نجيب ساويرس أخطاءُ الرجل المغدور

شادي طلعت Ýí 2017-03-08


نجيب ساويرس ليس مجرد رجل أعمال مصري ناجح، بل هو رجل عمل عام بمعناه الشامل، فله بصمات في مجالات خيرية، وتثقيفية توعوية، وسياسية، تنطلق جميعها من منظور ليبرالي لم يتولد من فراغ، فقد سبق وأن عانى نجيب وعائلة، من لهيب الديكتاتورية، فتمت مصادرة أموالهم، تحت مسمى إشتراكية مزعومة في عهد عبدالناصر.
وعانى كرجل قبطي مسيحي من إضطهاد، وتمييز، حتى وإن لم يطاله أيهما، إلا أنه طال كثيرين حوله من أبناء دينه، كما عانى في مطلع شبابه، وعرف معنى الحاجة، وذاق مرارتها، فأضاف ذلك لشخصيته الكثير.
 
لذا لم يكن نجيب، مجرد رجل أعمال، إستطاع أن يسطُر إسمه، في صفوف كبار رجال  المال والأعمال، فكان معطاءا، في كل ما يفيد  وطنه، فلم يترك أرضه مثلاً، وهو قادر على أن يعيش في قصور الريفيرا، أو في أجمل بقاع الكون، كما فعل عديد من الأثرياء، ولم تسيطر على الرجل نفس أمارة بالسوء، أو شهوات إنسانية، تحجمانه في كنف الأنانية، بل كان الرجل معني بغيره، وجَعَلَ وطنهُ  محل النظر والرعاية.
 
تلك كانت مقدمة حول شخصية رجل مصري، أعطاه الله المال، فحاول الإصلاح، قدر ما إستطاع، إلا أنه تعرض لأزمات في طريقه هذا، ويبدو أنه سيظل مواجهاً لأزمات أخرى قادمة، في حال ظل مصراً على الإصلاح، في بلد عم وإنتشر فيها الفساد، فكان آخر جزاء له : الفصل من حزب المصريين الأحرار.
 
أزمة نجيب ساويرس الآن بعد أن فقد حزبه، ليست بالبسيطة لعدة أسباب : 
 
السبب الأول/ أن حزب المصريين الأحرار، ما كان ليصبح بحجمه الكبير، لولا دعم الرجل، لذا فالحزب بالنسبة إليه، هو كطفل بالنسبة للوالد، الذي ظل يربي إبنه، حتى إشتد عوده بيد أن الإبن بعد النضوج، إختار لنفسه أبُ غير الأبْ !.
 
السبب الثاني/ أن الرجل بنى على هذا الحزب آمال عديدة، ليكون بداية لتحقيق المواطنة، والديمقراطية، وتطبيق مبدأ المساواة، وجميعها أحلام مشروعة.
 
بيد أن ما تمناه ساويرس، ليس إلا مجرد أحلام لم ترى طريق النور، حتى بعد كل ما حققه حزبه من تطور ملحوظ.
 
هل تم فصل ساويرس، أم تمت خيانته، وهل سار الأمر معه بشكل لائحي قانوني، أم بشكل تآمري؟
 
الإجابة : لقد تم الغدر بالرجل، الذي أعطى الأمان لمقربين إليه، لكن تم الغدر به، فأين أخطاء الرجل التي أدت إلى ذلك ؟
 
الخطأ الأول/ لم يعتمد الرجل على أهل السياسة والخبرة في بناء حزبه، فتولى مقاليد الأمور عنده أصحاب مصالح شخصية، غير مدركين فكر الرجل وأهدافه الإصلاحية، فتلك أمور لا يَعِيها إلا من لديهم موهبةُ العمل السياسي، وهم لم يكونوا بالعدد الكافي في حزب المصريين الأحرار، فعلى سبيل المثال، إستطاع حزب الغد بعد سجن رئيسه الدكتور / أيمن نور الصمود في وجه النظام، لأن الحزب بني على أهل الخبرة والموهبة السياسية من الشيوخ والشباب، فالموهبة تولد ولا تكتسب كما يظن البعض، لذا بقي حزب الغد، حتى بعد صدور حكم محكمة بنقل تبعية الحزب إلى آخرين، بيد أن أعضاء  الحزب ظلوا على عهدهم ووفائهم، لأنهم كانوا أصحاب قضية مشتركة، على غرار ما كان عليه أيمن نور.
 
الخطأ الثاني/ إنفصال ساويرس عن رفقاء الدرب، من الليبراليين المؤمنين بالقضايا المشتركة.
 
الخطأ الثالث/ تجزؤ المبادئ بسبب هواجس المستقبل، فقد كان نجيب ساويرس، قبل ثورة ٢٥ يناير من أشد المنددين بالحكم العسكري، وضمن المطالبين بحكم مدني، إلا أنه بعد ثورة يناير، صعدت جماعة الإخوان المسلمين على رأس السلطة رئاسة وبرلمان، ثم بدأت الجماعة في إعلان الحرب على آل ساويرس جهراً، فسبب هذا هاجساً للرجل، بأن بوصلة الحكم في مصر ستتغير من العسكري الشمولي، إلى الديني الشمولي، فآثر الرجل السلامة في ظل حكم عسكري، وتلك كانت النقطة الفاصلة : فقد تم التنازل عن المبدأ العام وهو "الحكم المدني الرشيد"، فتحالف الرجل مع من كان بينه وبينها خلافات، وهي المؤسسة العسكرية، و التي أصبحت تحكُم الآن، بينما توارى المدنيون عن المشهد السياسي، في ظل حالة عبث، لم تشهد مصر مثلها على مدار تاريخها.
 
في النهاية : قد لا يكون العمل السياسي سهلاً في ظل وجود حكم عسكري، لكن .. نجيب ساويرس ليس سهلاً أيضاً.
 
وعلى الله قصد السبيل
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 13529

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-11-20
مقالات منشورة : 309
اجمالي القراءات : 3,629,730
تعليقات له : 79
تعليقات عليه : 228
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt