ذات الشعر الأصفر - بقلــم‏: ‏أحمد بهجت

عثمان محمد علي   في الإثنين ٢٠ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً


ذات الشعر الأصفر - بقلــم‏: ‏أحمد بهجت

قالت تفيدة ـ زوجة سيد أفندي ـ‏:‏


ـ أنا رايحة الكوافير ياسيد‏..‏
هز سيد رأسه وكان مستغرقا في جلسته أمام التليفزيون‏..‏
لم يسمع زوجته‏..‏ ويبدو أنها من فرط العشرة قد أصبحت تفهمه كما يفهم نفسه وربما أكثر‏.‏

من هنا عادت تقول له‏:‏
ـ انت سمعتني ياسيد‏..‏
قال سيد‏:‏ أيوه سمعتك‏.‏
قالت تفيدة‏:‏ طيب أنا قلت إيه؟

تصنع سيد الغضب وقال لها‏:‏ بطلي الامتحانات اللي بتعمليها لي طولة النهار‏..‏ والليل‏.‏
انصرفت زوجته وعاد سيد إلي شاشة التليفزيون الصغيرة‏,‏ التي ابتلعته تماما وانفصل فيها عن العالم الخارجي‏.‏
وفكر سيد أن الوقت الذي يقضيه جالسا أمام التليفزيون والمحطات الفضائية يزيد مع مرور الوقت‏.‏

في البداية كان يستمع إلي الأخبار في التليفزيون‏,‏ بعد وقت بدا في البداية قليلا ثم راح يزيد‏..‏ أصبح يستمع إلي الأخبار والأفلام والأغاني والإعلانات والرقص‏.‏
بعد دخول الديش في حياته أصبح جلوسه أمام التليفزيون هو كل ما يفعله إذا وصل إلي البيت‏.‏
حتي الأكل في البيت أصبح يجري أمام التليفزيون‏,‏ ان زوجته تعد له صينية وتضعها في مرمي شاشة التليفزيون‏,‏ حيث يبدأ سيد افندي الأكل وعيناه علي التليفزيون‏..‏

وكثيرا ما سألته زوجته‏:‏
ـ نفسي أعرف ايه اللي واخدك في التليفزيون بالشكل ده؟
ولم يكن يجيبها علي السؤال لأن فمه مملوء بالطعام‏..‏

ومر الوقت‏..‏
ربما مرت ساعة ونصف أو ساعتان‏.‏
ورفع سيد افندي رأسه من أمام التليفزيون ونظر إلي الصالة كانت أنوار الصالة مطفأة‏.‏
لم يتبين سيد من الذي يمر في الصالة‏,‏ كل ما رآه كان شبحا أصفر الشعر يمر في الصالة‏.‏

نسي سيد ان زوجته حدثته أنها ذاهبة إلي الكوافير‏..‏ وفكر بينه وبين نفسه انهم كثيرا ما يتركون باب الشقة مفتوحا‏.‏
امتلأ سيد افندي برعب غامض مجهول لدي رؤيته السريعة لهذا الشبح الذي عبر الصالة منذ قليل‏.‏
ورجح سيد افندي ان باب الشقة مفتوح وهناك لص مطلق السراح في الشقة‏.‏
نهض سيد افندي واقفا وصرخ‏..‏

ـ مين هناك؟
لم يجيبه أحد ولا رد عليه أحد‏.‏
وعاد سيد يصرخ بعزم صوته ـ مين هناك؟
وهنا دخلت زوجته الحجرة‏..‏

سألته الزوجة بدهشة‏:‏ انت بتصرخ ليه ياسيد‏..‏ مالك؟
قال سيد‏:‏ أنا اتخضيت‏..‏ لقيت حاجة صفرة ماشيه في الصالة‏.‏
وفي هذه اللحظة لاحظ سيد افندي ان شعر زوجته اصفر‏..‏

سألها‏:‏ انتي كنتي فين؟
قالت‏:‏ كنت عند الكوافير‏.‏
سألها‏:‏ ليه؟

قالت‏:‏ رحت صبغت شعري أصفر‏..‏
عاد سيد يردد ـ ليه‏..‏ ولكن زوجته كانت تتأمل نفسها في مرآة بالغرفة وهي تقول بسعادة‏:‏
ـ كده شكلي أحلي من الأول‏,‏ موش كده واللا ايه؟

لم يرد عليها سيد‏..‏
اجتاحته موجة من الضحك‏..‏
كان شكل زوجته يدعو إلي الضحك‏..‏

حاول سيد افندي أن يتوقف عن الضحك ولكنه فشل تماما‏,‏ ويمكن القول ان نوبة من نوبات الضحك قد أدركته فلم يعد يستطيع إيقافها‏.‏
وكشرت زوجته عن أنيابها وسألته وهي عابسة‏:‏
ـ بتضحك علي ايه ياسيد؟

كان وجه زوجته مكفهرا‏,‏ وأدرك سيد ان الحكاية يمكن ان تنقلب إلي النكد فتماسك وكتم رغبته في الضحك وبذل مجهودا عنيفا حتي سيطر علي نفسه ولم يعد يضحك‏..‏
وعادت زوجته تسأل‏:‏
ـ ايه اللي بيضحك في شكلي ياسيد؟

أدرك سيد الفخ المنصوب له فقال في براءة مصطنعة‏:‏
ـ أنا مش بضحك علي شكلك‏..‏ أنا فوجئت بحاجة صفرة ماشية في الصالة‏..‏ بصراحة أنا اتلهيت‏..‏ افتكرت حد غريب‏..‏ طلعتي انتي‏..‏
استمعت الزوجة إلي دفاع المتهم وكشرت أكثر وقالت‏:‏

ـ شايفاك بتضحك قوي علي شكلي‏..‏ شايفني أراجوز؟
قال سيد وهو يتراجع‏180‏ درجة ـ بعد الشر عنك انك تكوني أراجوز‏..‏ انتي ست الستات‏,‏ كاملة الأوصاف والمعاني ماكانش ناقصك غير انك تصبغي شعرك أصفر‏,‏ زي مذيعات التليفزيون‏,‏ الواحدة منهم سمارة لكن صابغة شعرها أصفر‏.‏
لانت الزوجة قليلا وعادت تسأل‏:‏ كده أحسن واللا الأول؟

قال سيد بحماس‏:‏ لأ طبعا‏..‏ دلوقتي أحسن بكتير‏..‏ أنا بفكر أصبغ شعري أنا كمان أصفر‏,‏ بس للأسف ماعنديش شعر‏..‏ اصلعيت‏..‏ لولا الصلع كان زماني صابغ شعري أصفر دهبي‏..‏
ومرت الليلة بسلام‏.‏

اجمالي القراءات 8393
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more