الدكتور أحمد صبحي منصور في الخميس ٢١ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
من تجارب الحياة
إعطاء الاهتمام باى إنسان
درس تعلمته بصعوبة ، ولكن حفظته جيدا ، وأنصح به أولادى وأحبابى .
الأحداث هى التى ستفسر هذا الدرس.
دعانى صديق فى التعليم الثانوى و الجامعى ( حمدى الهنداوى ) الى زيارة بلدتهم فى محافظة الشرقية ، وكان ذلك ردا على دعوتى له بزيارتنا فى بيتنا.
كنا طلبة فى الثانوى الأزهرى . وكانت صداقتنا وثيقة لا زلت أعتز بها مع طول الزمن وبعد المكان. وكانت عائلة حمدى تعرفنى قبل أن ترانى من كثرة كلامه عنى ، ونفس الحال مع حمدى فى عائلتنا. وتوثقت روابط الصلة بينى وبين أخ حمدى الأكبر وكان تاجرا ـ برغم تفاوت السن بيننا ، ونفس الحال بين حمدى وكبعض كبار اسرتى.
ثم كانت رحلتى للاقامة اسبوعا عندهم تتويجا لهذه الصداقة. استقبلونى بترحاب و سعدت معهم ، ولكن حدث سوء تفاهم سببه خطأ منى. جاء رجل لبيت حمدى ، فسلمت عليه بفتور وبلا مبالاة. لم أكن أعرفه ، وخيل لى اننى عرفت كل أقارب حمدى. وكان هذا الشخص عم حمدى ووالد زميل لنا يصغرنا بعدة أعوام ، وجاء ليتعرف بى ففوجىء بهذا الاستقبال البارد منى فامتعض ، وعندما عرفت قرابته حاولت تصحيح الوضع بالاهتمام الزائد به ولكن الرجل كان قد أخذ منى موقفا إذ استعظم أن أعامله بهذا وهو فى مقام والدى ووالد لزميل لى.
تكرر نفس الموقف حين دعانى زميلى فى الكلية لزيارة بلدهم القريبة من بولاق الدكرور . وهناك قضينا وقتا ممتعا ، ودخل رجل يرتدى جلباابا بلديا بسيطا يرحب بنا فسلمت عليه بفتور وعدم اهتمام ثم تبين لى أنه والد مجدى صديق وهوصاحب البيت. وكان موقفا محرجا لأن الرجل امتعض من سوء تصرفى.
عزمت بعدها أن أحترم كل انسان أقابله بلا معرفة سابقة ، وعزمت على أننى عندما أصافح انسانا لا بد أن أشد عليه يديه وانظر فى وجهه بكل اهتمام وترحيب ، وأن أجعله يشعر بمدى اهتمامى به .
وسرت على هذا المنوال ، وقد كان الالتزام به صعبا فى مواسم العزاء وحفلات الأعراس والأعياد حيث لا بد أن تسلم بكل الاهتمام والترحيب والعناية بعشرات الناس ممن تعرفهم ومن لا تعرفهم. ثم خفّ الأمر باعتزالى حضور مناسبات العزاء فى مصر.
وحين هاجرت لأمريكا وجدتهم يوزعون على امثالنا من اللاجئين كراسات صغيرة باللغة العربية تعلمنا حسن السلوك و التصرف بالتمسك بالعادات الأمريكية من حيث الاهتمام بالنظافة و الأدب فى الخطاب ،وكان من نصائحهم أنك حين تسلم على شخص لا تعرفه فلا بد أن تظهر الاهتمام به وتشد على يديه وتنظر مباشرة فى عينيه مبديا له الود والابتسام والاحترام . وفعلا فهذا هو الاسلوب الأمريكى حيت يتقابل او يتعارف شخصان لأول مرة ، ترى الابتسام و الاحترام و عبارات الود مع التحفظ . فاذا زال التحفظ خاطب كل منهم الاخر باسمه الأول دليلا على انعدام الكلفة بينهما وأنهما أصبحا أصدقاءأو معارف .
من السهل أن تكسب الناس بايسر طريق، بالاحترام والاهتمام . ومن السهل أن تخسرهم أيضا بالبرود والتجاهل والفتور .
كل انسان يرى نفسه محور الكون ، ويريد أن يعامله الآخرون هكذا ، فاذا كان عاقلا تمنى ان يعامله الاخرون بمثل ما يعامل به الاخرين . وتنجم المشكلة فى التعامل مع الغرباء الذين لا نعرفهم .. وتقع أخطاء كمثل التى أوقعت فيها نفسى . وليس العذر هنا اننى لم أكن أعرف أنه هذا هو عم صديقى حمدى أو أن ذاك هو والد صديقى مجدى ، ألخطأ اننى تهاونت فى احترام انسان لا اعرفه فنصادف أنه كذا وكذا. ولذا فالعلاج هو احترام الانسان كانسان سواء عرفته أم لم أعرفه.
وأختم الموضوع بحادثة أخرى قريبة.
كنت مدعوا فى الصباح لزيارة بيت صديقى نورم كيرلاند صاحب مشروع تمليك البترول العراقى بالعدل على كل العراقيين . وانا سائر الى مدخل البيت رايت سيدة ملامحها آسيوية تقوم بتنظيف الرصيف من أوراق الشجر الكثيفى التى تغطى الرصيف . كان ترتدى ملابس العمل التى ترتديها العاملات فى التنظيف .اعتقدت انها من العاملات فى (الكاونتى ) أو البلدية . ابتسمت لها وحييتها فارشدتنى الى باب البيت الذى أقصده فشكرتها وأنا أمضى الى الباب . خرج صديقى نورم يرحب بى ونادى على السيدة قائلا إنها زوجته . وجاءت تعتذر انها تقوم بنفسها بكنس الرصيف أمام بيتها ولا بد أن ترتدى هذا الزى الأصفر المناسب لهذا العمل. والسيدة كيرلاند يابانية مولودة فى أمريكا ، وهى غاية فى التحضر الأمريكى و الذوق اليابانى.
ساعتها حمدت الله جل وعلا أننى تصرفت معها باحترام دون أن أعرفها، وتذكرت حماقتى وقت الشباب..
الأخوة الكرام:
إنتهت تجربة أستاذنا الكبير ومعلمي ، الدكتور / أحمد صبحي منصور ، والتي نستفيد منها عدم الاستهانة بأي إنسان مصداقا لقوله تعالى"يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون" الحجرات11
قديما قالوا أول الغيث قطرة ، وأنا أقول أول الغيث في باب تجارب من واقع الحياة نهر من ينبوع أحمد صبحي منصور ، أشكره عليه بإسمكم جميعا ، وأنتظر الكثير والكثير منه ومنكم ، ولكم عظيم تقديري وخالص محبتي
شريف هادي
في الحقيقة تجربة الأخ الدكتور أحمد تجربة غنية ، وتنطلق في محتواها من أن الله كرم الانسان مهما كان ،وعلينا احترام الكبير ،والعطف على الصغير. عندما حضرت أول مرة الى اوربا ...كنت ذلك الإنسان الشرقي بعاداته وتقاليده ،وبدأت اراقب عادات أهل البلد ،حتى لا أقع في الخطأ ،وأول ملاحظة لي كانت عندما استقليت الترام متوجها الى الجامعة ،توقف الترام لينزل الركاب ويصعد الأخرون ، ,وإذ بامرأة تصعد وتمسك بيد طفلها الذي لم يتجاوز الثلاث سنوات ،ودهشت عندما رأيت أن الجالسين في الصفوف الاولى وقفوا ليجلس الطفل ،وكانوا كبار السن ، وفعلا جلس الطفل وبقيت الام واقفة ،والكل من حوله بدأ يكلمه ويسأله ،ويلاطفه.... عدت الى بيت الطلبة وذكرت ذلك لصديق كان أقدم مني في اوربا.... فقال لي يا اخي هنا يعطفون على الصغار قبل الكبار ... وللصغير مكانة لاتصدق بين الناس ،ويحترمون الكبير أيضاً ، وفكرت مليا ..وقلت في نفسي ، هذ ه تربية صحيحة ، لأن العطف على الصغار سيخلق منهم أناساً يحترمون الكبار. وشكرا لك أخي شريف.
أخى أحمد, تقول:
،وكان من نصائحهم أنك حين تسلم على شخص لا تعرفه فلا بد أن تظهر الاهتمام به وتشد على يديه وتنظر مباشرة فى عينيه مبديا له الود والابتسام والاحترام
بالطبع من عاش فى الغرب يعلم جيدا صحة ما تقوله, لكن العرب او المسلمين من عاداتهم ان لا ينظروا الى الشخص مباشرة ولكنهم يغضوا من ابصارهم كمظهر من مظاهر الإحترام, وهذا ما يرفضه الغرب, وكان هناك فى الثمانينات مثالا حيا على ذلك عندما آلت السلطة فى ايران الى الخمينى, وكان لا ينظر فى الكاميرا مطلقا ولا ينظر الى من يوجه له الأسئله فى اللقاءات التلفزيونيه,بل كانت عيناه دائما تنظر الى اسفل, الى الارض, وكان الغرب ينتقده على ذلك بشده ويقولون عنه انه شخص لا يمكن ان يوثق به لأنه لا ينظر الي من يحدثه فى عينيه.
كيف نقنع العرب والمسلمين بمثل تلك الأشياء البسيطة وبإختلاف مظاهر الإحترام بين الشرق والغرب.
مع تحياتى
أشكركم على حسن تفاعلكم مع المقالة ومع الباب ، في انتظار تجاربكم المفيدة بإذن الله.لنقوم بنشرها.
أخوكم شريف هادي
أخي زهير
أشكركم على مروركم الكريم ، ولقد مررت بتجربة مماثلة عند أول حضوري لشرق أسيا ، فقد كنت أركب بعض وسائل النقل العام ، فأجد طفلة أو طفل في لم يتجاوز عمره الخامس جالس ومن حوله والدته وباقي الركاب واقفين دون أن يثير ذلك دهشة أحد ، فكنت أسرح بخيالي وأبتسم ، ولا يعرف أحد لماذا ابتسم ، ولكن أكيد أنت تعرف ، فكنت أقول لنفسي لو أن هذا المشهد في أحد وسائل النقل العام في مصر ، ماذا سيحدث؟ فكنت ابتسم لرد الفعل العامي ( جرى إيه ياست ، ما تشيلي الواد على حجرك وتقعدي ، ولو مستغنية خلي الحاج يقعد) ، وطبعا ده أقل رد فعل ، فبعضهم ممكن يقوم بدفع الطفل بشكل غير لائق ، وأظن الموضوع ده أحد الأسباب التي تجعل الطفل في بعض مراحلة عدواني ويتقبل بسهولة فكر التكفير والإرهاب
شكرا لك أخي الحبيب وفي إنتظار مشاركاتك في هذا الباب ، لكي نتعلم من تجارب من تجاوز العشرون ربيعا
ودمتم
أخوك / شريف
أخي فوزي الحبيب
إه ده المعلم (بضم أوله وكثر ما قبل آخره) أحمد منصور يكتب ، والكبير فوزي فراج يعلق ، كل ده على بابي ، يا ليتني قمت بتفعيل هذا الباب من زمان ، وطبعا لن أرضى بأقل من تجربة كاملة من تجاربك الزاخرة ، خاصة وإنك قد تخطيت الخامسة والعشرين ، وأنا مقتنع أن لديك من التجارب الزاخرة ما يمكن أن يفيدنا جميعا.
نعم أخي الحبيب من يتكلم مع شخص آخر ولا ينظر لعينيه فهو نوع من عدم الاهتمام وسوء الأدب ، طبعا من وجهة النظر الغربية وعندما نعيش في الغرب يجب أن نحترم عاداته حتى ولو إختلفت مع عاداتنا ، كما أن العكس صحيح وهو من يأتي ليعيش في أوطاننا السعيدة فعليه أن يحترم عاداتنا.
شكرا لك أخي الحبيب تفاعلك الإيجابي مع تجربة أخي الدكتور أحمد ، وفي انتظار تجربتك لنقوم بنشرها ، وإن كنت أتمنى أن تسرلها حالا لكي يتم نشرها عقب تجربة أخي الدكتور أحمد
وشكرا لأخي الدكتور أحمد الذي أعتبر تجربته الشخصية البداية الحقيقية لتفعيل هذا الباب
أخوكم / شريف هادي
دعوة للتبرع
خزعبلات الشيعة: مامعن ى قوله تعالى :** قَالَ هَذَا صِرَا طٌ ...
سؤالان : لدى سؤالي ن : 1 ـ هنك تعارض بين آيتى : ( وَمَا...
حبيبى مسيحى !!: تقابل نا بمحض الصدف ة ، وتعرف نا وتقار بنا ...
more
السلام عليكم
الحمد لله على هذا الباب المفيد من موقع أهل القرآن و الحمد لله الذي مكّن كل لبيب أن يتعلم من أخطائه. بالنسبة لأمريكا فنحن للأسف لم نكن نعلم عنها سوى كونها دار كفر و مجون و كون نساؤهم سبايانا و أموالهم غنيمة لنا و إلى آخره من التعابير الدنيئة للعصور الوسطى. و عندما يتحدث العرب عن أمريكا لا يذكرون إلا سلبياتها فقط و يهملون إيجابياتها و المهم أن نتعلم أن لكل بلاد مزاياها و أنا أؤمن أن سبب صناعة أي حضارة هو أخلاقها ثم يأتي العلم فيما بعد. شكرا دكتور أحمد على هذه التجربة و شكرا أستاذ شريف على هذه الصفحة الرائعة