأة ذاتها إذا مات زوجها ، ولهذا كان التركيز على المهر وتسميته في القرآن صداقا وأجراً ، والصداق مشتق من "صدق" او الصدق في المعاملة وفي المشاعر ، اما "الأجر" فدلالته واضحة في أن المرأة في عقد النكاح طرف مستحق للأجر أو المقابل المادي في مقابل ما يوفره للطرف الآخر من احتياجات جسدية ونفسية وخدمات . وليس الصداق أو الأجر هو كل ما تأخذه المرأة ، بل هي تحصل كذلك على حقها فى الرعاية ، أو زوج ( يقوم على رعايتها ) وهى ( القوامة) ومنها النفقته والمعاشرة بالمعروف تحت سقف الزوجية .
2 ـ التراضي أساس فى عقد النكاح ، وفي موضوع الصداق . يشمل هذا مقدار الصداق والعاجل منه والمؤخر ، وإذا تراضى الطرفان على مؤخر أو شيء آخر فإن الله جل وعلا يقول (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) النساء:24 ..كما يشمل أنه إذا تراضت المرأة ــ برغبتها الحُرّة ــ عن التنازل عن جزء منه لزوجها فإن الله جل وعلا يحلّ ذلك قائلا (َ فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ) .
3 ـ والصداق في القرآن الكريم هو مال او ما يقوّم بمال من ممتلكات عينية ، يقول جل وعلا بعد ان حدد المحرمات في الزواج (كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) النساء:24 ، أي ان تبحثوا بأموالكم عمّن ترغبون في الزواج منها ، أي فالزواج يقوم على أساس صداق مالي . بالتالى ليس من الصداق تقديم خدمات أو قضاء مصالح .
4 ـ ولكن المهم هو وجوب الصداق للمرأة وأن تحصل هي عليه ، حتى لو كانت جارية رقيقة. قال جل وعلا عن ملك اليمين : (فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ .) النساء:25
ثانيا :
فى الدين السنى
1 ـ عادت ( العادة الجاهلية ) فى مصادرة المرأة حقها فى الصداق بما يسمى ( الشّغار) ، وهو أن يزوّج الرجل ابنته أو أخته لرجل آخر في مقابل أن يزوّجه الرجل الآخر ابنته أو أُخته دون مهر تأخذه المرأة في الحالتين . أي يتبادل الرجلان بنتيهما أو أختيهما بدون مهر لهذه وتلك .
2 ـ وعلى العادة ( إختلفوا ) و (إختلقوا ) الأحاديث المتعارضة .
2 / 1 : جاء فى موطّا مالك : ( حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الشِّغَارِ وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ . ) . وبغضّ النظر عن الاسناد الكاذب فهو تحريم لزواج الشغار .
2 / 2 : ثم يروى البخاري وغيره أحاديث تبيح الزواج بدون مهر ، ومنها ذلك الحديث المشهور الذي تعرض فيه امرأة نفسها على النبي ، فيصوّب النبي نظرها إليها ــ على حد قولهم ــ ثم يعرض عنها ، فيتقدم منها أحدهم في المجلس يريد أن يتزوجها ولكنه لا يمتلك مالاً فيقول له النبي ان يلتمس ولو خاتما من حديد فيعجز ، وفي النهاية يزوجه إياها على أن يعلمها بعض سور من القرآن . والغريب أن البخاري ــ مثلا ــ يذكر النهي عن الشغار ، ثم بعد ذلك بقليل يذكر الحديث السابق تحت عنوان "باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح ".
إن لم يكن هذا تخلفا عقليا فماذ يكون ؟ !
2 / 3 : سبق أن أشرنا الى التراضي بين الطرفين حتى لو أدى ذلك التراضي إلى تأجيل جزء من المهر او إلى أن تتنازل المرأة عن جزء منه للزوج ، وفيما بين هذين الأمرين ترك القرآن مساحة الاتفاق بين الطرفين. ولكن الفقهاء تحركوا بفتاويهم في هذه المنطقة فأثاروا الكثير من القضايا والملابسات والاختلافات والأخبار والأحاديث المتعارضة على عادتهم فى الهجص الدينى ، ونعرض لبعضها في إيجاز:ــ
2 / 3 / 1 : مالك في الموطأ تعرض لقضية الرجل يتزوج المرأة لا يفرض لها صداقا . وهو يرى أنه إذا دخل الرجل بالمرأة فقد وجب عليه الصداق بمجرد الخلوة ، ثم إذا طلقها بعد ذلك لم يكن لها إلا نصف الصداق ، إلا أن يطول بقاؤها عنده فيجب الصداق .
2 / 3 / 2 : أبو حنيفة يوافق على وجوب الصداق بمجرد الخلوة ، ولكن الشيباني تلميذ أبى حنيفة ـ وهو أحد من نقل الموطأ عن مالك ــ لم يعلق على الجزء الثاني الخاص بالطلاق بعد الخلوة مباشرة ، وحصولها على نصف الصداق مقابل "جزء من المدة" ..
2 / 3 / 3 : إلا أن القرآن الكريم يناقض فتوى مالك ، والملاحظ أن مالك في الموطأ قلّ أن يستشهد بالقرآن الكريم ، مع إنه يجعل عمل أهل المدينة تشريعا . تجاهل مالك أو أنكر قول الله جل وعلا : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ .....) البقرة:237 ، أي انها تحصل على نصف الصداق المفروض إذا طلقها قبل أن يمسها او قبل أن يخلوا بها ، فإن خلا بها او مسّها فلها الصداق كله ، سواء طلقها أم لا .
2 / 3 / 4 : أما عن فرض الصداق من جانب الزوج ، فقد رأى مالك بناء على رواية وفتوى لابن عمر وزيد بن ثابت أن الرجل إذا تزوج دون ان يحدد صداقاً للمرأة ، ثم مات فليس لها أن تطالب بصداقها الذي لم تأخذه . وإن كانت تأخذ الميراث ، وهذا تشريع ذكورى ممقوت . وعلق محمد الشيباني على ذلك بقوله " ولسنا نأخذ بهذا " .
2 / 3 / 5 : ثم روى مالك حكاية أخرى عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً ثم مات قبل ان يدخل بها ، فحكم ابن مسعود بأن لها صداقا مماثلا لمثيلاتها : وهي فتوى تناقض الفتوى السابقة لابن عمر وزيد بن ثابت . أى هو نفس التخلف العقلى فى التناقض فى الموضوع الواحد . وهو تناقض يدفع أى شخص عاقل أن يقول : وما الحاجة لكل هذا الهجص .؟!
2 / 3 / 6 : وأنصف بعضهم فقال بعضهم تعليقاً على هذه الفتوى : أنه لا يكون لها ميراث حتى يكون قبله صداق ، وقد وافق ابوحنيفة هذه الفتوى ... ونحن أيضاً .
2 / 3 / 7 : على أن هذه الروايات لمالك ــ إذا صدقناها ــ فإنها تعبر عن ثقافة مجتمعية ، تفيد ان الصداق لم يكن يدفع ــ غالبا ــ في مجلس العقد وأن بعضهم لم يهتم بتسمية الصداق ، وربما يدخل بها ، ويموت ، وهي لم تقبض صداقاً ، وتحتاج للمطالبة بصداقها أثناء توزيع تركة زوجها المتوفي.
2 / 4 : والشافعي تطرّف فى الكفر بالقرآن الكريم فى موضوع الصداق .
2 / 4 / 1 : رأى أن عقد النكاح يصح بغير فريضة الصداق مستدلاً بقوله جل وعلا : ( لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) البقرة :236 ،) . ولكن الآية هنا لا تتحدث عن الصداق ، بل عن وجوب المتعة للمطلقة قبل الدخول ، وتقول أنه لا جناح عليكم في تطليق النساء إذا لم تدخلوا بهن ولم تفرضوا لهن فريضة ، ولكن يجب عليكم دفع المتعة لهن ، والفريضة الواجبة هنا لا تتعلق بالمهر المدفوع عند عقد النكاح ، بل المؤخر منه الذي يُدفع عند الطلاق ، فإذا لم يكن ملتزما بمؤخر يدفعه عند الطلاق فلا جناح عليه في ألا يدفعه ، وليس عليه إلا متعة الطلاق ، اما إذا فرض مؤخراً يدفع عند الطلاق وطلقها قبل الدخول فإنه يدفع نصف ذلك المؤخر ، لذلك تقول الآية التالية (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ ....) البقرة :237 ، أي أن الحديث ليس على فريضة الصداق عند الزواج ، بل على فريضة المؤخر عند الطلاق ، فإذا كان هناك مؤخر فعليه أن يدفعه بالكامل إذا دخل بها ، وإن لم يكن قد دخل بها فعليه أن يدفع نصفه ، أما إذا لم يكن مفروضا لها المؤخر فليس عليها إلا متعة الطلاق.
ويؤكد ذلك أن النسق كله في الآيات السابقة واللاحقة يتحدث عن الطلاق ومتعة الطلاق. أما النسق القرآني في سورة النساء فهو عن الزواج ، وقد كان يتكرر فيه وجوب فرض الصداق بحيث يكون شرطا في صحة الزواج أساساً .
2 / 4 / 2 : ويستدل الشافعي بأنه لا وجوب للصداق بقوله جل وعلا : ( وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً (21) النساء ) . لكن الواضح في الآية ان الزوجة قد تسلمت الصداق (القنطار) وصار في حوزتها ، ثم يحرم رب العزة جل وعلا أن يأخذ الزوج شيئا من صداقها إذا أراد استبدالها بأخرى ، لأن المفهوم أنها لن ترضى بذلك خصوصا وهو يريد طلاقها واستبدالها بأخرى.
2 / 4 / 3 : وتعرض الشافعي لمقدار الصداق من حيث القلة والكثرة ودخل في خلافات مع غيره ممن جعل حداً ادنى للصداق مع ان القرآن أحال الموضوع للتراضي بين الطرفين ، وأجاز الشافعي ان يكون الصداق أجرة على عمل يقوم به الرجل واستشهد بقصة زواج موسى من بنت الرجل الصالح ، هذا مع أن القصص القرآنى هو للعظة وليس للتشريع ، وأن التشريع يأتى لنا بالأمر والنهى .
2 / 4 / 4 : اتفق مالك وأبوحنيفة على تحديد ادنى الصداق وهو عشرة دراهم فقط . وهذا يخالف الأخبار التي ذكرها ابن سعد في تاريخ الصحابة، فالمهر الذي دفعه ( على ) للنبي لابنته فاطمة وكان أربع دراهم .
2 / 5 : تأثر ابن حنبل ببعض ما ذكره مالك والشافعي . فهو يرى أن الصداق يكون واجبا بالخلوة ، ومعناه انه يمكن له ألا يدفع الصداق أثناء العقد ، كما أنه سئل عن رجل تزوج امرأة هل يدخل بها قبل أن يدفع الصداق لها ، فقال أنه لا بأس .. وأن قدم لها الصداق فلا بأس ، وذلك يبتعد بالفقه عن وجوب الصداق ووجوب ان تتسلمه المرأة أو ولي أمرها في الزواج ، وكانت تلك هي البداية لما عرف في الفقه بقضية التفويض في الصداق ..
2 / 6 : والتفويض في الصداق يعني ان يتم العقد بدون تسمية مهر ، فإن دخل بها أصبح عليه أن يدفع لها مهر مثلها ، فإن طلقها دون الدخول فقد حرموها من المتعة ومن نصف المهر ، وذلك ما قرره الشافعي خلافا للقرآن .
2 / 7 : وترتب على ما سبق قضية أخرى بين الفقهاء ، وهي تلف الصداق أو زيادته او نقصه وضمانه عند التلف والنقص ، وتداخلت الفتاوى في الموضوع ، وتأثرت بشكل أساس بالهرمونات الذكورية فى فقهاء الدين السُنّى ، فاستكثروا أن يكون للزوجة حرية التصرف في أموالها ، خصوصا وان الأئمة اجازوا الدخول بالزوجة بدون دفع المهر ، فإذا دفعه لها بعد الزواج كانت ملكيته لها محل نظر ..
2 / 8 : ومن القضايا الأخرى اختلاف الزوجين في الصداق ، إذ أنه طالما لم يحدث التراضي بين الطرفين على المهر وطالما لم تأخذ الزوجة صداقها قبل الدخول ، كما جاء في تشريع القرآن فإن حدوث الخلاف بينهما بعد الزواج أمر وارد ومتوقع ، أي ان الفقهاء حين أجازوا الدخول بدون تسمية مهر وأرجعوا التقدير إلى مهر المثل فإنهم وضعوا المتاريس أمام السعادة الزوجية وفتحوا بابا للخلاف ، ثم شمروا عن أذرعهم لحل هذا الخلاف ، ثم اختلفوا هم فيما بينهم في الموضوع ..
2 / 9 : وقد احتفل الفقهاء بما ذكره القرآن عن تنازل المرأة عن بعض صداقها بالتراضي ، قالت بعض الروايات بتنازلها عن صداقها كله ، وصنعوا رواية تزعم أن أم عمارة الأنصارية تنازلت ــ بزعمهم ــ عن صداقها في مقابل إسلام زوجها ، وأفتى ابن تيمية أنها إذا أرادت التنازل كتابة فلا يجوز لإخوانها منعها.
2 / 10 : وبكل هذا الشغب نجح فقهاء الدين السنى فى التعمية عن حق المرأة فى الصداق . عليهم لعنة الله جل وعلا والملائكة والناس أجمعين .!
اجمالي القراءات
2565
استاذنا الفاضل الدكتور أحمد صبحى يؤكد ان فقهاء السنه نجحوا في التعميه عن حق المرأه في الصداق وسرقة اموالها واجرها الذي فرضه الله جل وعلا، وكل هذا بسبب مضاعفات هرمونات الفحوله التي زادت حتى دمرت ماتبقى من الإنسانيه او الرجوله- وبذلك استمرت ريمه فلم تكن لها فرصه ان تعود لعادتها القديمه، وتتحمل ريمه كل أمراض الفقهاء السيكوباتيه الجنسيه- ومسلسل هرمونات الفقهاء لايزال مستمرا .