ويل للعرب من شر قد اقترب:
أين أستاذي؟

عمرو توفيق Ýí 2013-06-07


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

أين أستاذي؟

كنت قد كتبت بعد انتصار الثورة أن الشعب المصري أستاذي، نظرا للإبداع الذي حدثت به هذه الثورة وما قام به أبناؤها الأبرار من مواقف جميلة هزتني، أبسطها وقوفهم بكل شجاعة وتضحية بالنفس أمام طاغية كبير ... لكن تحدث حوادث كثيرة الآن  في الساحة السياسية والإعلامية بل حتى في الشارع -عندما أرى رعونة كثير من سائقي السيارات مثلا، أو أرى القمامة متكدسة في كثير من مناطقه مثلا، أو أرى الشحاذين ومن لا مأوى لهم في العديد من الأماكن مثلا.. إلخ- هذه الحوادث أرجو من الله تعالى ألا تشككني فيما ذهبت إليه. فإني أتساءل هل هذه الحوادث تصدر من هؤلاء الذين قاموا بهذه الثورة العظيمة؟!بالتأكيد لا..

بادئ ذي بدء ليس لدي ما أدين به الحاكم الجديد، أولا لإيماني بأن المؤثر الفعال هو أخلاقيات الشعب، وهي التيار الخفي تحت أمواج البحر، فإن خطابي للجميع، ثانيا أنني قد طلقت السياسة لأنني أعرف أن لا جدوى منها بصورتها الحالية، وثالثا أنني لا أحمل ضغينة شخصية لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس مرسي، فهي جماعة لها ما لها وعليها ما عليها. لكنني أنصحهم بدلا من أن ينفقوا أموالهم الكثيرة في الوصول إلى السلطة؛ فلينفقوها في إصلاح الأخلاق والذب عن النبي الكريم فيما نسب إليه من قول لئيم، ويطهروا التراث المشوه، أو على الأقل يعملوا بأموالهم مشاريع اقتصادية مفيدة تقلل عدد العاطلين في البلد، فلو فعلوا ذلك لانصلح حال الملة واستقامت الأمة، دون حاجة لوصولهم للحكم!!

والدليل على أن الأمير أو الملك أو الرئيس أو السلطان ليس هو الحاكم الفعلي وحده، هو ما حدث لكليم الله موسى وأخيه هارون عليهما السلام من خيبة أمل في شعبهما إسرائيل. ولا نقول إنهما فشلا، بل نقول إن بني إسرائيل أفشلوا سياستهما. وكذلك ما لقيه الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) من رعيته التي أفشلت أيضا سياسته التي كانت نموذجا رائعا من العدالة، ولا أقول الديمقراطية، لأن الديمقراطية بشكلها الغربي منقوصة، حيث ، مثلا، إن من يملك المال هو الذي يملك إمكانية الدعاية لنفسه في الانتخابات، وكذلك شراء الأصوات بثمن بخس، إذ إن الاستبداد لابد أن يعشعش في خيمة الحكم والمجتمع عندما تتفاوت الطبقات تفاوتا فاحشا. وبالمناسبة لا يتهمني أحد بالتشيع لانحيازي للإمام علي عليه السلام، إذ هو انحياز موضوعي عقلاني، واقرءوا التاريخ واحذروا المزور منه، فقد أجمع (الشيعة) و(أهل السنة) على أنه كريم الوجه والوجهة والتوجه والاتجاه - كرم الله تعالى وجهه. وكذلك لست شيوعيا لحنقي على الفقر المدقع الذي يعيشه الكثيرون من شعب مصر، لأن منطلقي في هذا قرآني محض: وهو قول الله عز وجل:

(كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)

فالمال إذا كان متداولا بين الأغنياء فقط فسد المجتمع وساءت أخلاقه وشاع الاستبداد والاستغلال وكل الأمور الرديئة. إذن السياسة ليست قضيتي، فإنني لا أخاطب الساسة وحدهم من حاكمين ومعارضين، بل إنني أخاطب أمة بأكملها، لأن المولى سبحانه وتعالى قال لنا:

(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)

فالمسؤولية إذن تقع على الجميع!!

أخاطب الأمة كلها بشأن قضيتين خطيرتين مرتبطتين ارتباطا لا ينفصم:الأخلاق التي بها ترتقي الأمم كما ارتقت اليابان البوذية مثلا، والقضية الثانية: القضاء على الفقر المدقع والتفاوت الفاحش بين الطبقات.

ففي كتيب ظاهرة الفقر في العالم العربي والإسلامي، أسبابها،وآثارها

تأليف: بوشامة مصطفى، محفوظ مراد، جامعة سعد دحلب البليدة، يقولون:

(إن للفقر آثارا اجتماعية واقتصادية كبيرة على البلدان، حيث إنه عامل سلبي يؤدي إلى تفاقم الوضع وتدهوره أكثر، فإذا كانت هناك أسباب معينة أدت إلى ظهوره، فإنه يؤدي إلى تعقيد هذه الأسباب، وبالتالي ارتفاع تكلفة الحد منه أو القضاء عليه .

 فمن الجانب الاجتماعي يمكن ملاحظة مايلي :

-  ظهور انحرافات كبيرة على مستوى سلوك الأفراد وأخلاقهم،  ففي الأثر كاد الفقر أن يكون كفرا،  وبالتالي تظهر سلوكيات جديدة تخالف العادات والتقاليد، والدين، حيث إن الفقير غير المتعفف، يجيز لنفسه كل الأمور التي تمكنه من الحصول على لقمة العيش.

-  عدم تمكين الأطفال من التمدرس، أو التمدرس الجيد، فارتفاع عبء الإعالة الذي هو من أسباب الفقر يؤدي بالآباء إلى التخلي عن مسؤولياتهم في تعليم أطفالهم، وتوفير الظروف الملائمة لذلك، مما يؤدي إلى انتشار الأمية بين الأطفال.

-   بروز ظاهرة عمالة الأطفال، وآثارها السلبية على المجتمع والاقتصاد.

-  تدهور الوضع الصحي، خاصة بالنسبة للأطفال ( ارتفاع الوفيات )، وقلة العناية بهم، وتنطبق  كذلك على الكبار، وبالتالي التعرض بدرجة عالية للأمراض، وللعدوى المزمنة.

أما من الجانب الاقتصادي:

-  ظهور الفساد وانتشاره بشكل يؤدي إلى تعطيل المصالح الاقتصادية للبلد، فرغم أن الفساد في تسيير الشؤون الاقتصادية يمكن اعتباره من مسببات الفقر ، إلا أن وجود هذه الظاهرة تؤدي إلى تنميته وظهوره للعيان بشكل ملفت للانتباه، حيث إن مع الفقر تزول كل المحظورات، فالموظف الذي لا تمكنه وظيفته من تلبية حاجياته وحاجيات أسرته ( وفي ظروف معينة)، يصبح موظفا فاسدا، وبالتالي يؤثر على مؤسسته وعلى الاقتصاد ككل.

-   تدهور معيشة الأفراد.

-  ظهور الآثار الاجتماعية، يؤدي إلى قلة مردودية الأفراد، وضعف مستوى نشاطهم الاقتصادي، الشيء الذي يؤدي إلى انخفاض دخل الدول.)انتهى

 

وقد سبق لي أن كتبت عن الأخلاق القرآنية في مقالات سابقة وكتبت عن التربية والتعليم و تفعيل دورها في الارتقاء بأخلاق النشء.

لذلك أخصص هذا المقال لقضية الفقر.

لقد عالج القرآن المجيد قضية الفقر في الكثير من آياته، الهدف الرئيس منها جميعا :

(كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)

فأوصى القرآن المجيد بالوصايا الآتية:

(لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)  

فالذي يفعل أعمال البر كلها ثم لا ينفق مما يحب فلن ينال البر، وتصدقها الآية

(لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)

(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)..

والأسرى لدى المسلمين كانوا الكافرين المشركين على عهد رسول الله ص.

(هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم)

ونلاحظ هنا التحذير الشديد:وإن تتولوا(عن الإنفاق في سبيل الله) يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم. كما نلاحظ التشابه بين هذا التحذير وتحذير المرتدين عن الدين!!:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)

وأتابع عرض وصايا كتاب الله عز وجل:

(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)

(وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)

فالتهلكة الحتمية هي مصير من يمتنعون عن الإنفاق في سبيل الله.

ثم نجد هذا التبشير شديد اللهجة!:

(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)

....

والآيات كثيرة كثيرة.. والتهديدات عظيمة عظيمة.. ورغم ذلك لا يتعظ المتعظون، ولا يرتدع المرتدعون!؟

فضلا عن أن تراث العرب زاخر بالآثار التي تعالج هذه القضية:

ففي المثل المصري:

(الجوع كافر)

وفعلا، رأينا كيف أن الإلحاد السوفييتي قد ازدهر فترة من الزمن في البلاد الجائعة، فيما قبل تحلله.

وعن كرم حاتم الطائي يروي العرب في تاريخهم (الجميل)!:

(لما أ ُتيَ بسبايا طيء ،

وقفتْ جميلة، فلما رأيتها أ ُعجبتُ بها ،

فلمــــا تكلمت نسيتُ جمالها لفصاحتها،  فقالت : يا محمد ،

إنْ رأيتَ أنْ تـُــخليَ سبيلي ولا تـُـشمتْ بي أحياءَ العرب ،فإني ابنة ُسيد قومي، وإنّ أبي كان يفكُّ العاني(الخاضع المتذلّل أو الأسير) ويشبع الجائعَ ، ويكسو العاري، ويفشي السلام، ولا يردّ طالباً حاجة ٍ قط، أنا ابنة حاتم الطائي
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : يا جارية ، هذه صفاتُ المؤمنين ، خـَـلــُّـوا عنها فإنّ أباها كان يحبّ مكارمَ الأخلاق)انتهى

فهل خلَى العرب عن مكارم جاهليتهم وأثبتوا مثالبها، على عكس مقصود رسالة الإسلام!؟

فالحين بس تصرفوا فلوسكم في نكاح المتعة -الذي يجاهد فقهاء الحيض والنفاس والشك في عدد الركعات، في إثبات حليته، وينسون القضايا المصيرية للأمة- وتصرفونها على العاهرات وموائد الميسر والمسرات وزواج المسيار؟؟!! فملعون من يلجئ العاهرة إلى عهرها، وحدث ولا حرج...

إخوتنا المسيحيون لديهم قول جميل في الإنجيل:

 
   
 

(وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا)

وهذا يشبه ما لدى المسلمين حيث إن المهاجرين شاطروا الأنصار أموالهم برضائهم، بل كان الأنصاري يطلق الزائدة عن واحدة من زوجاته لأجل أن يتزوجها المهاجر.

وإخوتنا البهائيون الذين تحرقون بيوتهم بغير حق، ولا يألو الفقهاء جهدا في التشجيع على هدر دمائهم البريئة، لديهم أقوال جميلة أيضا تشبه ما جاء في القرآن المجيد والإنجيل الجميل. ففيما يعرف عندهم بالكلمات المكنونة:

(لا تَحْرِمْ وَجْهَ عَبْدِي إِذا سَأَلَكَ فِي شَيْءٍ؛  لأِنَّ وَجْهَهُ وَجْهِي فَاخْجَلْ مِنِّي)!!

(لا تَشْتَغِل بِالدُّنْيا؛  لأِنَّ بِالنَّارِ نَمْتَحِنُ الذَّهَبَ، وَبِالذَّهَبِ نَمْتَحِنُ العِباد)

(أَنْتَ تُريدُ الذَّهَبَ وَأَنا أُريدُ تَنْزيهَكَ عَنْهُ، وَأَنْتَ عَرَفْتَ غَنَاءَ نَفْسِكَ فِيهِ، وَأَنَا عَرَفْتُ الْغَناءَ فِي تَقْدِيسِكَ عَنْهُ.  وَعَمْري هَذا عِلْمِي وَذلِكَ ظَنُّكَ؛  كَيْفَ يَجْتَمِعُ أَمْرِي مَعَ أَمْرِكَ)

(أَنْفِقْ مالِي عَلى فُقَرائِي لِتُنْفِقَ فِي السَّمآءِ مِنْ كُنُوزِ عِزِّ لا تَفْنى وَخَزائِنِ مَجْدٍ لا تَبْلى؛  وَلكِنْ وَعَمْري إِنْفاقَ الرُّوحِ أَجْمَلُ لَوْ تُشاهِدْ بِعَيْني)

     

(هَلْ عَرَفْتُمْ لِمَ خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ واحِدٍ؛  لِئَلاَّ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ عَلى أَحَدٍ. وَتَفَكَّرُوا فِي كُلِّ حِينٍ فِي خَلْقِ أَنْفُسِكُم؛  إِذاً يَنْبَغِي كَما خَلَقْناكُم مِنْ شَيْءٍ واحِدٍ أَنْ تَكُونُوا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ، بِحَيْثُ تَمْشُونَ عَلى رِجْلٍ واحِدَةٍ، وَتَأْكُلُونَ مِنْ فَمٍ واحِدٍ، وَتَسْكُنُونَ فِي أَرْضٍ واحِدَةٍ؛  حَتَّى تَظْهَرَ مِنْ كَيْنُوناتِكُمْ وَأَعْمالِكُمْ وَأَفْعالِكُمْ آياتُ التَّوْحِيدِ وَجَواهِرُ التَّجْرِيدِ. هذا نُصْحِي عَلَيْكُم يا مَلأَ الأَنْوارِ، فَانْتَصِحُوا مِنْهُ لِتَجِدُوا ثَمَراتِ القُدْسِ مِنْ شَجَرِ عِزٍّ مَنيعٍ)

ثم تقولون بعد ذلك إنهم مشركون!! ووالله لو كانوا كذلك فعلا لما حلت دماؤهم ولا حرق بيوتهم، ألم يقل المولى عز وجل:

(وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ)

إن إجارة المشركين وأمنهم مسؤولية المسلم الذي لم تعم عينه أقوال عن المشركين نسبت زورا وبهتانا لنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام، أو حرِف تفسيرها. قالَك جيره، مش ادبحه واحرق بيته يا أخي، فأقصى ما تفعلونه معهم هو الوعظ والمجادلة بالتي هي أحسن، ماداموا لم يرفعوا علينا سلاحا ولم يقاتلوا مؤمنا:

(وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)

(لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)

أمَا أن يقال إن لهم مركزا في إسرائيل، فهذا المركز موجود قبل أن يخلق العرب إسرائيل على أرضهم!! كما لهم مراكز في شتى أنحاء العالم!! كما كان لهم مركز معترف به في مصر ويطبعون كتبهم في مطابع مصر قبل أن يحل محفلهم عبدالناصر!!

وبعدين البهائيين أذوك في إيه، دول يا أخي بيقولوا أحلى كلام في نبينا سيد الأنام عليه الصلاة والسلام!! وإذا أردتم أن تعرفوه فما الانترنت منكم ببعيد-لكن من مصادرهم وليس من مصادر أعدائهم؟ أليس منكم من منصف لخصمه؟ وبعدين يجرى إيه لما يكتب كل واحد في بطاقته  دينه الحقيقي، على الأقل عنده شجاعة أدبية. وعلى العموم حالهم في مصر أحسن منه في إيران أعاذنا الله تعالى من شرها.

نرجع لموضوعنا ونقول إن هناك خللا كبيرا ولا شك، لأن سنن الله في الفرقان واضحة بينة أكيدة ،حتمية، لا ريب فيها:

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)

(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُون)

ستقولون بجدلكم البيزنطي: هذا عن أهل القرى وأهل الكتاب..، أقول لكم:

(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)

والآن قد عُرِف أين هو الخلل الكبير، فبما أن التقوى (هاهنا) في القلب، فإن الخلل إذن فيه لأنه خلا من التقوى، و تجرد من الرحمة على المسكين:

(وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ)

وبعد أن أطلت عليكم على غير عادتي في مقالاتي أكرر لكم: إن علاج مشكلة الفقر وما يرتبط به من الأخلاق يمثل الأولوية الأولى لدى الشعب المصري ـأستاذي- الذي مازلت أؤمل أنه موجود، وأعني أولئك الشباب الأطهار، أولئك الذين قادوا الثورة المجيدة، ولم يكن لهم حظ  في المجالس النيابية والشورى والوزارات، وأؤمل بأنهم يعدون لجولة أخرى سلمية أيضا، ومن غير مولوتوف. وأعشم نفسي بأنهم ربما يستردون أنفاسهم بعد أن أزالوا الحرامي الكبير، ليأخذوا على أيدي الحرامية الباقيين، إن شاء الله تعالى.

وللاقتصاديين على مسؤوليتي أقول: إنه إذا لم تكف الزكاة والصدقات والتبرعات والمجهودات الأهلية والخمس(بالنسبة لإخوتنا الشيعة) فلهم أن يأخذوا من أموال الأغنياء قسرا، حتى لا يكون المال دُولة بينهم فقط، فهو الهدف الرئيس من تشريعات القرآن المالية، وليكن بالضرائب التصاعدية المطبقة في إنجلترا مثلا. وعلى الله تعالى قصد السبيل. وويل لكم إن لم تفعلوا يا عرب، من شر قد اقترب.

اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 8715

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-06-11
مقالات منشورة : 61
اجمالي القراءات : 766,734
تعليقات له : 27
تعليقات عليه : 35
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt