السيسي ولعبة تبديل الكراسي
السيسي ولعبة تبديل الكراسي | بقلم شادي طلعت
كان السياسيون في مصر هم : أصحاب التأثير المباشر في (صنع القرار)، وذلك منذ بداية القرن العشرين، ثم تضاءل حجمهم بعد حركة يوليو 1952، ثم عادوا قبل وفاة الرئيس الراحل/ السادات، واستمروا حتى شاركهم (النشطاء الحقوقيين) مع بداية القرن الحادي والعشرين منذ العام 2000 وحتى منتصف عام 2013 منذ تولى الرئيس/ عبدالفتاح السيسي مقاليد الأمور ثم سدة الحكم في مصر.
فإذا بالسيسي يغير المعادلة، فيرفع من شأن الإعلاميين لمرتبة أخرى غير المرتبة التي كانوا ماكثين بها، مرتبة لا تعبر عن رأيها أبداً، وما كانت إلا ناقلة للأحداث فقط.
وكانت البداية أن بعض الإعلاميين بدأوا في تبوأ مقاعد سياسية فكانوا هم أصحاب الفكرة التي تبادرت لذهن (السيسي) فيما بعد.
وتحديداً : كان الإعلامي/ توفيق عكاشة هو ملهم فكرة تبديل مقاعد نجوم السياسة والعمل العام المشاركين في صنع القرار، إلى (الإعلاميين).
ففي العام 2009 شاهدنا صراع بين كل من : الإعلامي/ عمر أديب، والإعلامية/ منى الشاذلي، من أجل أجراء حوار مع السياسي/ أيمن نور.
واليوم نجد عمرو أديب صاحب برنامج يتحدث من خلاله كما لو أنه (فولتير) أو (جان جاك روسو) ومثله أحمد موسى ... إلخ.
ومنذ قيام ثورة 25 يناير، كانت آراء السياسيين ذات ثقل مؤثر في صانع القرار في النهاية.
وظل الأمر هكذا حتى منتصف العام 2013، وهنا قرر (عبدالفتاح السيسي) تبديل المقاعد ليحل الإعلاميون محل السياسيين، وقد نجح الرجل بجدارة.
ودليل النجاح هو أن كافة السياسيين المعارضين بدأوا في الرد على (السيسي) بنفس أسلوبه، من خلال رفع أسماء إعلامية أخرى مثل الإعلامي/ معتز مطر، والإعلامي/ محمد ناصر ... إلخ، من خلال قنواتهم الفضائية التابعة لهم.
وذلك لمواجهة التيار الجديد من الإعلاميين أمثال الراحل / وائل الإبراشي، وعمرو أديب، وأحمد موسى ... إلخ، والذين تحولوا إلى مشاركين في صناعة القرار ظاهرياً، بينما هم في الحقيقة ليسوا أكثر من مجرد ناقلين لوجهة نظر النظام الحاكم.
ومع هذه النقلة النوعية التي حدثت تبدلت أحوال الإعلاميين بكافة تخصصاتهم من مجرد عاملين في الصحافة، والفضائيات، والمواقع الإلكترونية، إلى (علية القوم) مادياً وأدبياً، بينما تدنى وضع (السياسيين) مادياً وأدبياً، إذ إنزوا في الخلف من دون أن ينتبهوا إلى هذا التغيير الذي طرأ.
فأصبح الإعلاميون محللين سياسيين، وإقتصاديين، بل وإجتماعيين أيضاً.
ومن ثم باتوا هم نجوم المجتمع، فزادت ثرواتهم، وامتلأت خزائنهم.
ولكن كيف كانت نتائج هذا التغيير :
أولاً/ أصبحت مصر مصنفة دولياً كواحدة من أشد الدول في العالم في قمع الحريات، وإنتهاك حقوق الإنسان.
ثانياً/ تدهورت الأوضاع الإقتصادية بشكل سريع للأسوأ، فتدنى المؤشر الإقتصادي، ليجعل مصر على مشارف الإفلاس، وإختفى الدولار من الأسواق، وساءت أحوال الإستيراد والتصدير في كافة المرافق.
ودخل الجيش من خلال شركاته التجارية ليضارب القطاع الخاص في حالة فريدة لم تكن موجودة من قبل.
ثالثاً/ ساءت أحوال الغالبية من الشعب فتدهورت أوضاعهم المادية، في ظل غياب واضح لعدالة التوزيع.
فازداد الأغنياء مالاً، وازداد المساكين فقراً.
إن غياب السياسيين عن المشهد العام كان له تبعاته السيئة، التي أثرت بالسلب على الدولة والشعب.
إن الحرية والديمقراطية كفيلتان بحل كافة مشاكل الدولة سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً، وطالما ظل العمل السياسي خلف الأسوار، فسوف تزداد الأوضاع سوءاً.
فحتى في زمن الإمبراطوريات الأغريقية والرومانسية، كانت توجد مجالس منتخبة شعبياً، غير قائمة على التعيين، أو الإنتخابي الصوري، لذلك عاشت تلك الإمبراطوريات أزمان طويلة.
وقد حان الوقت لتعديل الأوضاع، هذا إن كانت النوايا خالصة لخدمة هذا الشعب المغلوب على أمره.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت
اجمالي القراءات
2101