كندا تتأهب للانتقام من رسوم ترامب... ومقترح أميركي برفع الحماية عن الحلفاء الغاضبين
تتأهب كندا للرد على الرسوم الجمركية التي يعتزم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب فرضها، ما يشعل حرباً تجارية مع واحدة من حلفاء وشركاء أميركا التجاريين، في الوقت الذي حذر فيه بنك "جيه بي مورغان" الأميركي من أضرار اقتصادية إذا ما أسيء استخدام الرسوم من قبل إدارة ترامب".
وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن بلاده مستعدة للرد بفرض رسوم جمركية مضادة على الولايات المتحدة إذا نفذ ترامب تهديده ببدء حرب تجارية في أميركا الشمالية. وفي حديث مع قناة "إم إس إن بي سي"، مساء الأحد، أكد ترودو أن حكومته لا تسعى إلى حرب تجارية مع الإدارة الأميركية الجديدة، ولكنها ستضطر إلى الرد إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على منتجات كندية، وفقا لما ذكرته وكالة بلومبيرغ الأميركية.
ووفقاً لبيانات صادرات وزارة التجارة الأميركية، فإن كندا استوردت سلعا مصنعة من الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى، حيث بلغت قيمتها حوالي 320 مليار دولار في أول 11 شهراً من العام الماضي. لكن العجز التجاري الأميركي في السلع مع كندا بلغ نحو 55 مليار دولار خلال تلك الفترة.
وقال رئيس الوزراء الكندي المنتهية ولايته: "كما فعلنا في المرة السابقة، نحن مستعدون للرد بفرض رسوم جمركية حسب الضرورة". وأضاف: "نحن الشريك الأول في الصادرات لحوالي 35 ولاية أميركية مختلفة، وأي شيء يزيد تعقيد الحدود بيننا ينتهي به الأمر إلى تحميل مواطنين أميركيين أعباء وفقدان وظائف أميركية".
ووفق مسؤول رفيع في كندا، فإن أوتاوا تدرس فرض رسوم جمركية عقابية على منتجات عصير البرتقال والحمامات وبعض منتجات الصلب الأميركية إذا نفذ ترامب تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على المنتجات الكندية. وقال المسؤول الذي لم تذكر وكالة أسوشييتد برس اسمه في تقرير لها، الخميس الماضي، إن كندا تعد قائمة واسعة بالمنتجات التي يمكن أن تفرض عليها رسوما عقابية، ولم تنته من إعدادها بعد. وعلى أساس نصيب الفرد، فإن واردات كندا من الولايات المتحدة أكثر بكثير من واردات الولايات المتحدة من كندا.
وعندما فرضت إدارة ترامب الأولى رسوما جمركية على الفولاذ والألمنيوم في عام 2018، فرضت الحكومة الكندية رسوما على قائمة من المنتجات المصنعة في الولايات المتحدة شملت الأجهزة المنزلية، وويسكي بوربون، والقوارب، ومن المنتظر أن تفرض رسوما عالية على الحمضيات التي تنتجها ولاية فلوريدا التي يعيش فيها ترامب حاليا.وقال ترامب، الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى أي شيء من كندا بما في ذلك السيارات والأخشاب ومنتجات الألبان. وتتشابك سلاسل إمداد صناعة السيارات الأميركية مع كندا بشدة، حيث يتم استخدام المكونات المصنوعة في أونتاريو بكندا في السيارات التي يتم تجميعها في ديترويت بالولايات المتحدة ثم يتم تصديرها إلى كندا للبيع هناك.
وإضافة إلى التهديد بفرض الرسوم الجمركية، اقترح ترامب أن تصبح كندا الولاية الأميركية الواحدة والخمسين، وأشار إلى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو باعتباره "حاكماً" لـ"ولاية كندا العظيمة". وردا على ترامب، أكد ترودو أنه من المستحيل أن تنضم كندا إلى الولايات المتحدة.
ويتوقع المستهلكون الأميركيون ارتفاع التضخم على مدار الأشهر الاثني عشر المقبلة وما بعدها، وهو ما يعكس على الأرجح المخاوف من أن الرسوم الجمركية واسعة النطاق على الواردات التي تعهدت بها إدارة ترامب القادمة قد ترفع الأسعار. وأظهر مسح لجامعة ميشيغن، الجمعة الماضي، أن توقعات التضخم السنوية للمستهلكين قفزت إلى 3.3% في يناير/ كانون الثاني، وهو أعلى مستوى منذ مايو/ أيار، من 2.8% في ديسمبر/ كانون الأول.
ورفع ذلك توقعات التضخم لمدة 12 شهرا فوق نطاق 2.3 -3.0% الذي جرى تسجيله في العامين السابقين لجائحة كوفيد-19. وزادت توقعات التضخم على الأمد البعيد إلى 3.3%، وهو أعلى مستوى منذ يونيو/ حزيران 2008، من 3.0% في ديسمبر.
وفي السياق، قال جيمي ديمون، المدير التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان"، في مقابلة مع برنامج على شبكة "سي بي إس نيوز"، إن التعرفات الجمركية إذا تم استخدامها بشكل صحيح يمكن أن تساعد في حل قضايا مثل المنافسة غير العادلة والأمن القومي، لكن إذا أسيء استخدامها فإنها قد تسبب ضرراً.
ويبدو ان إدارة ترامب عازمة على فرض رسوم جمركية واسعة. إذ قال ستيفن ميران، الذي اختاره الرئيس المنتخب لرئاسة مجلس مستشاريه الاقتصاديين، إن التعرفات الجمركية المرتفعة قد تكون الثمن الذي يدفعه الحلفاء مقابل مظلة الدفاع الأميركية، مضيفا: "لكي أكون مستشاراً اقتصادياً لدونالد ترامب، فمن المفيد أن أتقاسم اعتقاده بأن التعرفات الجمركية تجعل الولايات المتحدة أكثر ثراءً".ورأى ميران، وفق تقرير لصحيفة ووسل ستريت جورنال أمس الاثنين، أن الولايات المتحدة قد تكون في وضع أفضل مع تعرفات جمركية متوسطة تبلغ نحو 20% وقد تصل إلى 50%، مقارنة بالتعرفات الجمركية الحالية البالغة 2%. وكتب ميران في تقرير صادر في نوفمبر/ تشرين الثاني لشركة "هدسون باي كابيتال" الاستثمارية، حيث يعمل بمنصب كبير الاستراتيجيين، أن "التعرفات الجمركية الشاملة والتحول بعيداً عن سياسة الدولار القوي يمكن لها إعادة تشكيل التجارة العالمية والأنظمة المالية بشكل أساسي".
ولمنع الانتقام، أشار ميران إلى أن إدارة ترامب قد "تعلن أنها تنظر إلى التزامات الدفاع المشترك والمظلة الدفاعية الأميركية باعتبارها أقل إلزاما أو موثوقية بالنسبة للدول التي تنفذ التعرفات الجمركية الانتقامية"، لافتا إلى أنه قد لا تدافع الولايات المتحدة عن اليابان أو كوريا الجنوبية أو أي عضو آخر في حلف شمال الأطلسي يتخذ إجراءات انتقامية.
لكن محللين يحذرون من أن الرسوم الجمركية قد لا تقلل من العجز التجاري الأميركي، لأن الدولار يرتفع استجابة لذلك، وهو ما يجعل الواردات أرخص والصادرات أقل قدرة على المنافسة. لذلك قال ميران إن الولايات المتحدة قد تضعف الدولار من خلال اتفاق على غرار "اتفاق بلازا" لعام 1985 الذي عملت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها بشكل مشترك على خفض قيمة الدولار. وكتب: "بعد سلسلة من الرسوم الجمركية العقابية، يصبح الشركاء التجاريون مثل أوروبا والصين أكثر تقبلاً لبعض أشكال اتفاق العملة في مقابل خفض الرسوم الجمركية"، أو قد تفرض الولايات المتحدة رسوم استخدام على مشتري ديون الخزانة.
اجمالي القراءات
39