المقال الثامن : التسخير
المقال الثامن : التسخير
القرآن الكريم سبق العلم الحديث فى موضوع السماوات والأرض
لو تدبّر الغرب القرآن لتغير تاريخ العالم فى الرقى الحضارى والتقدم العلمى:
مقدمة :
1 ـ سئلت أكثر من مرة عن قوله جل وعلا : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ( الرحمن : 33 ). الإجابة تستلزم التعرض لموضوع التسخير فى القرآن الكريم .
2 ـ ( التسخير ) يعنى إن الله جل وعلا أودع فى الشىء الذى خلقه إمكانية توظيفه لمصلحة الانسان . وبالتالى يمكن للعلم البشرى التعرف على إمكانيات ما سخره رب العزة جل وعلا لهم للإستفادة به ، سواء كان هذا الشىء المسخر فى مجال رؤيتهم البصرية وحواسهم الماية أم كان خارج نطاقها . والانسان الآن يستعل ما سخره الله جل وعلا له مما يسميه بالكهرباء والأشعة غير المرئية , ولو تعرف الغرب على القرآن لرأوا ان مجال التسخير يشمل ما فى السماوات والأرض ، وهذا يوفر لهم وقتا وجهدا وتضاربا فى النظريات . إن من المستحيل على البشر الولوج فى السماوات ، ولكن ما فى السماوات من طاقات يمكن تسخيره للإنسان . وهذه حقيقة قرآنية يجب أن ينتبه لها علماء الغرب.
3 ـ نتوقف مع التسخير مدخلا لإمكانية البشر النفاذ الى أقطار السماوات والأرض ، أو برازخ السماوات والأرض .
أولا : التسخير :
يأتى ( عموم التسخير ) بيانا وتفسيرا لما خلقه الله جل وعلا فى سياق الدعوة الى الهداية . قال جل وعلا : ( اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ) (2 ) الرعد ) وقال جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) لقمان )، وقال جل وعلا : ( أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79) النحل )
وعن ( التسخير لنا )
1 ـ الله جل وعلا لم يسخّر الانسان لعبادته ، بل جعله حُرّا فى الاايمان أو الكفر ، فى الطاعة أو المعصية خلال فترة حياته فى هذا العالم ، وهذا هو الابتلاء أو الاختبار الذى وضعنا فيه رب العزة جل وعلا . بل إنه جل وعلا خلق هذا العالم بسماواته وأرضه ليختبرنا . قال جل وعلا :( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )(7) هود ). وبعد أن تدخل كل نفس جسدها وتموت وينتهى إختبار البشر تقوم الساعة ويتدمر هذا العالم بسماواته وأرضه وبرازخه ، يخلق رب العزة جل وعلا سماوات بديلة وأرضا بديلة خالدة دائمة أبدية يتجلى فيها للناس . قال جل وعلا : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم ).
2 ـ من حقيقة خلق الكون المنظور وغير المنظور لاختبارنا ، تأتى حقيقة التسخير ، أى إن هذا الكون المنظور والكون غير المنظور قد سخّره الله جل وعلا لنا . قال الله جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ )(20) لقمان )، ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) الجاثية ).
3 ـ هو نفس التسخير المألوف لدينا فيما تقع عليه أيدينا . على سبيل المثال ، سخّر الله جل وعلا لنا الأنعام ، نستغلها فى الركوب وفى الألبان وفى الطعام ، حتى الروث . وجعل ذبحها فى الحج من الشعائر، قال جل وعلا: ( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ (37 ) الحج ). بعض هذه الأنعام أقوى من الانسان ، ولكنها خاضعة له . تأمل طفلا صغيرا يقود جملا ، والجمل يسير خلفه طائعا مستكينا ، كما لو كان مخدّرا . هو فى الحقيقة واقع تحت تخدير أو تسخير . بدليل أن الحيوان الوحشى المفترس يلتهم الانسان . ويجد الانسان صعوبة فى تذليله وترويضه وتسخيره . من هنا كان وصف الحيوانات الأليفة بالأنعام ، من النعمة . قال جل وعلا : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ (66) النحل ) (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ (80) النحل )
4 ـ ومن التسخير المألوف لنا الماء يحمل الفُلك ، ونستخرج منه الحُلىّ ، ونأكل منه اللحم الطرى ، قال جل وعلا :( وَسَخَّرَ لَكُمْ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ الأَنهَارَ (32) ابراهيم )( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ )(14) النحل )( اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمْ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ ) (12) الجاثية ) . وعن الماء والحيوان وسائل للمواصلات قال جل وعلا : ( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) الزخرف )
5 ـ هذا يبعث على التساؤل عن تلك المقدرة التى أودعها الله جل وعلا فى الماء . ونتذكر وصف الله جل وعلا للماء بأنه ( طهور ) ، قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً (49) الفرقان ). الماء يحيى الأرض الميتة ، وهو طهور ، أى لديه قدرة على إذابة الوسخ والتخلص منه . والماء موصوف بالبركة ( مبارك ) : (وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) ق ) . وفيه فوائد طبية أشار اليها رب العزة ، إذ إبتلى النبى أيوب بالمرض ، وكان الشفاء بالاغتسال بماء ، قال جل وعلا : ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) ص ). الإجابة على هذه التساؤلات تكون بالبحث العلمى التجريبى ، وقد غفل عنه المحمديون حين إنشغلوا بأحاديث يفترونها ويصنعون لها أسانيد ويخنلفون فيها ، وقد إتخذوا القرآن مهجورا . الأولى بالغرب بمنهجه العلمى أن يقرأ القرآن قراءة علمية بمفاهيمه ليكتشف ما لا يزال مجهولا ، فيما سخره رب العزة للإنسان .
6 ـ قد يكون هناك تسخير إستثنائى لمصلحة بعض البشر ، فقد سخّر الله جل وعلا لداود الجبال يسمع تسبيحها والطير ،قال جل وعلا :( وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ) َ (79) الانبياء )( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ (18) ص)، وعن سليمان قال جل وعلا : ( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (38) ص ).
7 ـ وقد يجعل الله جل وعلا التسخير إهلاكا لبعض البشر الكافرين ، قال جل وعلا : ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) الحاقة ).
ثانيا : إمكانية النفوذ فى برازخ السماوات والأرض :
1 ـ كلما تطورت التليسكوبات عرف البشر المزيد عن المجرات ، وحاليا يقال إنه يقدّر وجود حوالي 200 مليار مجرة في الكون المرئي (observable Universe)؛ لكننا غير قادرين على رؤيتها لأن تلسكوباتنا ليست حساسة بالدرجة الكافية لرصدها. وهذه المجرات هى مجرد مابين السماوات والأرض . هى تنتمى الى نفس المستوى المادى للأرض التى نحيا عليها . هذا عما بين السماوات والأرض ، فكيف ببرازخ السماوات والأرض ؟
2 ـ حُلم البشرية بالعروج فى الفضاء وإستعمار بعض الكواكب فى المجموعة الشمسية ، سبقه القرآن الكريم بما هو أكثر وأعمق ، وهو إمكانية النفاذ ليس فقط خلال المجرات التى لازلنا بها منبهرين ـ بل أيضا النفاذ من خلال برازخ الأرض ، أو أقطارها الست غير المرئية لنا . هذا هو المفهوم من قوله جل وعلا : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ( الرحمن : 33 / 35 ).
3 ـ وبتدبر الآيات الكريمة نفهم الآتى :
3 /1 :هنا كلام عن ( أقطار السماوات والأرض ) أى السماوات السبع ، والأرضين السبع . فللأرض أقطار وللسماوات أيضا أقطار ، وهى البرازخ .
3 / 2 : الخطاب جاء للإنس والجن معا . الانس محصورون فى العالم المادى الذى يشمل هذا الكوكب الأرضى والمجموعة الشمسية والكون الفسيح بنجومه ومجراته ، والتى يتيه العقل البشرى فى تأملها . ولكن الجن له إمكانات أكبر هى أن يتجول فى برازخ الأرضين الست .
3 / 3 : المقصود هو مقدرة الجن والانس على النفوذ من طبقات السماوات والارض جميعا بلا حدود ولا قيود . وذلك مستحيل الا بسلطان اى تصريح الاهى.
الجن تعيش فى أرضها البرزخية مع تخللها للأرض المادية التى نعيش نحن فيها ، وقد قالوا عن أرضنا : (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (10) الجن ) هذه ( الأرض ) الأولى هى أرضنا . ثم قالوا : ( وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (12) الجن ). ، هذه الأرض الأخرى التى يتكلمون عنها فهى ( أرضهم ) البرزخية . يتجولون فى أرضنا والأرضين الست البرزخية التى تتخلل أرضنا ، ولكن ممنوع عليهم هم والشياطين الولوج الى المستوى البرزخى الأول للسماء الدنيا ، إلا بسلطان وتصريح إلاهى ، وهذا معنى قوله جل وعلا : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ ) ( الرحمن 33 : 35 ) ).
وسبق فى تقرير منعهم من النفاذ الى برزخ السماء الدنيا آيات أخرى ، قال جل وعلا : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) الصافات ) ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5)الملك) . وقالوا انهم كانوا يسترقون السمع مقتربين من تخوم المستوى الاهتزازى لبرزخ السماء الدنيا فانطلقت عليهم الشُّهُب : (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً (9) الجن ).
3 / 3 : بهذا يكون مفهوما لنا أن البرازخ الأرضية متاحة للجن والشياطين . ولكن الذى يسترعى الانتباه هنا أن يتوجه الخطاب لنا نحن ( الإنس ) وبالتساوى مع ( الجن ) ، بما يعنى أنه إذا كان متاحا للجن النفوذ فى أقطار الأرض فهو متاح لنا أيضا ، وأنه إذا كان غير متاح للجن النفوذ الى برازخ السماوات إلا بسلطان ــ أى تصريح الاهى ـ فهو نفس الأمر بالنسبة لنا .
4 ـ يبقى السؤال الهام ، وهو كيف ؟. النفاذ المُشار اليه يقع ضمن التسخير المشار اليه أيضا . وهذا التسخير يستلوم بحثا ، وهذا البحث فى إطار الممكن وليس المستحيل . نحن تتخللنا عوالم البرازخ الأرضية التى لا نراها ، بمثل ما تتخللنا موجات الأشعات الأرضية ،ونستفيد منها ، وبالتالى يمكن أن نستفيد من الطاقات التى تتخللنا من عوالم البرزخ ، ونطوى بها الزمن . مستحيل أن ننفذ الى برازخ السماوات العليا ، ولكنه متاح لنا أن ننفذ فى برازخ الأرض ، نستفيد منها وهى مسخرة لنا ، وليس مهما أننا لا نرها ، فكم من قوى نستخدمها ولا نراها .
اجمالي القراءات
7345