سؤال يطرح نفسه: مَن ينقذ المسيحيين العرب من التهجير العمدي؟!:
سؤال يطرح نفسه: مَن ينقذ المسيحيين العرب من التهجير العمدي؟!

اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٧ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الأقباط متحدون


خبراء ومتخصصين يطالبون بوقف حملات تهجير مسيحيو الشرق
تحقيق - هاني دانيال

بعد رصد الحوادث التي يتعرض لها مسيحيو العراق تجددت دعوة كثير من المثقفين والمفكرين في سرعة مواجهة المشكلة التحى يتعرض لها مسيحيو الشرق الأوسط بشكل عام، وعدم اقتصار هذه الحملات على مسيحيو العراق فقط، وإن زادت الدرجة في العراق بعد أن تمت المطالبة رسمياً في تهجيرهم من البلاد، ومعاملتهم بشكل سيء، ولذلك حاولنا تتبع هذه المشكلة من أجل الوصول إلى حلول يمكن أن تعم بالفائدة على المجتمع وتفادي ما يحدث، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

مقالات متعلقة :

الأرقام تؤكد ذلك، فقد كانت مسيحيو سوريا20% من سكان سورية عند الاستقلال عام 1945، والآن النسبة لم تتجاوز 7% من عدد السكان، وفي لبنان تراجعت نسبة المسيحيين من 50-60% من تعداد السكان قبل عام 1975 إلى 30-35% اليوم، والأهم تراجع نفوذهم السياسي بشكل كبير، وتقدر وزارة المغتربين في لبنان عدد المهاجرين بخمسة ملايين لبناني منهم أكثر من 3.5 مليون مسيحي، وفي فلسطين تراجعت أعداد المسيحيين من 17% من تعداد السكان إلى أقل من 2% حالياً، وحتى في مصر الأرقام غير واضحة، ولو أن النسبة المتداولة هي 8 ـ 12 % من تعداد السكان!!!
من جانبه أكد الدكتور عصام عبد الله مدير مركز الحضارات المعاصرة بجامعة عين شمس أن السيناريو الذي حدث في العراق مؤخراً معرض للتكرار في بلدان أخرى منها مصر، وأن المشكلة الآن ليست في إمكانية انتقال الأزمة من العراق إلى دولة أخرى ولكن الكارثة في إحجام المؤسسات الرسمية في مصر عن إدانة ما حدث في العراق، ولم يخرج بيان من جامع الأزهر أو دار الإفتاء المصرية للتنديد بما حدث لمسيحيوا العراق، والدفاع عن عروبتهم، وعدم التذرع ببعض الحجج الواهية على أساس أن مَن يقوم بذلك الجماعات المسلحة، كذلك الجامعة العربية مدانة في هذا الأمر لأنها لم تعقد ولو اجتماع مصغر لمناقشة الأزمة والدافع عن مسيحيوا العراق وعروبتهم، ولم تصدر أيضاً ولو بيان يندد بما حدث، في خطوة غريبة ومريبة تثير الشك، وكأن ما حدث ترضى عنه هذه الأطراف، وأن هناك تواطؤ أو اتفاق، وهذا مؤشر سلبي للغاية!!!
أكد الدكتور عصام عبد الله على أنه لابد من التأكيد أن مسيحيو العرب يتعرضون لحملات شرسة ولم تعد اضطهاد، لأن هذه الكلمة عفا عليها الزمن بل يتعرضون  للتهجير الجماعي، وما حدث لمسيحيوا الموصل مثال لذلك، وبالتالي لابد من مخاطبة كل المنظمات الدولية المعنية بإنقاذ مسيحيو العرب والدفاع عنهم، لأن استمرار الأوضاع بما هي عليه تمثل مشكلة كبيرة لا يمكن تداركها بسهولة.
دعا الدكتور عصام الكنيسة المصرية للتنديد بما حدث لمسيحيوا العراق، والتأكيد على عروبتهم، وأن هؤلاء مسيحيون عرب ولهم ثقافة عربية لابد من الدفاع عنهم، وعدم الامتثال لبعض المزاعم التي ترسخ من تبعية مسيحيوا العرب للغرب، رغم أنهم يتحدثون العربية ولهم ثقافة عربية ويتباهون بها.
وحذر من تردي الأوضاع بسبب وجود عدة لاعبون يتحكمون في مستقبل المنطقة، وهذا له تداعيات خطيرة تجعل مشكلة العراق معرضة للتكرار في لبنان، السودان، سورية، مصر، ولن تسلم أي دولة عربية من هذا السيناريو الذي وقعت فيه المنطقة دون أن تستطيع التأثير فيه لصالحها، وبالتالي المنطقة كلها بدون استثناء معرضة للخطر.
كما صرحت لنا هنى التجيدي "ناشطة فلسطينية" وأكدت على أن مسيحيوا فلسطين يتعرضون لمخاطر كبيرة، وأن عددهم في التراجع، وهذا يرجع بسبب كبير لعدة عوامل منها سيطرة حماس على مقاليد الأمور في فلسطين، ونشر ثقافات من شأنها عزل مسيحيوا فلسطين والتأكيد على أنهم غير مرغوب في وجودهم، وأن هذه الظاهرة رصدتها تقارير عدة، وصحف إسرائيلية تحدثت عنها، ولكن للأسف لم يأخذ أحد أي خطوة إيجابية في هذا الشأن، ومن ثم هناك خطورة مستقبلية على مسيحيوا فلسطين بشكل خاص ومسيحيوا العرب بشكل عام في ظل رغبة الكثيرون في الهجرة إلى خارج البلاد.
كما تحدث أيضاً "نور المسوى" الناشطة الاجتماعية في العراق على تدهور الأوضاع هناك، وأن السنة والشيعة يصطدمون مع بعضهم البعض، وأن المسيحيين في العراق سيدفعون ثمن هذه التصادمات، وأن البلاد ربما تكون أهدأ مما قبل، ولكن لابد من وقف هذا الحادث الغريب.
أكدت على أن المسيحيين ليس وحدهم من يدفعون فاتورة عدم استقرار الأوضاع في العراق، ولكن هناك فئات عديدة تقوم بذلك، ولكن المهم هو استجابة الفضائل والقوى المتنازعة على دعاوى السلام والوئام بين أفراد المجتمع والتفرغ لنبذ العنف، وهذا يسير بالتوازي مع قيام الدول العربية للقيام بدور أقوى مما هو الآن للدفاع عن العراق ومصالح شعب العراق، لا أن تقف كل بلد شاهدة على ما يحدث دون أن تقوم بدور لصالح شعب العراق!  
وكان الأمير طلال بن عبد العزيز سبق أن قدم في يوليو الماضي مبادرة لوقف هجرة المسيحيين العرب أكد فيها أن المسيحيون العرب، جزء لا يتجزأ من نسيج المنطقة منذ نشأة المسيحية وولادتها، بل إن المكان الطبيعي والتاريخي لهم هنا، هم مكوّن أساسي من ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وهم رافد لمجتمعاتها وثقافاتها، وهم ناصر لنهضتها وإنسانيتها، ومنذ قرن ونيف نزيف ألم بهذا الوجود التاريخي، بات يهدد الوجود المسيحي، بنوع من الانقراض البطيء والمخيف لأسباب كثيرة وتحولات عالمية تحف بالأسباب الإقليمية، ومع أنه ثمة من نبه إلى خطورة الأمر، إلا أن التنبيه لم يلق تلك الدرجة اللائقة من الاهتمام الجاد، وكان عرضة للإهمال مثله مثل الكثير من الأولويات التي تواجه واقعنا وحضورنا في عالم اليوم.
أكد على أنه طالما اشترك المسيحيون مع أخوتهم من الأديان الأخرى في أحلام غد أجدر بالإنسان، ولطالما كانت الآفاق واحدة عند الجميع، كل يعمل عليها بطريقته وفلسفته ضمن كل منسجم يرنو نحو الأهداف الكبرى المتمثلة في العدالة الاجتماعية والكرامة والرفاهية وما تتطلبه من حرية ومسؤولية وتفكير عميق، سعيا نحو عمران بشري يتسم بالتناسق والتآلف والتواد والتعاون والبناء، ومع أن هذا الأمر يتم الالتفات إليه أحياناً، إلا أن الواجب أن نتنبه إليه قبل أن يتحول إلى أزمة، وقبل أن تنتشر مساوئه في واقعنا بنوع من الوقاية التي تمنع المشكلة من التفاقم، بل تسهم في حلها ورأب الصدع الحاصل عنها بما يكفل توقفها وانتهاءها.
أوضح الأمير طلال أن المؤثرات الخارجية تستمد قوتها من ضعف الداخل، ربما يجدر بنا مناقشتها داخل ثقافتنا ومجتمعاتنا، فالاهتمام بالعوامل النابذة يتقدم على العوامل الجاذبة، ذلك أن النابذة هي من نتاج مجتمعاتنا ويمكن علاجها، بينما الجاذبة تستمد قوتها من ضعف الارتباط الذي يوهن صلة الإنسان بمجتمعه، أنها ليست في مقدورنا ولا في رغباتنا

اجمالي القراءات 4890
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق