تنظيم القاعدة يسيطر على 80% من جنوب اليمن

سامح عسكر Ýí 2016-02-20


أعلنت القاعدة اليوم سيطرتها على مديرية .."أحور"..بمحافظة أبين جنوب اليمن، لتكون ثاني مدينة كبرى في أبين يسيطر عليها التنظيم بعد .."زنجبار"..التي سيطر عليها التنظيم منذ أشهر.

كذلك بعد سلسلة عمليات للقاعدة ضد حكومة الجنوب في مدينة عدن تمثلت في تفجير نقاط أمنية واغتيالات ووصلت حتى الهجوم على المواني آخرها في المنصورة أول أمس، هذا يعني نفوذ مؤثر للقاعدة داخل عدن، ومحليا يُعرف لهم مناطق تواجد كثيف في أحياء عتمان والمنصورة والبريقة.

القاعدة كانت قد سيطرت أيضا على محافظتي حضرموت ولحج من قبل، ثم عزان في شبوة بما يعني أن مناطق نفوذها امتدت من ساحل خليج عدن إلى البحر الأحمر، وهي المنطقة التي تدعي السعودية أنها حررتها من جماعة الحوثي، وبسقوط المدن والمحافظات في يد القاعدة يظهر أن السعودية استبدلت الحوثي بالقاعدة في سلوك غير مفهوم حتى الآن دوليا..!

لكن بحكم متابعتي للشأن اليمني كنت قد تكلمت عن طبيعة جماعات المقاومة العاملة لصالح السعودية والإمارات في تحرير عدن منذ أشهر، وقلت أن قطاع كبير منها كان من تنظيم.."أنصار الشريعة"..وهو الممثل اليمني للقاعدة، وكذلك مسلحي .."حزب الإصلاح"..الذراع العسكري للإخوان المسلمين، وهذه الجماعات أصولية بالأساس، تتبع الطريقة السنية في فهم الإسلام والمذهب السلفي تحديدا..أي أن مساحة التوافق الأيدلوجي بينهم كبيرة يمكنهم من خلالها الاتحاد.

ليسوا كمسلحي الحراك الجنوبي مثلاً- الفصيل الآخر في جماعات المقاومة الجنوبية- الذي أسس خصيصا لدعم مطالب الجنوب اليمني بالاستقلال، أي مختلف مناطقيا مع القاعدة والإخوان، لكن ولأنهم نفس الرؤية المذهبية الثائرة على الحوثي فقد ينضم العديد منهم أيدلوجيا للقاعدة، وهذا ما أتوقعه أن تزداد نسبة المؤيدين للقاعدة من داخل الحراك..ويشجعهم كثرة وتوالي انتصارات التنظيم ميدانيا وإقصاءه الموالين لهادي.

في مقالات قديمة حذرت أن جنوب اليمن هو بيئة خصبة للمتطرفين، والسبب هجرتهم الجماعية من الشمال إبان سيطرة الحوثيين على صعدة وعمران، إضافة للدافع المذهبي وراء حرب اليمن قد مثّل جزءا معنويا لحشد المقاتلين الطائفيين من مختلف الأرجاء، بما أسميه.."تنمية النزعة الأصولية المذهبية للشوافع السنة بهدف طرد الحوثيين الزيود من الجنوب"..وقد نجحت الخطة وخرج الحوثي من عدن، ولكن الدافع لم ينتهي بعد، فما دفع أسامة بن لادن لقتل الأمريكان بعد دعمهم له، هو ما سيدفع هؤلاء المتطرفين لقتل الجنوبيين والخليجيين بعد دعمهم لهم.

الآن وفي ظل هذا الوضع تعجز حكومة الجنوب في التحكم والسيطرة، وتكتفي بحملات إعلامية –سعودية وإماراتية-تروج لوضع آمن في الجنوب، وهو ما يختلف كليا مع الميدان، والغريب أن رئيس الجمهورية المخلوع نفسه.."عبدربه منصور هادي"..يعجز عن مغادرة قصره في المعاشيق إلا للسفر وعن طريق حراسة مشددة تليق بأهم وأقوى رؤساء العالم، يكفي أن قصره الكائن على خليج عدن تفصله 6 نقاط تفتيش وارتكازات أمنية عن مساكن المدنيين، وهذا يعني أن الرئيس غير متواصل مع الجمهور بما يعني انعدام السيطرة.

هذا الشكل متسبب فيه العدوان بشكل أساسي، فقبل الحرب لم يكن للقاعدة وجود سوى في بعض مناطق شبوة وأبين، وعبارة عن تجمعات في الصحراء لا رابط لها ولا نفوذ، بالضبط كوضعهم في سيناء في مصر، لكن بعد شن العدوان وبدء القصف تمدد التنظيم مستغلا كل عواطف اليمنيين في الحرب ضد الحوثي والموالين للسعودية على حدٍ سواء، أي أنه استغل الدافع من وراء الحرب لتحقيق انتشاره على حساب كل الأطراف.

وبقياس نسبة نفوذ التنظيم إلى نسبة نفوذ مقاتلي الجنوب- الموالين للحكومة- يظهر أن التنظيم يسيطر على أكثرية مساحة جنوب اليمن بنسبة لا تقل عن 80% ولم يتبقى للحكومة سوى بعض الأحياء في عدن والقرى الصغيرة في لحج وتعز إضافة لمأرب والجوف، والصراع مرشح للاشتعال والوضع الميداني للتغيير.

طبعاً السعودية حاولت التغطية على هذه الكارثة بادعائها سيطرتها على 80% من مساحة اليمن، وردده وزير الخارجية والمتحدث العسكري ، وهو تصريح كاذب جملة وتفصيلا، والمقصود به استهلاك عواطف شعبهم –وحلفائهم- الذين ساورهم القلق من طول المعركة وعدم تحقق شئ، إضافة للتغطية على تمدد القاعدة وجعل أخبار سيطرة التنظيم كأنها لم تكن.

هذا يعني أن حرب اليمن بالنسبة للمملكة تسير بخطين متوازيين ، أولهما (للحسم) والثاني (للحشد)،جانب الحسم: وهو الجانب العسكري وفيه القصف مستمر بلا انقطاع ، أما جانب الحشد : وهو الإعلام وفيه تعمل كل مكوناته بأسلوب حربي، والإعلام الحربي بالعموم يهدف لخدمة الميدان وهذا لن يحدث إلا بالتضخيم من الانتصارات وبالتغطية على منجزات الخصوم ، لذلك أطالب كل من يريد أن يعرف معلومة صادقة من اليمن أن يتحرى عنها من مصدر محايد، فإن لم يجد فليسمع للطرفين، لأن كلا الإعلامين السعودي واليمني حربيين..

ولكي أكون دقيقا فالإعلام الحربي لصالح العدوان ممثل في قنوات العربية وسكاي نيوز والجزيرة، والمعلومات فيهم فقيرة وكاذبة إلى حد كبير، أما الإعلام الحربي الممثل للحوثيين أو لقوات علي عبدالله صالح هو ممثل في قنوات المسيرة والميادين والحال من بعضه، عدا ذلك فسيكون مصدر محايد إلا لو كان هذا المصدر يستقي معلوماته من أحد الطرفين وقتها لن يكون محايدا..كمثال قنوات RT،CNN،BBC غالبية أخبارها ومصادرها من الطرف الخليجي المؤيد للعدوان، حتى الإعلام المصري لا يوجد مصدر له داخل اليمن يتحقق من الأخبار والأوضاع الميدانية ويكتفي بنقل ما تذكره قنوات العربية وسكاي نيوز بكل بلاهة..!

الإعلام مهم جدا في حرب اليمن، وما طول المعركة وتفاقم الأوضاع الإنسانية وتمدد القاعدة إلا بالأصل كان عن بيانات خاطئة ومعلومات كاذبة زودتهم بها أحد الأطراف ، وأجزم أن الخبر الحقيقي لو نقل كما هو من مصدره ليشاهده المواطن العربي لرأى حرب اليمن حرب عبثية واستنزاف كبير لدول الخليج ،وجزء من خطة تدمير كبرى تطال كل مكونات الشعب اليمني واستبدالها بمكونات أخرى أصولية سلفية تُرضي المواطن السعودي، أي أنها في الأخير حرب أيدلوجية تنشط فيها عوامل الاقتصاد والقبلية والمناطقية ولكن لخدمة المذهب والثقافة وليست لخدمة الوطن.
 

 
اجمالي القراءات 7094

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2012-09-25
مقالات منشورة : 788
اجمالي القراءات : 7,598,619
تعليقات له : 102
تعليقات عليه : 411
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt