«عمرو» يحكم المدينة!!

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٣١ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الفجر


سحر الجعارة



نا ضد تكفير أي شخص، مهما كانت طبيعة اجتهاده أو نمط تفكيره، لكن عندما يأتي التكفير من عالم دين إلي الداعية الأشهر "عمرو خالد" لابد ان نتوقف أمامه طويلا.

ليس لجماهيرية "عمرو" فحسب، بل لأهمية الرأي ودلالاته،لقد صدر تكفير "عمرو" عن الشيخ "عبيدالله الجابري"، وهو أحد العلماء المعروفين في المدينة المنورة، وفي الخليج بأكمله. وذلك حين بلغه أن "عمرو" يقول إن ابليس لم يكفر حين قال (خلقتني من نار وخلقته من طين)!!.



لكن الشيخ "الجابري" تراجع عن تكفير "عمرو"، حين اكتشف - بحسب تعبيره أن "عمرو" : (جاهل فيلسوف)!!. وقد يتذكر بعضكم أن عددا لا بأس به من علماء الدين في مصر قد راجعوا الكثير من أخطاء "عمرو خالد"، مما اضطره للتصريح -آنذاك- بأنه لا يتصدي للفتوي. وقد غذي هجوم العلماء ظاهرة "عمرو خالد"، التي أخذت تتنامي كلما اشتدت ضراوة الهجوم عليه!!.

حتي خروج "عمرو" من مصر أصبح مبررا لتزايد جماهيريته،وكأنه احتل خانة "البطل المضطهد" من النظام، لتتهافت الفضائيات عليه، ويلتف الشباب حوله.

وقد عاد "عمرو" متوجا بأكاليل النصر من "الدنمارك"، دون أن يكشف أسرار الرحلة التي كلفه بها الشيخ "صالح كامل" ومولها أيضا، لتنقية وجه الإسلام من تهمة الإرهاب، والرد علي الرسوم المسيئة للرسول (عليه الصلاة والسلام) ، لم يتمتع "عمرو" بشفافية تسمح برد الفضل لصاحبه، ولا بالإعتراف بأن الرحلة كانت محدودة الأثر.

لاحظ أننا هنا نتتبع خطوات الداعية الأشهر ، دون الخوض في أسلوب دعوته، وبالتالي لابد أن نذكر أن الشيخ "صالح " كان أول من قدمه للجمهور العربي، ورعاه ودعمه ماديا خلال فترة غيابه عن مصر. وهذا ليس استنتاجا مني لأنني كنت أعمل -وقتها- بشبكة قنوات ، مما سمح لي بمتابعة مولده الإعلامي، ثم توالي المناصب عليه في الشبكة، ومضاعفة الراتب والهبات!.

ليس في هذا ما يشين "عمرو خالد" أو يلوث ثروته التي حددتها مجلة "فوربس" بمليونين ونصف المليون دولار سنويا، الأمر الذي كذبه الداعية الشاب، حيث برر هذا المبلغ بأنه قيمة الإعلانات التي حصلت عليها القنوات الفضائية من برامجه .

المهم أن الداعية الذي اختارته مجلة "تايم" الأمريكية ضمن 100 شخصية مؤثرة علي الصعيد السياسي في العالم لعام 2007، قد تحول عن الدعوة الإسلامية المباشرة، والتي تعني بنشر الأخلاق الإسلامية ، وقرر أن يعود إلي مصر "نجما" في سماء العمل الاجتماعي، بمشروع "صناع الحياة"!!.

لقد هاجمه علماء الدين الإسلامي في مصر، وكفره أحدهم في السعودية، ولاتزال المواقع السلفية علي الانترنت تواصل حملتها ضده!!.

لكنه في ذات الوقت أصبح نجما في الغرب،أو "صوت الشباب" كما أطلقت عليه "ماري روبنسون"، رئيسة المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

عاد "عمرو"-إذن- من المؤتمرات الغربية، محملا بأشكال التكريم، والأهم من ذلك أنه عاد مدعوما من شرطة دبي ومكتب الأمم المتحدة الإقليمي لمكافحة المخدرات بالإمارات، لتنفيذ برنامج "حماية" لمكافحة المخدرات بين ما لا يقل عن 10 ملايين مدمن في العالم العربي.

لقد توج "عمرو" نفسه علي عرش العمل الاجتماعي، في بلد يعاني غياب الحكومة،وحصار مؤسسات المجتمع المدني، واحتضار أحزاب المعارضة، وانعدام الرموز السياسية والثقافية!!.

أصبح "عمرو" ضيفا شبه يومي علي شاشات التليفزيون، وحتي الصحف التي عارضته لم تملك إلا مؤازرته في هذا الهدف النبيل، لقد أصبح "عمرو" حاكما فعليا للميديا التي تتغني باسمه، والشباب الذي يهرول للتعاون معه، والأسر المنكوبة بداء المخدرات!!.

لم يسأل أي منا لماذا لم يتصدي "عمرو خالد" بما يمتلكه من "كاريزما" وقدرة علي الإقناع لجشع التجار، وحمي الغلاء؟. لم نسأل داعية "الصفوة" عن نتائج برنامج "صناع الحياة"أو ندعوه لمخاطبة الشباب ،الذي يذوب في هواه، للحد من حوادث القيادة وماراثون السيارات؟.

الناس تقبل ما يطرحه "عمرو" كما هو، وكأنه يمن علينا بأياديه الطاهرة، أو أن هذا المجتمع الذي منحه سطوة النجومية وثروتها، لابد أن يمشي خلفه في موكب جماعي للتنويم المغناطيسي، لأنه يمتلك أيضا سلطة "الدين" الذي اختلف العلماء حول تمكنه منه!!.

لماذا هرب "عمرو خالد" من مواجهة ظاهرة العنف الديني، طيلة مشواره في الدعوة؟. هل الرجل الذي يستعين بفرقة "راب"، ويضع يده في يد "شعبان عبد الرحيم" للوصول للشباب ،هذا الرجل لا يعرف أن الإرهاب أخطر من المخدرات؟. أم أن لديه تصورا ساذجا لاحتواء الفتنة الطائفية ،يلخص دوره في زيارة الكنيسة خلال وجود السيد "جمال مبارك"!!.

داعية المشاهير ورجال السلطة، لم ينزل للحارات الضيقة ليتعرف علي واقع الشباب الغارق في الدخان الأزرق، وكأنه يقود حملة لمكافحة المخدرات بين أولاد الذوات!!. الرجل الذي بدأ نشاطه من "نادي الصيد"، ويمارس العمل التطوعي تحت مظلة الأمم المتحدة، لا يعرف فقراء مصر ؟. لم يسمع عن البطالة والعنوسة، لم يفتش عن أسباب الإدمان!!.

فإن كان علمه المحدود يمنعه من محاولة تجديد الخطاب الديني، أو الصدام مع التيار السلفي، فنجوميته تحول دون زيارة "عشش الصفيح"!.

عاملوا "عمرو خالد" كنجم إعلامي، لا كداعية إسلامي، وتجاوزوا عن تقصيره تجاه الدين والوطن!!.

اجمالي القراءات 3681
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق