تسليم المعارضين العرب.. تزايد المخاوف بعد واقعتي القرضاوي والخالدي

اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٠ - يناير - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الحرة


تسليم المعارضين العرب.. تزايد المخاوف بعد واقعتي القرضاوي والخالدي

كان الخبر الأول، مفاده "بغداد تُسلم المعارض الكويتي سلمان الخالدي إلى الكويت"، وعقب بضعة أيام، تلاه خبر تسليم بيروت الشاعر والمعارض المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى أبو ظبي.

خبران في أسبوع واحد، خلقا رعبا لدى المعارضين العرب الذين يعيشون في مدن عربية، من احتمالية أن يُسلمون إلى السلطات التي يُعارضونها في أية لحظة.

ورغم التحذيرات الدولية المتكررة، رحلت الحكومة اللبنانية القرضاوي إلى الإمارات، حيث جاءت عملية التسليم بعد أيام من اعتقاله وظهوره في مقطع فيديو من داخل الجامع الأموي بدمشق، انتقد فيه مجموعة دول، من ضمنها الإمارات.

وعزت السلطات اللبنانية قرار ترحيل نجل الداعية الإسلامي الراحل، يوسف القرضاوي، إلى مذكرة توقيف صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب.

تبرير السلطات اللبنانية أعطى مؤشرا على أن الدول العربية قد لا تكون آمنة للمعارضين، ولا حتى المرور عبرها أثناء السفر، وفقا لسعيد عباسي المتحدث باسم الجمعية المصرية الأميركية للديمقراطية وحقوق الإنسان.

عباسي المتواجد على الأراضي الأميركية منذ سنة 1995، لا يستطيع زيارة مصر منذ عام 2013، وحُرم من رؤية أمه تسع سنوات حتى وافتها المنية منذ سنتين، لأنه عارض ما يصفه بـ"انقلاب الجيش على الرئيس الراحل المنتخب محمد مرسي".

وقال عباسي خلال مقابلة مع موقع "الحرة": "وجدت نفسي لاحقا في قضية متهم فيها بنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، رغم أنني لم أكن أبدا عضوا فيها".

"كل ما فعلته هو المشاركة في مظاهرات ضد الانقلاب العسكري خلال وجودي في بلادي عام 2013"، مضيفا ذلك الحقوقي المصري.

لم تكن عملية تسليم القرضاوي هي الأولى في هذا السياق، فقد سبقها تسليم سلمان الخالدي (25 عاما) من العراق إلى الكويت الخميس الماضي على خلفية مذكرة صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب بحقه.

وقالت وزارة الداخلية الكويتية إن الخالدي "مطلوب دوليا على قوائم الإنتربول" منذ الرابع من ديسمبر 2023، بناء على صدور أحكام قضائية بحقه.

وكان آخر حكم صدر بحق الخالدي في يونيو الماضي بالسجن لمدة 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، بتهمة "العيب بالذات الأميرية" عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

والخالدي معارض وناشط كويتي أسقطت عنه الجنسية في أبريل الماضي. يعيش في لندن منذ نحو سنتين، وحصل على حق اللجوء السياسي في بريطانيا منذ بضعة أشهر.

ويُعرف الخالدي بنشاطه السياسي وانتقاداته الحادة للعائلة الحاكمة في الكويت، كذلك تسليطه الضوء على قضايا الفساد في البلاد.

وقبل ذلك، جرت عمليات تسليم مشابهة لمعارضين ينتمون إلى المنطقة العربية.

ومع تسارع وتيرة هذا التعاون بين الدول العربية، بدأ المعارضون في أنحاء العالم العربي يشعرون بتزايد المخاطر.

وعبر رائد العلي وهو ناشط حقوقي أميركي من أصل فلسطيني، عن خوفه من زيارة أي دولة عربية، حتى وإن كانت تزعم احترامها حقوق الإنسان.

وقال خلال مقابلة مع موقع "الحرة": "لا أستطيع العودة إلى أي دولة عربية، حتى لو كنت أملك جوازا أميركيا، لأننا نعيش في حالة من القمع العميق".

العلي الذي كان يتظاهر أمام السفارة اللبنانية في واشنطن وسط الثلوج الكثيفة الثلاثاء، احتجاجا على إعلان السلطات هناك ترحيل القرضاوي إلى الإمارات، قال إنه يشعر بـ"غصة عميقة تجاهه، رغم أنني لم ألتق به أبدا ".

"ما حدث، خيانة للحرية" قال العلي.وبعد ترحيل القرضاوي إلى الإمارات، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه "يواجه بشكل شبه مؤكد محاكمة جائرة وخطرا حقيقيا بالتعرض لانتهاكات أخرى، بما في ذلك التعذيب".

وفي مايو 2023، احتجزت السلطات الأردنية مواطنا يحمل الجنسيتين الإماراتية والتركية، وهو خلف عبد الرحمن الرميثي، وأعادته إلى الإمارات، حيث أُخفي قسرا، حسب المنظمة الحقوقية.

لاحقا، أُلحِق الرميثي بمحاكمة جماعية "جائرة شابها انتهاك الإجراءات الواجبة وسوء المعاملة والتعذيب".

"قمع عابر للحدود"
في السنوات الأخيرة، وثّقت "لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" وهيومن رايتس ووتش الاستخدام الممنهج للتعذيب من قبل الشرطة والأمن الوطني في مصر.

وأصدرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان في نوفمبر الماضي تقريرا بعنوان "أدوات قمع عابرة للحدود" بشأن المخاطر التي قد يتعرض لها المئات من المعارضين السياسيين المصريين الصادرة ضدهم أحكام غيابية بالسجن في قضايا سياسية، من خلال "الاتفاقيات الأمنية الثنائية والإنتربول الدولي".

وذكرت في التقرير العديد من الأمثلة على ملاحقة معارضين سياسيين خارج مصر، مثل توقيف السلطات المغربية للطبيب المصري عبد الباسط الإمام، الذي يحمل الجنسية التركية، في مطار الدار البيضاء في الثالث من نوفمبر الماضي.

وصدر بحق الإمام حكم غيابي بالسجن في عام 2017 في إحدى القضايا السياسية، بعد أن ترك البلاد بشكل قانوني في عام 2016، بحسب المنظمة.

وفي أغسطس عام 2023، أقدمت السلطات البحرينية على ترحيل رجل الأعمال محمد محمود عاجز ، المقيم في البحرين بصفة شرعية منذ عام 2015 ويحمل الجنسيتين المصرية والتركية.

اعتقل عاجز في الثاني من نفس الشهر إثر مطالبة مصر بتسليمه على خلفية صدور أحكام ضده في قضايا ذات طابع سياسي، بحسب الشبكة.

ولم يقتصر تسليم المعارضين السياسيين على الدول العربية فقط، إذ سجلت حالات مماثلة في دول أخرى.

ففي حين "قامت دول مثل الكويت، الإمارات، السعودية، البحرين، لبنان، الأردن، والسودان بتسليم معارضين إلى مصر، أقدمت دول غير عربية مثل ماليزيا، تركيا، إسبانيا، والسويد على اتخاذ نفس الإجراءات على الرغم من تحقق حالة الخطر"، بحسب الشبكة المصرية.

وبعد أن فر الناشط السعودي البارز، محمد العتيبي إلى قطر في مارس عام 2017، أعادته الدوحة "قسرا" إلى بلاده في 25 مايو من نفس العام، بحسب وصف "هيومن رايتس ووتش".

وفي أبريل 2021، حكمت عليه المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية بالسجن لمدة 3 سنوات لتضاف إلى حكمه السابق ليصل 17 عاما، بحسب مؤسسة القسط لحقوق الإنسان.

وفي 13 نوفمبر الماضي، وقع وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، ووزير الداخلية السعودي عبد العزيز بن سعود بن نايف آل سعود، ثلاث اتفاقيات من بينها تسهيل ترحيل السجناء وتسليم المطلوبين بين البلدين، وفق وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية.

وكانت محكمة النقض في المغرب قد رفضت في الأول من فبراير 2023 الإفراج عن الناشط السعودي حسن آل ربيع وقررت تسليمه إلى السعودية.

واعتقلت السلطات المغربية آل ربيع في 14 يناير 2023 خلال محاولته السفر إلى تركيا.

ويرى طه الحاجي، المدير القانوني للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومقرها في برلين خلال مقابلة مع موقع "الحرة" أن "السعودية نشطة جدا في ملاحقة النشطاء، واستطاعت استعادة العديد منهم من المغرب وقطر والكويت".

وأضاف: "نعلم منذ زمن طويل أن الدول العربية ليست آمنه للمعارضين، لكن ازداد عددهم مع دخول لبنان والعراق للقائمة مع ازدياد ملحوظ لنشاط الإنتربول العربي".

وتحظر المادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب تسليم أي شخص إلى دولة يُعتقد أنه قد يتعرض فيها للتعذيب.

"الموضوع بالنسبة لنا ليس مجرد قضية فردية، بل هو رسالة مفادها أن الدول العربية لم تعد مكانا آمنا للمعارضين أو أصحاب الرأي المخالف"، بحسب عباسي.

وأضاف: "الوضع الراهن يبعث برسالة خطيرة للمجتمع الدولي".

وتابع: "إذا كانت الدول العربية قد وصلت إلى هذه المرحلة من القمع، فإن الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة يصبح كلاما فارغا".

ويخشى رائد العلي من تزايد المخاطر مع وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير الجاري.

وقال: "لا نعلم ماذا قد يحل بنا في المستقبل. ربما يكون أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن نكون رهائن لسياسات قمعية دولية ومحلية تتقاطع كلها في تشويه الحقوق وإسكات الأصوات الحرة".
اجمالي القراءات 34
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق