حقيقة مذابح مسلمي بورما وتركستان الشرقية.. فتش عن النفط!

اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٣ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


حقيقة مذابح مسلمي بورما وتركستان الشرقية.. فتش عن النفط!

بالرغم من وجود 16 أقلية عرقية مسلمة في بورما، وانتشار المسلمين في 10 مناطق في الصين، وبالرغم من الاضطهاد الديني الذي يتعرض له المسلمون عامة في بقاع كثيرة من الأرض، إلا أن أقلية الروهينجا ومسلمي تركستان الشرقية هما أكثر من يتعرض لتلك المذابح والتهجير والتشريد والقتل، وربما تصل إلى الإبادة الجماعية، والسؤال: لماذا تلك الفئتان تحديدًا هما أكثر من يدفع الثمن؟ وما علاقة الصراع الأمريكي الصيني في جنوب ووسط آسيا بمذابح المسلمين في بورما وتركستان الشرقية؟

مقالات متعلقة :

غالبًا ما تقتصر التغطية الإعلامية في العالم العربي لما يتعرض له مسلمو بورما وتركستان الشرقية من مآسٍ ومذابح وطرد وتهجير على فكرة الاضطهاد الديني للمسلمين، ولا يختلف الأمر كثيرًا عن تغطية الإعلام لقضية تركستان الشرقية في غرب الصين، بالرغم من أن الأمر له عدة جوانب اقتصادية وجيوسياسية شتى.

نبذة عن المسلمين في ميانمار

يتشكل المسلمون في بورما (ميانمار) من 16 أقلية موزعون في العاصمة السياسية رانغون ويقدر عددهم بـ10% من سكان العاصمة، ومعظمهم من السكان الأصليين لماينمار، وبعضهم من أحفاد المهاجرين الذين أتوا إلى تلك المناطق، من العرب والفرس والأتراك وأكثرهم من أحفاد من جاءوا من الهند، ويتركز آخرون بالجنوب الشرقي بالقرب من حدود تايلاند في ولاية قومية المون، ويلحظ زائر عاصمة الولاية (مولن ياي) أن المساجد وأحياء المسلمين تتوسط أسواق المدينة، حيث يوجد في تلك الولاية 120 مسجد، ويقدر عدد المسلمين بنحو مليون نسمة في الولايات الجنوبية الثلاث، وهم من غير الأصول الهندية، كالمون والكارين، كما توجد أقلية البيشوو، وهي مسماة على اسم أرخبيل يحمل نفس هذا الاسم، حيث يعتبر الأرخبيل امتدادًا إثنيًا وسياسيًا لقومية الملايويين في تايلاند وماليزيا قبل أن تتغير الخريطة السياسية في المنطقة.

كما يتركز المسلمون من أصول صينية في مدن الشمال وهم من قومية الباندي وهم كغيرهم من المسلمين غير معترف بهم، بالرغم من وجودهم في بورما منذ 6 أجيال، ومعظمهم من يونان غرب الصين، حيث كانت لهم سلطنة، بالرغم من أنهم كان لهم سلطنة في أواخر القرن التاسع عشر.

أما أكبر تواجد للمسلمين في ميانمار (بورما) فيتركز في غرب البلاد حيث يتركز المسلمون من عرقية الروهينجا في إقليم أراكان الواقع على المحيط الهندي وخليج البنغال، حيث انتشر الإسلام في تلك البقعة بسبب التبادل التجاري للتجار المسلمين بين سواحل جنوب وشرق آسيا، كما شكل المسلمون دولة لهم في إقليم أراكان بقيت لبضع قرون.

معاناة مسلمي الروهينجا في إقليم أراكان

قامت عدة مذابح في السنوات القليلة السابقة في إقليم أراكان في عام 2012 من قبل متطرفي الرهبان البوذوين ضد مسلمي الروهينجا، وتدعم الدولة العسكرية هذه المذابح بالصمت عن إيقافها أو ملاحقة مرتكبيها، حيث تعتبر تلك الأقلية مهاجرين غير شرعيين من دولة بنجلاديش المجاورة، وتهيئ المجال لطردهم وترحيلهم من هذا الأقليم الإستراتيجي.

حيث تكمن مشكلة الروهينجا في أنهم يشكلون غالبية سكانية في تلك المنطقة الإستراتيجية في شرق آسيا، حيث النزاع بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

معاناة مسلمي تركستان الشرقية

بالرغم من وجود خمس وخمسين أقلية في الصين، منهم عشر أقليات مسلمة ، لكن فقط من يواجه باستمرار من قبل الحكومة الصينية هم سكان تركستان الشرقية (الأويغوريين) والمسلمون التبتيون بسبب نظام الدولة الصارم الذي يعكر صفو حياتهم اليومية، والواقع أن نظام جمهورية الصين الشعبية يبقى دائمًا في حالة تأهب في إقليمي شينجيانغ والتبت؛ نظرًا لتاريخهما المعروف بالحركات الانفصالية، لاسيما بالنسبة للاضطرابات السياسية المستمرة منذ عام 2009، والمتمثلة بالهجمات العنيفة في شينجيانغ والاحتجاجات في التبت؛ مما حدا بالصين لتكثيف الإجراءات الأمنية في كلتا المنطقتين.

الموقع الجيوسياسي لبورما وتركستان الشرقية

يلعب الموقع الجيوسياسي المهم لبورما (ميانمار) في القارة الصفراء دورًا رئيسًا في تحديد مستويات الصراع المحلية، والإقليمية، والدولية، ضمن تقاطعات سياسية، واقتصادية، تَتَعزز في ضوء خريطة ديموغرافية لمنطقةٍ تتشكلُ أغلبها من البوذية في الصين، والهندوسية في الهند، مقابل أقلية مسلمة، ونصرانية، تتناثر في عدة دول، من بينها بورما.

وقديمًا كانت تعتبر بورما هي النافذه الوحيدة للمياه الدافئة للوصول للصين، وقد استخدمتها أمريكا لتسليح الصين في حربها مع اليابان عام ١٩٣٨.

أما اليوم فبورما لديها احتياطي نفطي يقدر بـ3.2 مليار برميل، و18 ترليون قدم مكعب من الغاز على أقل تقدير.

وينطبق الأمر نفسه علي إقليم تركستان الشرقية المعروف باسم (شينج يانج)، حيث يمر منه طريق الحرير إلى القوقاز ووسط آسيا، كما يربط غرب الصين بمنابع النفط في الخليج العربي عن طريق ممر يربط ميناء جوادر الباكستاني (الواقع علي بحر العرب قرب الخليج العربي)، الأمر الذي يختصر الوقت ويفتح الطريق لممرات نفطية بديلة للمرات في جنوب آسيا (مضيق ملقا) التي يسيطر عليها الأسطول الأمريكي؛ مما يجعل التدفقات البترولية الصينية تسير تحت رحمة البحرية الأمريكية.

فضلًا عن غنى ذلك الإقليم بالثروات الطبيعية من نفط وغاز ومعادن نادرة مثل اليورانيوم والذهب ومحاجر الفحم والأراضي الزراعية، والمساحة الشاسعة التي تبلغ مليون وسبعمائة كم.

كما تربط تركستان الشرقية الصين بحدود 6 دول والتي تشمل كل من روسيا كازاخستان وأفغانستان وباكستان وطاجكيستان وقيرغستان، حيث يعتبر ذلك الإقليم هو منفذ الصين إلى دول القوقاز ومعبر لطريق الحرير من غرب الصين إلى روسيا وأوروبا بعد ذلك.

بداية الصراع وفرض الحصارالبحري الأمريكي للصين

برزت الأهمية الموقع الإستراتيجي لساحل ماينمار ذي الأغلبية المسلمة عقب الحصار الأمريكي على بحر الصين الجنوبي؛ حيث تم زيادة نسبة الأساطيل الأمريكية في بحر الصين الجنوبي من 50% إلى 60 % عام 2011،إبان إدارة أوباما لكبح جماح العملاق الصيني ومنعه من السيطرة على التجارة العالمية والتنقيب في بحر الصين الجنوبي.

حيث تتهمها دول مثل الفليبين وتايوان وماليزيا وفيتنام وبروناي بمحاولة الاستيلاء على الثروة النفطية المرصودة جيولوجيا في أعماق ذلك البحر، مما حدا بالولايات المتحدة إلى إقامة علاقات إستراتيجية وعسكرية مع تلك الدول ووضع قوات عسكرية في مضيق ملقا، الذي يعتبر الشريان الرئيس لتجارة الصين مع أفريقيا والخليج العربي وأوروبا أيضًا، كوسيلة للضغط على الصين ومنعها من ابتلاع ثروات جنوب آسيا النفطية ومن ثم الاكتفاء الذاتي من موارد الطاقة والانطلاق أكثر في التجارة العالمية بدون أية أورواق ضغط، مما يشكل منافسًا قويًا للولايات المتحدة كقوة عالمية وحيدة.

الحصار البري لغرب الصين

كما قامت أمريكا باحتلال أفغانستان عام 2002 لمحاولة حصار الصين من جهة الغرب ومنعها من التواصل مع الدول التي اكتشف كميات كبيرة من الغاز فيها، مثل تركمنستان وإيران، فالإضافة إلي التبعية السياسية للهند وباكستان لأمريكا، قامت الأخيرة بإقامة قواعد عسكرية في أفغانستان وأوزباكستان وتركمنستان وطاجاكستان وقيرغستان حيث تقع القاعدة القيرغية غرب الحدود الصينية بـ 480 كم، حيث مركز التجارب النووية الصينية في غرب تركستان.

رد فعل الصين على الحصار البحري والبري الأمريكي واستخدام أراضي الروهينجا وتركستان الشرقية

أطلقت الصين فكرة طريق الحرير بشقيه البري والبحري عام 2012 الذي يربط الصين بريا مع دول وسط وغرب أسيا وصولًا إلى قرب أوروبا، مستغلة تطور تكنولوجيا القطارات فائقة السرعة، ومتماشية مع رغبة روسيا لتفكيك الاتحاد الأوروبي والاستبدال به اتحاد أوراسيوي.

يضم طريق الحرير سلسلة ممرات بحرية بديلة وخطوط سكك حديد وأنابيب لنقل النفط من الخليج العربي إلى غرب الصين في إقليم تركستان مرورا بكازاخستان (التي لازالت بعيدة عن النفوذ الأمريكي)، كما يرتبط جنوب الصين بالمحيط الهندي بخط أنابيب من ساحل إقليم أراكان على المحيط الهندي الذي يسكنه عرقية الروهينجا ذات الأغلبية المسلمة، دون المرور بمضيق ملقا الذي تسيطر عليه البحرية الأمريكية.

ويتفرع طريق الحرير لعدة أفرع إستراتيجية تربط غرب الصين (تركستان الشرقية) بالخليج العربي؛ عن طريق الممر الباكستاني الذي يربط الصين بميناء جوادرالباكستاني المطل على بحر العرب قريبًا جدًا من الخليج العربي حيث إمدادات النفط.

حيث استغلت الصين الخلافات الهندية مع كل من الصين وباكستان وقامت باستقطاب باكستان اقتصاديا، وأصبحت باكستان خارج المظلة الأمريكية.

بورما وتركستان الشرقية أكبر نقاط ضعف الصين

ويفسر الخبراء والمحللون الصراع الصيني الغربي في بورما بأن الصين في رحلتها نحو التقدم تعمل على الاستثمار فى المحيط الجغرافي لها لخلق سياج اقتصادي قوي يحميها من عمليات التطويق التي تعمد إليها أمريكا، والتي بدأتها بالفعل باحتلال أفغانستان.

فقامت الصين بتوسيع الشراكة الاقتصادية مع بورما للاستفادة من منافذها البحرية لتأمين التدفقات النفطية للصين عبر خليج البنغال في حال فرض حصار اقتصادي على منطقة بحر الصين، وفي هذا السياق تقوم الصين بتطوير ميناء بحري عميق وخط لأنابيب النفط وشبكة للنقل السريع تمتد من خليج البنغال إلى حدود بورما والصين في الشمال.

كما انتهت الصين من إنشاء مشروع طريق سريع ضخم عبر التضاريس الجبلية لدولة لاوس، إحدى الدول المحيطة ببورما، يربط الصين بشمال شرق تايلاند، كما تقوم الصين وتايلاند ولاوس بتشييد خط سكة حديد يربط هذه الدول الثلاث لتشكل ما يشبه الإقليم الاقتصادي المتحد.

كما أن ملف بورما قد يخضع للمساومات من أجل وصول حلفاء الغرب فيها للحكم، فزيارة هيلاري كلينتون لزعيمة المعارضة البورمية داو أونج سان سو كيي في منزلها أواخر 2011، وأعقبتها زيارو الرئيس الأمريكي أوباما عام 2012، والوفود الغربية رفيعة المستوى التي تحج إليها لا يمكن النظر إليه، إلا من باب التدخل في ملف حقوق الإنسان في بورما بما يصب في مصلحة أمريكا والغرب، وبما يخدم ملف الصراع الأمريكي الصيني على حساب دماء تلك الشعوب البائسة.

وفي حال تعقد الأمور داخليًا قد يخضع ملف حقوق الإنسان في بورما للتدويل فتفرض عقوبات اقتصادية على الحكومة البورمية، وربما يتم التدخل الخارجي بنشر قوات حفظ السلام أو محاصرة الشواطئ والحدود البورمية منعًا لتدفق السلاح لأي طرف كان، والهدف ليس المسلمون، بل الهدف التطويق على الصين وخنق تمددها الاقتصادي الذي أصبح يزعزع قوة الإمبراطورية الأمريكية.

مخاوف الصين من استغلال أمريكا لمسلمي الروهينجا

وتخشى الصين من أن يقوم الغرب بدعم المسلمون في غرب بورما ودفعهم للحكم الذاتي أو الاستقلال كما حدث مع دول عدة مثل تيمور الشرقية، حيث يقوم الجيش البورمي بإيعاز من الحكومة الصينية بتحفيز الرهان البوذيين المتخوفين من تحويل بورما إلي دولة إسلامية كما حدث في إندونيسيا وماليزيا، فيقومون بطرد المسلمين من إقليم أراكان المسلم وإعادة توطينه بسكان من أصول بوذية، كما قامت السلطات العسكرية في السابق بنزع الجنسية من السكان المسلمين والتعامل معهم بصفتهم مهاجرين أو لاجئين ومنعوهم من التصويت في الانتخابات الأخيرة.

لا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة لتركستان الشرقية، حيث تقوم الصين بتصيين تركستان الشرقية عن طريق نقل الملايين من عرق الهان الصيني وتوطينه في غرب الصين لتحويل مسلمي تركستان إلى أقلية، بعدما فشلت في صهرهم مجتمعيًا.

حيث يمثل الموقع الإستراتيجي لتركستان الشرقية أهمية قصوي في الربط البري بين دول آسيا وأوروبا لاحقًا في إطار مشروع طريق الحرير (طريق واحد حزام واحد) كوسيلة لإيجاد طرق متنوعة وبديلة للتجارة الصينية، حيث يتم مرور 90% من تجارة الصين عبر البحر الذي تسيطر عليه سفن الأسطول الأمريكي؛ مما يجعلها عرضه لأي مضايقات في المستقبل.

وبانتهاء عمليات التهجير تكون نقطة الضعف الصينية قد تم إبطالها وتستطيع الصين من إستكمال مشاريعها في غرب بورما، حيث يتوقع المراقبون ووجود احتياطي كبير من النفط والغاز في ساحل خليج البنغال، وترغب الصين في الاستحواذ على هذا الكم في ظل النمو الكبير الذي تشهده الصين في العقود الأخيرة.

مصالح دول الخليج في بورما والصمت على قتل الروهينجا

هناك مقال صدر في الـ(ميدل إيست آي) للناشط الحقوقي الدكتور (نافيز أحمد) بعنوان: West, Gulf complicity in oil-fuelled genocide of Myanimar’s Rohingya.

يستهل الكاتب المقال باستعراض تقرير بريطاني يؤكد وجود تصرفات لا إنسانية ضد الأقلية المسلمة. مع تواطؤ نظام الدولة مع عصابات البوذيين في شنّ عمليات التطهير العرقي والقتل والعزل الاجتماعي ومصادرة الأراضي وإحراق المنازل والمتاجر والتهجير القسري واغتصاب الفتيات المسلمات. مع عدم السماح لهم بتقديم الشكاوى في مراكز الشرطة والمحاكم.

ويورد الدكتور (نافيز) تقريرًا آخر صادر عن إدارة التجارة والاستثمار في (UKTI) الذي يدعو لإبقاء روابط تجارية قوية بين أوروبا وميانمار، حيث تملك مصادر طاقة ومعادن طبيعية وإمكانيات لوجستية مهمة، وأنها يجب أن تبقى في الجانب الغربي، مع تجنب توجيه أي نقد أو إبداء أي موقف عدائي حتي لا تميل ناحية الروس والصين مهما كلف الأمر، فبورما لديها احتياطي نفطي يقدر بـ3.2 مليار برميل، و18 ترليون قدم مكعب من الغاز على أقل تقدير.

وبعنوان (التعقيدات الخليجية) يكشف المقال عن سر صمت الدول الخليجية التي تنصّب نفسها كمدافع عن الإسلام والمسلمين، فأنابيب النفط والغاز الخليجي العابرة خلال بورما إلى الصين ترجح كفة المصالح التجارية في مقابل دماء المسلمين.

هذه الأنابيب التي تضخ 200.000 برميل نفط يوميًا، و4 مليارات قدم مكعب من الغاز توفر مدخولاً ثابتاً يصب في ميزانيات دول الخليج.

وختامًا يجب على الحكومات المسلمة المخلصة، عند التدخل لحل تلك القضايا، وضع تلك القضايا الجيو سياسية في الاعتبار من أجل إيجاد حلول سريعة وقابلة للتطبيق من أجل حماية الأقليات المسلمة في شرق ووسط آسيا قبل أن يتم إبادتهم بشكل كامل.

اجمالي القراءات 4045
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق