احمد الشهاوى يكتب عن الشيخين محمد عبده واحمد صبحى منصور .

اضيف الخبر في يوم الأحد ٢٤ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم


احمد الشهاوى يكتب عن الشيخين محمد عبده واحمد صبحى منصور .

منذ مقولة الشيخ حسن العطَّار - أستاذ رفاعة رافع الطهطاوى ومحمد عياد الطنطاوى: «إن بلادنا (مصر) لابد أن تتغيَّر أحوالها، ويتجدَّد بها من المعارف ما ليس فيها»، ونحن لا نراجع أو نغيِّر أو نسعى إلى التجديد، أو نذهب نحو المعرفة الحقَّة، أو ننفض الأزهر مما علق به من خرافاتٍ وأباطيل أتت عبر «الوهابيين المصريين»، الذين سافروا إلى العمل فى الجامعات «السعودية»، وعادوا بـ«فكر» جديد، يناهض ما درسوه واعتقدوه، وما تعلَّموه، لكأنهم سافروا وعادوا؛ ليبثُّوا فى نفوس طلابهم وناسهم، ما رأوه أنه الحق والحقيقة، مع أن الأزهر – طوال تاريخه – كان ضد المذهبية، ومع التعدُّد والتنوُّع، وهناك اجتهاداتٌ كثيرةٌ لشيوخه فى هذا الشأن.

مقالات متعلقة :

ولم تأت هذه المقولة من عابرٍ، أو رجلٍ عادى، أو مجرَّد مسلم مهتم بشؤون دينه ودنياه، بل كان حسن العطَّار (1766م / 1180 هـ) - (1835م / 1250 هـ) شيخًا للأزهر، وهو من أصولٍ مغربيةٍ، أيام كان الأزهر منفتحًا على كل العلماء دون تمييزٍ فى الأعراق والأوطان.

وكان من أوائل من تحدثوا عن تطوير وتحديث الأزهر وإصلاح شؤونه ومناهجه، وطوال عمله شيخًا للأزهر (خمس سنوات)، كان مستنيرًا مناديا بالتغيير، داعيا له، إذ كان يمتاز بمرونةٍ وسماحةٍ، وكان واسع الاطلاع يستحق لقب عالم بالفعل (وليس على طريقة كبار العلماء فى أيامنا هذه)؛ إذ كانت لديه معرفة عميقة بالعلوم والمعارف الأخرى، وليس مقتصرًا فقط على العلوم الشرعية، وكان يجمع بين الثقافة الشرقية والغربية، وهو من أقنع محمد على والى مصر بإرسال البعثات التعليمية إلى أوروبا؛ ليتعلم المصريون العلوم الحديثة فى العالم، وطلب منه أن يكون تلميذه الطهطاوى إمامًا لأعضاء البعثة، يقول عنه على مبارك (١٨٢٣- ١٨٩٣ميلادية) فى كتابه المكوَّن من عشرين جزءًا، وصدر سنة 1306 هجرية، (الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة): «إنه جد فى التحصيل، حتى بلغ من العلم فى زمنٍ قليلٍ مبلغًا تميز به واستحق التصدى للتدريس ولكنه مال إلى الاستكمال، واشتغل بغرائب الفنون والتقاط فوائدها كالطب والفلك والرياضة)، وإن لم يسلم من سُخط العلماء والفقهاء والشيوخ عليه، الذين ارتضوا بالانغلاق على أنفسهم، وعاشوا على الهوامش وشرحها، ولم يذهبوا إلى المتون؛ لينظروا فيها، ويقدموا رؤاهم وفكرهم.

فهل إصلاح الدين يمكن أن تقضى عليه العمائم، كما أشار إلى ذلك «شعرًا» الإمام محمد عبده (ولكنَّهُ دينٌ أردتُ صلاحهُ.. أحاذرُ أن تقضى عليه العمائمُ)؟.

سؤال طرحه إمامٌ، وفقيهٌ، وأزهرىٌ عتيدٌ، ومُفتٍ أسبق للديار المصرية (تم تعيينه فى الثالث من يونيو سنة 1899 ميلادية)، وبلغ عدد فتاواه 944 فتوى، غيَّرت الكثير من وجُوه الحياة فى مصر، أى أنه من «أهل البيت»، ومع ذلك وجَّه انتقاداتٍ حادةً للأزهر، وصلت إلى أن وصفه بـ«البيمارستان» و«الإسطبل» و«المخرُوب»، لكن أوصافه للأزهر لم تجعله يسلم من التهجُّم عليه، وسبِّه وسبّ أمِّه بأقذع الشتائم من زملائه الأزاهرة ؛ لأنه كان يدعو إلى التحرُّر والتنوير، ومُراجعة مناهج الأزهر «لكل مسلم أن يفهم عن الله من كتاب الله، وعن رسوله من كلام رسوله بدون توسُّط أحدٍ، لا من سلفٍ ولا من خلف» (الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده، الجزء الثالث، الصفحة 582).

ووصف الأزاهرة (زميلهم الأزهرى) محمد عبده بـ«المِهْيَاص الهجَّاص» بدلا عن أن يجادلوه ويُحاججُوه ويناقشوه، كما صدر كتابٌ ضده يحمل عنوان (كشف الأستار فى ترجمة الشيخ الفشَّار)، وهذا يؤكد لنا أن الأزهر عندما يصطدم بـ«شيخ متحرِّر»، صاحب عقل، ورؤية مغايرة، ويسعى إلى التجديد، يكفِّره ويسبُّه، وحديثًا يفصله من الجامعة، إذا كان عضوًا فى هيئة التدريس، كما حدث من قبل مع الدكتور (الأزهرى أيضًا) أحمد صبحى منصور، بمعنى أن دعوات التنوير التى تخرج من أبناء الأزهر يكون مصير أصحابها شن حملات منظَّمة ضدهم، واضطهادهم، وطردهم، وتجريسهم، والتشنيع عليهم بما ليس فيهم، واتهامهم بالكُفر والمروق والخروج من الدين.

ولم يخش محمد عبده أحدًا، وواصل صراعه حول إصلاح الأزهر، ومات الشتَّامون دون أن يذكرهم أحد، وبقى الإمام بعلمه وفكره وكتبه ورسائله وفتاواه، وهذا يؤكد لنا – أيضًا - أن أصحاب الألسنة الطويلة، هم من قصار القامة، وقليلى القيمة، ولنا أن نتأمل هذا الحوار الذى دار بين الإمام محمد عبده وبين الشيخ البحيرى، عضو مجلس إدارة الأزهر، وأحد رافضى إصلاح البرامج التعليمية للأزهر، فى اجتماع المجلس.

- الشيخ محمد البحيرى: إننا نعلّمهم كما تعلَّمنا.

- الشيخ محمد عبده: وهذا الذى أخافُ منه.

- الشيخ البحيرى: ألم تتعلَّم أنتَ فى الأزهر، وقد بلغتَ من مراقى العلم وصرتَ فيه العلم الفرد؟

- الشيخ محمد عبده: إذا كان لى حظ من العلم الصحيح الذى تذكر، فإننى لم أحصّله إلا بعد أن مكثتُ عشر سنين أكنس من دماغى ما علق فيه من وساخة الأزهر، وهو إلى الآن لم يبلغ ما أريد له من النظافة. (الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده، الجزء الثالث، ص: 194)

اجمالي القراءات 2207
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   عبد الرحمن اسماعيل     في   الأحد ٢٤ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80128]

فالرحلة كانت قاسية ومرعبة له ولمن حوله ولا تزال..!!


 في مقال كتبه الدكتور منصور في جريدة الاحرار في اوئل تسعينات القرن الماضي يعنوان (انا عندي امل ) توقع وتمنى  وعبر فيه الدكتور احمد منصور أن يرى في حياته انتضار الفكر القرآني ووصول الرسالة القرآنية لكل العالم وأن يعرف العالم أجمع اهميتها .. كان هذا حلم منذ اكثر من 20 سنة هذه العشرين سنة لا يستطيع حتى الدكتور منصور ان يبذكر ما حدث قي هذه العشرين سنة بالتفصيل .. 



فالرحلة كانت قاسية ومرعبة له ولمن حوله ولا تزال .. (الم ( 1 ) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ( 2 ) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ( 3 ) أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون ( 4 ) ) . العنكبوت ..



نعم كانت قاسية ومرعبة سواء من بطش الاجهزة الامنية أو من الارهابيين او حتى من الكتلة الصامتة التي تصدق حملات التكفير المنظمة في الاعلام والمساجد  .. ولكنها ايضا لم تخل من وميض امل كان يظهر من حين لآخر .. وميض الامل هذا كان وقوداً للأستمرار وتحمل الصعاب والمخاطر .. لكن هذا الوقود سرعان ما يحترق وينتهي ولكن عند نهايته كان الله سبحانه وتعالى يبعث وميض لأمل آخر في الافق .. وما زال هذا الوضع مستمرا .. وعلى ما يبدوا انه سنة من سنن الله في خلقه لا تنهي إلا بالموت ..



ولكن ما توقعه الدكتور منصور على استحياء حدث اكثر منه بعشرات المرات فالفكر القرآني انتشر في جميع انحاء العالم .. ليس هناك دولة إلا وفيها من هم مؤمنون بالفكر القرآني ايس هذا فحسب .. بل يساهمون في نشره ودراسته وابحاثه ..



هنيئاً للدكتور منصور بتحقيق حلمه وإلى الامام ..



2   تعليق بواسطة   عبد الرحمن اسماعيل     في   الأحد ٢٤ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80129]

لا أن يكتب عني سطر في حياتي ..


هناك مقولة لأحد الفلاسفة لا يحس بها إلا كل من يسبق بفكره عصره .. اتذكر معناها فقط .. وهي ( لأن يكتب عني سطر في حياتي خيرا من مجلدات بعد موتي ) ..  نعم فالمصلح الذي يسبق فكره غصره يعيش في نزاع وتصادم  ينتهي في احيان كثير بأن يتخلص منه معاصريه بالقتل أو بالسجن أو الاغتيال المعنوي  ..وفي احيان أحرى يضطر المصلج لأن ينافق ويداهن ويساعد سلطة ما لحمايته من بطش معاصرية .. أو ان يؤثر السلامة معتدمداً على المثل المصري الشعبي ( الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح ) .. 



في الحالة الاولى ينتطر المصلح طوال حياته لمن يعطيه جزء من حقه في حياته وليس بعد مماته .. وتكون الصعوبة والحسرة عندما يكون هدفك الوحيد هو الدنيا .. الحمد لله أننا نؤمن بأن الآخرة هى الهدف .. 



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق