أسرار ما بعد تنحي مبارك
- أصيب بإغماءة بسيطة تناول بعدها عصير برتقال
- يجلس في حديقة منتجع الجولف مكتئباً ويرفض تناول
الدواء - طاقم حراسته يتكون من خمسة أشخاص ويتصل
بالعالم بتليفون الثريا - إنهاء الشفرة الرئاسية واستبدالها
بأخري يحتفظ بها المشير حسين طنطاوي - رفض طلباً
بزيارته من مستشار عمر الزواوي مستشار السلطان
قابوس - يوم الثلاثاء تعرض مبارك لكومة استمرت
ساعتين كانت سببا في شائعة رحيله لكنه نجا منها
- جمال دفع والده غاضبا قبل التوقيع علي قرار التنحي - علاء والدموع في عينيه: ياجمال أنت أسوأ واحد في مصر - هيدي راسخ: جمال خربها وقعد علي تلها ولن أترك مصر حتي أدفن بجانب ابني - المشير: أنا ابنك يا فندم أرجوك وقع القرار - سوزان: الأمريكان خانوا زوجي - زكريا عزمي المسئول عن حسابات جمعية سوزان مبارك يطلب موافقة مجلس الإدارة بالتمرير لتستيف المستندات
توقعات الغد
- حكومة جديدة برئاسة الدكتور أحمد الجويلي
- إسرائيل لن تسحب سفيرها ولن تطلب من رعاياها عدم الاستجمام في سيناء - لجنة قضائية لفحص طلبات العاملين في المؤسسات المختلفة لتكون بديلا عن الإضرابات التي تغلق المصانع
أسئلة الأسبوع
- هل سيبقي الجيش في السلطة كما حدث بعد ثورة يوليو 1952؟ - هل ستلغي مصر معاهدة السلام
مع إسرائيل؟ - هل التعديلات الدستورية ستغير شكل النظام السياسي أم ستكتفي بالتخفيف من
شروط الترشيح للرئاسة فاتحة الباب أمام صناعة ديكتاتور جديد؟
الإجابة
- المجلس العسكري يؤكد أنه سيعود إلي الثكنات بعد 6 أشهر وليس ذلك نوعاً من المسكنات - حكومة مدنية وتداول سلمي للسلطة ورئيس منتخب انتخاباً حراً مباشراً - معاهدة السلام مستمرة والغاز أيضاً - خبراء لجنة الدستور يناقشون شكلاً جديداً للنظام السياسي أقرب للنظام الفرنسي الذي يقتسم فيه الرئيس والحكومة السلطة التنفيذية
سحبت جواز سفري من مكانه.. وقبلته.. شعرت
أن صورتي الملتصقة به تغيرت ملامحها.. كانت
الصورة قبل الثورة الشعبية مشوشة.. وغائمة..
وحزينة.. وبها ندبة عميقة اسمها الديكتاتورية.
يوم 25 يناير ولدت من جديد في ميدان
التحرير.. بدولة مصر الديمقراطية.. كانت الولادة
صعبة.. استمرت 18 يوما.. خرجت بعدها من رحم
الإصرار في مستوصف شعبي بناه المقهورون
والمسحوقون والمعذبون في الأرض والجائعون للتعبير
والتغيير.
لقد حقنوا أمة بأسرها بكل الحقن التي لا تبقي
في بطنها علي جنين الحرية.. ووقفوا علي ظهرها..
وداسوا علي بطنها.. كي تسقط حملها.. لكنها..
بعد طول صبر أنجبت طفلها.
1
قطعت السيدة الأنيقة ساعات السفر الطويل بين
لوس أنجلوس والقاهرة كي تزور صديقتها سوزان
مبارك وتطمئن عليها.. لم يكن من السهل الوصول
إليها بسبب إجراءات الأمن الصارمة التي فرضت
علي القصر الجمهوري الذي انتقلت العائلة الحاكمة
للإقامة فيه بعد أن نصحت بترك بيتها القريب
خوفا من الهجوم عليه من المتظاهرين الغاضبين.
كان عليها أن تذهب ــ حسب التعليمات المشددة ــ
إلي وزارة الدفاع وتستقل سيارة عسكرية من هناك
تخترق بها الدشم والمدرعات والأسلاك الشائكة
التي عزلت منطقة الحكم بأسرها.
بدا واضحا أن رجال الصاعقة يتولون مهمة
الحراسة ورغم الصمت المخيم علي المكان فإنهم
كانوا مستعدين لإطلاق الرصاص لو شعروا ببادرة
هجوم يهدد الرئيس وعائلته.
في الصالون الفرنسي المطلي بالذهب بدت
سوزان مبارك أنيقة ومتماسكة إلي حد الغطرسة
وسألت ضيفتها بلهجة حادة عن سبب قدومها.. وما
أن عرفت السبب حتي قالت : «أنا كويسة »..
لكنها.. سرعان ما اشتكت في حدة من " الخونة "
الذين استفادوا " منهم " ليقفزوا بعد ذلك من
السفينة الغارقة.. علي أنها استطردت في غضب :
" المصيبة في الأمريكان أنا مصدومة فيهم.. كيف
تخلوا عنا بهذه السهولة؟"
كان لصدمة "السيدة الأولي" ما يبررها، فزوجها
كان الحليف الأول للولايات المتحدة ليس في المنطقة
العربية وحدها وإنما في العالم كله.. وقد جعل من
أصابعه العشرة شموعا أضاءت البيت الابيض
والبنتاجون والمخابرات المركزية وأجهزة مواجهة
الإرهاب.. بجانب الحرص علي علاقات طيبة مع
إسرائيل ولو علي حساب قوي إقليمية عربية
وشرقية مؤثرة وصاعدة.
بالصدفة مرت هيدي راسخ زوجة علاء مبارك
لتقبل حماتها.. إن دموعها لم تجف منذ رحل ابنها
محمد.. والسواد لم يفارق ثيابها.. وبعد أن انتقلت
من بيتها في " القطامية هايتس " وهي مصرة علي
البقاء في مصر كي تظل إلي جوار قبر أبنها لتدفن
إلي جواره.. وهو ما جعلها تصرخ في شقيق زوجها
جمال فيما بعد قائلة: " لقد خربتها وقعدت علي
تلها ".
كان ذلك في اللحظات الأخيرة التي سبقت تنحي
مبارك وتشاجر علاء وجمال إلي حد يقترب من
العنف.. وإن كانا تصالحا فيما بعد عندما قررا
السفر إلي شرم الشيخ بطائرة من طائراتهما
الخاصة يقودها طيار اسمه أحمد عادل ويطلقون
عليه " بمبي " وهو لم يأت من القوات الجوية
واختفي عن الأنظار.
لقد تسبب رفض جمال تنحي والده يوم الخميس
في غضب علاء الذي وجه إليه لوما واضحا بأنه
شطب تاريخ الأب وأخرجه من السلطة بطريقة
مهينة كان يمكن تجنبها.
إن مبارك وافق علي إعلان اعتزاله الحكم في
بيانه الأخير وسجل ذلك بالصوت والصورة.. ولكن..
جمال الذي كان لا يزال يأمل في فرصة أخيرة كي
يحقق حلمه في خلافة أبيه أصر علي حذف كلمة
«التنحي » وتسجيل جملة أخري بتفويض نائب
الرئيس في صلاحيات الرئيس.. واستمر ذلك
الخلاف ست ساعات كان سقف التوقعات قد وصل
إلي نهاية يستحيل الرجوع عنها.
لكن.. لحظات النهاية لم تخل من الدراما.. فقد
قال له المشير حسين طنطاوي : " أنا ابنك يا فندم
أرجوك أرجوك ".. وكان يقصد : " أرجوك يا فندم
تنحي".. علي أنه لم يستطع أن ينطق الكلمة
الأخيرة.
واحمرت عينا علاء مبارك من الدموع التي لم
تفارقهما وقال لشقيقه معاتبا: "انت أسوأ واحد في
مصر".. وقبل أن يوقع الرئيس قرار التنحي تدخل
جمال بعنف واصطدم بوالده إلي حد دفعه بعيدا كي
لا يوقع.
2
لم يكن الشعب وحده ينتظر التنحي.. كان الجيش
ينتظره أيضا.. وعندما صدم لم يجد مفرا من
تحذير مبارك.. الرحيل طواعية أو بالقوة.. وفي
هذه اللحظة فقط تخلي مبارك عن عناده الذي
اشتهر به.
إن الرئيس الذي عزلته عائلته وحاشيته طوال
الست سنوات الأخيرة لم يوصل إليه مساعدوه أن
إعلان الجيش بأنه يقف مع المتظاهرين وأنه سينفذ
لهم كل ما يطالبون به كان إعلانا واضحا بأن
القوات المسلحة انضمت إلي الشعب في التخلص
من حكمه.. لكنها.. بقيت مصرة علي أن يحدث
ذلك بالتفاوض.. لا بالانقلاب.
وحسب " واشنطن بوست " فإن « ليون بانيتا »
مدير وكالة المخابرات المركزية (الأمريكية) كان علي
يقين بأن " العسكريين المصريين قرروا إعفاء مبارك
من منصبه " قبل يوم من توقيعه القرار بطريقة
«مخزية ».. فقد كانوا مسيطرين علي الوضع في
البلاد سواء وافق الرئيس أو رفض.
وحتي لا يبدو قرار الجيش نوعا من الانقلاب
تحمل عمر سليمان مسئولية إعلان قرار التنحي
الذي جاء مقتضبا وحاسما ولم يزد عن 18 كلمة..
لكنها كانت كفيلة بخلع نظام مؤبد.. لم يكن في نيته
الرحيل رغم بقائه في السلطة نحو 30 سنة.
ولابد أن عمر سليمان تحمل مشقة نفسية مروعة
كي يبدو متماسكا وهو يلقي بيانه.. فهو لم يعلن
اختفاء الرجل الأول فقط وإنما أعلن اعتزال الرجل
الثاني ايضا.
3
لم تستوعب سوزان مبارك ــ وهي تعبر عن
صدمتها من الموقف الأمريكي ــ ما حدث.. لم يصل
إليها ــ بسبب ما كانت فيه من ظروف مصيرية سيئة
ــ إن اهتمام الدنيا كلها بالثورة المصرية التي أطاحت
بجبروت وفساد عائلتها فاق اهتمامه بهجمات
سبتمبر.. فلم يكن هناك حدث آخر يلفت الانتباه
ويثير الاستغراب أكثر منها.. فقد تحول اللاعبون
علي كل المسارح السياسية إلي متفرجين يجلسون
في صمت وترقب ما يحدث في مصر.
لقد كانت هذه السيدة الحريصة علي إشهار
أناقتها وإبراز مكانتها وراء فكرة توريث ابنها
الحكم.. وربما كان السبب هو الدماء الإنجليزية
المؤمنة بالملكية - التي تجري في عروقها- فأمها
الممرضة من ويلز تعرفت علي ابيها وهو يدرس
الطب هناك.. وتزوجته.. لكنها.. لم تتخيل أن ابنتها
ستتصرف فيما بعد وكأنها تنتمي لعائلة " اليزابيث "
الثانية.. وتحافظ علي تقاليد قصر بكنجهام في
تولي العرش.. بل إنها تفوقت علي العائلة المالكة
البريطانية - التي تملك ولا تحكم - بتكوين عائلة
ملكية مصرية تملك وتحكم.. وللإنصاف فإنها
وزعت البلاد بالعدل بين ولديها.. فوضعت الثروة
في يد الأول.. وتركت السلطة تحت قدمي الثاني.
ولو كان مبارك فلاحا مصريا بسيطا عرف كيف
يحافظ علي حكمه بخبث فطري فإنها تصرفت
بدهاء منظم للحصول علي ما تريد.. مهما كان
الثمن.. ولم تجد من يقف في طريقها حتي زوجها
الذي عبر عن غضبه ــ في بداية حكمه ــ ممن
طالبوا بدور اجتماعي لها.. محذرا من تكرار تجربة
جيهان السادات فيما قبل.. لكنها.. خطوة خطوة
تجاوزت كل دور لعبته الزوجات في السلطة..
والشهرة.. والثروة.. وكان منتهي حلمها الحصول
علي جائزة نوبل للسلام.. فكونت جمعية خاصة
أشرف عليها وليد شاش كي تجمع شباب مصر
بشباب إسرائيل في معسكرات أنفق عليها بسخاء
من موازنة برنامج تطوير العشوائيات.
وما يثير الدهشة أنها كانت تتعجب من الوقفات
الاحتجاجية المعارضة لسياسات النظام مبدية
استياءها من الشعب الذي لا يعترف بجميل عائلتها
عليه.. ناكرا ما يبذلونه في سبيله.
وبسلطة مطلقة كانت قادرة علي الإبقاء علي من
تشاء من الوزراء.. واشهرهم فاروق حسني الذي
بقي في مكانه نحو 17 سنة رغم الكوارث التي
سببها.. فقد كان موهوبا في اختيار ألوان ستائر
قصورها.. وهي موهبة كافية للحفاظ عليه. ولم
تكن تسمح لصحفية أو مذيعة تليفزيونية بأن ترتدي
ثيابا في لون أو موديل ثيابها.
ولو كان زوجها يوصف بالباشا الكبير وهو لقب
تمتع به من قبل محمد علي مؤسس العائلة المالكة
فإنها كانت توصف بـ«الهانم».. في إشارة يصعب
تجاوزها بأن ما عداها خدم وعبيد.
4
ويضم مجلس إدارة جمعيتها الخيرية لتنمية
المجتمع وزراء بقوا في الحكومة الأخيرة ورجال
أعمال وشخصيات عامة ترتبط بها عائليا..
ويمسك بحساباتها غير الخاضعة لرقابة رسمية
زكريا عزمي رئيس ديوان الرئاسة.. وحدث في
الأسبوع الماضي أن طالب بعقد اجتماع استثنائي
للمجلس.. وتعمد أن يكون اتصاله بهم تليفونيا عبر
مكتبه في قصر عابدين كي يوحي إليهم بأن لا شيء
قد تغير.. بل إنه أكد هذا المعني في حواراته
التليفونية معهم.. وهو ما جعلهم يتشككون في
إمكانية عودة الباشا والهانم إلي الحكم.. لكنه.. في
الحقيقة كان يسعي للحصول منها علي قرارات
بالتمرير لأمور لم يطمئنوا إليها.. وخشوا أن يكون
ذلك نوعا من " تستيف " أوراق ومستندات ربما تثير
شهية جهات بعينها لو فتحت الملفات.
وزكريا عزمي أسطورة سعت للبقاء سواء كان
مبارك في السلطة أو تركها لابنه.. وتجاوز دور
رئيس ديوان الرئيس إلي أن يكون قريبا منه لصيقا
به منفذا لكل رغبات عائلته.
وقد كان ضمن مجموعة من رجال الرئيس
أصرت علي بقائه خوفا علي مستقبلها.. وحرصا
علي سطوتها.. وتحقيقا لأحلامها.
وقد أشرف زكريا عزمي علي تجديد القصور
الرئاسية بما فيها قصر الاتحادية.. مقر الرئاسة..
ولكن.. مكتبه يقع في قصر عابدين.. ونجح في أن
يكون مركز قوي ليس داخل الرئاسة فقط وإنما في
مصر كلها.
وحسب معلومات حصل عليها محررنا نبيل سيف
فإن أركان القصر الرئاسي كانت ترتج من صوته
ووقع أقدامه.. ونجح ببراعة في تصفية كل من لا
ينطوي تحت جناحه ويبعده عن الرئيس وعائلته..
لكنه لم يتخيل أن يأتي يوم يوضع فيه داخل المكتب
رقم (4) بالدور الثاني في قصر الاتحادية.. وملحق
بالمكتب غرفة معيشة.. ولا يطل سوي علي الحديقة
الخلفية من ناحية شارع إبراهيم اللقاني غير قادر
علي إجراء اتصالات هاتفية إلا بعد موافقة جهات
بعينها.
وكان أول ظهور له في مكان عام داخل سرادق
عزاء المهندس حلمي السعيد وزير الكهرباء الأسبق
ورئيس لجنة التحقيق في انحرافات جهاز
المخابرات العامة بعد هزيمة يونيه.. وخرج زكريا
عزمي من العزاء بمفرده.. ولم يسع إليه كل
الشخصيات التي كانت هناك.
وهناك مصادر تؤكد أنه سافر مرة واحدة إلي
شرم الشيخ من قاعدة الماظة الجوية وعاد سريعا
إلي القاهرة.. وكل من شاهدوه لم يعرفونه.. فقد
تغير شكله بصورة لافتة للنظر.. فشعره صار
أبيض.. ووزنه انخفض.. وسيطرت علامات التعب
والإرهاق علي وجهه.. وكأنه كبر فجأة عشرين
سنة.
وجري تكليف اللواء مصطفي العطار بأعماله..
أما أعمال جمال عبد العزيز مدير مكتب مبارك
السابق فقد تولاها مكتب المشير.
وفصلت الكهرباء عن بيت مبارك وسحب الحرس
الجمهوري منه وبقيت ثلاث دبابات خارج البوابة
الرئيسية بعد غلقها.. وكانت آخر حقيبة ملابس
ومتعلقات شخصية لعائلة مبارك قد خرجت منه
إلي شرم الشيخ وشحنت بعد موافقة المشير علي
طائرة من طائرات شركة إكسبريس التابعة لمصر
للطيران.
5
وينسب لـ«الهانم» أنها كانت وراء تنفيذ فكرة
التوريث التي زرعها إبراهيم كامل في العقل
السياسي المصري محطما كل قيم النظام
الجمهوري.. لكنه.. علي ما يبدو كان يري أن النظام
القائم هو في حقيقته نظام ملكي.. فلماذا لا يستمر
الواقع علي ما هو عليه؟
لكن.. تقريرا صادرا عن مركز الأبحاث الأمريكي
(سترتفور) كشف مؤخرا عن أن ما يقرب من أربعة
أشهر اضطر مبارك لتغيير خطة التوريث بسبب
المعارضة الشديدة التي أبداها غالبية قادة الجيش..
ووفقا للتقرير نفسه، فإن مبارك كان سيعين عمر
سليمان نائبا له مدة عام بشرط أن يشرف علي
تنصيب ابنه رئيسا فيما بعد.. إلا أن وزير الدفاع
المشير حسين طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان
أبلغاه بمعارضة المؤسسة العسكرية لهذه الخطوة..
فابنه لا يتمتع بخبرة عسكرية.. ولا كاريزما مدنية..
ومنذ ذلك الوقت والمؤسسة العسكرية تتدخل وتؤثر
في صناعة القرارات المهمة بينما جمال مبارك
يسعي للتفتيش عن شعبية يفتقدها.
وحسب ما بثته القناة التليفزيونية السابعة في
إسرائيل،فإن مبارك قبل تنحيه وسفره إلي شرم
الشيخ طلب من قادة الجيش ضمانات بعدم اتخاذ
إجراءات ضده أو ضد أسرته.. قضائيا.. أو
جنائيا.. واتفق علي أن يقوم الجيش بحمايته..
وليس الحرس الجمهوري.
وكانت هناك نبوءة بأن مبارك لو عين نائبا له فإن
عمره في السلطة سينتهي.. والغريب أنه كان يصدق
ذلك.. والأكثر غرابة أن النبوءة تحققت.. فبعد أيام
قليلة من تعيين عمر سليمان رحل حسني مبارك.
6
ولا يزال مبارك وعائلته في شرم الشيخ.. وهو
يجلس في حديقة فيللته بمنتجع الجولف الذي
يمتلكه حسين سالم مكتئبا رافضا تناول أدويته..
وليس صحيحا أن فريقا من الأطباء الألمان قد جاء
إليه.. لكنه.. يخضع لرعاية طبية من إخصائيين
مصريين.
وكانت فيللا الرئيس وفيللتا ولديه قد جددت منذ
ثلاثة شهور بمعرفة المهندس شهاب مظهر (ابن
الفنان الراحل أحمد مظهر) وبإشراف شخصي من
حسين سالم.
وحسب تحريات نبيل سيف فإن مبارك قد
تعرض لإغماءة بسيطة بسبب مضاعفات الجراحة
التي أجراها في البنكرياس في المانيا.. لكنه استرد
وعيه بعد تناول عصير البرتقال.
ويرافق مبارك في منفاه المحلي قائد الحراسة
هاني لاشين مع أربعة من رجاله بجانب طاقم من
السفرجية كانوا معه في قصر العروبة.. مقر إقامته
السابق في القاهرة.. بالإضافة إلي مدحت صدقي
ضابط تحويلة التليفونات.. وقد احتفظ مبارك
بتليفون من طراز الثريا.. متصل مباشرة بالأقمار
الصناعية.
ومن جانب آخر الغيت الشفرة الرئاسية التي
كانت مع مبارك واستبدلت بشفرات أخري وضعت
في حوزة المشير حسين طنطاوي.
ورفضت جهات بعينها سفر العميد محسن عبد العليم سكرتير جمال مبارك والعميد جلال أبو القاسم سكرتير علاء مبارك.
ورفض أيضا طلبا من عمر الزواوي مستشار السلطان قابوس لزيارة مبارك وهو يمتلك الفيلا المجاورة لمبارك في المنتجع نفسه وطلبوا منه تأجيل الزيارة.
7
وأغلب الظن أن «الهانم» بعد التنحي لم تملك الفرصة ولا القدرة علي قراءة تقرير ستيفن والت المحلل السياسي وأستاذ الدراسات الدولية في جامعة هارفارد عن الأسباب العشرة التي دفعت الولايات المتحدة للاهتمام بالثورة المصرية ومراقبة ما يحدث في بلادنا عن كثب.
(1) المال : إن الولايات المتحدة تمنح مصر مساعدات عسكرية واقتصادية سنوية تصل إلي ملياري دولار وتهدف منها إلي تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات متنوعة علي رأسها مواجهة الإرهاب.. وتعزيز معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
ورغم أن المعونة نقطة في بحر موازنة دولة يصل حجم اقتصادها إلي 13 تريليون دولار فإن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الولايات المتحدة جعلت الإدارة هناك مهتمة بكل دولار يخرج من موازنتها العامة.
(2) السمعة : ومهما كانت الفوائد الاستراتيجية التي جنتها الولايات المتحدة من تحالفها مع مصر فإن مساندتها لنظام مبارك دعمت ممارساته القمعية.. وهو ما جعلها تبدو دولة عظمي منافقة.. ومن ثم حرصت علي تجميل صورتها بركوب الموجة ولو بعد وصولها إلي الشاطئ.
(3) الاستقرار : ولا أحد يجزم بمدي تأثير ما حدث في مصر علي ما حولها من بلاد.. فإسرائيل تخشي علي نفسها من فسخ معاهدة السلام.. والدول العربية تخشي علي نفسها من انتقال عدوي الثورة إلي نظمها المتهالكة.. ولو حدث ذلك فإن المصالح الأمريكية ستصبح علي كف عفريت.
ويتوقع المراقبون أن تسارع دول نفطية ثرية مثل السعودية إلي تقديم كل ما تريده مصر من أموال تساهم في إعادة الاستقرار إليها وسوف يحدث ذلك قريبا.
(4) الإرهاب : لا يجادل أحد في الإدارة الأمريكية بأن نظام مبارك كان شريكا مخلصا في الحرب علي الإرهاب.. لكن.. التحول الديمقراطي في مصر سيحرر الولايات المتحدة من اتهام تنظيم القاعدة لها بدعم النظم الاستبدادية غير الشرعية.. ولو استردت مصر عافيتها الديمقراطية فإن ذلك سيكون بمثابة ضربة موجعة للقاعدة.
(5) الحلفاء : وسوف تؤثر الثورة المصرية علي علاقات الولايات المتحدة بدول أخري في المنطقة تشكك الآن في دعمها لها بجانب تخوف إسرائيل من وصول الإخوان المسلمين إلي الحكم.. إن التغيرات التي تحدث علي الأرض ستؤدي إلي تعقيد العلاقات بين واشنطن وحلفائها في المنطقة.
(6) الإلهاء : وتخشي الولايات المتحدة أن تكسب الصين نفوذا أمنيا وتجاريا متناميا في آسيا خلال فترة حرجة تهتم فيها الولايات المتحدة بما يحدث في مصر وبما يمكن أن يحدث في الشرق الأوسط. (7) الأخلاق : ويؤمن الشعب الأمريكي بأن سياسة بلاده الخارجية يجب أن تعكس أخلاقه في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وهو إيمان عكس نفسه في اهتمام متواصل بما يحدث في مصر.
(8) التويتر : وحسمت الثورة المصرية جدلا كان دائرا حول دور الوسائل الحديثة (الإنترنت والفيس بوك والمدونات) في تغيير النظم الاستبدادية.. وإن لعبت الوسائل التقليدية (محطات التليفزيون مثل الجزيرة) دورا محوريا لا يمكن إنكاره.. وانتبهت الولايات المتحدة إلي ضرورة مراقبة تكنولوجيا التواصل عن كثب.
(9) الدروس : ولأن الفصل الأخير من الثورة المصرية لم يكتب بعد فإن من الصعب تحديد الدروس المستفادة منها.. لكن.. بشكل مبدئي لقنت هذه الثورة الولايات المتحدة درسا مهما.. ضرورة أن تدعم الديمقراطية.
(10) أوباما : والمرجح أن تنعكس الثورة المصرية علي إدارة حكم أوباما.. إن الخارجية الأمريكية في موقف لا تحسد عليه.. فقد تخسر مصر كحليف لو اتخذت الموقف الخاطئ.. ومن ثم فإن الشعب الأمريكي يراقبها ويحكم فيها.. ولذلك فإن خطواتها ستكون محسوبة.
8
وبعد أن تولي الجيش السلطة ساد في الداخل والخارج شعور بالقلق من أن يظل في مكانه ولا يعود إلي ثكناته.. ولا ينقل السلطة إلي المدنيين.. وكان لهذا التخوف ما يبرره.. فبعد ثورة يوليو وعد الضباط الأحرار بتسليم الحكم لأصحابه.. ولكنهم بقوا فيه نحو 59 سنة.
والحقيقة أن هناك فرقا واضحا وكبيرا بين الحالتين.. فما حدث في يوليو 1952 كان انقلابا عسكريا سانده الشعب حتي أصبح ثورة.. لكن.. ما حدث في يناير 2011 كان منذ اللحظة الأولي ثورة شعبية حماها الجيش.. وضمن بقاءها.. ودعم استمرارها.
كما أن الضباط الأحرار كانوا علي استعداد لإعادة الحياة النيابية بإعادة برلمان الوفد الموقوف للحياة.. ولكن.. تدخلت شخصيات مؤثرة في الحياة السياسية والدستورية مثل عبدالرزاق السنهوري لتقنع العسكريين بأن ما حدث ثورة تجب ما قبلها.. وسهلوا لهم مهمة إلغاء الأحزاب.. وبقاء الأحكام العرفية.. وبعد سنتين وقعت أحداث مارس 1954
التي انتصرت فيها العسكرية علي الديمقراطية ودفع عبد الرزاق السنهوري ثمن مشورته المؤسفة بالاعتداء عليه من رئيس نقابات عمال النقل العام صاوي محمد صاوي (الشهير بصوصو) وهو في مكتبه بمجلس الدولة.. وبعدها توالي سحق الاحتجاجات والتنظيمات السياسية.. ونزلت الأحزاب تحت الأرض.. ودارت دوائر المحاكمات العسكرية.. وامتلأت المعتقلات بأفضل من أنجبت مصر في مجالات الفكر والتعبير.
وفي الوقت نفسه لم يلجأ ثوار يوليو إلي شخصية ما إلا ووجدوها تطعن في غيرها حتي اصبحت النخبة الدستورية والسياسية والحزبية والصحفية كلها في عيونهم فاسدة.. فقرروا البقاء في المكان الذي احتلوه بصفتهم يمثلون الطهارة والنقاء قبل أن تكشف الأيام فيما بعد عيوب حكم الشخص الواحد من تجاوزات في الحريات والثروات.
ويسهل أن نلاحظ الآن أن المشاهد القديمة تتكرر الآن.. والصور المشوهة تفرض نفسها علي كل نواحي الحياة المصرية بعد أن حقق شباب " 25 يناير " المعجزة وانسحبوا من الشوارع والميادين.
لقد قفز الانتهازيون علي الثورة.. وتنافس معهم كل من يزكي نفسه لمنصب.. أو من يصفي حسابه مع منافس.. أو يسعي لغسل سمعته من نظام سقط بالتهليل لثورة كان ضدها وشوه رموزها وطالب بسحقها.
ويتضاعف القلق علي مصير الديمقراطية في مصر خارج الحدود.. حيث شغلت هذه القضية بالذات غالبية المحللين السياسيين.
قال روبرت سبرنجبرج استاذ الدراسات العليا بكلية البحرية الأمريكية : " لقد حان الوقت للجيش كي يواجه لحظة الحقيقة".. ويجيب علي الأسئلة الغامضة.. مثل.. ما هو شكل الدستور الجديد؟.. هل سيكون أكثر ديمقراطية؟.. ما هي الخطوة القادمة لزعماء المعارضة؟.. ما دور وزارة الداخلية في الإشراف علي الانتخابات؟.. لكن.. السؤال الأهم : هل ينوي الجيش بالفعل تسليم السيادة للشعب؟.
وقالت إليس جولدبرج في مجلة " فورن بوليسي " الأمريكية: "بعد تنحي مبارك احتفل المتظاهرون بانتصارهم.. ولكن.. الخطوة القادمة المتعلقة بالمرحلة الانتقالية لا تزال غير واضحة".
وأضافت : " إن الديمقراطية في مصر ربما تمكن " الإخوان المسلمين" من فرض أفكارهم وسياساتهم علي الشعب.. كما أن الحكومة الجديد المؤقتة التي سـتأتي بعد فترة وجيزة ربما تزيد من عدد الجنرالات فيها.. بدعوي فساد المدنيين.. وهو ما يزيد من النفوذ التدريجي للجيش حتي يصل إلي مرحلة السيطرة الكاملة.. خاصة أن الجيش يطرح نفسه كقوة محايدة بين المعارضين المتنافسين.. وسينحاز لمن يحافظ علي مصالحه.. أو قد يحافظ هو عليها بنفسه ".
9
لكن.. الجيش من جانبه حرص علي توضيح الصورة بنفسه وتكلم ثلاثة من قادته إلي رؤساء تحرير الصحف المختلفة في لقاء دعا إليه المجلس العسكري منتصف نهار الثلاثاء الماضي.
كانت رسالة المجلس الأعلي للقوات المسلحة واضحة ومحددة في اتجاه واحد بلا نقاش أو حوار سمح لنا به :
(1) إن البيانات التي صدرت عن المجلس واضحة وصريحة لا لبس فيها.. نحن لا نسعي لسلطة.. ولا نطلب سلطة.. ولا نتمني أن نستمر في سلطة.
(2) نحن نريد أن ننهي مهمتنا الحالية بأسرع وقت ممكن ونسلم البلاد إلي رئيس منتخب بطريقة سلمية حرة تعبر عن توجهات الشعب.
(3) المجلس أصدر 5 بيانات كل كلمة فيها التزام علي القوات المسلحة وهو التزام واضح ومحدد وموثوق فيها ونتمني ألا يستمر وجودنا في السلطة أكثر من ستة أشهر.
(4) إن المجلس يعتمد فيما يفعل ويقول علي خبراء من المدنيين المتخصصين المتعمقين وهذا هو سر تأخر البيانات.
(5) هذا ليس وقت تصفية الحسابات ولا التسلق علي أكتاف الآخرين ولكل مواطن أن يطالب بحقه ولكن دون تعطيل العمل.. حافظوا عن البنية الأساسية السياسية والاجتماعية.
(6) نحن لا نعطي مسكنات.. فكل ما نقوله سننفذه.
(7) مبارك تخلي عن سلطاته لينقذ البلاد من كارثة لا يعلم مداها إلا الله.. هناك رجال حول الرئيس ورجال أعمال شجعوا علي انقسام الشعب والحرب بين بعضه البعض.. نحن في مكاننا منذ يوم 26 يناير (اليوم الثاني للثورة) ولن نغادره حتي ينجلي الوضع.
وأغلب الظن أن هناك حكومة جديدة يعد وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق الدكتور أحمد الجويلي أقوي المرشحين لها.
10
والأكثر فزعا مما حدث في مصر هم الإسرائيليون.. فقد سقط نظام حليفها الأكبر في المنطقة، وحسب ما ذكره الوف بيين وهو محلل استراتيجي فإن بلاده في حالة من الغموض يصعب فيها التنبوء بما سيحدث مستقبلا.. أصابت بنيامين نتانياهو بفزع شديد.. لكنه.. يؤكد أن ضرب إيران بات مستحيلا الآن.
وتخشي إسرائيل بالقطع من تولي سلطة جديدة في مصر تفسخ معاهدة السلام.. وإن اطمأنت للبيان العسكري الذي أكد احترام مصر لكافة معاهداتها.
ولا تنوي إسرائيل إعادة سفيرها في القاهرة.. ولن تطلب من مواطنيها عدم الذهاب إلي سيناء للسياحة.. وتتوقع ان يستمر تدفق الغاز الطبيعي إليها.. ولا تتوقع أن تغلق مصر قناة السويس أمام السفن الإسرائيلية.
11
ولا يعرف المصريون ما شكل النظام السياسي القادم؟.. هل سيستمر النظام القائم مع تعديلات في بعض مواد الدستور تخفف من شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية بجانب عدم البقاء في الرئاسة أكثر من دورتين مع إضافة الإشراف القضائي علي الانتخابات وبقاء صلاحيات رئيس الجمهورية المطلقة علي ما هي عليه؟ أم سيتغير شكل نظام الحكم في المستقبل ويصبح نظاما حقيقيا يسمح بالمحاسبة والمراقبة وتداول السلطة قولا وفعلا؟
إن النظام السياسي المصري لا مثيل له في العالم كله.. فهو يجعل من الرئيس حاكما ديكتاتوريا ولو كان أكثر البشر ديمقراطية.. فهو رئيس السلطة التنفيذية.. ولكن.. الحكومة مسئولة أمام البرلمان.. وهو قادر علي حل البرلمان.. وطلب تعديل الدستور.. ومع تزوير الانتخابات.. والتدخل في أعمال القضاء بطريقة او أخري.. أصبح الرئيس هو السلطة الوحيدة في البلاد.
وفي العالم نظامان للحكم.. الأول رئاسي.. كما هو الحال في الولايات المتحدة.. يأتي فيه الرئيس بالانتخاب.. ويصبح وزراؤه سكرتارية له.. ويقترح الرئيس أسماء من يتولون المناصب المهمة.. مثل رئيس المحكمة العليا.. ولكن الكونجرس هو الذي يوافق أو يعترض علي الترشيح بعد فترة من الزمن يتاح فيها لمن يملك شيئا يشين المرشح إعلانه.
والنظام الثاني برلماني.. مثل إسرائيل وبريطانيا وغالبية الدول الأوربية ما عدا فرنسا.. وفي هذا النظام تكون سلطة الرئيس أو الملك شرفية.. أما السلطة الفعلية فهي للحكومة التي تشكلها الأ"middle" class="main-news-info" id="ctl00_ContentPlaceHolder1_TD2">
سوزان
سليمان
جويلى
|
لم يجد عادل حمودة نفسه في كل هذا فسقط مع الساقطين ..
ولكن بعدما شم نسيم الحرية رجعت لعادل حمودة الروح فأصبح كما ترونه متألقاً ..