آحمد صبحي منصور Ýí 2019-02-13
بعض المنشور فى مجلة ( حواء ) (1 ) قصص تاريخية من العصر الأموى ( حواء بين سطور التاريخ )
مقدمة: روعى فى صياغتها أن تكون سهلة وجذابة وتتركز على النواحى الانسانية ، ومن خلال هذا يتم تقديم صورة واقعية عن عصر الخلفاء الذى يُراد إرجاعنا اليه ، وهو بعيد عن الصورة المثالية الوردية التى رسمها الإعلام والمساجد والدراما التراثية .
كان العنوان لكل قصة هو ( حواء بين سطور التاريخ ) مع مقدمة تقول : ( العادة أن حركة التاريخ تسير على قدمين، إحداهما للرجل والأخرى للمرأة ، ولكن كتابة التاريخ عمل أنفرد به الرجل لذلك جعل المرأة تتوارى بين سطور التاريخ .. وهذه محاولة للكشف عن " حواء بين سطور التاريخ " .).
هنا بعض ما نشرته مجلة ( حواء ) بين سطور من التاريخ الأموى :
القصة الأولى : ( أناهيد . حسناء الأهواز )
1 ـ نحن الآن في منتصف القرن الأول الهجري تقريبا ..
2 ـ وفى منطقة الأهواز بفارس حيث أغلبية السكان من الموالى ، وهو الوصف الذي أطلقه عليهم العرب في العصر الأموي . وكان العرب كالشأن في كل أمة فاتحة ينظرون لأهل البلاد المفتوحة نظرة استعلاء ، وزاد من هذه النظرة وصول الأمويين للخلافة وحكمهم للمسلمين بالعسف والسيف ، وتعصبهم للعرب ضد غير العرب ، حتى كانوا لا يسقطون الجزية عمن أسلم من الموالى . والوحيد من بني أمية الذي أنصف الموالى هو عمر بن عبد العزيز في عهده القصير ، ثم عاد الأمويون إلى مسيرة الظلم والقهر . ومن الطبيعي أن تتأثر الأحوال الاجتماعية بهذه السياسة ، فكان الارتباط بزوجة من الموالى يعد عارا على العربي . هذا مع جمال الفارسيات وحُسنهن الزائد ، وكان من الممكن التسامح مع العربي إذا اقتنى جواري من الموالى ، أما إذا تزوج حرة منهن فالعار يلاحقه واللوم يحيط به ويحمل العار أبناؤه من تلك المرأة الحرة ، كما لو كانوا من أبناء الجواري والإماء ..
3 ـ وزاد فى السوء تحكم الحجاج بن يوسف الثقفي فى العراق وإيران ، وهو المشهور بجبروته وقسوته وتعاليه وغطرسته ، فأحتمل منه الموالى الظلم الهائل ،ووضع قوانين أسهمت فى احتقارهم وإذلالهم ، فكان المولى لا يستطيع أن يمر على العربي راكبا ، وكان العربي إذا مر على أحد الموالى وهو يحمل شيئا فعلى المولى أن يسارع بحمل متاع العربي .. ومن الطبيعي أن تكون نساء الموالى أشد إذلالا وتعرضا للمهانة طالما أن رجالهن يعيشون فى ذلك الذل .. وسيف الحجاج مسلط على رقابهم . وفى هذا الجو المشبع بالظلم والإذلال عاشت أناهيد حسناء الأهواز .
4 ـ كانت أناهيد بنتا لرجل من عظماء الفرس أصحاب الضياع ، فلما جاء الفتح العربي الاسلامى تحول ملاك الضياع إلى وظائف إدارية فى خدمة الفتح تحت لقب (دهقان ) ، واحتفظوا ببعض النفوذ بين أبناء قومهم فقط ، إذ كانوا يمسكون الحسابات ويجمعون الضرائب لصالح الولاة وحكام المقاطعات ، إلا أنهم مع ذلك كانوا فى نظر الدولة الأموية ضمن الموالى مهما ارتفعت مكانتهم وأخلصوا فى خدماتهم . والدليل على ذلك فى قصتنا أن أناهيد بنت الدهقان لم نعرف أسم أبيها الحقيقي ، وكل ما عرفناه الوصف العربي له الذي صار أسما عربيا دخل به بين سطور التاريخ وهو ( الأعنق ) لأنه كان طويل العنق ، فأطلقوا عليه هذا الوصف ، وأهملوا أسمه الأصلي ، وأصبح أسم بطلتنا ( أناهيد بنت الأعنق ) وربما ورثت أناهيد عن أبيها طول العنق فأصبح من سمات جمالها الزائد الذي اشتهرت به فى الأهواز .
5 ـ دخلت أناهيد فى طور جديد من حياتها حين التقت بالشاعر العربي يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري. كان يزيد شاعرا محسنا مشهورا يقول الغزل ، وكان متحالفا مع الأمويين ضمن قومه من قبائل اليمن ، ولذلك حاز شهرة وجاها خاصة فى مدائحه للأمويين وخليفتهم مروان بن الحكم وابنه عبد الملك بعده . كانت شهرة يزيد هذا تسبقه أينما حلّ ، ويحرص على الالتقاء به رجالات الدولة فى كل إقليم ينزل فيه . وحين نزل الأهواز استضافه فيها الأعنق والد أناهيد حرصا منه على توثيق صلته بذلك الشاعر العربى الذي تنفتح أمامه أبواب الخليفة فى دمشق . وهنا رأى يزيد أناهيد . رآها بعين الشاعر وقلبه فتناسى الفوارق المصطنعة التى أقامها الأمويون بين العرب والموالى ، وهمس فى أذنيها بأحلى الكلام فما صدقت أذنيها أن يكون ذلك العربى متدلها بحبها إلى هذا الحد فبادلته الغرام . وما كانت البيئة الفارسية المنفتحة أو الدهقان الوالد الوصولي يمانع فى استمرار اللقاء بين العاشقين ، ولكن الذي توجس خيفة من هذا الحب وخشي أن يتحول إلى زواج وارتباط شرعي هو عم الشاعر الذي حمل فى داخله مفاهيم العصر ، وخاف أن يؤثر ارتباط ابن أخيه بتلك الفتاة الفارسية على مكانته فى قومه أو عند البلاط الأموي . لذلك بذل عمُّ يزيد كل جهد ليحول بين ابن أخيه وذلك الحب المتأجج فى نفسه ، فأخذ يعيره ويلومه ويعنفه فى القول فما استطاع .
6 ـ لجأ العمُّ للحيلة إذ أتفق مع بعض القبائل فى الموصل ـ شمال العراق ـ على أن يزوجوا الشاعر ابنتهم ، وأقنع ابن أخيه بالمكسب الذي يعود على قبيلته وأسرته بني مفرغ إذا تزوج تلك الفتاة العربية ، ووافق الشاعر على مضض ، وسبق العم إلى الموصل يجهز الأفراح ، وركب الشاعر من جنوب العراق قاصدا الموصل وطيف أناهيد فى قلبه يحمله معه أينما سار . ومعه خادمه (برد) ، وفى الطريق قابل أحد الدهاقنة الفرس من الأهواز فسأله عن أناهيد بنت أعنق ، فقال له الدهقان : " أتسأل عن صديقة الشاعر ابن مفرغ ؟" ثم قال الدهقان : " ما تجف جفونها من البكاء عليه ".!..فقال الشاعر لخادمه : " أتسمع ؟ والله لأرجعن إليها " ، فقال له خادمه : " لقد أكرمك القوم وأعدوا لزواجك من أبنتهم وهم ينتظرونك مع عمك فى الموصل ، فكيف تتركهم ينتظرونك وتعود إلى أناهيد "؟ فقال : " لابد من ذلك ".. ورجع إلى أناهيد يجفف دموعها .. وترك فتاة أخرى مظلومة لا ذنب لها تسيل دموعها فى الموصل ..
7 ـ وعرف يزيد أن فعلته هذه ستثير عمّه وقبيلته عليه ، فعزم على إصلاح ما بينه وبينهم بالمال ، ولذلك أقام فى البصرة قريبا من حبيبته يزورها ثم يرجع إلى والى البصرة يدعى أن عليه ديونا ويأخذ منه الأموال فيعطيها لعمه وأسرته يشترى رضاهم عنه . وقد أعطاه الوالى عبيدا لله بن أبى بكرة مائة ألف درهم ومائة وصيف من الغلمان ومائة نجيبة من الخيل وأعطى الشاعر تلك الأموال لعمه وأسرته كي يسكتوا عنه ويرتضوا حبه لأناهيد .
8 ـ إلا أن عم الشاعر وقبيلته شرهت أنفسهم للمال الذي أصبح يأتيهم سهلا فأثقلوا على الشاعر بمطالبهم ولومهم ، فكان يزيد بكل ما له من مكانة يجلس على باب الأمير فيخرج له الأمير فزعا يسأله عن السبب ، فيحكى له يزيد عن الديون التى لحقته وعجزه عن سدادها فيعطيه الأموال ، فيأخذ يزيد تلك الأموال يسد بها أفواه عمه وأقاربه ..
9 ـ وفى النهاية شعر يزيد بالملل ، وكانت الحجة الأخيرة لهم أن أناهيد ليست بالجمال الذي يستحق منه هذه التضحية . وهنا أدرك يزيد أنها فرصته المثالية لينتصر عليهم ، فبعث إلى أناهيد أن تتزين وتخرج لاستقباله مع أهله فى أبهى زينة .. وقال لعمه وأسرته أن له دينا فى الأهواز ويريد منهم أن يساعدوه فى تحصيل ذلك الدين ، فوافقوا ، وهم يحلمون بالحصول على ثلاثين ألفا من الدراهم قيمة الدين . ودخل الشاعر بأهله إلى مكان أناهيد ، فلما رأوها أذهلهم جمالها ، وصرخ فيه عمه قائلا : " قبحك الله الم يكن من الأفضل لك أن تحب مثل هذه بدلا من أناهيد ؟ فقال يزيد : أو قد أعجبتك يا عماه ؟ قال : ومن لا تعجبه هذه ، فقال الشاعر : هذه هي أناهيد .. فأسقط فى يد العم والأسرة .. وانصرفوا عنهما
10 ـ وعاش الشاعر مع حبيبته هانئا إلى أن مات فى الطاعون سنة 69 هجرية ..
القصة الثانية : حواء بين سطور التاريخ : (سلامة القس) 12/11/1994م
1 ـ من أشهر أفلام السيدة أم كلثوم ، تلك الجارية المغنية التي أحبها العابد الناسك عبد الرحمن بن أبي عمار ، وقام بدوره في الفيلم الفنان يحيي شاهين.
والحبكة الدرامية في قصة الفيلم تكمن في وقوع الرجل التقي العابد في غرام جارية مغنية وصراعه النفسي بين حبه وتقواه ، وعلى تلك الحبكة الدرامية دارت قصص كثيرة . وليس ذلك عجيباً ، وإنما العجيب فعلاً أن تلك الحبكة الدرامية هي قصة واقعية تاريخية ، وأن الغرام الملتهب الذي جمع بين العابد الناسك عبد الرحمن بن أبي عمار والمغنية اللعوب من حقائق التاريخ التي سطرتها كتب التاريخ المحترمة والموثوق بها.
2 ـ ونستطيع أن نقراها في تاريخ الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك الذي حكم الدولة الأموية بعد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، كما نستطيع أن نقرأها في خلال ترجمة بطليها : العاشق عبد الرحمن المشهور بلقب القــس والعاشقة سـلامـة التي حملت هي الأخرى لقب سـلامـة القــس ..
3 ـ ولكن كيف تجتمع المتناقضات وينتج عنها ذلك العشق الغريب بين عابد ناسك ومغنية لعوب؟ وكيف يحدث هذا في مكة المكرمة في بداية القرن الثاني الهجري حيث عاش كبار التابعين ومشهورو النساك والمتعبدين ؟..
4 ـ إن السياسة الأموية هي المسئولة عن ذلك التناقض..
إذ أن الحجاز "مكة والمدينة" كان موطن المعارضة السياسية والحربية ضد الأمويين وعاصمتهم دمشق.. فمن المدينة ومكة خرجت الثورات تحتج على انفراد بني أمية بالحكم وتحويلهم الخلافة إلى ملك وراثي يقوم على القهر والاستبداد ، ومن المدينة خرج الحسين ثائراً بأهله وكانت مأساة كربلاء ، وعلى أثرها ثارت المدينة ثورة عارمة فاقتحمها الجيش الأموي وانتهك حرمتها ، وبعدها ثار عبد الله بن الزبير في مكة وأعلن نفسه خليفة فهزمه الأمويون وقتلوه وصلبوه ولم يأبهوا بحرمة البيت الحرام..
وحتى لا تعود المدينة ومكة للثورة وتسيل الدماء ويقتل الأمويون أقاربهم من قريش في الحجاز ارتأى الأمويون حلاً آخر هو شغل أبناء المهاجرين والأنصار في مكة والمدينة بالمال والمتاع والجواري والغناء والشعر وكل وسائل التسلية ، وبذلك امتلأت مكة والمدينة بأرباب الغناء وأصبحت في كل منهما مدرسة فنية تنافس الأخرى ، ويهيج تلك المنافسة الشعراء وأصحاب السمر والأخبار ، وبينما أنغمس في المجون أكثرية الشباب فإن الأقلية ردت عليهم بالتطرف في العبادة والزهد والنسك ، وحدث الالتقاء بين طرفي النقيض في علاقة العابد عبد الرحمن القـس بسـلامـة اللعوب..
5 ـ وينتمي عبد الرحمن بن أبي عمار إلى قبيلة جشم ، وقد سكن مكة واشتهر فيها بأنه أفضل الناس عبادة ونسكاً فأطلقوا عليه لقب "القــس". أما ســلامــة فقد نشأت جارية بالمدينة وتعلمت الغناء على أعلام الغناء فيها وأشهرهم معبد وابن عائشة وجميلة ومالك بن أبي السمح. وحين استوى عودها واشتهرت بحسن الصوت نافستها جارية أخرى كانت دونها في حسن الصوت إلا أنها كانت أجمل منها وجهاً وهي "حبابة" ، إلا أن ســلامــة امتازت عن حبابة بميزة إضافية وهي قولها الشعر ، فكان ثمنها أعلى ومحـبـُّوها أكثر..
ونالت سـلامـة إعجاب أحد المترفين في مكة فاشتراها وأحضرها إلى بلده مكة ، وهو سهيل بن عبد الرحمن بن عوف ، وأبوه الصحابي المشهور .. وتحولت دار سهيل إلى ملتقى للماجنين محبي الغناء والسمر والجمال ، تظل نوافذه مضاءة ورواده إلى الفجر في سرور وحبور وأصواتهم تصل إلى جنبات الشارع..
وذات يوم مرّ عبد الرحمن القــس على دار سهيل فسمع صوت سلامة وهي تغني فأعجبه صوتها فتوقف ، وكان منظراً غريباً أن يتوقف القس العابد ليسمع الغناء ، ووصل الخبر إلى الفتى الماجن سهيل فنزل يدعو القس للدخول فأبى وانصرف في خجل ، إلا أنه في اليوم التالي عاد في الوقت نفسه ووقف يسمع الغناء ، وتلاحقت الهمسات حول القـس كلما مر يوم وهو على عادته يسمع الغناء ويرفض الدخول ، وفي النهاية غلبه الشوق فاستجاب لرجاء سهيل ودخل داره وشاهد سـلامـة وجلس معها وشغف بها حباً وهامت به غراماً ، ولم يستطع كتمان مشاعره ففاض لسانه شعراً سارت به الركبان ، فاشتهرت سلامة وأصبح لقبها سلامة القس..
على أن عبد الرحمن القس في حبه لسلامة ظل محافظاً على ورعه وتقواه ، إذ جلس معها في خلوة فقالت له : والله أنا أحبك ، فقال لها : والله أنا أحبك ، قالت : وأشتهى أن أقبلك ، فقال : وأنا والله أحب ذلك ، فقالت: وما يمنعك ؟ فقال : إني أخاف الله .. ثم قام عنها وتركها وعيناه تدمعان ، وعاد إلى نسكه وعبادته وانقطع عنها ، إلا أن شوقه كان يغلبه أحياناً فيمر ببابها ويرسل إليها السلام ، ويقال له : أدخل فيأبى ، ويعود دامع العينين ..!!
6 ـ وانتشرت قصة سلامة وغرام العابد الناسك بها ، ووصلت إلى دمشق مصحوبة بالأشعار التي قالها الناسك والأشعار الأخرى التي قيلت فيهما ، وكان تداول الشعر هو أسرع الطرق لنشر الأخبار و الشهرة . وكان الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك مشهوراً بالمجون باحثاً عن الجديد والمشهور من ألوان المتع ، وعرف أن سلامة وحبابة قد وصلتا إلى النهاية في الشهرة فبعث من اشتراهما له ، وسافرت سلامة إلى دمشق وحظيت مع حبابة لدى الخليفة الشاب ، وبينما ماتت حبابة في عهد الخليفة فإن سلامة عاشت بعده ، ويذكر المؤرخون أن الخليفة الأموي اشترى سلامة من مولاها بعشرين ألف دينار.
7 ـ واقفرت مكة من أخبار سلامة القس ، وتحولت الآذان إلى دمشق تتسمع ما يقوله الخليفة الشاب وما يقال له ، وهو يجلس بين الجاريتين المشهورتين سلامة وحبابة ، وهما تغنيان له وتسقيانه الخمر ، فكان إذا غلبه السكر يقول : أريد أن أطير ، ويلقي بنفسه في بركة ماء أو حمام السباحة ، وانتشرت هذه الأخبار عن الخليفة في أرجاء الدولة الأموية ، واستغلها أعداء الدولة في الدعاية ضدها ، فكان أبو حمزة الخارجي الثائر على الأمويين يخطب في مكة ويقول عن الخليفة يزيد بن عبد الملك "أنه أجلس حبابة عن يمينه وسلامة عن يساره ، ثم قال: أريد أن أطير ، فطار إلى لعنة الله وأليم عذابه".
ويذكر المؤرخون أن ابن الخليفة يزيد بن عبد الملك قد تولى الخلافة بعد عمه هشام ، وذلك الابن الذي تولى الخلافة اسمه الوليد بن يزيد ، وكان مثل أبيه في حب المجون حتى أنهم ثاروا عليه وقتلوه ، ويذكر الطبري في تاريخه أنهم اتهموه بأنه كانت له علاقة شائنة بجواري أبيه ، ويذكر المؤرخ الصفدي أنهم اتهموه بأن له علاقة بسلامة.
وبسبب تلك الحياة الماجنة دخلت الدولة الأموية في طور الضعف والانقسام الداخلي لأن الذي ثار على الخليفة الوليد بن يزيد وقتله وتولى الخلافة بعده هو الخليفة يزيد بن الوليد ، وبعد بضع سنوات سقطت الدولة الأموية ..سنة 132هــ.
وكانت سلامة وما تمثله من مجون من أسباب سقوط هذه الدولة .
8 ـ ونعود إلى العابد الناسك عبد الرحمن القس ، إذ أنه بعد رحيل سلامة إلى دمشق أراد أن يداويها بالتي كانت هي الداء ، إذ طفق يمر على سوق الجواري يبحث عن شبيه للحبيبة الغائبة فرأى جارية رائعة الجمال غالية الثمن اسمها "ريا" فافتتن بها ، وظل يطوف بمكانها . وسارت الركبان بالحب الجديد للناسك ذي القلب الرقيق ، وقال فيه الشاعر المشهور ابن قيس الرقيات يصف غرامه السابق اللاحق :
لقد فتنت ريا وسلامة القسـَّا فلم يتركا للقس عقلا ولا نفسا
فتاتان أما منهما فشبيهة الـ هلال وأخرى منهما تشبه الشمسا
تكنان أبشارا رقاقا وأوجهاً عتاقاً وأطرافاً مخضبة مـُلسا
وجاء إلى القس زملاؤه من النساك المتعبدين يلومونه ، وكان منهم كبار التابعين مثل عطاء وطاووس ومجاهد ، فرد عليهم بدمع غزير وشعر حزين .
وعلم بخبره عبد الله بن جعفر بن أبى طالب الهاشمي فخشي أن تتكرر مأساة القس مع سلامة ويبعث الخليفة الأموي يشتري "ريا" ويحرم القس منها، لذلك جاء من المدينة إلى مكة وبعث للتاجر فاشترى منه "ريا" ، وجمع الناس حوله في محفل عام ، وبعث للقس فأتى ، وسأله عن أحواله فشكا له الحب وقلة الحيلة ، فأمر بإحضار الجارية إليه وأهداها له ومعها مائة ألف درهم نفقة لهما ..
وقام عبد الرحمن القس مسرورا وتوارى بحبيبته (ريا ) بين سطور التاريخ..
القصة الثالثة :
حواء بين سطور التاريخ( تقتل زوجها انتقاما لابنها ) بتاريخ 3/12/1994م
1ـ بطلتنا كنيتها الأولى ( أم هاشم ) مع إنها من بنى أمية ، فهي فاختة بنت هاشم إبن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن أمية . تزوجت ابن عمها يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن عبد شمس بن أمية ، وأنجبت من زوجها يزيد ثلاثة من الأبناء : معاوية وخالد وأبا سفيان.
وبطلتنا ( أم هاشم : فاختة ) تزوجت خليفتين من بني أمية ، هما يزيد بن معاوية ، ثم تزوجت بعده مروان بن الحكم ، والأخير ( مروان بن الحكم ) مات على يديها الكريمتين ، قتلته انتقاماً لاهانته لابنها خالد ، لذلك توارت كنيتها الأولى (أم هاشم) وأصبحت كنيتها في التاريخ ( أم خالد ). وما فعلته فاختة من قتل زوجها الخليفة مروان بن الحكم يدخل في نطاق الجرائم السياسية ، ولكي تعرف دوافعها وراء قتل زوجها ـ الذي هو ابن عمها ـ علينا أن نسترجع تاريخ الدولة الأموية في مرحلة بالغة التعقيد من تاريخ العرب والمسلمين .
2 ـ وتبدأ القصة بمعاوية وهو يعهد لابنه يزيد بالخلافة ويفتتح في تاريخ المسلمين وراثة الملك . وكان معاوية قد أعـدَّ ابنه يزيد لتولى العهد، فزوّجه بنت عمه فاختة ليجتمع شمل بني أمية مع ابنه يزيد في خلافته ، وفعلا توحّد بنو أمية حول يزيد ، ولكن ثار عليه الحسين بن علي وآله من بني هاشم ، وانتهى الأمر بمأساة كربلاء ، فكان أن ثارت المدينة المنورة على يزيد وخلعت بيعته بمجرد أن عادت السيدة زينب بنت على أخت الحسين إلى المدينة ومعها رأس الحسين وما بقي من أطفال أسرتها ، فبعث يزيد بجيش اقتحم المدينة واستباحها قتلا واغتصابا ونهبا. وانتهز الفرصة عبد الله بن الزبير فأعلن نفسه خليفة في مكة ، وأثناء حصار الأمويين له جاء الخبر بوفاة يزيد بن معاوية، وتولي بعده ابنه الأكبر معاوية بن يزيد ، أو معاوية الثاني ، وبذلك تحولت بطلة قصتنا من زوجة للخليفة يزيد إلى أم للخليفة الجديد معاوية بن يزيد .
3 ـ وكان الخليفة الجديد شابا تقيا ورعا مختلفاً عن أبيه وجده ، وذلك يشى بأن لأمه أثراً كبيراً في تنشئته ، إذ أن الثابت تاريخيا أن يزيد بن معاوية كان ماجناً سكيراً عربيدا ، ولكن الثابت أيضاً من التاريخ أن أبناءه الثلاثة معاوية وخالد وأبا سفيان كانوا مشهورين بالصلاح والاتزان ، أي أن فاختة ـ التي فجعت في مجون زوجها يزيد وجرأته على المحرمات والخمرـ قد تفرغت لرعاية أبنائها فأصبحوا على نقيض أبيهم، والدليل على ذلك سيرة معاوية الثاني ابنها الذي تولى الخلافة ثم تنازل عنها قائلاً فى خطبة اعتزاله : "والله إن كانت الدنيا عزاً فقد نلنا حظنا منها، وإنا كانت شراً فكفى ما أصابنا منها" وذكر ما فعله أبوه فبكى ، وطلبوا منه أن يرشح خليفة بعده فقال: ما أصبت حلاوتها فلماذا أتحمل مرارتها؟ واعتزل الناس، فقتله أهله بالسم..! واحتقارا له فقد سمّاه أهله الأمويون أبا ليلى .
ودفنت فاختة أحزانها وهي ترى أهلها يقتلون ابنها الصالح ويهزءون به ويطلقون عليه لقب "أبي ليلى" لأنه في نظرهم جبن وخاف واعتزل .. وانصرفت همة فاختة لرعاية ابنيها خالد وأبي سفيان ، وقد كانا على نفس القدر من الصلاح تقريباً..
ولكن الأحوال ساءت بالنسبة للأمويين بعد تنازل معاوية الثاني عن الخلافة ، إذ وقع التنافس بين كبار المرشحين منهم للخلافة ، في الوقت الذي ازداد فيه نفوذ عبد الله بن الزبير ، ودخلت في طاعته مصر والعراق وأجزاء من الشام ، وأصبح سقوط الأمويين سريعاً لولا أنهم عقدوا مؤتمراً في الجابية واتفقوا على تولية مروان بن الحكم الخلافة ثم يتولى بعده خالد بن يزيد بن معاوية أو ابن بطلة قصتنا.
4 ـ وكان مروان بن الحكم شيخ بني أمية في ذلك الوقت، وقد رضي على مضض أن يكون ولي عهده الشاب خالد بن يزيد بن معاوية ، وذلك حتى تجتمع معه كلمة الأمويين ، ولكنه كان يريد أن يعهد بولاية العهد لابنه عبد الملك بن مروان ، لذا خطط للأمر بحنكة ، لكى يزيح خالد بن يزيد من ولاية العهد ، فتزوج فاختة أم خالد ليكون خالد تحت سيطرته وليحط من شأنه ومن كرامته..
5 ـ إلا أن فاختة حين رضيت به زوجاً كانت تطمع في أن تحفظ لابنها حقه في ولاية العهد ، فهي كانت زوجة خليفة من قبل ، وزوجها معاوية من يزيد لكي تجتمع حول يزيد بنو أمية ، واعتقدت أن مروان تزوجها لنفس الغرض ، واعتقدت أنها في وضعها الجديد ستكون أقدر على حفظ حق ابنها الثانى فى الخلافة بعد أن تنازل عنها ابنها الأول..
6 ـ ولكن أحلامها ضاعت هباء ، فقد فوجئت بزوجها يعمل على نقض الاتفاق بعد أن نجح في ضم مصر إليه وطرد والي عبد الله بن الزبير عنها ، أي أنه شعر بالأمن بعد ضم مصر إليه ، فعمل على تعيين ابنيه عبد الملك ، ثم عبد العزيز في ولاية العهد على الترتيب مكان خالد ، وقد جعل ابنه عبد العزيز والياً على مصر وهو والد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز.
أى إن السيدة فاختة تجاوزتها الأحداث هي وأحلامها فقنع ابنها خالد بتعلم الكيمياء ، ولكن مروان لم يتركه في حاله ، إذ خشي من قوة شخصيته وحب الناس له فعمل على تحقيره والحط من شأنه امام رجال الدولة ، وما كان لخالد أن يسكت ، فتوالت شكواه لأمه ، وأخذت هي تهديء من روعه وهي تـَحـس بالندم على قبولها الزواج وكيف انقلب هذا الزواج ضد مصلحة ابنها وحقوقه في الخلافة ثم يصل الأمر الى قيام زوجها بتحقير إبنها على الملأ . وتحملت أم خالد إلى أن حدثت الإهانة الأخيرة لها ولابنها خالد ، فكانت القشة الى قصمت ظهر البعير كما يقال..
7 ـ إذ قال مروان لخالد أمام الناس كلمة جارحة نابية في حق أمه،قال له ( يا ابن رطبة الإست )، فدخل خالد على أمه غاضباً ، يقول لها : قد فضحتني وقصرت بي ونكست برأسي ، والله لأقتلنك أو لأقتلن نفسي ، فقد قال لي مروان كذا وكذا على رءوس الأشهاد فقالت: له والله لن يقولها لك ثانية ، وأوصته بألا يعلم مروان أنها علمت بشيء وأن يكتم الموضوع..
وأحس مروان بأنه أهان خالداً وأم خالد ، وخشي مغبة ذلك فدخل على زوجته أم خالد وقال: ما قال لك خالد اليوم؟ فقالت : ما حدثني بشيء ولا قال لي شيئاً ، فقال : ألم يشكني إليك ويشكو تقصيري به كما كان يفعل ؟ فقالت: له يا أمير المؤمنين لقد أفهمت خالداً من قبل أنك له بمنزلة الوالد ، وأنت أعظم في عيني من أن أسمح لخالد بأن يقول عنك شيئاً .
فاطمأن مروان بن الحكم قليلا ، ولكن مازالت به حتى ازداد اطمئناناً لها ، ونام عندها ، فوثبت هي وجواريها فغلقن الأبواب ، ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجه مروان وجلست فوقها ومعها جواريها حتى مات تحتهن مخنوقاً ..
ثم قامت فشقت جيبها وأمرت جواريها فشققن ملابسهن وعلا الصراخ ليعلن موت الخليفة وكان ذلك في غرة رمضان سنة 65هـ وكان مروان في الرابعة والستين من عمره..
ومن ضمن الروايات الت ذكرت نفس الموضوع ننقل منها ما ذكره المؤرخ محمد إبن سعد فى الطبقات الكبرى فى ترجمة مروان بن الحكم ، وقد وصل الى سبب وفاته : (وكان مروان قد أطمع خالد بن يزيد بن معاوية في بعض الأمر ، ثم بدا له فعقد لابنيه عبدالملك وعبد العزيز ابني مروان بالخلافة بعده ، فأراد أن يضع من خالد بن يزيد ويقصر به ويزهد الناس فيه. وكان إذا دخل عليه أجلسه معه على سريره ، فدخل عليه يوما فذهب ليجلس مجلسه الذي كان يجلسه فقال له مروان وزبره ( أى زجره ) : تنح يا إبن رطبة الاست والله ما وجدت لك عقلا ، فانصرف خالد وقتئذ مغضبا حتى دخل على أمه فقال : فضحتني وقصرت بى ونكست برأسي ووضعت أمري.! قالت وما ذاك؟ قال تزوجت هذا الرجل فصنع بي كذا وكذا ، ثم أخبرها بما قال. فقالت له: لا يسمع هذا منك أحد ولا يعلم مروان أنك أعلمتني بشيء من ذلك وادخل عليه كما كنت تدخل واطو هذا الأمر حتى ترى عاقبته فإني سأكفيكه وانتصر لك منه . فسكت خالد وخرج إلى منزله . وأقبل مروان فدخل على أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة ـ وهي امرأته ـ فقال لها : ما قال لك خالد ما قلت له اليوم وما حدثك به عني ؟ فقالت : ما حدثني بشيء ولا قال لي. فقال: ألم يشكني إليك ويذكر تقصيري به وما كلمته به ؟ فقالت يا أميرالمؤمنين : أنت أجل في عين خالد وهو أشد لك تعظيما من أن يحكي عنك شيئا أو يجد من شيء تقوله وإنما أنت بمنزلة الوالد له. فانكسر مروان وظن أن الأمر على ما حكت له وأنهاقد صدقت .
ومكث حتى إذا كان بعد ذلك وحانت القائلة فنام عندها ، فوثبت هي وجواريها فغلقن الأبواب على مروان ، ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه فلم تزل هي وجواريها يغممنه حتى مات . ثم قامت فشقت عليه جيبها وأمرت جواريها وخدمها فشققن وصحن عليه ، وقلن مات أمير المؤمنين فجأة. وذلك في هلال شهر رمضان سنة خمس وستين )
وقد نقل المؤرخ ابن الجوزى نفس الرواية نقلا عن ابن سعد . ثم نقلها ـ مع بعض تغييرـ المؤرخ ابن كثير فى ترجمة مروان بن الحكم .
8 ـ وتولى عبد الملك بن مروان بعد أبيه ، وحقق في وفاة أبيه المفاجئة فعلم أن أم خالد قد قتلته فأراد أن يقتلها ، فقالوا له إنه عار عليك أن يعلم الناس أن أباك قد قتلته امرأة. فكف عنها ونجت أم خالد من القتل.. وتمتع عبد الملك بن مروان بالخلافة .
9 ـ وأراد خالد أن يمحو من نفس عبد الملك بن مروان الجريمة التي اقترفتها أمه ، فاشترك مع جيش الأمويين في حرب ضد أهل الحجاز الذين انضموا لعبد الله بن الزبير.
وكانت أصداء ما حدث لمروان ومقتله قد وصلت للحجاز ، وتعجب أهل الحجاز لاشتراك خالد في الحرب مع عبد الملك ضدهم ، وأثناء الحرب أبلي خالد بلاء حسناً في جيش الأمويين ضد الحجازيين ، فما كان من أهل الحجاز إلا أن هتفوا في المعركة يسخرون منه شعراً بلفظ هابط بذىء ، و سمع خالد الشعر فانسحب من المعركة.
يذكر الصفدى فى موسوعته ( الوافى بالوفيات ) تلك القصة بتفاصيل مختلفة ، ونعتذر مقدما عن ايراد النصّ كما هو : ( جرى بين خالد وبين مروان بن الحكم كلام فقال لمروان : أين أنت مني ؟ قال : بين رجلي أمك الرطبة . فدخل على أمه فاختة بنت ابي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فقال : هذا عملك بي والله لأقتلنك أو لأقتلن نفسي . قال لي مروان كذا . قالت : أما والله لا يقولها لك ثانية . فلما نام مروان ألقت على وجهه وسادة وجلست عليها حتى مات . وعلم عبد الملك خبرها فهم بقتلها فقيل له : أما إنه شر عليك أن يعلم الناس أن أباك قتلته امرأة .! فكفّ عنها .
وحضر خالد مع مروان فأبلى بلاء حسنا حتى أن أنكى في أهل الحجاز فقال رجل منهم :
ها إن همّ خالد ما همّه ... أن سلب الملك ونيكت أمّه
فجعل فتيان منهم يرتجزون بها ، فلم يخرج خالد للقتال بعد ذلك )( الوافى بالوفيات 13 / 273 )
وعاد خالد إلى أمه يدفن أحزانه في علم الكيمياء ، فأطلقوا عليه خالد الكيماوي..
آخر السطر
حدث هذا بعد موت خاتم النبيين بعدة عقود ، وفى القرن الأول الهجرى ، والبطل فى الأحداث هنا هو مروان بن الحكم ، الذى أفسد عثمان وتسبب فى قتله وقتل عشرات بل مئات الألوف من المسلمين فى الفتنة الكبرى وما بعدها من مآسى من كربلاء والحرة و الصراع مع ابن الزبير.
ثم انتهت حياته على يد إحدى زوجاته وجواريها .
هذا هو أحد زعماء السلف الصالح الذين أدركوا عصر النبوة، ثم تولى إمرة المدينة ، وأحد من كان يستخدم أبا هريرة فى إشاعة الأحاديث طلبا للملك والطموح السياسى. ثم تولى الخلافة ، وانتهت حياته بهذا الشكل.
القصة الرابعة : حواء بين سطور التاريخ : ( أم البنين )
فى التاريخ الأموي ثلاث نساء كل منهن حملت لقب أم البنين ، وكلهن أميرات فى البيت الأموي ، وقد تزاحمن بين سطور التاريخ بحيث يخيل للقارئ غير المتخصص أنهن امرأة واحدة ولسن ثلاث نسوة .
أم البنين الأولى:
1 ـ هي عائكة بنت يزيد بن معاوية بن أبى سفيان ، وقد تزوجها الخليفة عبد الملك بن مروان فأنجبت له يزيد بن عبد الملك الذي تولى الخلافة ، فهي زوجة خليفة وأم خليفة وأبوها خليفة وجدها خليفة وأخوها خليفة وهو معاوية بن يزيد بن معاوية ، ثم إنها عاشت حتى رأت حفيدها يتولى الخلافة وهو الوليد بن يزيد ، وقد رأت مصرعه فى حياتها. وجميع خلفاء بني أمية محارم لها سوى أثنين وهما عمر بن عبد العزيز ومروان بن محمد ، أي كان محارمها من الخلفاء الأمويين اثني عشر خليفة .
2 ـ وتوفيت أم البنين عائكة فى حدود سنة 130 هجرية . وكان لها قصر بمنطقة الجابية بدمشق ، وإليها تنتسب أرض عائكة ،وكانت تملكها ودفنت فيها ، وظلت المنطقة تحمل اسمها قرونا بعدها.
أم البنين الثانية:
1 ـ وهى بنت عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، وهى أخت الخليفة عمر بن عبد العزيز ، وجدها الخليفة مروان بن الحكم ، وعمها الخليفة عبد الملك بن مروان ، وأبناء عمها الذين تولوا الخلافة هم الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك ويزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك ..وأبوها عبد العزيز بن مروان كان واليا لمصر لأبيه ثم لأخيه ، وكان ولى العهد إلا أنه مات قبل أخيه الخليفة عبد الملك ..
2 ـ ولقد تربت أم البنين مع أخيها عمر بن عبد العزيز فى ضاحية حلوان بمصر حيث أقام أبوها فى ولايته تلك الضاحية للاستشفاء، وبني له فيها قصرا.
3 ـ كانت أم البنين تشبه أخاها عمر بن عبد العزيز فى الورع والتقوى ، واشتهرت مع ذلك بالكرم الشديد .ومن أقوالها : " أف للبخل ولو كان قميصا ما لبسته ولو كان طريقا ما سلكته ." واشتهر فى أيامها الشاعر ( كثير ) وحبه لعزة حتى حمل لقب " كثير عزة " وقد دخلت عزة على أم البنين وسألتها عن قول الشاعر كثير فيها :
قضي كل ذي دين علمت غريمه
وعزة ممطول معنى غريمها
وسألتها أم البنين عن ذلك الدين الذي يتحدث عنه( كثير ) حبيبها ، فقالت عزة باستحياء : كنت قد وعدته قبلة فلم أف له بها ، فضحكت أم البنين .. وقالت " أنجزى له وعدك وعلى الإثم " .وأفاقت أم البنين فيما بعد وندمت على هذه الكلمة واعتبرتها تحريضا على الإثم ، وأعتقت لكلمتها هذه أربعين رقبة من العبيد تكفيرا عنها .وكانت إذا ذكرتها بكت وقالت : " يا ليتنى خرست ولم أتكلم بها ".!..
أم البنين الثالثة:
1 ـ وليست من الأمويين ولكن من قبائل حمير اليمنية ، وقد تزوجها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك . ومشهور قصتها مع وضاح اليمن ..
2 ـ ووضاح هذا أسمه عبد الرحمن بن إسماعيل الحميري ، ولقبوه بوضاح بسبب وسامته الشديدة . وكان من حسنه يضع القناع على وجهه حتى لا يفتن النساء بوجهه وحتى لا يصيبه الحسد .
3 ـ ونشأ وضاح مع أم البنين وكانت بنت عمه ولا تفترق عنه ، وكبر معهما الحب ، فلما بلغ مبلغ المسئولية حجبوها عنه ، فأشتد حنينها له وحنينه لها ، ونطق شعرا سارت به الركبان ، فاشتهرت بهذا الشعر أم البنين ووصلت شهرتها إلى دمشق . وعندما حج الخليفة الوليد بن عبد الملك بلغه جمال أم البنين وأدبها وعقلها فتزوجها ونقلها إلى دمشق .
4 ـ وطار عقل وضاح وخشي إن أفصح عن حبه الضائع لحبيبته التي صارت زوجة للخليفة أن يقتله الخليفة ، فكتم أحزانه فى حب جديد حاول أن يلهى به قلبه وان يعبر من خلاله عن مشاعره ..وأختار حبيبة بديلة اسمها روضة ، وصارت الركبان بشعره الجديد فى روضة ، ومنه قوله :
قالت ألا لا تلجن دارنا
إن أبانا رجلا غائر
قلت فإني طالب غرة
وإن سيفي صارم باتر
قالت فإن القصر عالي البنا
قلت فإني فوقه طائر
قالت فإن البحر من دوننا
قلت فإني سابح ماهر
قالت فحولي أخوة سبعة
قلت فإني لهم حاذر
قالت فليث رابض دوننا
قلت فإني أسد عاقر
قالت فإن الله من فوقنا
قلت فربى راحم غافر
قالت فقد أعييتنا حجة
فأت إذا ما هجع السامر
وأسقط علينا كسقوط الندى
ليلة لا ناه ولا آمر .
5 ـ وأدى هذا الشعر إلى اشتعال الغيرة فى قلب أم البنين ، فعزمت على زوجها الخليفة أن تذهب للحج على أمل أن ترى وضاح ، وكان الخليفة يعرف غرامها القديم ، ويخشى أن يذكرها وضاح فى شعره فبعث يتوعد الشعراء جميعا إن ذكروها فى أشعارهم .. وبعث بالحراس والجواسيس حول ركب أم البنين فما أتت برحلتها بفائدة للحبيبين .
6 ـ وطال البلاء بوضاح فذهب إلى دمشق ، وقد أصابه النحول وأخذ يطوف بقصر الخلافة يتنسم عبير الهواء الذي تستنشقه حبيبته ، وتعرف إلى جارية صفراء من جواري القصر ووثق علاقته بها عندما علم أنها خادمة أم البنين ، وحملها رسالة إليها ، وفرحت أم البنين بوجوده واحتالت حتى أدخلته فى صندوق إلى القصر .. فمكث عندها حينا ، فإذا أمنت ذهبت إليه وجلست معه ، فإذا خافت من شيء دخل الصندوق .
7 ـ ثم حدث أن أهدى الخليفة الوليد بن عبد الملك جواهر لزوجته أم البنين ، وبعثه لها مع خادم ، ودخل الخادم بغتة عليها ، فوجدها تجلس مع وضاح ، وفى غمرة الارتباك دخل وضاح الصندوق أمام الخادم ، وحاول الخادم أن يستثمر الموقف فطلب منها أن تعطيه جوهرة من الجواهر ، فرفضت وطردته وعزمت على التخلص منه ، ولكن الخادم كان أسرع منها فذهب للخليفة واخبره بالرجل المختفي فى الصندوق ، فأمر الخليفة بقتل الخادم سريعا ، ثم ذهب إليها وجلس على الصندوق وطلب منها أن تعطيه ذلك الصندوق ، فاعتذرت فألح عليها فرضيت باكية ، فأمر الخليفة بحفر بئر فى الحجرة ، ثم وضع فمه على الصندوق وقال : أيها الصندوق قد بلغنا عنك شيء ، فإن كان حقا فقد دفنا خبرك وسرّك ، وإن كان كذبا فما علينا من دفن صندوق خال .. ثم أمر بإلقاء الصندوق فى الحفرة وردم الحفرة . ووضع البساط فوقها .. ونطر لأم البنين نظرة طويلة .. كانت هي النظرة الأخيرة بينهما ، فلم يلتق وجهاهما إلا أن ماتا ..وظلت أم البنين تبكى فى هذه الحجرة ، إلى أن دخلوا عليها يوما فوجدوها ميتة فوق موضع الصندوق فوق قبر وضاح.!!
القصة الرابعة : حواء بين سطور التاريخ :( نساء مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين) بتاريخ 31/12/1994م
أولا : مروان بن محمد آخر خلفاء الدولة الأموية
1ـ هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم ، وأمه كانت جارية لإبراهيم بن الأشتر النخعي ، وعندما هزمه محمد بن مروان أخذها ، فولدت مروان بن محمد على فراشه..
2 ـ وقد تولى أرمينية وأذربيجان سنة 114هـ وافتتح عدة حصون وقام بعدة غزوات موفقة في أواسط آسيا ، وكانت له شهرة عسكرية ، إذ بدأ في تكوين الجيش المنظم القائم على أساس الفرق المتخصصة بدلا من التقسيم القبلي القديم للجيش..
3ـ وتنازع أبناء عمه على الخلافة في دمشق ، وثار يزيد بن الوليد على الوليد بن يزيد وخلعه وتولى مكانه ثم مات ، وتولى إبراهيم بن الوليد وسط جو عام من الاختلاف ، ورأى مروان بن محمد فرصته سانحة فمعه جيش مدرب جاء به إلى دمشق بحجة المطالبة بحق أبناء الوليد بن يزيد المقتول في الخلافة ، وبعد حروب انتصر وتولى الخلافة كآخر خلفاء بني أمية..
4 ـ وكان مروان قائداً ماهراً لولا أنه جاء في أواخر الدولة وقد أوشكت على السقوط ، وقد تحالف عليها الخطوب والأعداء من جانب ، وذلك انشغل مروان بعد توليه الخلافة سنة 127 بحرب خصومه من أهل الشام ومن أهل العراق وفي الحجاز واليمن ، ما بين قبائل من كلب وقيس وخوارج وثوار أمويين وغير أمويين.
5 ـ وقبل أن يحتفل بانتصاره على كل أعدائه فوجىء بخطر داهم جاء من المشرق ، حيث ظهر أبو مسلم الخراساني على رأس جيش يرفع راية سوداء يدعو لزعيم مجهول تحت إسم غامض هو( الرضى من آل محمد ). وقد أوقع أبو مسلم الخراسانى بالوالي الأموي فى ايران نصر بن سيار ، ثم تقدم إلى العراق وهزم الوالي الأموي ابن هبيرة ، وبويع ( السّفاح ) أول خليفة عباسي في الكوفة في شهر ربيع الأول 132هــ ، وأرسل الخليفة العباسي الجديد جيشاً للشام يقوده عبد الله بن علي استطاع أن يهزم مروان في موقعة الزاب صبيحة يوم السبت 11 جمادى الآخرة 132هـ..
6 ـ ـ وهرب مروان بن محمد بعد هزيمته، وترك عسكره فوجد العباسيون فيه سلاحاً كثيراً وأموالاً ضخمة ، ووجدوا فيه امرأة وحيدة كانت جارية لعبد الله بن مروان بن محمد ، ومعنى ذلك أن مروان اصطحب معه في هربه زوجاته وبناته تاركا غيرهن . وقد استمر في هربه يطارده العباسيون حتى قتلوه في أبو صير في صعيد مصر يوم الأحد 27 ذي الحجة 132هـ.
7 ـ وبعد مقتل مروان هرب ابناه عبد الله وعبيد الله إلى الحبشة ، ثم لم يطب لهم المقام في الحبشة فتركوها ، وأسر العباسيون فيما بعد عبد الله بن مروان.
ثانيا : نساء مروان بن محمد بعد مقتله
1ـ ولكن ماذا حدث لنساء مروان وهن يصحبن مروان في هروبه وهزائمه ؟ وما حدث لهن بعد موته وانهيار سلطان الأمويين.؟
2 ـ تذكر بعض المصادر التاريخية أن مروان حين أشرف على الهزيمة في أبوصير نادى قائد الجيش العباسى يطلب رعاية نسائه من بعده، فردّ عليه القائد العباسي الحسن بن قحطبة يخبره بأنهم يريدون دمه أما النساء فلهن الرعاية وحق الرحم .!
3 ـ ـ ويذكر المسعودي أنهم بعد أن قتلوا مروان أرادوا الدخول إلى كنيسة أبي صير التي أسكن فيها مروان نساءه ، فوجدوا خادماً لمروان قد سبقهم إلى الدخول وقد أشهر سيفه يريد قتلهن ، فأخذوه وسألوه فقال لهم : إن مروان أمره إذا قتله أعداؤه بأن يقتل نساء مروان وبناته قبل أن يأخذهن العباسيون. وأنقذهن الجيش العباسى من القتل.
4 ـ وقد أرسل الحسن بن قحطبة القائد العباسي نساء مروان إلى صالح بن علي القائد الأعلى للعباسيين في مصر ، فلما دخلن عليه تكلمت ابنة مروان الكبرى فقالت: " يا عم أمير المؤمنين ، حفظ الله لك في أمرك ما يجب لك حفظه وأسعدك في الأمور كلها بخواص نعمه وعمَّـك بالعافية في الدنيا والآخرة ، ونحن بناتك وبنات أخيك وابن عمك ، فليسعنا من عدلكم ما وسعكم من جورنا.." فقال : " بعدلنا لن نستبقي منكم أحداً ، رجلاً ولا امرأة ، ألم يقتل أبوك مروان ابن اخي إبراهيم بن محمد الإمام في محبسة في حران؟ ألم يقتل هشام بن عبد الملك زيد بن على بن الحسين وصلبه في كناسة الكوفة ؟ وقتل امرأة زيد بالحيرة ؟ ألم يقتل الوليد ابن يزيد يحيي بن يزيد وصلبه في خراسان ؟ ألم يقتل عبيد الله بن زياد مسلم ابن عقيل ابن أبي طالب بالكوفة؟ ألم يقتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي وآله؟.. واستطرد صالح ابن علي فيما فعلوه مع ما بقي من آل الحسين ، فقالت بنت مروان: " يا عم أمير المؤمنين ليسعنا عفوكم إذن "!.. فقال : " أما العفو فنعم قد وسعكم ، فان أحببت زوجتك من الفضل بن صالح بن علي وزوجت أختك من أخيه عبد الله بن صالح" . فقالت: " يا عم أمير المؤمنين ، وأي أوان عرس هذا؟ بل تلحقنا بحران . " . فأرسلهن إلى حران حيث كان يعيش مروان من قبل، وحين مررن بجثة مروان ومعسكره المنهوب ارتفعت أصواتهن بالصياح والنحيب..
5 ـ ـ وعاشت نساء مروان سنوات سوداء بعدها ، تنتقل بهن الظروف من سيء الى أسوأ، ولما عجزن عن تحمل الفقر و ذل الجوع ومهانة الحرمان لجأت كبيرتهن ( مزنة ) أرملة مروان إلى دار ( الخيزران ) زوجة الخليفة المهدي وقتها حيث أبهة الخلافة العباسية فى بغداد .
6 ـ وكانت ( الخيزران ) قد أفردت دارها المعروفة فى منطقة (اشناس) فى بغداد لأميرات الدولة العباسية من نساء بني هاشم وأمهات أولاد الخلفاء العباسيين وعلى رأسهنّ (زينب بنت سليمان بن علي العباسي )، وهي سيدة نساء بني العباس وعمة الخليفة المهدي ، وبينما هن في حديث الراحة والمتعة إذ دخل عليهن خادم يقول: "بالباب امرأة ذات حسن وجمال في ثياب رثة وتأبى أن تخبر أحداً باسمها وشأنها سُـواكنَّ وتريد الدخول عليكن". فأذنت لها الخيزران بالدخول فدخلت ، فقالوا لها: " من أنت " ؟ قالت: " أنا مزنة امرأة مروان بن محمد ، وقد صيرني الدهر إلى ما ترين ، والله ما أملك هذه الثياب الرثة التي ترينها ،بل استعرتها ، وأنتم حين غلبتمونا على هذا الأمر وصار لكم دوننا لم نرض مخالطة العامة على ما نحن فيه من الضرر ، ولما اشتد بنا الحال سوءاً قصدناكم لنكون تحت رعايتكم في أي حال إلى أن يأتينا داعي الموت."!!
7 ـ واغرورقت عينا الخيزران بالدموع لمرآها وبؤسها وحديثها. ولكن زينب بنت سليمان بن علي اندفعت تقول لها: " لا خفف الله عنك يا مزنة ، أتذكرين وقد دخلت عليك في حران وأنت على مثل هذا البساط ومعك أقاربك فتكلمت معك في جثة إبراهيم الإمام فانتهرتينى وأمرت بإخراجي ؟ " فبكت مزنة وقالت :" إن تلك الحالة قد أدت بي إلى ما صرت فيه الآن " ثم كفكفت دموعها وقالت لزينب بنت سليمان :" وهل يجوز لك أن تحرضي الخيزران على أن تفعل مثلي؟ إنما كان يجب أن تحضيها على فعل الخير وترك المقابلة بالشر لتحافظ بذلك على نعيمها وتصون به دينها ، ولا تفعل مثلى ، وتتعظ بحالى وما صار اليه شأنى . ثم قالت لها: " يا زينب يا بنت عم، كيف رأيت صنيع الله بنا في العقوق فأحببت التأسي بنا؟"!! .. ثم خرجت باكية
8 ـ وكرهت ( الخيزران ) أن تعلن مخالفتها لزينب بنت سليمان فغمزت إلى بعض جواريها فأخذت مزنة إلى بعض المقاصير في القصر ، وأصلحت شأنها وأحسنت إليها وجعلتها تنتظر. وبعد ذلك دخل المهدي على زوجته الخيزران فأخبرته الخبر فاستحسن ما فعلته زوجته وسأل الجارية عما قالت مزنة حين أخذتها إلى المقصورة ، فقالت الجارية : لحقتها في الممر وهي تبكي في خروجها وتقرأ قوله تعالى: " وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ )النحل:112،وبكى الخليفة المهدي حين سمع ذلك..
وقال: اللهم إني أعوذ بك من زوال النعمة وأنكر فعل زينب بنت سليمان ، وقال : لولا أنها أكبر نسائنا لحلفت ألا أكلمها .. ثم بعث إلى مزنة يقول لها: يا بنت عم إن أخواتك قد اجتمعن عندي ولولا أني أغمك لجئناك .. فلما أخبرتها الجارية بالرسالة فهمت أن المهدي يريدها أن تأتي إليه فحضرت فأكرمها وأعلى منزلتها، وأخذهم الحديث إلى أحوال الأمم وتقلبات الأيام ، ثم ألحقها مع من بقي من نساء مروان بالقصر مع سائر النساء العباسيات ، وأجرى عليهن اللائق بهن.
9ـ وظلت مزنة ومن معها يعشن في كنف العباسيين في خلافة المهدي ثم الهادي ثم الرشيد ، وماتت مزنة في خلافة الرشيد فجزع عليها جزعاً شديدا.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5095 |
اجمالي القراءات | : | 56,280,834 |
تعليقات له | : | 5,427 |
تعليقات عليه | : | 14,786 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
سيبويه وتأكيد منهج الخليل بن أحمد فى هجر القرآن الكريم
الخليل بن أحمد العبقرى العربى مبتدع علمى النحو و العروض
دعوة للتبرع
التخصيب الصناعى : أنا فتاة أبلغ من العمر 38 عاما بدون زواج ، و أحس...
نكاح اهل الكتاب: فهمت فكرتك م عن الزوا ج من اهل الكتا ب و...
صديق غدار: هو صديق وزميل دراسة عشرين سنة ، وأنا صاحب فضل...
ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول : معاوي ة بن أبي سفيان ، ...
خلق القرآن: شغلت مسألة القرآ ن قديم أم مخلوق علماء...
more
جاء فى المقال أن الوليد بن يزيد تولى بعد عمه سليمان والثابت أنه تولى بعد عمه هشام.