بعد قرار حبسه 5 سنوات بسبب كتاب "أين الله" الحكم على "كرم صابر" ضربة موجعة للإبداع

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٠٥ - نوفمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً.


بعد قرار حبسه 5 سنوات بسبب كتاب "أين الله" الحكم على "كرم صابر" ضربة موجعة للإبداع

بعد قرار حبسه 5 سنوات بسبب كتاب "أين الله"

الحكم على "كرم صابر" ضربة موجعة للإبداع

 

الحكم على
 

إن الحكم على الروائى والحقوقى «كرم صابر» مدير مركز الأرض لحقوق الإنسان بالسجن لمدة خمس سنوات في القضية المتهم فيها بازدراء الأديان بسبب مجموعته القصصية «أين الله»، جاء كضربة موجعة جديدة للإبداع والمبدعين

حيث قام مجموعة من المنتمين للتيارات الدينية برفع دعوي قضائية ضد الروائى كرم صابر ومجموعته القصصية في أبريل من عام 2011، يتهمونه فيها بازدراء الأديان لإصداره مجموعة قصصية تحمل اسم «أين الله»، تحتوي على 11 قصة، تدعو إلى الإلحاد وسب الذات الإلهية وتحض على الفتن وإهدار الدماء - حسب وصفهم - بعد أن أصبحت تهمة ازدراء الأديان هى العصا التى تلوح بها التيارات الدينية فى وجه المبدعين، مستغلين أن نصوص هذا الاتهام في قانون العقوبات جاءت فضفاضة وغير مححدة.
ويعد الحكم الصادر ضد الروائى كرم صابر حكماً لم يشهده كاتب أو روائى فى مصر منذ 20 عاماً فمن المعروف ان الحكم فى مثل هذه القضايا يتراوح من 6 أشهر وحتى 5 سنوات، والحكم علي صابر بالحد الأقصى، أثار حالة من الغضب فى الوسط الثقافى والحقوقى واستدعى فى نفوس المبدعين ذكريات مؤلمة منها الدكتور فرج فودة والذى دفع حياته ثمناً لدفاعه عن الحريات، والتفريق بين الدكتور نصر حامد أبوزيد وزوجته عقب إصداره كتاب مفهوم النص، وما تعرض له الدكتور يوسف زيدان بعد ظهور كتابه «اللاهوت العربى»، واتهام كاتب بقامة نجيب محفوظ بالكفر والذى كاد يدفع حياته ثمناً للتفتيش فى نواياه، ومن قبلهم عميد الأدب العربي طه حسين.
وقد أصدرت أكثر من أربعين منظمة حقوقية مصرية وعربية منها المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز هشام مبارك للقانون، ومؤسسة نظرة للدراسات النسوية، والمؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، ومركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)، أصدرت بياناً حملت فيه السلطات المصرية مسئولية ما يحدث للإبداع والمبدعين فى مصر، وذلك لصمتها عن تعديل هذه النصوص المقيدة لحرية التعبير، التي تنتمي لحقبة الاستبداد وتكميم أفواه أصحاب الرأي، تلك الحقبة التي كان من المفترض على السلطات الحالية إنهاؤها، إلا أنهم أضافوا إليها فصلاً جديدًا بدأ بنصوص دستورية تقيد حرية التعبير، استمرارًا بالإبقاء على النصوص العقابية المعادية لكل ما يمت بصلة لحرية الإبداع، وانتهاءً بسيل من محاكمات ازدراء الأديان التي لا تحاكم الأفراد فقط على ممارستهم حرية التعبير، بل تفتش عن مدى إيمانهم ومدى قناعتهم بالمعتقد السائد - حسبما جاء فى البيان - ليؤكد المثقفون والمراكز الحقوقية وقوفهم بجوار كرم صابر ضد العودة بالإبداع للعصور المظلمة.
وشددوا على أن مصر لن تقبل تكرار هذا القهر الذي سبق، كما أعلنوا فى البيان رفضهم كل أشكال التهديد باسم الدين والدين منها براء، وطالبوا القضاء أن ينتصر لحقيقة مؤكدة أن الإيمان هو علاقة الإنسان بربه وأن ترفض منهج التفتيش في الصدور.
وتعود وقائع القضية إلى شهر أبريل سنة 2011 حيث قام عدد من المواطنين بتقديم بلاغ يحمل رقم 14628 لسنة 2011 للمحامي العام لنيابة بني سويف، يتهمون فيه كرم بأن كل القصص الواردة في كتابه «أين الله» تدعو للإلحاد وسب الذات الإلهية، وعلى إثر البلاغ قامت النيابة بعرض الرواية علي أحد المنتسبين إلى كنيسة بني سويف الأرثوذكسية، والذي قال إن الكتاب ضد أسماء الله الحسنى، كما عرضتها علي مسئول إداري بإدارة البحوث والتأليف والترجمة - التابعة للأزهر الشريف - الذي استنكر بعض الألفاظ الواردة واقتطاعها من سياقها واعتبارها تعدياً وتطاولاً وسخرية، رغم أنه غير مختص بإبداء الفتوى، وعقب ذلك قررت النيابة إحالة القضية إلى محكمة الجنح والتي قضت في جلستها المنعقدة في 7 مايو 2013 بتوقيع أقصى عقوبة علي الكاتب وهي السجن 5 سنوات غيابيًا، وكفالة 1000 جنيه.
وحاولت قوات الأمن القبض علي كرم صابر في يونيو تنفيذاً للحكم، لكنه رفض الذهاب معهم، حيث يسمح له القانون باستئناف الحكم، وطعن كرم علي الحكم وحددت جلسة 10 سبتمبر ولكنها أجلت للثاني والعشرين من أكتوبر أمام نفس الدائرة، لتؤجل مرة ثانية للحادي عشر من نوفمبر المقبل.
وقد أبدت المنظمات الحقوقية تحفظها علي العديد من المخالفات القانونية التي شهدتها التحقيقات والمحاكمة فبجانب «استكتاب» منتسبين إلى الكنيسة والأزهر ضد الرواية، وتقديم ما كتبوه ضمن ملفات القضية إلى المحكمة، فإن المبلغين أخفوا معلومات من شأنها تغيير الاختصاص القضائي المكاني للمحكمة، حيث أنهم اتهموا الكاتب بأنه هو نفسه ناشر المجموعة القصصية وأنه من قام بتوزيعها، وتجاهلوا قيام دور نشر معروفة بالقاهرة بنشرها وتوزيعها وتجاهلوا قيام مؤسسة الأهرام ومقرها الرئيسي في القاهرة بتوزيع الكتاب، وتجاهلوا أن مكان إقامة الكاتب الفعلي في القاهرة، وذلك لأنهم كانوا يستهدفون أن يتم نظر القضية أمام محكمة بعينها رغم أنها محكمة غير مختصة مكانيًا بنظر الدعوي.
كما جاء فى البيان: «إن المنظمات تُحذر من استمرار الدولة في التراخي في التعامل مع قضايا الحسبة الدينية والسياسية لما تشكله من خطر علي حرية التعبير والإبداع لأنها تسمح لغير المختصين والظلاميين بفرض نوع من الرقابة عي الأعمال الإبداعية، التي لا يختص بالحكم عليها سوي الجمهور والنقاد، وإنها إذ تطالب بإسقاط جميع الاتهامات الموجهة للكاتب كرم صابر فهي تناشد لجنة الـ50 والدولة المصرية بوضع التعديلات التشريعية اللازمة للتصدي لقضايا الحسبة وعدم السماح بعودة محاكم التفتيش، التي تستهدف حصار حرية الإبداع وحرية التعبير وتضربهما في مقتل».
كما أبدت المنظمات تحفظاً على سلوك النيابة العامة في التعامل مع البلاغات الواهية المُقدَّمة إليها ضد مواطنين بتهم ازدراء الأديان أصبح يثير علامات استفهام حول دورها الحقيقي، وقيامهما بالتثبت من البلاغات المقدمة إليها من عدمه، فقد دأبت النيابة العامة على استدعاء المشكو في حقهم والتحقيق معهم وإحالتهم للمحكمة بغض النظر عن الوقائع، وهو ما يعكس إخلالاً بسلطات التحقيق الممنوحة لها وتأثر أعضاء النيابة بمشاعرهم الدينية.
وكذلك أكدت المنظمات على أن الأزهر والكنيسة ليس من حقهما مطلقًا إبداء الرأي في أي عمل أدبي، لأن أي عمل أدبي هو محض خيال الكاتب ولا يجوز لأية مؤسسة دينية التدخل في هذا الخيال والحكم عليه بأنه مفسد للمجتمع وبعيد عن الأدب السامي والراقي، وهنا تتساءل المنظمات عن معايير الأدب السامي والراقي من وجهة نظر المؤسسات الدينية؟.. وما هي صفة مؤسسات دينية كتلك لتقييم الأعمال الأدبية؟ وهل من حقهم تحجيم الخيال بحجة أنه يحض على الفساد أو يهدم ويمزق نسيج المجتمع المصري؟
وأكد الروائى كرم صابر من خلال صفحات التواصل الاجتماعى أن الحكم الصادر بحقه بالحبس خمس سنوات بتهمة ازدراء الأديان هو حكم ظالم يهدف الى الحجر على حرية الفكر والتعبير للمثقفين والروائيين المصريين, كما يهدف إلى إرهاب المثقفين المعارضين لجماعة الإخوان المسلمين وللتيار الإسلامى فى مصر، وإن القضية لم تحرك أمام القضاء إلا في أوائل 2013 وبعد أن تولت جماعة الإخوان المسلمين زمام الأمور، حيث فوجئ بإجراء تحريات من الأمن الوطني حول القصة وتم تحويل القضية إلي محكمة الجنح دون علمه.
وتابع صابر، أن النيابة قامت عقبها باستدعاء ممثلين من الكنيسة المصرية والأزهر الشريف لاستيضاح الآراء الدينية فى الرواية، الذين أكدوا أن الرواية بالفعل تحتوى على عدد من المقاطع المخالفة للعقائد الدينية للديانتين الرئيسيتين فى مصر والمفروضة من قبلهم, وهو ما أكد عليه كذلك ممثل الأمن الوطنى الذى أكد أن الرواية قد تتسبب فى إحداث حالة من الغضب المسيحى والإسلامى، وعن الوضع الحالى قال صابر: إن الحكم قد صدر ضده بالفعل بالحبس خمس سنوات وهو ما تقوم به الآن مجموعة من المحامين التابعين لمركز حرية الفكر والتعبير بمحاولة الطعن عليه وإعادة المحاكمة وذلك لإتاحة الفرصة له لتوضيح وجهة نظره كروائى أمام المحكمة المختصة, وللمطالبة بإعادة توزيع الرواية ونشرها بعدما قامت مؤسسة الأهرام بمنع نشرها عقب تقديم البلاغ ضده.
وأن مطرانية بني سويف أبدت رأيها في هذا العمل الأدبي، حيث أوضحت أنه يخالف الشرائع السماوية ويتهكم على المقدسات ويبتكر قصصًا بعيدة عن الأدب السامي والراقي، أما رأي الأزهر فلم يكن بعيدًا عن رأي الكنيسة، حيث أكد أن هذا العمل يهدم القيم الفكرية للمجتمع المصري ويمزق النسيج المصري، وطالبت المؤسستان منع الكتاب من التداول، لأنه يؤثر على المجتمع بشكل سلبي، وبسبب هذا الجدال رفضت مؤسستا الأهرام والأخبار توزيع الكتاب لدى منافذ البيع الخاصة بهما، مما اضطر الكاتب إلى قيامه بتوزيع الكتاب بشكل شخصي على المكتبات.
ويعد الحكم الصادر على «كرم صابر» هو الثالث من نوعه خلال أسبوع واحد، حيث سبقه صدور حُكمان من جنح أسيوط ثان بالسجن لمدة عام للمحامي «روماني مراد سعد» لاتهامه بازدراء الأديان، والثاني كان على المعلمة «دميانة عبيد عبدالنور»، التي أصدرت محكمة جنح الأقصر ضدها حكمًا بغرامة 100 ألف جنيه لاتهامها أيضًا بازدراء الأديان، تلك التهمة المطاطة، والتي أصبح يتهم بها كل شخص يحمل رؤية مختلفة للمجتمع أو يريد التعبير عن رأيه بطريقة مختلفة، حيث زادت حالات الاتهام بازدراء الأديان وسب الذات الإلهية وغيرها من التهم التي تُلقى جزافًا ضد كل شخص يعبر عن رأيه.
جدير بالذكر أن الروائى كرم صابر أديب مصري، ولج للكتابة الأدبية من بوابة السرد، ذلك الفن الذي يعيد تشكيل الحياة والبشر، ونشر في مجال القصة عدة مجموعات قصصية منها: «غرفة الإنعاش»، و«الألوان تبحث عن لوحة»، و«الدنيا بتمطر»، و«الحب والأذى»، و«الفارس المهزوم», و«الميدان», و«أين الله», و«الخروج الآمن», و«الفجر», و«رائحة الأنوثة».. كما نشر له عدة روايات منها: «أحلام حقيقية», و«جبر الرضا», و«المتهم», و«روح الخلود», و«فؤاد المدينة»، و«طائر النسيان»، و«الضريح», و«مريم العذراء», و«الانتفاض», و«الكائن الضئيل».
وُلد عام 1964 فى منطقةٍ زراعية شمال الجيزة، عمل بحرفٍ ومهنٍ يدوية كثيرة بورش الطّوب والبيارات وجمع المحاصيل، امتهن صناعة المحاريث والسواقى بمصانع الريف، ثم امتهن المحاماة عام 1989، وهو عضو اتحاد الكتاب وأسّس مركز الأرض لحقوق الإنسان بالقاهرة عام 1996.
وعلى جانب آخر نظمت دور نشر عديدة ندوات وقراءات مختلفة لأعماله مثل «دار أبجدية», و«دار البلد», و«دار وعد», و«دار أروقة», و«دار نفرو» وآخرون، كما تابع أعماله كثير من الصحف والعديد من المواقع الثقافية والمنتديات الفنية، وكتب العديد من النقاد آراءهم حول أعماله المختلفة منهم: الكاتب إبراهيم عبدالمجيد والكاتب شعبان يوسف والكاتبة سامية أبوزيد والكاتب محمد إبراهيم طه والدكتور مدحت الجيار، والناقد مدحت صفوت، والكاتبة مى عزالدين، والناقد المخرج أحمد عادل، وأخرون.
المتابع والقارئ لكتابات كرم صابر سيكتشف امتلاكها لرؤية فكرية، تتبنى فهماً وشكلاً معيناً للكتابة الإبداعية، وتستند هذه الرؤية على صياغة المشكلات والأحلام، من خلال المهشمين اجتماعياً وسياسياً ونفسياً.


اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - الحكم على "كرم صابر" ضربة موجعة للإبداع
اجمالي القراءات 7891
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق