اسامة غريب يكتب :إدمان لعق الأحذية

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٠٣ - مايو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الدستور الأصلي


كثر الحديث حول المتحولين أو المتلونين من المشتغلين بالإعلام الذين عملوا بكل جهد و إخلاص في خدمة الرئيس المخلوع و مخططاته الإجرامية، و الذين سارعوا بعد أن غادر الرجل منصبه إلي التحول إلي هجائه و مهاجمته و فتح ملفات فساده بجسارة و قسوة لم يصل إليها ضحاياه أنفسهم!.



لم يهاجموه فقط و يشهروا بأسرته و بمعاونيه و وزرائه، و إنما حولوا ولاءهم كاملاً نحو من بيدهم السلطة الآن، و أصبحوا يمالئون الثوار و يمتدحونهم و يصفونهم بالطهر و النقاء و الإبداع و العظمة، و هم الذين كانوا حتي 10 فبراير الماضي سكيناً في خاصرة الثورة  و شوكة في ظهر الثوار!.

من السهل وصفهم بأنهم منافقون يعملون في خدمة أي سيد و يأكلون علي كل الموائد و يتعيشون من فتات أصحاب السلطة و النفوذ...لكن من الصعب أن تجد من يفسر لماذا هم هكذا و لماذا يفعلون ذلك.

و هناك في تفسير المسألة مدارس عديدة أهمها المدرسة التي عزت هذا السلوك إلي الحالة المتأخرة من الإدمان التي وصل إليها هؤلاء الناس بعد ان قضوا شنوات طويلة يلعقون الأحذية و يقبلون النعال و يمرغون وجوههم في الشباشب!. و مأساة هؤلاء أنهم بعد سقوط الرئيس المخلوع و رجاله و تشريفهم في سجن طرة بحثوا عن الأحذية فلم يجدوها و عندما أتي وقت الجرعة  لم يجدوا ما يلعقونه فانتابتهم حالات من الحساسية و الهرش و ظهرت علي بعضهم أعراض الحزن و الاكتئاب و أخذوا يتصببون عرقاً عزيراً و منهم من أصيب بقيء و إسهال.. نفس حالة عتاة مدمني المخدرات عندما تغيب عنهم المادة.

و مأساة بعض هؤلاء أكبر من مأساة الباقين..فالذين كانوا يكتفون يتقبيل الأحذية مشكلتهم الإدمانية أقل من أولئك الذين كانوا يلعقونها بألسنتهم و شفاههم، و مصيبة من كان يلعق من الأمام أخف من كارثة من اعتاد لعق الحذاء و جهاً و ظهْر!.

غير أن الجديرين بالإشفاق حقاً هم هؤلاء الذين تعمقوا في دنيا الكيف و وصلوا إلي شم أصابع الأقدام و استنشاق بخارها..هؤلاء زاغت أبصارهم و أخذوا يهلوسون و هم يدورون حول أنفسهم في هستيريا بعد افتقادهم للصنف، و الأصعب من هؤلاء هم الذين أوغلوا أكثر فأدمنوا لعق أصابع أقدام رجال السلطة ليحصلوا منها علي مزاجهم و حتي يتوازنوا نفسياً.

هذه هي حالتهم كما أتصورها و هم كما نري ليسوا جميعاً علي نفس الدرجة فمنهم الشمام الخسيس و منهم اللحاس الدنيء و منهم من بين هذا و ذاك، لكن يجمع بينهم اعتيادهم علي الكيف القذر.

و علي الرغم من قسوة التشبيه في الصورة السابقة فإنها في اعتقادي لم تبتعد كثيراَ عن الواقع، فهناك من البشر مدمنون علي شم بعض المواد الكيماوية مثل مادة "الكلة" التي يستخدمها صناع الأحذية للصق أجزاء الحذاء، و هناك من يدمنون شم مادة الغراء التي يستخدمها النجارون و هناك من يدمنون شم مادة "الدوكو" المستخدمة في رش و طلاء السيارت...و كل ما سبق علي شذوذه و غرابته يجد جمهوراً كبيراً من المدمنين الذين قد يرهن الواحد منهم حياته و شرفه مقابل جرعة واحدة!.

و لهذا فإنني أميل إلي تصديق أصحاب التفسير المتعلق بإدمان لعق الأحذية و أراه يناسب أولئك الإعلاميين الذين انقلبوا بين عشية و ضحاها من فرسان في كتيبة مبارك و سوزان و علاء و جمال و معهم صفوت و زكريا و نظيف و سرور و العادلي..إلي فرسان في كتيبة من أسقطوهم..إذ ليس من المعقول و لا من المتصور أن كائناً بشرياً طبيعياً يظل لسنوات طويلة يقبل يدك كل صباح ثم يأتي فجأة في أحد الأيام فيعض نفس اليد و ينهشها إلا لو كان واقعاً تحت ضغط رهيب، و ليس أشد هولاً من ضغط الإدمان علي أصحابه الذين تطلعوا حولهم فوجدوا أناساً آخرين..مختلفين حقاً، لكن أحذيتهم تفي بالغرض و تحمل نفس الجرعة و تقدم العوض عن الأسياد الراحلين..فأقبلوا عليها و أشبعوها شماً و لحساً.

غير أن بعضهم رغم الاعتياد علي الوضع الجديد ما زال يحن لأصابع أقدام أفراد العصابة خصوصاً من كان يعاني منهم من الهربس و الإكزيما و التعفن الرمّي!.

اجمالي القراءات 2475
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق